الإسترليني يواجه ضغوطاً مزدوجة... وبنك إنجلترا «متأهب لكافة الاحتمالات»

العملة البريطانية خسرت 7.8 % في عام

محافظ بنك إنجلترا مارك كارني في مؤتمر صحافي أمس حيث أعلن عن إبقاء أسعار الفائدة وسط تخوفات {بريكست} (أ.ب)
محافظ بنك إنجلترا مارك كارني في مؤتمر صحافي أمس حيث أعلن عن إبقاء أسعار الفائدة وسط تخوفات {بريكست} (أ.ب)
TT

الإسترليني يواجه ضغوطاً مزدوجة... وبنك إنجلترا «متأهب لكافة الاحتمالات»

محافظ بنك إنجلترا مارك كارني في مؤتمر صحافي أمس حيث أعلن عن إبقاء أسعار الفائدة وسط تخوفات {بريكست} (أ.ب)
محافظ بنك إنجلترا مارك كارني في مؤتمر صحافي أمس حيث أعلن عن إبقاء أسعار الفائدة وسط تخوفات {بريكست} (أ.ب)

فور إعلان بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أمس عن خفض توقعاته للنمو الاقتصادي، انهار الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته في أكثر من عامين ونصف لينحدر عند مستوى 1.21 إسترليني مقابل الدولار، ليصل إجمالي خسائره في عام إلى 7.83 في المائة، مع توقعات بمزيد من التدهور حال استمرار عدم اليقين حول «بريكست بلا اتفاق».
وخفض بنك إنجلترا توقعاته للنمو الاقتصادي لكل من العام الجاري والمقبل إلى مستوى 1.3 في المائة، مقابل توقعات سابقة عند 1.5 في المائة و1.6 في المائة على الترتيب. فيما جاء قرار البنك بتثبيت معدل الفائدة عند نفس مستوياتها البالغة 0.75 في المائة.
وفي الساعة 13:15 تقريبا بتوقيت غرينتش «غاص» الإسترليني لحظيا تحت 1.2085 دولار، وهو مستوى لم يصل إليه الإسترليني منذ 16 يناير (كانون الثاني) 2017 حين جرى تداوله لحظيا عند مستوى 1.2039 دولار، قبل أن يتعافى قليلا، ليجري تداوله الساعة 14:40 عند مستوى 1.2098 دولار.
وتعرض الإسترليني لضغط مزدوج من ارتفاع الدولار من جانب؛ حيث تعافى الدولار مدفوعا بصدمة الأسواق من ضعف فرص خفض مطول للفائدة الأميركية، ومن التوقعات المتشائمة للبنك المركزي البريطاني من جانب آخر.
ووفقا لوكالة «بلومبرغ» فقد خسر الإسترليني نحو 3 في المائة من قيمته خلال الأيام الأربعة الأخيرة في شهر يوليو (تموز) الماضي، وكسرها تحسن هامشي يوم الأربعاء، وذلك وسط مخاوف المستثمرين من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر (تشرين الأول) من دون اتفاق. وكانت آخر مرة يسجل فيها الإسترليني خسارة على مدار أربعة أيام في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016، عندما تراجعت العملة بنحو 6 في المائة إلى 1.841 دولار.
وكانت دراسة صادرة عن «بلومبرغ إيكونوميكس» توقعت الأربعاء أن يتعرض الإسترليني لهبوط حاد في حال خروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي من دون صفقة. موضحة أنه مع كل زيادة 1 في المائة في خطر إتمام البريكست من دون صفقة، فإن الإسترليني المرجح تجارياً من المحتمل أن يتراجع 0.2 في المائة. وأوضحت البيانات أنه في حالة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، فإنه من المرجح أن ينخفض الجنيه الإسترليني بنحو 13 في المائة، بينما على الجانب الآخر إذا انخفض خطر الخروج من دون صفقة من الاتحاد الأوروبي إلى الصفر، فإن الإسترليني من المرجح أن يرتفع بنسبة 9 في المائة.
وظهر أمس، قرر بنك إنجلترا الإبقاء على معدل الفائدة وبرنامج شراء الأصول دون تغيير، كاشفا عن أنه ثبت معدل الفائدة عند نفس مستوياتها البالغة 0.75 في المائة، وصوّت كافة أعضاء البنك التسعة بالكامل لصالح تثبيت معدل الفائدة. كما قرر بنك إنجلترا الاستمرار في مشتريات السندات الحكومية وديون الشركات عند مستويات 435 مليار و10 مليارات جنيه إسترليني على الترتيب.
ويعتزم رئيس الوزراء البريطاني الجديد تنفيذ البريكست في موعده المحدد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) «أيا كانت الطريقة». وقال بنك إنجلترا إن «ذلك أدى إلى انخفاض ملحوظ في سعر صرف الجنيه الإسترليني الذي يقترب من أدنى مستوى في ثلاث سنوات مقابل سلة العملات الرئيسية الأخرى. واعتباراً من منتصف الشهر الماضي، فإن عدم يقين الأعمال التجارية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبح أكثر ترسخاً».
