وقفت الفنانة ليلى علوي الأسبوع الماضي، مكرمة على «مسرح الرابطة الثقافية» من قبل «مهرجان طرابلس للأفلام» الذي خصص دورته السادسة والحالية، لـ«بانوراما السينما المصرية». وقالت «برنسيسة السينما المصرية» كلاماً من القلب، مختصرة زبدة ما شاهدته منذ لحظة وصولها: «عندي حنين لبلدكم، وسعادة بإصراركم». تحدثت عن السعادة التي شعرت بها منذ دخلت صالة الاحتفال وعلقت: «سمعت أكثر من مرة عبارة ما كان عندي أمل. لكنكم تواليتم على هذا المسرح بفرح. وأنتم مصرون على أن يكون عندكم حرية، وأن يكون عندكم مهرجان وفن، وسينما. كل واحد منكم مصر على أن يكون كما هو، لا كما يريده الآخرون. برافو، برافو، برافو عليكم». وعن تكريمها بهذه المناسبة قالت: «أنا فخورة، هي مسألة كبيرة لي أن يأتيني هذا التكريم من أناس ذواقة، مثقفة، لهم تاريخ مشرف، أتمنى المرة المقبلة أن آتي لأحضر أفلامكم في السينمات التي لا تزال مقفلة، وسمعت أنها 29 وأرجو أن تصبح ثلاثين»؛ في إشارة إلى تاريخ سينمائي حافل لطرابلس وصالات انتهت إلى الإغلاق. ليلى علوي التي لها فضول في المعرفة والاكتشاف، أقامت في المدينة، جالت في قلعتها، في أسواقها، تعرفت على شبانها فقالت: «عليكم أن تستمعوا إليهم أنهم مليئون بالحياة». وبالمناسبة عرض فيلمها «الماء والخضرة والوجه الحسن» من إخراج يسري نصر الله رئيس إحدى لجنتي التحكيم في المهرجان، الذي كرم بدوره.
وتحدثت ليلى علوي، بهذه المناسبة، وخلال جلسة حميمة إلى عدد قليل جداً من الصحافيين شاركت فيها «الشرق الأوسط»، عن إحساسها الكبير بالمسؤولية حين تختار عملاً فنياً بعد مشوار طويل تجاوز الأربعين عاماً، هي التي بدأت طفلة في سن السابعة كونها نشأت في بيت فني، وفي الرابعة عشرة كانت تقف على خشبة المسرح، لتدخل عالم السينما بعد ذلك، وبغزارة كبيرة. صحيح أنها درست التجارة وليس السينما كما تقول: «لكنني اشتغلت كثيراً، شاهدت أفلاماً لا تحصى، قرأت بحثت واجتهدت». وشرحت أنها حين تحضّر لدور فإنها تقوم بأبحاثها الخاصة، تقابل شخصيات عاشت التجربة، لتفهم كيف عليها أن تؤدي. «لم أدرس السينما صحيح، لكنني استمعت لنصائح كثيرة من كبار، كانت إرشاداتهم بمثابة دروس مثل سميحة أيوب ومحمود مرسي، ومخرجين أحترمهم. استفدت من نقاشاتي ومن سفري ولو على حسابي لحضور مهرجانات عالمية، ومتابعة ورش». وتتابع بالقول: «إذا أديت شخصية امرأة مدمنة فإنني لا بد أقابل أطباء ومدمنين كي أتمكن من الدور، وإن كان دوري قاتلة أذهب لمقابلة من عاشوا حياة مماثلة». تندمج ليلى علوي في أداء أدوراها حتى إن بعضها يتعبها بعد التصوير كما في «المغتصبون» لسعيد مرزوق أو مسلسل «التوأم»، حيث كانت تضطر لأداء دورين لشخصيتين في وقت واحد، أو حتى مسلسل «الحجر الداير» الذي أبقاها على توتر لفترة طويلة بعد التصوير. لذلك فهي تعتبر، أن أصعب مهنتين في العالم هما أولاً «العمل في المناجم، ومن ثم التمثيل».
الفيلم المفصل الذي جعلها تقول: سأكون ممثلة وأتابع هذا المسار ولن أتوقف أبدا هو فيلم «خرج ولم يعد» مع المخرج محمد خان. «بعده صرت أتخير أعمالي بدقة، وأراعي ألا تكون متشابهة، أو محصورة مع مخرج واحد».
