اتهامات متبادلة بين تركيا و «الوحدات» الكردية بخرق الهدنة شمال شرقي سوريا

أنقرة تقيم 12 نقطة مراقبة في المنطقة الآمنة وتحذر دمشق «من أي خطأ»

TT

اتهامات متبادلة بين تركيا و «الوحدات» الكردية بخرق الهدنة شمال شرقي سوريا

اتهمت تركيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بانتهاك اتفاق وقف النار المؤقت، الموقع مع الولايات المتحدة، الخميس الماضي، الذي تم بموجبه تعليق عملية «نبع السلام» العسكرية في شمال شرقي سوريا لمدة 5 أيام، لإفساح المجال لانسحاب المقاتلين الأكراد من منطقة شرق الفرات، في وقت اتهم فيه الأكراد الجيش التركي بعدم الالتزام بالاتفاق.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (السبت)، إن عناصر «قسد» ارتكبوا 14 خرقاً خلال آخر 36 ساعة، وسط التزام كامل من القوات المسلحة التركية باتفاق المنطقة الآمنة.
وأكدت التزام القوات التركية، بشكل كامل، باتفاق المنطقة الآمنة، الذي توصلت إليه تركيا والولايات المتحدة الخميس الماضي، ورغم ذلك قامت «قسد» بـ12 خرقاً في رأس العين، و2 في منطقة تل تمر، خلال آخر 36 ساعة. وتم التحقق من استخدام أسلحة خفيفة وثقيلة (صواريخ، أسلحة مضادة للطائرات والدبابات) في تلك الهجمات والتحرشات. ولفت البيان إلى أن «تركيا نسقت لحظياً مع الولايات المتحدة، من أجل تنفيذ الاتفاق بشكل سليم، واستمرار التهدئة، باستثناء حالات الدفاع عن النفس».
وفي بيان آخر، قالت وزارة الدفاع التركية إن ادعاءات استخدام سلاح كيماوي في عملية «نبع السلام» العسكرية، المتداولة في الإعلام الأجنبي، هي «محض افتراء».
ورأت أن تلك الادعاءات «التي يروجها الساعون لتشويه نجاحات القوات المسلحة التركية، لا سيما في الإعلام الأجنبي، لا تمت للحقيقة بأي صلة، على الإطلاق».
وشددت على عدم استخدام الجيش التركي أي سلاح محظور بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية، كما أن مثل هذه الأسلحة ليست موجودة في قائمة الأسلحة التي يمتلكها الجيش التركي.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في بيان، إن تركيا «ترفض رفضاً قاطعاً الادعاءات الفاضحة القائمة على أساس التضليل من قبل (منظمة إرهابية) بشأن استخدام تركيا أسلحة كيماوية في عمليتها العسكرية (نبع السلام) شمال سوريا».
وأضاف أن بعض وسائل الإعلام الدولية تحدثت عن مزاعم لا أساس لها، مشيراً إلى أنه «لا يوجد سلاح كيماوي في مخازن القوات المسلحة التركية»، وأن بلاده طرف في اتفاقية حظر تصنيع الأسلحة الكيماوية وإنتاجها وتخزينها واستخدامها منذ عام 1997. وأنها تطبق جميع التزاماتها بهذا الخصوص.
وأشار إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، لم تقم بأي تحقيق حول تلك المزاعم، وأن هذه الادعاءات لم تثبت صحتها.
وتباحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ونظيره الأميركي مارك إسبر، هاتفيا مساء أول من أمس، حول الاتفاق بين البلدين، حول المنطقة الآمنة المقرر إقامتها في شمال شرقي سوريا. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إنه جرى خلال الاتصال التأكيد على الحرص على نجاح العمل الذي تم التوافق عليه، الخميس، بين البلدين بخصوص تأسيس المنطقة الآمنة في إطار احترام وحدة تراب سوريا.
وأكد أكار، لنظيره الأميركي، تطلع تركيا لوفاء الولايات المتحدة بتعهداتها، واستمرار بلاده في تصميمها فيما يخص مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، لافتاً إلى أن تركيا تراقب عن كثب، استكمال تنفيذ البنود كما هو متفق عليه، في غضون 120 ساعة، المتمثلة في انسحاب عناصر «قسد» من المنطقة الآمنة، وسحب أسلحتها الثقيلة وتدمير تحصيناتها. وشدد أكار على أن تركيا ستستخدم حقها المشروع في الدفاع عن النفس، حيال أي تحرش أو تصرف أو «موقف عدائي»، تجاه قواتها المسلحة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن القوات الأميركية الموجودة في سوريا لن تشارك في إنشاء المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإنشائها.
