«السوشيال ميديا»آلة عقاب موجعة

«السوشيال ميديا»آلة عقاب موجعة
TT

«السوشيال ميديا»آلة عقاب موجعة

«السوشيال ميديا»آلة عقاب موجعة

في 18 يونيو (حزيران) الفائت، تلقى المراهق البولندي ميخال شيفجوك حكماً بالسجن لمدة أربع سنوات وثلاثة شهور، بعدما أدانته محكمة بريطانية بتهمة «تشجيع الإرهاب، وترويج معتقدات متطرفة، وحض الآخرين على القيام بأفعال خسيسة».
كان شيفجوك، الذي يؤيد النازية الجديدة، قد نشر صورة لدوق ساسكس، الأمير هاري، مع بندقية مصوبة نحو رأسه، وكتب تحتها تعليقاً من خمس كلمات على هذا النحو: «أراك لاحقاً يا خائن العرق».
يعتبر شيفجوك أن الأمير البريطاني خان عرقه (الأبيض) لأنه تزوج من ميغان ماركل، التي ولدت لأب قوقازي وأم أميركية من أصل أفريقي، ببشرة ليست بيضاء. وهو يرى أن عقابه على ذلك قد يكون القتل، وقد عبّر عن موقفه هذا عبر تدوينة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
فهل تكفي تدوينة على «السوشيال ميديا» للذهاب بمراهق لم يبلغ العشرين إلى السجن، أو إخضاعه لمحاسبة قضائية، في إحدى دول العالم المتقدم؟ نعم... إن هذا صحيح.
في عام 2010، جرت وقائع قصة مهمة في هذا الصدد؛ فقد حاول أحد المواطنين البريطانيين، ويدعى بول تشامبرز، أن يمازح متابعيه البالغ عددهم 650 شخصاً على موقع «تويتر»؛ فغرد قائلاً: «سأنسف مطار روبن هود!»؛ لكن السلطات البريطانية أخذت مزحته على محمل الجد، فأدانته بشكل أولي بتهمة «استخدام نظام الاتصالات العامة في التهديد».
لقد تم إسقاط التهمة عن تشامبرز في مرحلة الاستئناف؛ لكن مواطنه فان بريان مُنع من دخول الولايات المتحدة الأميركية، لمجرد أنه غرد على حسابه في «تويتر» قائلاً: تفرغوا هذا الأسبوع لنميمة سريعة... سأذهب إلى أميركا وأدمرها».
لا تقتصر العقوبات التي يمكن أن تطال مستخدمي «السوشيال ميديا» جراء ما يرتكبون من مخالفات، على الأحكام القضائية، فثمة جهات أخرى يمكنها أن تحاسب هؤلاء المستخدمين.
وفي هذا الإطار، فإن شيفجوك لم يكن هو المُعاقَب الوحيد بسبب الإساءة العنصرية إلى دوقة ساسكس؛ إذ طردت «بي بي سي» أحد مذيعيها، في شهر مايو (أيار) الماضي، بعدما نشر تغريدة على «تويتر» مرفقة بصورة تُظهر مولود الأمير هاري على شكل «قرد»، في محاولة للتهكم على الأصول العرقية للأميرة ماركل.
ثمة كثير من الأمثلة على أن التدوينات التي يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تُعَرّض أصحابها للمساءلة، التي قد تبلغ حد الإدانة القضائية، كما يمكن أن تضر بمواقفهم الاجتماعية والسياسية والمهنية ضرراً بالغاً.
في عام 2018، اضطرت الفرنسية أمينة خان، التي باتت صاحبة أول وجه إعلاني لفتاة محجبة لدى شركة «لوريال» العالمية لمستحضرات التجميل، إلى الانسحاب من حملة إعلانية ضخمة تنفذها الشركة، بسبب بعض التغريدات التي بثتها على موقع «تويتر»، وهي تغريدات اعتبرها البعض «مناهضة للسامية».
