«سانتو ماري»... رائحة أسماك المتوسط تعبق بين جدرانه المعتّقة

كلها إيطالية ولا تجدها في أي مطعم آخر بلندن

«سانتو ماري»... عنوان السمك الإيطالي الجديد في لندن
«سانتو ماري»... عنوان السمك الإيطالي الجديد في لندن
TT

«سانتو ماري»... رائحة أسماك المتوسط تعبق بين جدرانه المعتّقة

«سانتو ماري»... عنوان السمك الإيطالي الجديد في لندن
«سانتو ماري»... عنوان السمك الإيطالي الجديد في لندن

ربما سمعتم بأن لندن تعدّ في مقدمة العواصم التي تشهد افتتاح المطاعم أسبوعياً، ومن الصعب جداً مواكبة الكمّ الهائل من عناوين الأكل الجديدة.
في بعض الأحيان تسمع عن مطعم جديد من خلال التقييمات التي تنشر على مواقع مختصة بحجوزات المطاعم مثل «توب تايبل»، وفي مرات أخرى تسمع من خلال أشخاص مهتمين بالأكل وبكل ما هو جديد في عالم الطعام، ولكن تبقى هناك فئة من المطاعم الجديدة التي تشدّك بمجرد المرور بقربها، فيكون هناك عنصر لافت، مثل الموقع، أو الديكور، أو الجلسة الخارجية، والأهم رائحة الطعام التي تنبعث من المكان.
وهذا ما حدث عندما مررت بشارع «جورج ستريت» في وسط لندن... العنوان جديد؛ إيطالي ويحمل اسم «سانتو ماري (Santo Mare)» ولفتتني الستائر المخملية المنسدلة على النوافذ الكبيرة، والطاولات الموزعة في الخارج والتي تحيط بها المدافئ، وشدّني أيضاً منظر مصطبة من الثلج تغطيها الأسماك، وتتربع في صدر المطعم ويمكن رؤيتها من المدخل، المنظر جذبني، ورائحة السمك أغرتني، ومعدتي شجعتني، فقررت أن أتجرأ وأسأل النادل عما إذا كان من الممكن تناول العشاء، والسبب هو أن المطاعم الجديدة تستلزم الحجز المسبق، لا سيما خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولحسن الحظ وجد النادل طاولة مناسبة في زاوية جميلة تشرف على البار الذي تزين الخلفية وراءه الجدران التي تبدو عتيقة، وقد اعتمد هذا الديكور ليضفي رونقاً متوسطياً تجده في البيوت الإيطالية... لون الكراسي المخملية من زرقة البحر لتتناسب مع نوعية الطعام الذي يقدمه المطعم الإيطالي الذي يتفرد بتقديم الأسماك الطازجة التي يمكن الاختيار من بينها بنفسك وتباع بحسب الوزن.
من الصعب أن تجد مطعماً للأسماك في لندن، وهذا المطعم نجح في ضرب عصفورين بحجر واحد؛ فهو إيطالي، وفي الوقت نفسه مختص في أكلات صقلية التي تعتمد على كثير من الليمون وزيت الزيتون في أطباقها، وبالإضافة إلى هذا تستخدم الأسماك الإيطالية فيها.
لائحة الطعام كانت واضحة وتعتمد على المنتجات الموسمية، وهذا ما شرحه النادل الذي نصحني بتناول سمكة إيطالية اسمها «كابوني» وهي برتقالية اللون، وبحسب النادل، فهي سمكة تجدها فقط في إيطاليا والبحر الأدرياتيكي، ولا يمكن أن تجدها في أي مطعم آخر في لندن، وهي متوفرة في «سانتو ماري» بكمية محدودة.
وبعد شرح مطول عن عالم الأسماك الإيطالية، اخترت السمكة الإيطالية طبقاً رئيسياً، وجربت سلطة الأخطبوط مع البطاطس المتبّلة بالليمون وزيت الزيتون، وتذوقت أيضاً سلطة ثمار البحر المنوعة.
لائحة الطعام واضحة وغير معقدة، وهذا ما أفضله في المطاعم المختصة في أكلات معينة، ولم يبخل النادل بالشرح الفائض عن كل طبق وطريقة طهوه، بما في ذلك طريقة طهو السمكة التي اخترتها والتي أتت في طبق كبير يكفي لشخصين وفيه قطع من الخبز المغمس في صلصة من خلاصة السمك وزيت الزيتون وحبات الزيتون (على طريقة طهو البروديتو في مقاطعة أبروتزو الإيطالية)، وكانت هذه المرة الأولى التي أتذوق فيها هذا النوع من السمك، وبالفعل النكهة رائعة، لأن لحم هذه السمكة كثيف وأبيض ولذيذ للغاية، وليس بحاجة لكثير من النكهات الإضافية لجعله أفضل.
«سانتو ماري» افتتح أول فرع له في لندن منذ فترة وجيزة جداً، وله فرع في «بورتو سيرفو»، ومن المنتظر أن يفتح فرعاً جديداً في نيويورك قريباً.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».