تمكين مادة العقار من الوصول إلى المناطق التي يعمل فيها للتغلب على الأمراض ومعالجتها، هو أحد التحديات الطبية والصيدلانية. وبصورته المبسطة، يتم إدخال مادة العقار (الموجودة في الدواء) إلى الجسم عبر عدة طرق، وهي: إما بالتناول عبر الفم، أو الاستنشاق عبر الأنف أو الفم، أو حقن العقار ضمن مزيجٍ سائلٍ بالإبرة تحت الجلد أو في العضل أو في الوريد، أو كتحميلة شرجية أو مهبلية أو في الإحليل، أو كمستحضر موضعي على الجلد، أو كقطرة سائلة في العين أو الأنف أو الأذن. وهناك أيضاً صور متقدمة لإدخال الدواء مباشرة في عدد من أعضاء الجسم أو مناطقه.
تركيب «الأدوية الفموية»
بشكل عام، وأياً كان شكل الدواء، تحتوي الأدوية التي يتم تناولها عبر الفم (الأدوية الفموية) Oral Medicationsعلى مكونين رئيسيين، الأول هو العقار الدوائي (المركب الكيميائي الدوائي) الذي هو أساس الدواء والمادة الكيميائية الفاعلة فيه. والمكون الآخر هو ما يُسمى بـ«السَوَاغ» Excipient، أي جميع المواد التي تتم إضافتها إلى مركب العقار لتكوين «كتلة الجرعة الدوائية».
وتُضاف مجموعة مواد «السَوَاغ» من أجل عدة دواع، منها: تحقيق استقرار الدواء على المدى الطويل عند وضعه في عبوة الدواء، وصناعة تركيبات دوائية صلبة تحتوي على كميات قليلة جداً من مكونات العقار القوية، وتسهيل مرور الدواء خلال عملية البلع وأثناء اجتياز أنابيب الجهاز الهضمي وتحسين فرص امتصاص الدواء، ولتقليل لزوجته أو تعزيز قابليته للذوبان، وتحسين التوفر البيولوجي للعقار عند امتصاصه للدخول إلى الدم، ورفع مستوى ثبات تركيب مادته الكيميائية كي يتمكن من الدخول إلى الجسم وهو في حالة فاعلة، وغيرها من الغايات التي تهدف بالمحصلة إلى رفع مستوى استفادة الجسم من الدواء في معالجة المرض، وتحسين ثبات الدواء في عبوته وخلال مراحل تناوله.
وفي صناعة الدواء اليوم ثمة أكثر من 12 نوعاً من فئات مواد السَوَاغ، ومنها:
- المواد المضادة للالتصاق Antiadherents لتقليل الالتصاق فيما بين مسحوق أو حبيبات العقار، أو التصاق سطح حبوب الدواء مع الحبوب الأخرى أو الأسطح التي يمر خلالها الدواء بعد البلع.
- المواد الرابطة Bindersالتي تضمن تشكيل مكونات الدواء ضمن حزمة واحدة ذات قوة ميكانيكية جيدة، ومنها مواد رابطة خاصة بالأقراص الدوائية الصلبة، وأخرى مواد رابطة خاصة بالأدوية السائلة.
- المواد المُغلفة أو المُلبّسة Coatingsالتي تغطي قرص الدواء لتحمي مكوناته من التلف بسبب الرطوبة، أو لتخفيف الطعم غير المحبب للدواء إلى حين البلع، أو لضبط خروج العقار من قرص الدواء حسب الوقت أو بعد تجاوز منطقة المعدةEnteric Coating.
- المواد الملونة Colorsالتي تضاف لتحسين مظهر القرص الدوائي وتسهيل تحديد نوع الدواء على المريض.
- المواد المفتتة أو المُفككة Disintegrantsالتي تساعد في تفكك القرص الدوائي في رطوبة سوائل الجهاز الهضمي لإطلاق عقار الدواء كي يتم امتصاصه.
- المواد المُحسنة لنكهة وطعم الدواءFlavorsلتضمن تقبل المريض تناوله بمختلف أنواع النكهات المُحببة.
- المواد المسهلة للانزلاق والسيولة Glidantsالتي تُضاف في المراحل الأخيرة من إعداد قرص الدواء وتضمن سهولة تدفق قرص الدواء عند الاحتكاك مع جدران أنابيب الجهاز الهضمي.