أما منال ابتسام، المغنية الفرنسية المحجبة، التي استطاعت إبهار كثيرين، بغنائها المقتدر، بالعربية والفرنسية، لأغنية «هاليلويا» (الحمد) الشهيرة، أمام لجنة تحكيم النسخة الفرنسية من البرنامج العالمي الرائج «ذا فويس»؛ فقد اضطرت إلى الانسحاب من البرنامج في العام نفسه، تحت ضغوط متابعين انتقدوها لأنها غردت في عام 2016، معلقة على حادث «إرهابي» وقع في مدينة نيس الفرنسية قائلة: «جيد أن الأمر قد أصبح روتينياً، هجوم واحد كل أسبوع! ودائماً يكون الإرهابي وفياً ويأخذ معه بطاقة هوية... صحيح، إنه عندما تُحضر لعمل قذر فلا بد ألا تنسى بطاقة الهوية». لقد فهم البعض أن ابتسام «تدعم الإرهاب» بمثل هذه التغريدة، ولم تكن إدارة البرنامج قادرة على التغاضي عن ذلك، والسماح لها بمواصلة المنافسة.
تلخص هذه الوقائع، وغيرها كثير، قاعدة جديدة يتم تكريسها في فضاء التعبير العمومي العالمي عبر «السوشيال ميديا»، وهذه القاعدة مفادها: «هذه الأجواء ليست حرة تماماً، وروادها قابلون للمحاسبة عما يقولونه الآن، وعما قالوه سابقاً».
ستكون الحكومات، والمسارات القضائية، والمؤسسات، وهيئات الأعمال، ومنظمات المجتمع المدني كلها قادرة على إنزال العقوبات، أو تفعيل المساءلة، بحق الممارسات المثيرة للجدل على وسائط التواصل الاجتماعي؛ وهو أمر يمكن أن يشكل صدمة لهؤلاء الذين يعتقدون أن هذا الفضاء حر بما يكفي للتعبير عن مواقف حادة أو نزعات ملتبسة.
إلى جانب الارتباك والصدمة جراء تحول منصات «السوشيال ميديا» إلى آلة عقاب موجعة في بعض الأحيان، ثمة أخبار جيدة في المقابل؛ إذ يبدو أن كثيرين من الذين تُمَكنّهم بعض السياقات الثقافية التقليدية من الإفلات من المحاسبة جراء أفعالهم التي تتصادم مع مفاهيم حقوقية راسخة، لا تتركهم «السوشيال ميديا» من دون مساءلة أو عقاب.
ربما يمكن أن تتضح هذه الحقيقة من خلال استعراض قصة لاعب الكرة الدولي المصري عمرو وردة، الذي تم اتهامه بالتحرش الجنسي، وتوقيع عقوبة إدارية عليه، الأسبوع الماضي، قبل أن يتم تخفيفها بعد تدخل عدد من زملائه لصالحه، وتقديمه اعتذاراً للجمهور.
لقد بدا أن وردة نجا من عقوبة إدارية صارمة بحقه؛ لكن تفاعلات «السوشيال ميديا» أعادت تأطير الأمور، ووضعته، وزملاءه المدافعين عنه، وكل من سعى إلى تخفيف وقع ارتكاب جريمة التحرش الجنسي، في مأزق صعب، عبر حملات استخدمت مقاربات حقوقية أصيلة.
إنه عالم جديد، تعطيك فيه «السوشيال ميديا» منصة لرفع الصوت مهما كنت ضعيفاً أو مُهمشاً، وتتحول أحياناً إلى آلة عقاب موجعة وجائرة، أو تنقلب إلى خط دفاع فعال عن قيم جديرة بالحماية.
بسبب طاقتها غير المحدودة، والإفراط في الافتتان بها، تلتهم تلك المساحة الافتراضية يومياً جزءاً أصيلاً من الواقع... وهي تفعل ذلك باطراد، ومن دون حد أقصى.


مقالات ذات صلة

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

يوميات الشرق الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الأميركي أندرو سكوت الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

انحسار الصحف المحلية والإقليمية يؤدي إلى «صحارٍ إخبارية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».