المواد البلاستيكية بدلاً من سداد الرسوم شرط للدراسة المجانية في مدرسة هندية

يتحتم على كل طالب إحضار 25 قطعة من البلاستيك النظيف من منزله لإعادة تدويرها لاحقاً

تقبل مدرسة «أكشار» النفايات البلاستيكية باعتبارها الشكل الوحيد لسداد الرسوم الدراسية
تقبل مدرسة «أكشار» النفايات البلاستيكية باعتبارها الشكل الوحيد لسداد الرسوم الدراسية
TT

المواد البلاستيكية بدلاً من سداد الرسوم شرط للدراسة المجانية في مدرسة هندية

تقبل مدرسة «أكشار» النفايات البلاستيكية باعتبارها الشكل الوحيد لسداد الرسوم الدراسية
تقبل مدرسة «أكشار» النفايات البلاستيكية باعتبارها الشكل الوحيد لسداد الرسوم الدراسية

عندما احتفل الناس من مختلف أنحاء العالم مؤخراً بيوم البيئة العالمي، اتخذ الاحتفال في أحد مدارس الهند شكلاً عملياً.
تقبل مدرسة «أكشار» التي تقع في وادي بولاية «آسام» ذو الطبيعة الخلابة، بشمال شرقي الهند، النفايات البلاستيكية، باعتبارها الشكل الوحيد لسداد الرسوم الدراسية. ففي كل أسبوع، يتحتم على كل طالب من الطلاب البالغ عددهم 110 إحضار 25 قطعة من البلاستيك النظيف من منزله أو من المنطقة المحلية المحيطة، ليجري لاحقاً استخدامها في صناعة عناصر مختلفة في مجمع المدرسة.
- مفهوم «أكشار»
كلمة «أكشار» تعني «كلمات» باللغة الهندية، وفكرة تأسيس المدرسة هي من بنات أفكار مازن مختار الذي يبلغ من العمر حالياً 30 عاماً، والذي درس هندسة الفضاء في جامعة «مريلاند» الأميركية. وعندما كان مختار في سن الخامسة عشرة، عين مساعد باحث بمختبر أنظمة الفضاء، وكان لديه عرض عمل بدوام كامل من شركة «بوينغ» لصناعة الطائرات في سن السادسة عشرة، وفي نهاية المطاف انضم إلى وكالة «ناسا» للفضاء للمساعدة في إنشاء منزل جديد للبشرية في الفضاء وبين النجوم.
ورغم ذلك، تغير فكر مختار تماماً، وعزم على إصلاح كوكب الأرض، بدلاً من البحث عن كوكب جديد. وفي هذا الإطار، قال مختار في حوار جرى عبر الهاتف مع مراسلة صحافية: «رأيت أن الطريقة المثلى للقيام بذلك هي إصلاح نظام التعليم، وحشد مليارات الأشخاص من غير المتعلمين الذين يعيشون في فقر للمساعدة في مواجهة تحدياتنا العالمية». وفي عام 2013، عاد مازن مختار إلى الهند، حيث كان يدرس للطلاب الفقراء في الولايات المتحدة، والتقى بارميتا سارما التي كانت تدرس الخدمة الاجتماعية في معهد «تاتا» للعلوم الاجتماعية، وكلاهما وجد أوجه تشابه في أهدافهما وتزوجا. أراد الاثنان إنشاء مدرسة تختلف جذرياً في نمط تفكيرها عن طرق التدريس التقليدية، وأسسا مدرسة «أكشار» عام 2016.
كان هدفهما سد الفجوة بين الأكاديميين التقليديين والتدريب المهني، حيث يحصل الطلاب على المهارات الحياتية الأساسية اللازمة للحصول على عمل. ولدى سؤاله عنه فلسفته من تأسيس هذه المدرسة، أجاب مختار: «لقد اتفقنا على أنه من الضروري إيجاد نموذج جديد للطلاب الذين يعيشون في فقر مدقع، لذلك توصلنا إلى هذا النموذج، حيث يتعلم الطلاب ويتلقون التدريب في مختلف المهن والتخصصات، أهمها أن يكون معلماً».
وابتكرت مدرسة «أكشار» أسلوباً يتم من خلاله تشجيع الأطفال الأكبر سناً على تدريب الأطفال الصغار، وقال مختار: «الأطفال الأكبر سناً يحصلون على عملات ألعاب، تشبه إلى حد ما عملة الألعاب اللوحية (أو الكوبون)، حيث يستخدم الطلاب العملات في شراء الوجبات الخفيفة والمعدات الرياضية وغيرها من متجر المدرسة».