- مواد التشحيم Lubricantsوهي أنواع متعددة، وتضمن عدم تكتل مكونات الدواء على بعضها البعض، أو تقليل احتكاك الدواء مع الأسطح التي يصطدم بها القرص الدوائي.
- إضافة إلى كل من: المواد الحافظة Preservatives، والمواد الماصة Sorbentsللرطوبة، والمواد المُحلية Sweetenersللطعم، ومواد المركبات الناقلة Vehicles.
أشكال الأدوية
والأدوية التي تُؤخذ عن طريق الفم تتوفر ضمن 6 أشكال رئيسية، يتم إعداد كل منها بطريقة مميزة وفق عدد من الدواعي الصيدلانية والدواعي الفسيولوجية في الجسم، التي تتدخل في إعداد وتصميم شكل الدواء الذي يتم تناوله عبر الفم، بتلك الأشكال المختلفة. وهذه الأشكال الستة هي: حبة القرص الدوائي الصلب Tablets، والكبسولة الجيلاتينية الدوائية Capsulesالتي تُغلف وتحفظ مسحوق الدواء، والقرص الدوائي القابل للمضغ في الفم Chewable Tabletsكي يتفتت أولاً ثم يتم بلعه، والقرص الدوائي الذي يجب إذابته في الفم عن طريق تأثير اللعاب في الفم (أقراص المصّ Lozenges)، والأقراص الفوّارة Effervescent Tabletsالقابلة للذوبان عند المزج بالماء ليتم شربها بعد ذلك، ومجموعة الأدوية السائلة الصالحة للشرب كالقطرات أو الشراب الدوائي Syrupأو مزيج المحاليل الدوائية.
وفي معظم الحالات، لا يدخل العقار في الأشكال المختلفة لهذه الأدوية المتناولة عن طريق الفم، إلى مجرى الدم إلى حين وصول الدواء إلى المعدة أو الأمعاء، ثم يتم امتصاصه. ولكن في بعض الأحيان يتم امتصاص العقار مباشرة بعد وضعه في الفم عن طريق الأوعية الدموية في أغشية بطانة الفم Buccal Tablets، وذلك لأسباب عدة، من أهمها تحاشي المرور بالكبد قبل الوصول إلى القلب. كما أن بعضاً من الأدوية التي يتم تناولها عبر الفم تعمل دورها العلاجي موضعياً في أحد أجزاء الجهاز الهضمي دون أن يمتصها الجسم ودون أن تدخل إلى الدم.
تناول الأدوية
تناول الأدوية عن طريق الفم بشكل صحيح يعتمد على كل من: معرفة اسم الدواء، والداعي لتناوله، وجرعة الدواء، ووقت تناول الدواء، وهل تناول الدواء يكون مع الطعام أو بعده أو على معدة فارغة؟ وهل يتعارض تناوله مع تناول أطعمة معينة أو أدوية معينة؟ والتأكد من اتباع الإرشادات الواردة في الوصفة الطبية بعناية فائقة.
وتناول الأقراص والكبسولات الدوائية يتم بشكل عام مع الماء. وإذا واجه المريض مشكلة في ابتلاع الدواء، عليه إخبار الطبيب بذلك كي يتم تزويده بشكل سائل من الدواء أو حبة أصغر وأسهل في البلع.
والأدوية السائلة جيدة للأطفال والكبار الذين لا يستطيعون ابتلاع الأقراص أو الكبسولات. ويجدر قياس الجرعة المناسبة من الدواء السائل، والتأكد من هز الزجاجة لأن بعض الدواء يكون ربما قد «استقر» في القاع، والتأكد من الصيدلي عن مدة صلاحية تناول الدواء السائل بعد فتح العبوة (أي غير مدة صلاحية الدواء السائل المكتوبة على العبوة، والتي تذكر مدة صلاحية الدواء والعبوة غير مفتوحة).
وفي أغلب الأحيان، سيُطلب الطبيب أو الصيدلي قياس جرعة الدواء باستخدام أداة القياس، أي الكوب الصغير المُرقّم الذي يُوجد مع عبوة الدواء السائل في تحديد كمية جرعة الدواء، وخاصة للأطفال وكبار السن. ويستطيع الصيدلي أن يوضح كيفية استخدام هذه الأداة بشكل صحيح. ولا يجدر الاعتماد على القياس باستخدام ملعقة صغيرة، أي ملعقة شاي صغيرة التي عادة بحجم 5 ملليلترات، إلا أن هناك أنواعا مختلفة الحجم من ملاعق الشاي الصغيرة.
