مسلسل أميركي يحيي كارثة تشيرنوبيل ويشجع على زيارة الموقع

مسلسل أميركي يحيي كارثة تشيرنوبيل ويشجع على زيارة الموقع
TT

مسلسل أميركي يحيي كارثة تشيرنوبيل ويشجع على زيارة الموقع

مسلسل أميركي يحيي كارثة تشيرنوبيل ويشجع على زيارة الموقع

بعد أكثر من 30 سنة، تعود قصة تشيرنوبيل لتظهر من جديد في مسلسلٍ من خمس حلقات، من كتابة كريج مازن، وهو كاتب سيناريو ومخرج أفلام أميركي، وإنتاج مشترك جمع بين شبكتي «إتش بي أو» الأميركية، و«سكاي» البريطانية.
مسَّ مسلسل «تشيرنوبيل» الذي عرضته قناة «إتش بي أو»، وتراً حساساً، نظراً لتقديمه مزيجاً من الأحداث الحقيقية والروايات الخيالية، عندما عُرِض الربيع الحالي. تذكر الناس حالة الصمت التي انتابت المسؤولين السوفيات في ذلك الوقت، بعد أن آثروا التكتم وعدم الاعتراف بالكارثة، مما أدى إلى اهتزاز ثقة الناس في قدرتهم على إبلاغهم بالحقيقة، وأثارت القوة التدميرية للطاقة النووية ذكريات كارثة «فوكوشيما» النووية في اليابان عام 2011، والتهديدات النووية المتبادَلَة بين الرئيس ترمب وكيم جونغ أون في كوريا الشمالية، منذ وقت ليس ببعيد. إن الاهتمام بالمسلسل نفسه يعكس بعض المناقشات السياسية الكبرى في عصرنا: الحقيقة في مواجهة الأكاذيب، وروسيا مقابل الغرب، وإدراك أن الكوارث يمكن أن تتجاوز الحدود بسهولة.
وقد سلَّط الإنتاج الدرامي الأميركي الأخير الضوء على الاتجاه الذي ينظر إليه البعض بقدر كبير من الريبة؛ ففي عام 2012، تابع المشاهدون في جميع أنحاء العالم زيارة مجموعة من السياح إلى موقع تشيرنوبيل في فيلم بعنوان «مذكرات تشيرنوبيل»، وحوَّل الإنتاج الأميركي الموقع الرديء إلى خلفية قصة رعب خيالية، حيث يصطدم السياح المغامرون ببعضهم البعض، لا بمسوخ بشرية. وبفضل هذا المسلسل قد تكون بلدة تشيرنوبيل الأوكرانية في الطريق لأن تصبح الوجهة السياحية الأبرز لعام 2019، وبسببه زادت أيضاً حجوزات الرحلات إلى موقع الكارثة، وإلى البلدة المجاورة التي هجرها الناس عقب الانفجار النووي الذي هز العالم عام 1986. فحسب سيرجي أيفانشوك، مدير وكالة «سولو إيست ترافل» السياحية التي تتولى تنظيم رحلات إلى محطة الطاقة النووية والمناطق المحيطة بها، فإن حجوزات الرحلات لشهر مايو (أيار) للعام الحالي، جاءت أعلى بنسبة 30 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي.
وعادة ما يتجه الزوار إلى بلدة بريبيات المهجورة، القريبة من محطة توليد الكهرباء التي أُخليت في غضون ساعات من الكارثة، وإلى مواقع أخرى، بما في ذلك محطة الطاقة السابقة نفسها، حيث تعتبر مستويات الإشعاع آمنة، لكن المنطقة المحيطة بمحطة توليد الكهرباء لا تزال غير مأهولة إلى حد كبير.
ومن المرجَّح أن يتسبب تدفق السياح على تشيرنوبيل في إثارة جدال آخر، وهو كيف لنا أن نحيي ذكرى كارثة مِن صُنع الإنسان بحجم «تشيرنوبيل» من دون تحويل الموقع، الذي عرّض مئات الآلاف إلى الإشعاع، إلى حديقة ترفيهية للمغامرات؟
شركة واحدة على الأقل أعلنت عن تنظيم رحلة تحت عنوان «إتش بي أو» مقابل 185 دولاراً للشخص الواحد «لتكشف خلالها عن الأسرار والقصص الحقيقية للأحداث التي وقعت في ذلك الحين»، حسبما كتبت الشركة في إعلانها. وتتضمن الرحلة «ركوب دورية مدرعة هي ذاتها التي استقلها المحققون عام 1986 أثناء التحقيقات التي جرت لقياس كميات الإشعاع، ومن ثم تناول وجبة غداء على الطاولة نفسها التي كان العاملون في المحطة يتناولون فيها غداءهم بمقصف محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية».
جدير بالذكر أن كارثة تشيرنوبيل تُصنف عالمياً كأسوأ كارثة للتسرب الإشعاعي والتلوث البيئي شهدتها البشرية. ففي تاريخ 26 أبريل (نيسان) 1986، وقعت الكارثة التي هزَّت أخبارها العالم بأثره، وذلك في القسم الرابع من مفاعل محطة تشيرنوبيل بالقرب من مدينة بريبيات في أوكرانيا، التي كانت ضمن المنظومة السوفياتية في ذلك التاريخ.
وتسبب الانفجار بمقتل وإصابة عشرات الآلاف. ولم تخرج حينها الأخبار بكل دقة للإعلان والكشف عما حدث بشفافية، وذلك لطبيعة النظام في الاتحاد السوفياتي الذي كان متكتماً على كشف الحقائق كما هي.


مقالات ذات صلة

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انطلق عرض الموسم الثاني من «Squid Game» قبل أيام (نتفليكس)

«الحبّار 2» يقع ضحيّة لعبته... المسلسل العائد بعد 3 سنوات يخسر عنصر الدهشة

بعض المسلسلات لم يُكتب لها أن تفرز مواسم جديدة، إنما عليها الاكتفاء بمجد الموسم الواحد. لكن يبدو أن فريق «لعبة الحبّار» لم يستوعب هذا الأمر.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق طه دسوقي من مسلسل «حالة خاصة» (الشركة المنتجة)

مصر: «البطولة المطلقة» تعانق فنانين شباباً للمرة الأولى في 2024

شهدت خريطة الفن المصري على مدار عام كامل في 2024 العديد من المتغيرات على مستوى بطولة الأفلام والمسلسلات.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق إنجي المقدّم قدَّمت أدواراً درامية عدّة (فيسبوك)

إنجي المقدم: «كاميليا» الشريرة في «وتر حساس» غيَّرت جلدي الفنّي

عن شخصيتها بعيداً عن التمثيل، أكدت إنجي المقدّم أن أسرتها تشكّل أولوية، فهي تحبّ البقاء في البيت، لكونها ليست اجتماعية أو منطلقة، فتفضل الطبخ وصنع الحلويات.

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».