أقدمت ليلى علوي على إنتاج عمل واحد فقط طوال حياتها الفنية هو فيلم «يا مهلبية يا» ولم تكرر التجربة، رغم أنها تعترف بأن السينما المصرية تحتاج لإنتاج أعمال غير تجارية لها مضامين ليست بالضرورة للجمهور العريض. «لم أعاود التجربة»، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لأنني كنت أجد الأعمال التي ترضيني، ولم أشعر بحاجة لذلك، لكننا بالفعل بتنا بحاجة لأعمال من نوع آخر لا تنتظر النجاح الجماهيري». والفنانة المخضرمة تتمنى لو تقوم بدور فنانة تشكيلية يسارية لم تذكر اسمها، ولكن من الصعب أن تجد من ينتج عملاً من هذا النوع. فالأفلام الجيدة ليست بالضرورة هي التي تشاهد أكثر. «فيلم المومياء مثلاً للمخرج شادي عبد السلام، لم يأت بالعائد المرتجى، لكنه شرّف مصر في أماكن كثيرة». وهي ترى أن بعض ما تم تقديمه يحتمل إعادته إلى الشاشة بحلة جديدة مثل الثلاثية، ومما يستحق ربما التفكير في تقديمه قصص إحساس بعد القدوس، وكتاب آخرون من تلك المرحلة.
آخر ما تفكر به ليلى علوي هو كتابة سيناريو: «لست موهوبة لهذا الأمر أبدا، قد أفكر بالإخراج وحدث، وأقدمت على إنتاج لكنني اكتشفت أنني لست موهوبة أيضا باحتساب الأموال والأرباح، لذلك توقفت».
تتحدث عن تجربتها مع يوسف شاهين في فيلم «المصير» التي تعتبرها «رائعة، مع مخرج متواضع»، وعن فيلمها الأخير الذي عرض في لبنان خلال مهرجان الأفلام في طرابلس «الماء والخضرة والوجه الحسن» إنتاج عام 2016، الذي يحكي قصة حقيقية لعائلة امتهنت الطبخ في الأفراح والمآتم. وتقول: «هي قصة عائلة الفنان باسم سمرة (الذي يلعب دور الطباخ في الفيلم) كما تم التصوير في الموقع الحقيقي للقصة»، وأشادت الفنانة بمخرج الفيلم يسري نصر الله: «لقد اكتشفت فيه وأنا أعمل معه الجانب الإنساني والذكاء كما التواضع، إضافة إلى أنه حنون ويحترم الجميع ويتصرف بلطف واحترام شديدين مع العاملين معه».
ورداً على سؤالنا حول بطء الفيلم في النصف الأول منه نسبة إلى تسارع الأحداث في النصف الثاني، قالت: «هذا أفضل من أن يكون العكس ويشعر المتفرج بالملل قبل إكمال الفيلم» مبدية إعجابها بالقصة.
وعن سبب غيابها في موسم رمضان الفائت أجابت بأن الظهور كل سنة ليس غاية عندها بل هي تفضل أن تقدم عملاً واحداً كل سنتين أو ثلاث، وهي كانت قد فقدت والدتها، وهذه السنة فضلت البقاء إلى جانب ابنها بالتبني خالد لتكون بجواره في امتحانات الثانوية العامة.
وشرحت ليلى علوي أن الأعمال العربية المشتركة ليست بالأمر المستجد، فهذا تعودته مصر دائماً، وشارك في الأعمال الفنية المصرية، في السينما والتلفزيون والموسيقى والغناء، فنانون من لبنان وسوريا والسودان وغيرها، وحتى من تركيا ودول غير عربية، وكل يحكم عليه بحسب مهارته وموهبته، وقدرته على أداء المهمة التي يقوم بها دون النظر إلى الجنسية.
وعن تزايد أدوار البلطجة وانتصار الشر، في السينما المصرية ترى «أن الأفلام تعكس الواقع، وقد زادت البلطجة بالفعل بعد الثورة، ورأينا أن الشر بدأ يكسب بدل الخير، للأسف. وهذا ليس في مصر وحدها بل في العالم كله، لسوء الحظ».
ليلى علوي: أتمنى تأدية دور فنانة تشكيلية يسارية
بمناسبة تكريمها في «مهرجان طرابلس للأفلام»
ليلى علوي: أتمنى تأدية دور فنانة تشكيلية يسارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة