العراق يعيد إحياء «مجلس الإعمار» بعد ستة عقود على نسخته الأولى

TT

العراق يعيد إحياء «مجلس الإعمار» بعد ستة عقود على نسخته الأولى

يختزل العراقيون العهد الملكي الذي استمر 38 عاماً بين 1921 و1958، بشخص أشهر رئيس وزراء آنذاك، نوري السعيد الذي تولى المنصب 14 مرة. ولا تزال الذاكرة الشعبية تسمي تلك الفترة بـ«عهد نوري السعيد». وفي الوقت نفسه، يختزل العراقيون عهد نوري السعيد بمنجز لا يزال هو الأهم في تاريخ الدولة العراقية الحديثة، وهو «مجلس الإعمار» الذي كانت توضع كل موارد النفط العراقي في صندوق خاص به بينما يجري تمويل الخزينة العامة لأغراض الرواتب والأجور والتشغيل من مصادر أخرى زراعية وصناعية وضرائب وسياحة. وخلال سنوات عمل المجلس الثماني منذ تأسيسه في 1950، تم إنشاء مشاريع عمرانية وبنى تحتية كبرى لا تزال شاخصة حتى اليوم، بينما لم تتمكن كل العهود التي تلت ذلك العهد من تحقيق نهضة عمرانية واقتصادية بخلاف المشاريع التي كان قد خطط لها المجلس آنذاك ولم يتمكن من إكمالها بسبب سقوط العهد الملكي.
وبالنسبة إلى الزائر الأجنبي الذي يدخل بغداد للمرة الأولى، فإن أول ما يجذبه بناءان عملاقان هما مبنى جامعة بغداد التي لا تزال الأعلى بين المباني في العاصمة، ووزارة التخطيط على نهر دجلة. يضاف إلى ذلك مشاريع أخرى أنجزت فيما بعد، مثل مشروع المصب العام وسلسلة الطريق الدولية السريعة الرابطة بين العراق وسوريا والأردن، فضلاً عن السدود العملاقة التي أنجز قسم منها في الثمانينات من القرن الماضي مثل سدي الموصل وحديثة.
بعد عام 2003، خطط زعيم «المؤتمر الوطني العراقي» الراحل أحمد الجلبي لإطلاق مشروع يماثل مشروع مجلس الإعمار. لكن وفاته المفاجئة عام 2015 حالت دون ذلك.
وعلى عهد الرئيس الحالي برهم صالح، تم إحياء الفكرة من قبل رئاسة الجمهورية التي عملت عليه عبر خبراء اختصاصيين بالتنسيق مع رئاسة الوزراء. وبنسخة واحدة بين الرئاستين تم التصويت على مشروع قانون داخل مجلس الوزراء ومن ثم أحالته رئاسة الجمهورية إلى البرلمان للتصويت عليه كي يصبح نافذاً.
ويقول وزير العلوم والتكنولوجيا السابق النائب رائد فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تشكيل مجلس الإعمار وتحديد صلاحياته وسلطاته واختصاصاته وهيكليته والمعايير العلمية والمهنية والمواصفات الشخصية لمن يتولى إدارته ويكون عضواً فيه، خطوة إيجابية مهمة بالتأكيد». وأضاف أن «ذلك مهم باتجاه توفير الأطر المؤسسية السليمة لقيادة وإدارة عملية الإعمار وبناء القواعد الارتكازية للتنمية».
لكنه شدد على أن «تشكيل المجلس يمثل حلقة أساسية لإطلاق الجهد التنموي، لكنه لا يحقق أهدافه ما لم يقترن بالإصلاحات السياسية والإدارية الأخرى بعناصر السياسة الاقتصادية التي يجب أن تتلازم مع تشكيله». واعتبر أن «من أهم الإجراءات المطلوبة تخصيص نسبة ثابتة من الريع النفطي لأغراض الاستثمار، ففي الخمسينات كان يخصص له أكثر من 75 في المائة من إيرادات الموارد النفطية». ويرى عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي في البرلمان العراقي آراس حبيب كريم، أن «هذا المشروع يعد اليوم في غاية الأهمية لمستقبل الاقتصاد والتنمية في العراق». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا المشروع كان قد عمل عليه لسنوات الراحل الدكتور أحمد الجلبي من منطلق الأهمية التي كنا نعول عليها لكيفية بناء وإطلاق مشاريع استراتيجية كبرى». وأوضح أن «مشروع القانون سيكون أمام البرلمان الذي يتعين عليه التصويت عليه؛ نظراً إلى أنه سيكون الأساس القوي لمشاريع البنى التحتية العملاقة في البلاد خلال السنوات المقبلة».
وطبقاً للبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، فإن «مشروع القانون يهدف إلى إنشاء البنى التحتية وإقامة المشاريع الكبرى في البلد كالطرق والجسور والمطارات والموانئ، فضلاً عن القضاء على البطالة من خلال تشجيع الاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة، ومتابعة إنشاء المشاريع الاستراتيجية والصناعية والزراعية والصحية والإسكان، وإدامة تشغيلها وفقاً للمعايير والمفاهيم العالمية».
وأجاز مشروع القانون لمجلس الإعمار المقترح «أن يتمتع بصلاحيات واسعة كالتعاقد والرقابة والإشراف وتنفيذ وإدارة المشاريع الكبرى بفاعلية، وخلق فرص العمل، وتعظيم استفادة المواطنين العراقيين من موارد الدولة من خلال توزيع أرباح المشاريع عليهم ومنحهم الأولوية بالاكتتاب في مشاريع المجلس، وتنفيذ مشاريع التنمية ذات الأهمية الاقتصادية لتنمية وتنويع موارد العراق المادية والبشرية، وإقامة قطاعات ناشطة وطنية قادرة على المنافسة الحرة ودفع عجلة التنمية إلى الأمام».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.