مصر لإعادة تنصيب تمثال جديد لرمسيس الثاني في معبد الأقصر

مصنوع من الجرانيت الأحمر ويصور الملك في الهيئة الأوزيرية

أوانٍ فخارية بمعرض متحف الأقصر
أوانٍ فخارية بمعرض متحف الأقصر
TT

مصر لإعادة تنصيب تمثال جديد لرمسيس الثاني في معبد الأقصر

أوانٍ فخارية بمعرض متحف الأقصر
أوانٍ فخارية بمعرض متحف الأقصر

تستعد مصر للبدء في مشروع ترميم وإعادة تنصيب تمثال جديد للملك رمسيس الثاني بمعبد الأقصر (جنوب مصر)، في إطار مشروع لإعادة نصب التماثيل المهشمة الموجودة داخل المعبد، حيث انتهت وزارة الآثار المصرية في الفترة الأخيرة من تنصيب أربعة تماثيل مماثلة في واجهة المعبد.
وأعلن الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في تصريحات صحافية على هامش زيارته أمس لمعبد الأقصر، عن «اعتزام الوزارة إعادة تنصيب تمثال الملك رمسيس الثاني الموجود بالفناء الأول من الجانب الغربي لمعبد الأقصر، والمهشم جزئياً، من خلال مشروع لترميم التمثال واستكمال الأجزاء الناقصة فيه، ليزين من جديد الجهة الغربية للفناء الأول من المعبد».
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات صحافية، إن «مشروع ترميم وإعادة تنصيب التمثال ستنفذه بعثة مصرية أميركية، بالتعاون مع معهد شيكاغو للدراسات الشرقية»، مشيراً إلى أنه «لن يتم البدء في ترميمه قبل دراسة وتسجيل القطع الأثرية للتمثال، الموجودة حالياً على مصاطب في فناء المعبد».
وأشار وزيري إلى أن «أجزاء التمثال جمعها عالم الآثار المصري الدكتور محمد عبد القادر، أثناء أعمال الحفائر التي قام بها داخل المعبد ما بين عامي 1958 و1962. والتي تم خلالها الكشف عن أجزاء لغيره من التماثيل بمناطق مختلفة داخل المعبد، يرجح أنها دُمرت نتيجة تعرضها لزلزال في العصور المصرية القديمة».
وجمع الدكتور عبد القادر أجزاء التماثيل، ورممها، ووضعها على مصاطب خشبية بجوار مكانها الأصلي لحمايتها، وفي عام 2017 بدأت وزارة الآثار مشروعاً لترميم، وإعادة تركيب هذه التماثيل الواحد تلو الآخر، حتى تم استكمال التماثيل الستة لواجهة الصرح الأول للمعبد، وتعمل الوزارة حالياً على ترميم التماثيل الموجودة بالجهة الغربية للمعبد.
وقال أحمد عربي، مدير عام معبد الأقصر، إن «تمثال رمسيس الثاني المزمع ترميمه مصنوع من الجرانيت الأحمر، ويصور الملك رمسيس الثاني في الهيئة الأوزيرية (أي في وضع اليدين مضمومتان على الصدر، والقدمان متلاصقان، وهو وضع التحنيط أو المومياء)، ومن المتوقع أن يصل ارتفاعه بعد الترميم والاستكمال إلى 7 أمتار تقريباً».
وأضاف عربي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة انتهت من ترميم 3 تماثيل في واجهة المعبد، لاستكمال التماثيل الستة في الواجهة، قبل أن تتجه للعمل بالواجهة الغربية، لترميم واستكمال التماثيل الموجودة بها»، مشيراً إلى أن «الواجهة الغربية تضم تمثالين أوزيرين للملك رمسيس الثاني».
وأثارت الوزارة الجدل قبل عدة أشهر بعد إعادة نصب تمثال لرمسيس الثاني في واجهة المعبد في الوضع الأوزيري، حيث اعترض أثريون على طريقة ترميم التمثال، لكن الوزارة دافعت عن التمثال وقدمت أدلة على أنه في الوضع الأوزيري، رغم اعترافها بوجود أخطاء في الاستكمالات التي تمت إضافتها لأجزاء التمثال، والتي تم تعديلها فيما بعد.
في سياق متصل، افتتح وزير الآثار المصري، والدكتورة إلينا بتشيكوفا، رئيسة البعثة المصرية الأميركية المشتركة لمشروع ترميم جبانة جنوب العساسيف، مساء أول من أمس، معرضاً مؤقتاً للآثار بمتحف الأقصر، ضم مجموعة من الآثار المكتشفة مؤخراً في جبانة العساسيف، تحت عنوان «جبانة جنوب العساسيف: رحلة عبر الزمن».
وقالت بتشيكوفا، خلال الافتتاح، إن «المعرض يهدف إلى إحياء تاريخ جبانة جنوب العساسيف، عبر العصور المختلفة خلال الألفية الماضية»، مشيرة إلى أن «المعرض يضم 39 تمثالاً من الأوشابتي (التماثيل المجيبة)، التي استطاع مرممو البعثة من ترميمها وتجمعيها من بين 101 جزء من بقايا الأوشابتي التي عثر عليها في غرفة الدفن الخاصة بمقبرة (كاراباسكن)، عمدة طيبة خلال عصر الأسرة 25، ومجموعة من الأواني الكانوبية الخاصة بسيدة الدار (أمينرديس) والتي تم العثور عليها داخل حفرة في حجرة الدفن المحفورة في الجدار الجنوبي لقاعة الأعمدة داخل مقبرة كارابسكن (TT391)، إضافة إلى لوحة لسيدة المنزل (أرتيرو) من عصر الأسرة 26. والتي عثر عليها مقسمة إلى 21 جزءاً من الحجر الجيري، وهي تصور أرتيرو واقفة في صورة تعبدية أمام المعبود آتون».
ويضم المعرض صندوقاً كانوبياً ملوناً يرجع للعصر البطلمي عثر عليه بمقبرة كاراخامون، مما يعني أن «المقبرة أعيد استخدامها في العصر البطلمي»، بحسب بيتشيكوفا.
وأوضح محمد شبيب، أحد المشاركين في أعمال الحفائر في العساسيف، لـ«الشرق الأوسط» إن «المعرض يضم آثاراً تمثل 3 مقابر من الأسرة الخامسة والعشرين، وتحكي كل قطعة تاريخ الأسرة والمقبرة».
وبدأت البعثة المصرية الأميركية لمشروع ترميم جنوب جبانة العساسيف أعمالها عام 2006، وانتهت من إعادة بناء مقابر العصر المتأخر المنهارة والمدمرة كلياً في جبانة جنوب العساسيف، ومن بينها مقابر كاراباسكن (TT 391) وكاراخامون (TT 223) وأرتيرو (TT 390)، كما تمكنت من الكشف عن آلاف القطع من الزخارف المنهارة للمقابر، وإعادة بناء قاعة الأعمدة الثانية وجزء من قاعة الأعمدة الأولى في مقبرة كاراخامون. كما تم عرض تابوت الملكة تاوسرت، آخر ملكات الأسرة التاسعة عشرة، بمتحف الأقصر للمرة الأولى منذ اكتشافه قبل عقدين من الزمان.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».