كما يجدر الاستفسار من الصيدلي عن كيفية تناول الأدوية التي تُوضع تحت اللسان بدقة، خاصة أن أهم أنواعها يُستخدم لعلاج الذبحة الصدرية لشرايين القلب. وبالنسبة للأدوية التي يتطلب تناولها المضغ في الفم، يجب التأكد من مضغ تلك الأقراص حتى تذوب تماماً، ثم بلعها. وكذلك الحال مع حبوب المصّ التي يجدر أن تُذوب ببطء في الفم ولا ينبغي ابتلاعها.
وفي ملاحظة أخيرة، على المريض دائماً قراءة التعليمات المرفقة مع عبوة الدواء، وتناول الأدوية كما هو موصى به، وإذا كان لديه أي شكوك أو استفسارات، عليه التواصل مع الطبيب.
هل يمكن تقسيم قرص الدواء؟
> تفيد إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDAبأن تقسيم قرص الدواء Pill Splitting ممكن لبعض أنواع الأدوية، وغير ممكن لأنواع أخرى منها، ولذا يجب مراجعة الطبيب أو الصيدلي للتأكد من مدى ملاءمة نوعية ذلك الدواء للتقسيم وكيفية القيام بذلك. وهي تؤكد في نفس الوقت قائلة: «لكن من المهم ملاحظة أنه لا يمكن تقسيم جميع أنواع الحبوب الدوائية بأمان، ولا يتفق جميع الخبراء الطبيين على أنها ممارسة جيدة، بما في ذلك الجمعية الطبية الأميركية وجمعية الصيادلة الأميركية».
وتضيف أنها وضعت قائمة «أفضل الممارسات لتقسيم الأقراص» Best Practices for Tablet Splitting. والتي من ضمنها النقاط التالية:
- للأقراص الدوائية التي يُمكن تقسيمها، يتم توفير معلومات حول كيفية إجراء ذلك ضمن المعلومات التي يتضمنها ملصق الورقة التعريفية في عبوة علبة الدواء. كما توضع علامة لمكان إجراء ذلك على قرص الدواء نفسه. وإذا لم تكن ثمة معلومات تفيد بإمكانية تقسيم الدواء في ملصق الورقة التعريفية به، أو لا توجد تلك العلامة على قرص الدواء نفسه، فإنه من غير المضمون أن ذلك الكسر ملائم لتقسيم قرص الدواء، كما أن من غير المضمون أن تقسيم قرص الدواء سيعطي جرعة متساوية للعقار. ويجدر في هذه الحالة استشارة الطبيب أو الصيدلي حول هذا الأمر.
- للأدوية التي يُمكن تقسمها، قم فقط بتقسيم كمية محددة من الحبوب حسب حاجتك لها وتناول النصفين المُقسمين، وفق إرشاد الطبيب أو الصيدلي، وقبل تقسيم المزيد من الأقراص الدوائية دونما حاجة. والسبب أن طول مدة التعرض للحرارة أو الرطوبة يُمكن أن يؤثر على سلامة الدواء، ولذا يجدر تقليل كمية الأقراص المُقسمّة والحرص على إبقاء تلك الأجزاء المقسومة بعيداً عن الحرارة أو الرطوبة العالية.
- ناقش مع طبيبك أو الصيدلي إذا كنت بحاجة إلى استخدام أداة قطع تقسيم الحبوب الدوائية إلى النصف Tablet Splitter، وهي أداة غير مُكلفة ويُمكن العثور عليها في معظم الصيدليات، ولكن تجدر ملاحظة أنها قد لا تكون مناسبة للأقراص ذات الأشكال المختلفة. ولا تستخدم سكيناً أو شفرة الحلاقة لقطع الأدوية لأن ذلك قد يؤدي إلى تفتيتها أو سحقها.
