30 وشماً في مومياء مصرية تثير نظريات جديدة

الأشعة تحت الحمراء ساعدت في الكشف عنها

وشوم وُجدت على جسد إحدى المومياوات
وشوم وُجدت على جسد إحدى المومياوات
TT

30 وشماً في مومياء مصرية تثير نظريات جديدة

وشوم وُجدت على جسد إحدى المومياوات
وشوم وُجدت على جسد إحدى المومياوات

منذ تم اكتشاف الوشم في مومياوات النساء بمصر الفرعونية، كان هناك تفسير ظل سائداً لفترة، وهو أن تلك الممارسة كانت تتضمن ما يُعتقد أنه طلب للآلهة أن تساعد على زيادة الخصوبة ومعالجة الأمراض الجنسية عند النساء، لا سيما أن الوشوم المكتشفة كانت في منطقة تدعم هذا الاعتقاد «منطقة الفخذين».
وبدأ الباحثون يعيدون التفكير في هذا التفسير، عندما أعلن علماء المتحف البريطاني في مارس (آذار) من العام الماضي، عن اكتشاف وشوم في مومياوتين مصريتين من بين مقتنيات المتحف، عمرهما خمسة آلاف عام، حيث كانت الأولى مومياء ذكر وتحمل وشوماً تصور ثوراً برياً وواحدة من الأغنام البربرية، وكانت المومياء الأخرى تحمل وشماً على شكل حرف (S) وعصا ملتوية أو عصا كانت تستخدم في الصيد.
ولأن الثور البري كان رمزاً على قوة الذكورة في مصر القديمة، كان تفسير وشم الرجل أنه ربما يشير إلى اشتراكه في الصراعات التي حدثت عام 3100 قبل الميلاد، لا سيما أن الدراسات التي أُجريت على المومياء أظهرت أن وفاته كانت جراء طعنة تلقاها، أما الوشم الخاص بالمرأة، فكان يشير إلى احتمالات مشاركتها في احتفالات أو طقوس، لتشابه الوشم مع زخارف الفخار في عصر ما قبل الأسرات.
وأخيراً أوجدت مجموعة من الوشوم الأخرى، التي تم الإعلان عنها في الاجتماع السنوي للمدارس الأميركية للبحث الشرقي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تفسيرات جديدة ليس من بينها التفسير القديم المتعلق بالخصوبة.
وعُثر على هذه الوشوم في سبع مومياوات في منطقة دير المدينة بصعيد مصر، وهي جزء من جبّانة طيبة في شمال وادي الملوك في محافظة الأقصر (جنوب مصر) وبالتحديد على الضفة الغربية لنهر النيل، وكانت مقراً لعائلات العمال الحرفيين خلال عهد المملكة المصرية الحديثة (1570 - 1070 قبل الميلاد).
إحدى هذه المومياوات كانت تحمل وحدها 30 وشماً في مناطق مرئية من الجسم، وكانت صور الوشم عبارة عن زخارف مقدسة مثل: عين حورس، وقرد البابون، والكوبرا، والأبقار، وخنافس الجعران، وزهور اللوتس، وأدى هذا المزيج إلى استنتاج مفاده أن المرأة يمكن أن تكون أحد المعالجين أو كاهنة من نوع ما.
وكانت هناك مومياء أخرى تحمل وشماً على رقبتها تصوّر عيناً إنسانية، وهو رمز مصري قديم مرتبط بالحماية من الحسد، بالإضافة إلى وشم لقرد البابون جالس على كل جانب من رقبتها.
ويحكي تقرير نشره أول من أمس، موقع «science alert «قصة اكتشاف هذه المومياوات التي بدأت أحداثها عام 2014 عندما لاحظت د. آن أوستن، عالمة الأنثربولوجيا البيولوجية في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وزميلها سيدريك غبيل، علامات على عنق مومياء في دير المدينة، ومن خلال الفحص الأوّلي لم يعتقدوا أن هذه العلامات لها علاقة بممارسة وضع الوشم.
كانت الخبرة السابقة التي حصل عليها الباحثون أن العلامات التي توجد بالمومياوات ليس من السهولة دائما رؤيتها، حيث تؤثر راتنجات التحنيط على لون البشرة، فلجأوا إلى استخدام الأشعة تحت الحمراء، والتي تعمل بأطوال موجية غير مرئية للعين البشرية لمحاولة كشف تفاصيل هذه العلامات، وكانت المفاجأة أنهم وجدوا وشوماً منتشرة ليس فقط في الرقبة، ولكن في أجزاء متفرقة من الجسم ووصل عددها إلى 30 وشماً.
كانت تلك المومياء هي الأولى التي اكتشفتها أوستن وزميلها، وبحلول عام 2016 كانت أوستن قد اكتشفت ثلاث مومياوات إضافية تحمل وشماً في منطقة دير المدينة، وخلال الفترة من 2016 حتى 2019 اكتشفت ثلاث مومياوات إضافية تحمل نفس الممارسة، ليصل المجموع إلى سبع مومياوات.
وتقول أوستن في التقرير الذي نشره موقع «science alert»: «هذه المومياوات السبع تشير إلى أمرين، أولهما أنها توفر دليلاً على أن ممارسة الوشم في مصر القديمة ربما كانت لأغراض أكثر تعدداً مما كنا نعرف، وثانيهما أنها توفر دليلاً آخر على أن جدران المقابر لم تكن المنفذ الإبداعي الوحيد لمجتمع الحرفيين في دير المدينة، وأن رسم الوشوم كان إحدى الممارسات المهمة».


مقالات ذات صلة

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».