«سيناريو كابوس» لاقتصاد بريطانيا مع «بريكست دون اتفاق»

ركود وعجز وانهيار فوري للإسترليني... و«نقطة ضوء» من مبيعات التجزئة

أشارت توقعات رسمية إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي في بريطانيا لمدة عام على الأقل في حالة «بريكست دون اتفاق» (أ.ف.ب)
أشارت توقعات رسمية إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي في بريطانيا لمدة عام على الأقل في حالة «بريكست دون اتفاق» (أ.ف.ب)
TT

«سيناريو كابوس» لاقتصاد بريطانيا مع «بريكست دون اتفاق»

أشارت توقعات رسمية إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي في بريطانيا لمدة عام على الأقل في حالة «بريكست دون اتفاق» (أ.ف.ب)
أشارت توقعات رسمية إلى ترجيح حدوث ركود اقتصادي في بريطانيا لمدة عام على الأقل في حالة «بريكست دون اتفاق» (أ.ف.ب)

توقع معهد حكومي بريطاني في تقرير نشر أمس الخميس أن تدخل المملكة المتحدة في حالة ركود إذا غادرت الاتحاد الأوروبي دون اتفاق مع «بروكسل». كما توقع أن تتراجع قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 10 في المائة على الفور، وفق هذا السيناريو، وأن يتضاعف عجز الموازنة جراء هذه الخطوة.
وأوضح المكتب الحكومي المسؤول عن التوقعات الاقتصادية وتوقعات الموازنة: «ستدخل المملكة المتحدة في ركود في الفصل الرابع من 2019 لمدة عام، كما سيتراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2.1 في المائة» في حال الخروج من دون اتفاق ومن دون فترة انتقالية.
وقال المكتب في تقريره إن «(بريكست بلا اتفاق) سوف يؤدي إلى تضرر الثقة وتراجع الاستثمارات، ويقود إلى حواجز تجارية أعلى مع الاتحاد الأوروبي... مما يدفع قيمة الإسترليني إلى الهبوط، ويدفع الاقتصاد المحلي للانكماش بنسبة اثنين في المائة بنهاية عام 2020».
وقال «مكتب مسؤولية الميزانية» إنه استخدم اختبارات الضغط النقدي، التي يضعها صندوق النقد الدولي، لرصد تأثير «سيناريو خروج أقل إرباكاً من الاتحاد من دون اتفاق ومن دون فترة انتقالية» على المؤسسات المالية العامة، موضحاً أنه في سيناريو الخروج من دون اتفاق «سيتفاقم الغموض وتنخفض الثقة، ما يسهم في ردع الاستثمار، في حين تؤثر الحواجز التجارية الأكثر صرامة مع الاتحاد الأوروبي على الصادرات».
وجاء في التقرير أن «زيادة الحواجز التجارية تؤدي أيضاً إلى تباطؤ نمو الإنتاجية المحتملة، في حين أن انخفاض الهجرة الوافدة يحد من نمو القوة العاملة».
كما يمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى زيادة الاقتراض الحكومي بمعدل 30 مليار جنيه إسترليني سنوياً في غضون العام المالي 2020 – 2021، خصوصاً أن المرشحين لتسلم منصب رئاسة الحكومة بوريس جونسون وجيريمي هانت، وعدا باقتطاعات ضريبية ومزيد من الإنفاق، مما يزيد عبء الموازنة.
ولم يستبعد المرشحان فرضية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وهو ما سيؤدي إلى سيناريوهين؛ حسب صندوق النقد الدولي: الأول سيناريو «لا اتفاق قاسياً»، والثاني سيناريو «لا اتفاق ناعماً».
وتستند توقعات وأرقام المكتب الحكومي المسؤول عن التوقعات الاقتصادية وتوقعات الموازنة إلى فرضية سيناريو «لا اتفاق ناعماً». واستناداً إلى هذا السيناريو، فإن الحكومة البريطانية ستفرض تعريفة موقتة تتيح إعفاء 87 في المائة من المواد المستوردة من الضريبة لمدة عام، قبل الانتقال بعدها إلى النسب التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي لـ«الدول ذات الأفضلية» والتي تدور حول 4 في المائة. أما الـ13 في المائة من المواد المستوردة الباقية فستخضع على الفور لرسوم جمركية.
ويفيد أيضاً هذا المكتب بأن الجنيه الإسترليني سينخفض بنسبة 10 في المائة على الفور في حال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من دون اتفاق. كما أن أسعار العقارات السكنية ستنخفض بنحو 10 في المائة بين مطلع عام 2020 ونهاية عام 2021.
ومع هذه الصورة المتشائمة، انتعشت مبيعات التجزئة البريطانية على غير المتوقع في يونيو (حزيران) الماضي، وفقاً لبيانات رسمية ربما تثير آمالاً في أن يتفادى الاقتصاد انكماشاً في الربع الثاني من العام.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن أحجام مبيعات التجزئة الشهرية قفزت واحداً في المائة، متجاوزة جميع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين، والتي كانت لهبوط نسبته 0.3 في المائة. وبالمقارنة مع يونيو 2018، ارتفعت المبيعات 3.8 في المائة لتفوق مجدداً جميع التوقعات.
ويرجع ارتفاع مبيعات التجزئة إلى نمو مبيعات متاجر المنتجات غير الغذائية، بينما ارتفعت مبيعات المنتجات الغذائية بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري في يونيو الماضي. وارتفعت المبيعات باستثناء وقود السيارات بنسبة 0.9 في المائة، كما ارتفعت بنسبة 3.6 في المائة على أساس سنوي.
وتتناقض الأرقام مع مسح لاتحاد تجار التجزئة البريطاني أظهر انخفاض المبيعات في 12 شهراً حتى يونيو بأسرع وتيرة مسجلة لذلك الشهر.
ويعتقد كثير من الاقتصاديين أن اقتصاد بريطانيا يواجه خطر الانكماش في الربع الثاني، نتيجة لطفرة تكوين المخزونات التي حدثت قبيل الموعد النهائي الأصلي للخروج من الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) الماضي. غير أن الارتفاع غير المتوقع لمبيعات التجزئة في يونيو قد يساهم في تقليص ذلك الخطر... لكن مبيعات التجزئة للأشهر الثلاثة المنتهية بنهاية يونيو نمت 0.7 في المائة فقط، وهي أضعف قراءة منذ الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير (شباط).



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.