وأوضح بيان السياسة النقدية أن زيادة عدم اليقين بشأن طبيعة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يعني أن الاقتصاد قد يتبع مجموعة واسعة من المراحل على مدار السنوات المقبلة. وشدد على أن «السياسة النقدية ستستجيب للبريكست أيا كانت طريقة تنفيذه؛ ولن تكون تلقائية، ويمكنها أن تسير في أي اتجاه».
وحذر البنك من وجود احتمالات للدخول في ركود اقتصادي في حال تنفيذ البريكست دون اتفاق. وتابع في بيانه بأنه «بافتراض حدوث بريكست سلس وبعض التعافي في النمو العالمي، فإن الهوامش الكبيرة من الطلب المتزايد قد تظهر على المدى المتوسط.. وفي حالة حدوث ذلك فإن اللجنة قد تعتبر أن زيادة معدلات الفائدة وفقاً لوتيرة تدريجية ستكون مناسبة لتحقيق معدل تضخم مستدام عند المستهدف 2 في المائة».
مؤشرات مقلقة
وكان تقرير اقتصادي صادر عن مؤسسة «جي إف كيه» لأبحاث السوق، أظهر أول من أمس استقرار مؤشر تقييم الموقف الاقتصادي خلال عام مضى عند مستواه في شهر يوليو، ليسجل سالب 32 نقطة، في حين ارتفع مؤشر تقييم الموقف الاقتصادي خلال عام مقبل بمقدار نقطة واحدة إلى سالب 32 نقطة. وارتفع مؤشر المشتريات الرئيسية بمقدار 6 نقاط إلى 4 نقاط خلال يوليو. وفي المقابل، تحسن مؤشر ثقة المستهلكين في بريطانيا في يوليو إلى سالب 11 نقطة مقابل سالب 13 نقطة خلال يونيو (حزيران) الماضي. وكان المحللون يتوقعون استقرار المؤشر عند مستوى سالب 13 نقطة.
في الوقت نفسه ارتفع المؤشر الفرعي لقياس التغييرات في الأوضاع المالية الشخصية للمستهلكين خلال الـ12 شهرا الماضية بمقدار نقطتين ليصل إلى نقطة واحدة، في حين ارتفع مؤشر توقعات الأوضاع المالية خلال الـ12 شهرا المقبلة بمقدار 5 نقاط ليسجل 7 نقاط.
بينما أظهر قطاع التجزئة تراجع أسعار البيع في المتاجر خلال نفس فترة القياس، وفقا لتقرير صادر عن اتحاد متاجر التجزئة البريطاني، نتيجة تراجع أسعار السلع غير الغذائية. وبحسب التقرير انخفضت الأسعار بنسبة 0.1 في المائة وذلك للشهر الثاني على التوالي في يوليو الماضي. وفي حين ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 1.7 في المائة خلال الشهر الماضي، تراجعت أسعار السلع غير الغذائية بنسبة 1.2 في المائة.
وقالت هيلين ديكنسون الرئيس التنفيذي في اتحاد متاجر التجزئة البريطاني: «في حين نتوقع استقرار معدل تضخم أسعار الغذاء خلال الشهور القليلة المقبلة، في ظل سعي متاجر التجزئة القوي لإبقاء الأسعار المنخفضة، فإن هذا سيتوقف على قدرة بريطانيا على التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي من أجل استمرار حركة التجارة بين الجانبين من دون رسوم تجارية بعد 31 أكتوبر» في إشارة إلى الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وانخفض الاستثمار في قطاع السيارات بأكثر من 70 في المائة في النصف الأول من العام بسبب مخاوف البريكست، وحذرت هيئة صناعية من أن ترك الاتحاد الأوروبي دون اتفاق هو «أسوأ نتيجة».
وتعد صناعة السيارات، أكبر مُصدر للسلع في بريطانيا، ويوظف القطاع أكثر من 800 ألف عامل، ويعد القطاع الأكثر معارضة للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، خوفا من الرسوم الجمركية الإضافية والبيروقراطية التي يمكن أن تؤثر على الإنتاج.
وانخفض الاستثمار إلى 90 مليون إسترليني (109.50 مليون دولار)، في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنحو 347.3 مليون إسترليني في نفس الفترة من العام السابق، وبنحو 647.4 مليون إسترليني في النصف الأول من عام 2017.
وقالت جمعية مصنعي السيارات والتجار إن الخوف من عدم وجود صفقة هو الذي يثبط من عزيمة المستثمرين، وأوضح الرئيس التنفيذي للجمعية مايك هاوز: «ستكون أسوأ نتيجة هي عدم التوصل إلى اتفاق، وهو ما نخشاه جميعا». واستعدت الشركات المصنعة لحالات الطوارئ في حال الخروج دون اتفاق، مثل تأمين مساحة التخزين وتأمين حركة النماذج والمكونات في المصانع والموانئ بما لا يقل عن 330 مليون إسترليني.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.