أسعار النفط تهوي 8 % بعد فرض رسوم أميركية إضافية على الصين

فضلاً عن خفض الفيدرالي أسعار الفائدة

حاويات شحن صينية تم تفريغها في ميناء لونغ بيتش في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
حاويات شحن صينية تم تفريغها في ميناء لونغ بيتش في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
TT

أسعار النفط تهوي 8 % بعد فرض رسوم أميركية إضافية على الصين

حاويات شحن صينية تم تفريغها في ميناء لونغ بيتش في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
حاويات شحن صينية تم تفريغها في ميناء لونغ بيتش في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

هبطت أسعار النفط أمس (الخميس)، 8 في المائة، بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار بدءاً من أول سبتمبر (أيلول) المقبل، بينما تستمر المحادثات الهادفة لتخفيف التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي الساعة 18:10 بتوقيت غرينتش، هبطت عقود الخام الأميركي 4.88 دولار أو 8.45 في المائة إلى 53.64 دولار للبرميل. وتراجعت عقود خام القياس العالمي «مزيج برنت» 7.66 في المائة إلى 60.09 دولار للبرميل.
وكتب ترمب في تغريدة على «تويتر»، أمس: «محادثات التجارة مستمرة وأثناء المحادثات ستبدأ الولايات المتحدة في الأول من سبتمبر فرض رسم صغير إضافي قدره 10 في المائة على بقية البضائع والمنتجات المقبلة من الصين إلى بلدنا، البالغة 300 مليار دولار. هذا لا يشمل البضائع التي قيمتها 250 مليار دولار الخاضعة بالفعل لرسوم قدرها 25 في المائة».
تأتي هذه الرسوم بالإضافة إلى الرسوم التي فرضها ترمب منذ شهور على كمية من السلع الصينية قيمتها 250 مليار دولار، وهو ما يعني فرض رسوم على كل واردات الولايات المتحدة من الصين، في إطار النزاع التجاري بين البلدين.
غير أن الرئيس ترمب استطرد في التغريدة: «نتطلع إلى مواصلة الحوار البنّاء مع الصين من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري شامل، ونشعر بأن المستقبل بين بلدينا سيكون مشرقاً». وأضاف أن الصين تعهّدت بزيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأميركية لكنها لم تفعل، وأنها تراجعت عن تعهدها بالتوقف عن بيع المسكّنات لأميركا.
وتراجع أسعار النفط، أمس، هو أول انخفاض في ستة أيام، ويأتي بعدما أحبط مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) آمال البدء في سلسلة من تخفيضات سعر الفائدة إضافة إلى انتهاء المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة دون تقدُّم واضح تجاه حل النزاع التجاري المرير.
وجاء هذا التراجع أيضاً رغم انخفاض المخزونات الأميركية أكثر من المتوقع، وتراجع إنتاج الخام بين الدول الأعضاء في «أوبك»، إضافة إلى انخفاض الصادرات الليبية، وهي من العوامل التي تدفع السوق للارتفاع عادة. لكن الإنتاج الأميركي ارتفع في سوق لا تزال متخمة بالمعروض.
وخفض المركزي الأميركي سعر الفائدة، أول من أمس (الأربعاء)، لكن رئيسه خالف التوقعات، وقال إن تلك الخطوة قد لا تكون بداية لسلسلة طويلة من التخفيضات لدعم الاقتصاد في مواجهة مخاطر من بينها ضعف الاقتصاد العالمي.
في الوقت نفسه اختتم مفاوضون من الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، محادثات تجارية، أول من أمس (الأربعاء)، دون مؤشرات واضحة على إحراز تقدم، وأرجأوا اجتماعهم المقبل حتى سبتمبر (أيلول). وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أول من أمس (الأربعاء)، إن مخزونات الخام الأميركية تراجعت للأسبوع السابع على التوالي لتنخفض إلى أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) رغم انتعاش الإنتاج وزيادة صافي الواردات.
