بينما تشتعل حرب الرسوم التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي انطلقت أحدث معاركها مع الساعات الأولى من الشهر الجاري، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن جولة المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لا تزال قائمة، وذلك في أعقاب بدء سريان مفعول التطبيقات المتبادلة. فيما أعلنت الصين الاثنين أنها تقدمت بشكوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية ردا على فرض واشنطن رسوما جمركية مشددة جديدة دخلت حيز التنفيذ الأحد على واردات بقيمة مليارات الدولارات من المنتجات الصينية.
وقال ترمب في تعليقات صحافية الاثنين، إن الجانبين سيواصلان الاجتماع في وقت لاحق من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري. وأوضح أن هناك تواصلا مع الجانب الصيني، مشيراً إلى أنه لا يمكن السماح للصين بالاستمرار في «سرقة» الولايات المتحدة، على حد وصفه.
وعلى الجانب الآخر، أفادت وزارة التجارة الصينية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، بأن «الرسوم الأميركية الجديدة تشكّل انتهاكاً جدياً للتوافق التي تم التوصل إليه بين رئيسي بلدينا في أوساكا» اليابانية نهاية يونيو (حزيران) الماضي خلال قمة مجموعة العشرين التي شهدت الإعلان عن هدنة في الحرب التجارية بين بكين وواشنطن.
وأضافت أن «الصين مستاءة للغاية وتعارض ذلك بشدة. وعملا بقواعد منظمة التجارة العالمية، ستحمي بحزم حقوقها ومصالحها المشروعة». وذكرت الوزارة أنها قدّمت الشكوى إلى مجلس تسوية المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية.
وتخوض الصين والولايات المتحدة منذ العام الماضي مواجهة تجارية تتمثل بتبادل فرض رسوم جمركية على سلع تتجاوز قيمتها 360 مليار دولار من المبادلات السنوية.
وفي قمة مجموعة العشرين التي عقدت في أوساكا، اتفق الرئيس الأميركي ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ على إعادة إطلاق المفاوضات التجارية. لكن الهدنة ما لبثت أن تزعزعت، ففي 1 أغسطس (آب) الماضي، أعلن ترمب نيته فرض رسوم جمركية جديدة على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار. وفي 23 أغسطس، ردت بكين بالإعلان عن رسوم انتقامية على منتجات أميركية بقيمة 75 مليار دولار، تدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 1 سبتمبر (أيلول) الجاري.
وبدءاً من سبتمبر الحالي، فرضت بكين رسوماً 5 في المائة على واردات النفط الأميركي، ما يعد أول استهداف من نوعه للواردات النفطية الأميركية. وبدأت الصين بتحصيل رسوم إضافية بنسبة 25 في المائة على نحو 1700 صنف من البضائع الأميركية.
وفي الجهة الأخرى من المحيط بدأت واشنطن بتحصيل 5 في المائة إضافية على بضائع بقيمة 125 مليار دولار من الصين، وذلك برفع هذه الرسوم من 10 إلى 15 في المائة. وفي المحصلة فرضت الولايات المتحدة حتى الآن رسوماً جمركية على واردات صينية بقيمة 550 مليار دولار. في حين فرضت الصين رسوماً جمركية على واردات أميركية بقيمة 185 مليار دولار.
وفي سياق يبدو منفصلا لكنه ذو صلة عميقة، أعلن بنك الشعب (البنك المركزي الصيني) الاثنين خفض قيمة اليوان مقابل الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى منذ أكثر من 11 عاما، وسط تصعيد للتوترات التجارية بين البلدين. وقال البنك في بيان إنه حدد سعر التعادل عند مستوى 7.0883 يوان صيني لكل دولار، بانخفاض قدره 4 نقاط مقارنة بيوم الجمعة، وفقا لنظام تداول العملات الأجنبية بالصين، ليسجل أدنى مستوى منذ 13 مايو (أيار) 2008.
وفي سوق الصرف الأجنبي اليومي في الصين يحدد البنك المركزي سعر التعادل كل صباح، ويسمح للعملة بالارتفاع أو الهبوط بحدود 2 في المائة من السعر.
وتتهم الولايات المتحدة الصين بالتلاعب بعملتها من أجل جعل سلعها أكثر تنافسية، بينما تنفي بكين هذا الاتهام، كما أشار صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إلى أنه لا يجد دلائل قوية على إضعاف بكين المتعمد لعملتها.
كما تتهم واشنطن الصين بدعم الشركات المحلية على حساب الاستثمار الأجنبي، وفي سياق نفي تلك المزاعم دون الإشارة إليها صراحة، أكدت مصلحة الدولة الصينية للنقد الأجنبي أن ما إجماليه 292 مؤسسة أجنبية حصلت على حصص قيمتها نحو 111.38 مليار دولار، في إطار برنامج المستثمرين المؤسسيين الأجانب المؤهلين لنقل أموال إلى حساب رأس المالي في الصين. موضحة أنه حتى يوم 30 أغسطس، بلغت حصة برنامج المستثمرين المؤسسيين المؤهلين الأجانب المقيم باليوان 693.3 مليار يوان (نحو 97.8 مليار دولار). وفي الوقت نفسه، سجل برنامج المستثمرين المؤسسيين المؤهلين المحليين، وهو برنامج يسمح للمستثمرين الأجانب بالوصول إلى الرأسمال الأجنبي، 114 مليار دولار.
في غضون ذلك، حذرت عدة شركات أميركية من أن الرسوم الجمركية التي تفرضها الإدارة الأميركية على البضائع الصينية ستجبر تلك الشركات على زيادة أسعار منتجاتها ليتحملها المستهلكون عند شراء المنتجات الصينية بالولايات المتحدة، وأن بعض تلك الشركات قد تتحمل تلك الزيادة دون تمريرها للمستهلكين.وكان ترمب قد ذكر أن تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل الأميركية قد أشار بصورة غير معلنة إلى أن الرسوم الأميركية على السلع الصينية المجمعة تركت أثرا غير عادل على الشركة التكنولوجية العملاقة، التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرا لها، لأن منافستها الرئيسية، شركة سامسونغ، تنفذ جميع عملياتها التصنيعية في كوريا الجنوبية ولا تتحمل في ذلك ضرائب.
وأشار مراقبون إلى أنه من المتوقع فرض المزيد من الرسوم حيث تنوي إدارة الرئيس ترمب يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل فرض حزمة ثانية تشمل 15 في المائة من الرسوم الجمركية، وهذه المرة على واردات صينية تقدر قيمتها بـ160 مليار دولار.. وفي حالة تنفيذ ذلك فإن جميع واردات الصين تكون قد خضعت للرسوم بما في ذلك جميع المنتجات الأساسية لشركة آبل.
ويذكر أن الصين على الجانب الآخر بدأت فرض مزيد من الرسوم على البضائع الأميركية المستوردة اعتبارا من يوم الأحد. ويأتي هذا على الرغم مما كانت ألمحت إليه الصين في الأسبوع الماضي من سعيها لوضع نهاية هادئة للحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
بكين تشكو واشنطن لدى «منظمة التجارة»... وترمب: المفاوضات لا تزال قائمة\
بنك الشعب يخفض اليوان لمستوى قياسي والشركات الأميركية تحذر من آثار الحرب
بكين تشكو واشنطن لدى «منظمة التجارة»... وترمب: المفاوضات لا تزال قائمة\
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة