عائلات كردية سورية تصل إلى شمال العراق بعد الهجوم التركي

كرديتان سوريتان في شمال العراق (الشرق الأوسط)
كرديتان سوريتان في شمال العراق (الشرق الأوسط)
TT

عائلات كردية سورية تصل إلى شمال العراق بعد الهجوم التركي

كرديتان سوريتان في شمال العراق (الشرق الأوسط)
كرديتان سوريتان في شمال العراق (الشرق الأوسط)

من زاوية ضيقة من باب مخيم «برد رش» وخلف أسلاك شائكة، تبدو خيم رُسم عليها شعار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وقد امتلأت بالفارين من أكراد سوريا. فالهجوم التركي الأخير في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسيطرتها مع قوات سورية موالية، على مدينتي رأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة، دفع أكثر من 300 ألف شخص للفرار، تمكن بعضهم من الوصول إلى إقليم كردستان العراق المجاور.
«هربنا من موت محقق، لكن هنا جحيماً جديداً» قالت سوزدار، السيدة الكردية البالغة من العمر 45 عاماً، والمتحدرة من مدينة رأس العين، كانت تجلس أمام خيمتها التي تبعد مئات الكيلومترات عن مسقط رأسها، لكنها من دون أبواب توصد ليلاً، أو شبابيك تغلق عند هبوب الرياح أو هطول الأمطار، وبصوت ممزوج بالحزن والقهر تابعت حديثها لتقول: «هربنا من شدة القصف التركي، وبقينا أياماً وليالي، وتقطعت بنا السبل، نزحنا لبلدة تل تمر بداية، وبعد تعرضها للقصف توجهنا للحدود، وبقينا هناك 3 أيام حتى وصلنا للمخيم».
هذه السيدة كانت تجهل أنّه سينتهي بها المطاف لتصبح لاجئة وتعيش مع زوجها وأبنائها تحت رحمة خيمة لا تتجاوز مساحتها 30 متراً. وقد تبددت آمال اللاجئين في هذا المخيم بالعودة، ويستعدون لانتظار شتاء طويل كحال باقي اللاجئين السوريين في مخيمات الشتات.
يروي رجل أربعيني، يدعى ميرفان، أنّه وزوجته رزقا بتوائم، ولدوا في مسقط رأسهم، رأس العين، قبل فرارهم بأيام، وبعد اشتداد المعارك واقتراب العمليات العسكرية من منزلهم، فرّوا تاركين كل شيء، وبقوا أياماً حتى وصلوا إلى الحدود العراقية، وقال: «انتظرت على الحدود للسماح لنا بالعبور دون جدوى، اتفقت مع مهرب وأخذ مني 100 دولار حتى دخلنا حدود الإقليم، ومنه جاؤوا بنا إلى هنا». وينتظر ميرفان الحصول على بطاقة اللاجئين للخروج من المخيم، ويعجز عن الإجابة على تساؤلات أطفاله. وأضاف: «يتساءلون ببراءة، متى سنعود إليه، كنا نتوقع البقاء هنا عدة أيام أو أسابيع، لكنه مضى دهر وأنا أنتظر بفارغ الصبر انتهاء المعاملة والسماح لنا بالخروج»، ويسكن مع زوجته تحت خيمة، لا تقيهم برودة الشتاء وشدة الرياح، «ضاقت بنا الدنيا هنا، لا حول لنا ولا قوة».
ويقع المخيم في قضاء برد رش، يبعد عن أربيل 70 كيلومتراً شمالاً، يتبع إدارياً محافظة دهوك. وبحسب إدارة كامب «برد رش»، يحتضن المخيم نحو 2500 أسرة، يقدر عدد قاطنيه 11 ألف لاجئ.
وأخبر بوتان صلاح الدين مدير المخيم بأن المخيم وصل لذروة طاقته الاستيعابية؛ حيث تشرف مؤسسة البرزاني الخيرية على الشؤون الإدارية والأمنية وتوزيع الحصص الغذائية، بينما تقدم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الخيم والأغطية والمنظفات والمستلزمات الأولية، وتقوم بتسجيليهم في قوائمها، وقال: «خرج من المخيم حتى اليوم حوالي 1000 لاجئ بعد تقديم أوراق وثبوتيات الكفالة المطلوبة، قصدوا أقرباءهم في مناطق الإقليم»، منوهاً إلى عودة نحو 1 في المائة فقط إلى سوريا، أما المتبقون فينتظرون الانتهاء من معاملة بطاقة اللاجئين للتنقل بحرية داخل حدود الإقليم، ويزيد: «اللاجئ السوري بإمكانه الخروج من المخيم في حال وجود كفيل، بعد الحصول على وثيقة لاجئ، ويجب أن يكون الكفيل من الدرجة الأولى أو الثانية».
وتختلط مشاعر غضب وحزن بين قاطني المخيم من أكراد سوريا، ونقلوا أن هدف تركيا هو منع إقامة أي شكل من أشكال الحكم الكردي على حدودها الجنوبية، وإحلال لاجئين من مختلف مناطق سوريا بدلاً من الأكراد على غرار منطقة عفرين ومناطق وجود الأكراد في شمال شرقي البلاد سعياً منها لتغيير ديموغرافية المنطقة.
ويقول حسين، المتحدر من قرية المناجير، جنوبي رأس العين، والتي تتالت جهات عدة على حكمها خلال فترة شهر، إن مسقط رأسه تحول إلى حرب عالمية ثالثة، «بداية سيطرت تركيا وفصائلها السورية، وبعد دخول القوات النظامية إلى تل تمر شنت هجوماً مضاداً وانتزعوا القرية، لكنها باتت خالية من سكانها»، واتهم تركيا بمساعيها إلى تغيير تركيبة سكان المنطقة وإسكان آخرين، وأعرب قائلاً: «قبل أيام ذهبت شقيقتي إلى منزلها لتفاجئ بوجود آخرين، ومعظم المنازل صودرت، واحتلوا ممتلكات الأهالي».
أما وداد، المتحدرة من بلدة الدرباسية، فقد فرّت مع بناتها وأبنائها بداية الهجوم، وأخبرت أنها تخشى أن يطول بهم الحال في هذا المخيم، وجميعهم في سن الدراسة، كانت تلبس زياً كردياً فلكلورياً بألوان فاتحة، وقالت: «لا توجد في المخيم مدرسة أو مجمع تربوي، أخشى أن تتأخر معاملة خروجنا هنا، وينتهي العام ويحرم أبنائي من إكمال تعليمهم».
وأوضح بوتان صلاح الدين، مدير المخيم، أنهم خاطبوا منظمة اليونيسيف، التابعة للأمم المتحدة، ومديرة التعليم في محافظة دهوك، بغية افتتاح مدرسة تعليمية، «هذه الجهات وعدت بالعمل على افتتاح المدارس في الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.