وذكرت أيضاً عدداً من أنواع الأدوية التي لا يمكن تقسيمها، كالأقراص الدوائية المُغلّفة Enteric - Coated Tablets، أو أقراص الأدوية التي يتحرر ويخرج منها العقار الفعّال بطريقة تم تعديلها Modified - Release Drugs، إما خلال فترة طويلة Extended - Releaseأو بصفة دائمة مستمرة Sustained - Releaseأو في أوقات محددة Timed - Released. وهذه الأدوية إما مغلفة لحماية المعدة أو لديها آلية خروج مدمجة من أجل السماح للدواء بالعمل لفترة أطول. وكذلك لا يُمكن تقسيم الكبسولات الدوائية، وأدوية العلاج الكيميائي، وحبوب منع الحمل، وأدوية زيادة سيولة الدم، وأدوية علاج الصرع، والأقراص الدوائية المركبّة التي تحتوي على نوعين أو ثلاثة أنواع من العقاقير الطبية.
5 طرق مُجدية لتذكر تناول الدواء
> يجدر احتفاظ المريض بقائمة محدّثة لأسماء الأدوية التي يتناولها، وقوة وعدد الجرعات خلال اليوم، والكمية المتوفرة منها لديه. كما يجدر به سؤال الطبيب عند مراجعة العيادة حول مدى الحاجة لتلك الأدوية، والطلب من الصيدلي تبسيط ترتيب برنامج توزيع تناول الأدوية خلال ساعات النهار والليل، وعلاقة ذلك بتناول الطعام، ومدى أمان تناول بعضها مع بعض. وبعد ذلك يُعدّ المريض روتين تناول أدويته اليومية.
وتحت عنوان «طرق مبتكرة لتذكر تناول الدواء في كل يوم»، تقول إدارة الغذاء والدواء الأميركية إنها «حقيقة، يمكن أن تكون متابعة تناول الأدوية الموصوفة طبياً مهمة شاقة، لكن لا تقلق أبداً، فهناك طرق مجربة وحقيقية لمساعدتك على تذكر أخذ أدويتك اليومية في الوقت المحدد دون أن تفشل» وهي تشمل:
1- تعرف على الأدوية الخاصة بك. إن معرفة المزيد حول الأدوية الموصوفة طبياً لك والتعرّف على جوانب الحالة المرضية لديك، سيعزز التزامك بتناول الأدوية ضمن خطة المعالجة الطبية لك. وهذا مهم بشكل خاص لتذكيرك بأن الوقت قد حان لتناول الدواء في الحالات المرضية التي لها أعراض قليلة، مثل ارتفاع ضغط الدم. ومعرفة الآثار الجانبية المحتملة لتناول الدواء أمر مهم حتى يُمكن ملاحظتها في حالة حدوثها، ولذا تأكد من أن تسأل طبيبك عن الآثار الجانبية القصيرة الأجل وطويلة الأجل مع أي دواء.
2- صندوق الأدوية. صندوق الحبوب الدوائية Pill Boxesأداة مفيدة وفاعلة في ترتيب تناول الأدوية المتعددة وفي الأوقات المختلفة من اليوم، ويمكن العثور عليه بسهولة في معظم الصيدليات، ويُمكن حمله في مكان الإقامة وأوقات السفر. وهناك أنواع متنوعة منه، منها ما يُغطي أدوية اليوم الواحد، وبعضها يوفر ترتيب تناول أدوية كامل أيام الأسبوع.
3- التطبيقات الإلكترونية للتذكير بتناول الدواء. تعتبر التطبيقات Pill Reminder Appالتي تساعد المرضى على تذكر تناول الأدوية من الوسائل الملائمة والفعالة لمن يستخدم الهاتف الجوال. وبعضها يحفظ سجل القيام بتناول الدواء أو نسيان ذلك. وبعضها يُمكّن من إضافة ملاحظات شخصية والحصول بسهولة على معلومات مهمة حول الدواء، مثل الآثار الجانبية ومقدار الجرعة والتفاعلات الدوائية والاستخدام الآمن أثناء الحمل.
4- ربط تناول الدواء مع النشاط اليومي. يمكن ربط تناول جرعات الدواء بروتين يومي مثل وقت الإفطار أو بعد الاستحمام أو عندما تستعد للنوم. ومما يساعد في ذلك، حفظ الأدوية في مكان آمن وملائم ويُمكن رؤيته.
5- مساعدة أفراد الأسرة أو الأصدقاء. غالباً ما يحتاج كبار السن إلى مساعدة لتذكر تناول الأدوية الخاصة بهم، وهذا يُمكن لأفراد الأسرة أن يساعدوه فيه. ويستطيعون أيضاً تسهيل ذلك عليهم بتعليمهم استخدام صندوق الحبوب الدوائية، والكتابة بخط كبير على عبوات الدواء أوقات تناولها وكمية ذلك.