وأضاف أنه من خلال معالجة قضيتي التعليم والتوظيف معاً، ومزج الأكاديميين بالتدريب المهني، فإنه من الممكن ضمان التماس خريجينا لسبل العيش الكريمة، والمساهمة في تطوير حياتهم الخاصة. على سبيل المثال، فإن المنهج يجمع بين حرف كالنجارة وعلم الرياضيات، وتكنولوجيا الطاقة الشمسية والفيزياء، والتطريز والاقتصاد، والتدريس وعلم النفس، وإعادة تدوير المخلفات وعلم البيئة، وأيضاً المناظر الطبيعية وعلم الأحياء وغيرها.
وتصنف الدرجات أو المعايير التي يدرس بها الطلاب بمدرسة «أكشار» على أساس مستويات ذكائهم، وليس أعمارهم، على عكس المدارس الأخرى. ونتيجة لذلك، قد يستوعب كل فصل طلاب من مختلف الفئات العمرية، وفقاً لمستويات معارفهم.
وتبلغ براسانتا 14 عاماً، ورغم أنها طالبة فإنها تقوم بالتدريس للأطفال بعمر 6 سنوات في مدرستها، وتتقاضى أجراً نظير ذلك. وبراسانتا ليست الحالة الوحيدة، حيث إن هناك كثيرات غيرها يتولين تدريب الأطفال الأصغر سناً بمدرسة «أكشار»، ويحصل الطلاب المعلمون على المال مقابل ذلك، مما يشجعهم على البقاء في المدرسة، ويقضى على مشكلة التسرب الدراسي.
وقالت سارما، زوجة مازن، في المقابل: «نحن نطالب الآباء بإرسال المواد البلاستيكية إلى المدرسة كرسوم، حال أرادو أن يدرس أطفالهم هنا مجاناً. ويتعين على الوالدين أيضاً تقديم تعهد بعدم حرق المواد البلاستيكية».
وعندما فتحت المدرسة أبوابها للمرة الأولى، كان عدد الطلاب بها لا يتعدى 20 طالباً، والآن هناك 7 مدرسين يقومون بالتدريس لمائة طالب على الأقل. ويجري تشغيل مستويات دراسية بدءاً من المستوي الأول حتى التاسع، من سن 4 إلى 16 عاماً. ويتطلع الزوجان الآن إلى بناء 100 مدرسة على هذا النمط في مختلف أنحاء البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويشتمل المنهج المدرسي على كثير من الدورات المهنية، بما في ذلك مستحضرات التجميل والتطريز والغناء والرقص والزراعة العضوية والبستنة والألواح الشمسية وإعادة التدوير والإلكترونيات. والجدير بالذكر أن المدرسة صممت المناهج الدراسية لخدمة الأطفال الأكثر فقراً، ولذلك لا يقومون بتدريس الأطفال المواد التقليدية فحسب، بل يقدمون أيضاً تدريباً مهنياً يجعل منهم حرفيين مهرة بنهاية الدورة.
ويصطف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و15 عاماً مرتين كل أسبوع أمام المدرسة بأكياس البقالة المليئة بالزجاجات البلاستيكية والقش البلاستيكي، وما إلى ذلك من المواد التي يمكن استخدامها بعد ذلك في صناعة «طوب بيئي»، لإنشاء مبانٍ مدرسية جديدة أو مبانٍ للمراحيض أو ممرات... إلخ.
ودخلت الشركات الراعية على الخط لمساعدة الطلاب الذين يواجهون صعوبات مالية. ففي عام 2018، سددت شركة «أويل إنديا» رسوم الطلاب غير القادرين، فيما تكفلت منظمة «موتفجيشن فور أكسلانس» التي تتخذ من مدينة مومباي مقراً لها بتمويل عملية إصلاح المناهج الدراسية بمدارس دلهي.
وفي هذا الإطار، قال سليمان البالغ من العمر 13 عاماً: «أحمل النفايات البلاستيكية، بما في ذلك زجاجات المياه والرقائق وعلب البسكويت، إلى المدرسة. لم أكن أعلم أنه يمكننا بناء شيء جديد باستخدام هذه النفايات البلاستيكية. لم يكن أحد يعرف أن البلاستيك يمكن أن يكون ضاراً (بالبيئة). حتى الجيران تغيروا وفهموا تدريجياً الآثار المميتة للنفايات البلاستيكية».