كان مسح لـ«رويترز» قد أظهر أن إنتاج منظمة «أوبك» من النفط الخام هبط في يوليو (تموز) إلى أدنى مستوياته في ثماني سنوات، حيث فاقم مزيد من الخفض الطوعي من جانب السعودية، أكبر مصدّر للخام في العالم، الخسائر الناجمة عن عقوبات أميركية على إيران وانقطاعات في دول أخرى بالمنظمة.
وبحسب المسح، ضخت «أوبك» المؤلفة من 14 عضوا 29.42 مليون برميل يومياً، هذا الشهر، بانخفاض قدره 280 ألف برميل يومياً عن مستوى الإنتاج المعدل لشهر يونيو (حزيران)، مسجلة أدنى مستوى إنتاج لها منذ 2011.
ويشير المسح إلى أن السعودية متمسكة بخطتها لخفض طوعي للإنتاج بأكثر من المستوى المستهدف في اتفاقية تقودها «أوبك» لدعم السوق.
وجددت المنظمة اتفاقية كبح الإمدادات هذا الشهر، متجاهلة ضغوطاً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لضخ المزيد من الخام.
ورغم انخفاض إمدادات «أوبك»، هبطت أسعار الخام من مستواها المرتفع في 2019 الذي تجاوز 75 دولاراً للبرميل في أبريل (نيسان) إلى أقل من 64 دولاراً، أمس، تحت ضغط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي.
واتفقت «أوبك» وروسيا ومنتجون آخرون، فيما يُعرف بـ«أوبك+»، في ديسمبر (كانون الأول)، على خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً، اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) هذا العام. ويبلغ نصيب «أوبك» من الخفض 800 ألف برميل يومياً، تطبقه 11 دولة أعضاء بالمنظمة، بينما تم استثناء إيران وليبيا وفنزويلا.
وفي يوليو، حققت الدول الملتزمة بالخفض في الاتفاقية، التي تم تمديدها إلى مارس (آذار) 2020، نسبة بلغت 163 في المائة من التخفيضات المقررة، بحسب ما أظهره المسح. وضخّت الدول الثلاث المستثناة أيضاً كميات أقل من الخام.
وجاء أكبر خفض في الإمدادات من السعودية، التي قلّصت إمداداتها بما يزيد على المستهدف في اتفاقية «أوبك»، في محاولة لخفض مخزونات الخام. وقدر المسح إنتاج المملكة بنحو 9.65 مليون برميل يومياً، بانخفاض عن حصتها المستهدفة البالغة 10.311 في المائة.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعدما انسحبت من اتفاقية 2015 النووية بين طهران وست قوى عالمية. وفي محاولة لخفض مبيعات إيران النفطية إلى الصفر، أنهت واشنطن في مايو (أيار) إعفاءات من العقوبات كانت منحتها لدول مستوردة للخام الإيراني.
وهبطت صادرات إيران النفطية إلى نحو 100 ألف برميل يومياً في يوليو، بحسب بيانات لتتبع الناقلات ومصدر في قطاع النفط، من أكثر من 2.5 مليون برميل يومياً في أبريل 2018.
وفي فنزويلا، تراجعت الإمدادات قليلاً بسبب تأثير انقطاعات الكهرباء والعقوبات الأميركية على شركة النفط الحكومية «بي دي في إس إيه»، وانخفاض في الإنتاج مستمر منذ فترة طويلة، بحسب ما أظهره المسح.
وانخفض إنتاج ليبيا بسبب توقف الإنتاج في حقل الشرارة، أكبر حقل نفطي في البلاد. وهبط الإنتاج في نيجيريا، لكن أكبر بلد مصدر للخام في أفريقيا يسعى لحصة أكبر في «أوبك»، واصل الإنتاج بأعلى كثيراً من المستوى المستهدف له في الاتفاقية.
وزادت الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة كلتاهما الإنتاج، لكنهما لا تزالان دون المستويات المستهدفة لهما في اتفاقية «أوبك».



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».