وقال وزير الدفاع مارك إسبر، في بيان: «لن تشارك أي قوات برية أميركية في فرض هذه المنطقة الآمنة... ومع ذلك ستبقى بلاده على اتصال مع كل من تركيا و(قسد)». وأضاف أنه يتطلع إلى لقاء أكار، في بروكسل، الأسبوع المقبل، بهدف «تعزيز أهمية ضمان حل سياسي دائم للوضع في سوريا».
وبحث رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي يشار جولار، مع نظيره الأميركي الجنرال مارك ميلي الوضع الأمني في سوريا. وذكرت رئاسة الأركان التركية، في بيان، أن رئيسي الأركان التركي والأميركي تناولا، خلال اتصال هاتفي، التطورات اليومية في سوريا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه تبادل مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي بينهما، الآراء حول المنطقة الآمنة المخطط إقامتها شرق نهر الفرات في سوريا. وأعرب إردوغان، في تغريدة على «تويتر» حول الاتصال، عن أمله في مواصلة الجهود المشتركة من أجل إحلال الاستقرار والطمأنينة والرخاء في المنطقة، ورحب بالخطوات المتبادلة التي أقدم عليها الطرفان لتعزيز العلاقات التركية - الأميركية.
وأعلن إردوغان أن بلاده ستقيم 12 نقطة مراقبة في شمال شرقي سوريا، مؤكداً أن المنطقة الآمنة المزمعة ستمتد لمسافة أكبر بكثير من تلك التي ذكرها مسؤولون أميركيون.
وبعد أقل من 24 ساعة من موافقته على هدنة لخمسة أيام للسماح للقوات الكردية بالانسحاب، شدد إردوغان، في كلمة ليل الجمعة - السبت، على استمرار مساعي أنقرة لتأسيس منطقة آمنة بعمق 32 كيلومتراً وبامتداد 440 كيلومتراً تقريباً على الحدود مع سوريا.
وأضاف إردوغان أن مليوني لاجئ يمكن توطينهم في المنطقة الآمنة، إذا شملت مدينتي دير الزور والرقة، وأشار إلى أن تركيا سترد على قوات النظام السوري إذا «ارتكبت أي خطأ» في منطقة شرق الفرات.
ودفعت تركيا بتعزيزات جديدة من المعدات العسكرية إلى قواتها المنتشرة على الحدود السورية الليلة قبل الماضية رغم توقف القتال مؤقتاً.
من جهتها، دعت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أمس (السبت)، الولايات المتحدة الأميركية للضغط على الحكومة التركية للالتزام باتفاق وقف النار.
وقالت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه: «ندعو نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو اللذين أبرما الاتفاق مع الجانب التركي، إلى إلزام أنقرة بتنفيذ عملية وقف إطلاق النار وفتح الممر لإخراج الجرحى والمدنيين المحاصرين وفق التفاهمات على ذلك مع
الجانب الأميركي».
وأضافت: «رغم التواصل المستمر مع الجانب الأميركي والوعود التي قدمت من قبلهم لحل هذه المشكلة، فإنه لغاية الساعة لم يحدث أي تقدم ملموس». وأكد البيان: «لقد وافقت قوات سوريا الديمقراطية على عملية وقف إطلاق النار والتزمنا به، إلا أن الجانب التركي استمر في هجومه منتهكاً وقف إطلاق النار ولا يسمح حتى الآن بفتح ممر آمن لإخراج الجرحى والمدنيين المحاصرين في مدينة رأس العين، رغم مضي أكثر من 30 ساعة على سريان وقف إطلاق النار».
إلى ذلك، قال مصدر مقرب من قوات سوريا الديمقراطية إن «عمليات القصف على مدينة رأس العين ما زالت مستمرة، وقد شهدت المدينة اشتباكات بين قوات (قسد) من جانب، والجيش التركي والفصائل الموالية له من جانب آخر، إضافة إلى سقوط عدة قذائف على المناطق التي تحت سيطرة قوات (قسد)».
وأضاف المصدر: «تسعى منظمة الهلال الأحمر الكردي للدخول إلى مدينة رأس العين لإجلاء الجرحى من المدينة، ولكن إلى الآن لم يتم تأمين ممر لدخولهم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.