بالإضافة إلى ذلك، فإن المدرسة تدير أيضاً مأوى للحيوانات. فخلال الأشهر الستة الماضية، قام الطلاب والجهات ذات العلاقة بمدرسة «أكشار» بإيواء 20 كلباً، واستطاعوا إيجاد منازل لاستضافة الكلاب بعد تطعيمهم. ويُكلف المراهقون برعاية الجراء وإطعامهم، وعلاجهم بالأدوية بعد تعقيمهم، ولم يتبقَ في المدرسة حالياً سوى اثنين من الجراء الذين يخضعون للعلاج، بعد أن تمكنت المدرسة من العثور على منازل جديدة لاستضافة الباقين بمساعدة هذه القلوب الرقيقة.
- التحديات وحلها
كان إقناع الآباء بإرسال أطفالهم إلى المدرسة مهمة صعبة للزوجين، حيث لم يكن الآباء واثقين من الطريقة التي ستعمل بها المدرسة الجديدة، ولا طريقة التدريس بها. لكن معلمي «أكشار» كان لهم من الخبرة، وفي الوقت نفسه قدر من المرونة، ما جعل بعض أولياء الأمور يطالبون إدارة المدرسة بأن تكون أكثر صرامة، فقد كانوا متشككين من جدوى ذلك النمط التعليمي في البداية، حيث لا يرى معظم الآباء التعليم أمراً ممتعاً.
وبحسب بيرميتا سارما، فمن ضمن الصعوبات أيضاً أن معظم المشاركين كانوا عمالاً في المحاجر، وفي غيرها من الأعمال، وذلك لإعالة أسرهم «لكننا أقنعناهم وأولياء أمورهم بالتسجيل في المدرسة، والمشاركة في جميع أنشطتها»، مضيفة أن الآباء أدركوا تدريجياً إمكانات المدرسة، وأعجب الطلاب بنهجها التعليمي. الجدير بالذكر أن الطلاب يحصلون على شهادتهم من المعهد الوطني للتعليم المدرسي (NIOS).
ويراعي منهج «أكشار» الثانوي خلق توازن بين المهارات العملية والتعلم المجرد، وسوف يكتسب الطلاب المهارات من خلال المدرسة إلى أن يلتحقوا بالكلية أو التدريب المهني، أو ممارسة التجارة التي تتطلب مهارات عالية. ويقول مازن إن نسبة حضور الطلاب تزيد على 95 في المائة، خصوصاً أن المدرسة بها سيارة لنقل الطلاب من وإلى منازلهم.
ويقدم مازن وزوجته برنامج زمالة يسمي «منح أكشار»، يقوما بمقتضاها بتدريب الخريجين الموهوبين في منتدى «أكشار» لعدة أسابيع، وسيحاولان بعد ذلك تطبيقها في المدارس الحكومية الأخرى.
وتتولى مدرسة «أكشار» تدريب المدرسين بغرض إصلاح المدارس الحكومية الضعيفة، بالشراكة مع الحكومة المحلية و«التحالف التعليمي».
ومن المنتظر أن يعمل مدرسي «أكشار» مع قادة المدارس والمدرسين على تنفيذ أساليب مبتكرة لمدة عامين، بعد أن طوروا مدرسة باتت نتائجها المحسنة ظاهرة للجميع. ولدى منتدى «أكشار» خطط لتوسيع ذلك النموذج في جميع أنحاء الهند، بعد أن نجحوا في تكرار نموذجهم في إحدى المدارس الحكومية في جنوب دلهي. ويخطط القائمون على المشروع لتوسيعه، ليشمل 5 مدارس أخرى في دلهي هذا العام، لتحقيق حلم تكرار نموذج «أكشار» في 100 مدرسة خلال 5 سنوات.
وقد تم الاعتراف بتجربة «أكشار» لهذا النهج الفريد، ودعيت إدارة المدرسة لحضور اجتماعات «لجنة الأمم المتحدة للمرأة» في مدينة نيويورك، تحديداً لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة المعنية بالصحة العقلية.
واستطرد مختار قائلاً: «لقد تلقينا دعوة من نائب رئيس اللجنة، وكانت استجابتنا كبيرة، وحصلنا على تأييد وحماس كبيرين، وأمنيات بأن يكون (تمثيلنا مشرفاً)، وسمعناهم يرددن عبارة (أنتم شباب المستقبل!)».
قاربت مدرسة «أكشار» على الحصول على صفة استشاري لدى الأمم المتحدة، حيث انضمت إلى كادر متخصص يضم ممثلين عن منظمات غير حكومية تتشاور مع الأمم المتحدة بشأن تصميم ووضع المناهج الدراسية المهمة.


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.