أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

بطلة «المهرّج» لـ«الشرق الأوسط»: لم يُخيّط أحدٌ مسلسلاً على مقاسي

تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)
تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)
TT

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)
تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

مِن إدراكها ما تريده بالفعل، ترمق أمل بوشوشة هذه الأيام بنظرة رضا عن النفس. تتوقّف عند ما مرَّ وترى أنه عزَّز تجربة تراكمية تتيح إحساسها بالاكتفاء ولَمْسها النضج المخوِّل اختيار المناسب. تقول إنه ليست مرارة اعترافها بأنّ أحداً لم يُخيِّط مسلسلاً على مقاساتها، أو يكتب خصوصاً من أجلها. كانت أمام عروض تحتمل دائماً القبول أو الرفض. وإن كان لا بدَّ من النظر إلى السنوات الخمس الأخيرة، أو حتى العام الماضي؛ تتأكد الفنانة الجزائرية المقيمة في لبنان من أنها صنعت عصارة خياراتها؛ وخلالها قطعت ما تسمّيه «الشوط الكبير» نحو الذات.

ترمق أمل بوشوشة هذه الأيام بنظرة رضا عن النفس (حسابها في «فيسبوك»)

لكنَّ عدم الحَبْك على المقاس جعلها تكتفي بقراءة دورها والتمعُّن فيه دون سواه من أدوار وسياقات. تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ المرحلة السابقة اتّسمت بالتركيز المكثَّف على شخصيتها فقط، لتضمن الإتقان، خصوصاً اللهجة. اليوم تقول: «تختلف الأمور. أصبح المسلسل كُلّاً بالنسبة إليّ. أقرأ تفاصيله وما ينتظر الممثلين. أمنح جميع الأدوار اهتمامي وتركيزي».

ذلك مردُّه إلى نضج يشمل المهنة بعد أن يلفح مناحي الحياة. تتعامل معه على أنه مُسيِّرها نحو المكانة المُشتهاة. وبه تجيد العبور إلى ما يمنحها الاكتفاء ويخوّلها اقتناص الفرصة. ولعلَّ دورها في مسلسل «المهرّج» يصبّ هنا. يُخرجها من مساحتها الآمنة إلى حيث يحلو اللعب بالنار.

دورها في «المهرّج» يُخرجها من مساحتها الآمنة (حسابها في «فيسبوك»)

تُغريها التركيبة، إذ يتجدّد اللقاء مع باسم ياخور في البطولة، هذه المرة أمام كاميرا رشا شربتجي: «أردتُ أن أخرُق. فالشخصية فرضت تجاوزي تحفّظات تمسّكتُ بها في أدوار سابقة، منها مثلاً رفضي التدخين في مشهد. إنه النضج الذي افتتحتُ به الحديث. على الدور أن يصل ببُعده ورسالته. في النهاية، أنا ممثلة. علّمتني المهنة الفصل بين الدور والحياة. إنْ أدّيتُ شخصية قاتلة متسلسلة، فذلك لا يعني أنني أقتل. الخبرة المهنية تتدخَّل لتُبدِّل مفهوم الدور مع العُمر. أنا اليوم غيرُها أمل الممثلة قبل 10 سنوات، خصوصاً أنني لستُ خرّيجة معهد. الحياة تصقل خبرتي لأقود الشخصية».

يشغلها ألا تكرّر دوراً أو تقع في نمط. تعلم أنّ المهنة قد تبدو جاحدة، أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعبٍ أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها؛ ومن ذلك الصندوق الذي يُزجّ المرء به مُصوّراً له الحياة بحجم أصغر. ولمّا رأت في قراءتها للحلقة الأولى ما يُحرِّض على ترقُّب الأحداث، أبدت الموافقة. شعرت أنّ حماسةً أصابتها، ستصيب الجمهور خلال العرض. ذلك كثَّف مسؤولية إيصال الدور كما ينبغي.

تعترف بأنّ أحداً لم يُخيِّط مسلسلاً على مقاساتها (حسابها في «فيسبوك»)

تتطلّع أمل بوشوشة إلى الصداقات في موقع التصوير بوصفها احتمالاً لكسر حواجز من أجل أداء أصدق. باسم ياخور ممَن تراهم شركاء نجاح. ويستهويها ما تقدّمه رشا شربتجي «المُتعِبة»: «تَلاقي اتجاه الشخصية مع اتجاه المُخرج يُحقّق غايتها. فالممثل مهما اجتهد، ثمة ضرورة لإتمام هذا اللقاء. حين يتعلّق الأمر برشا شربتجي، أستطيع القول إنّ النتيجة عادة مضمونة. هي من الصنف المُتعِب من أجل الأفضل. للمسلسل جانب بوليسي، لكنه ليس المُسيطر تماماً. الجانب الإنساني يتحلّى بمجال. على المُخطئ أن يدفع الثمن وفق مبدأ (الكارما) القادر على خلْق البُعد الآخر».

تشعر بأنّ داخلها يستريح بعد نهاية كل عمل. ولا تكترث للكميّة بقدر شعورها بأنّ ما تقدّمه يمنحها جدوى. تقول: «لستُ أعمل آلياً، فأنهي عملاً لأُباشر آخر. هذا اللهاث لا يعنيني. عليَّ الإحساس بما أقدّمه، عوض جَعله ينبع من كونه وظيفة. لستُ أمثّل من أجل جَمْع المال. إننا نعمل تحت ضغط الظرف القاهر؛ نلتقط الأنفاس من المشهد الأول حتى الأخير خشية تطوّرات محلّية أو إقليمية مفاجئة قد تفرض الإرجاء أو الإلغاء. شعوري بالمسؤولية يفرض التروّي وتقبُّل الاستراحة. ثم أقرأ المعروض عليَّ وفق موضوعه، فأوافق أو أعتذر. أحكُم نفسي بتقديم ما يليق بي وبمَن يُشاهد».

ترى أمل بوشوشة أن على الدور أن يصل ببُعده ورسالته (حسابها في «فيسبوك»)

يُخبرها النضج أنّ الرقم واحد، طوال الوقت، كذبة: «قد لا يكون النجاح ساحقاً في كل مرة. وربما يلوح إخفاق ما، فنتراجع. ذلك يحفِّز على انطلاقة أهم، في التمثيل ومهن الحياة».

ويغمرها اكتفاء مردُّه العائلة وما يتحقّق بقناعة. لا بالقوة ولا بالمطاردة غير المتكافئة. تجذب ما هو لها، وتتطلّع إلى الآتي في الوقت المناسب: «في جعبتي كثيرٌ سيخرج في موعده. ضبطُ التوقيت على إيقاع الذات، لا الآخرين، يقلب المعادلات».


مقالات ذات صلة

الفائزون بجوائز «بافتا»... دليل الجمهور إلى أفضل أفلام السنة

يوميات الشرق «كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية

الفائزون بجوائز «بافتا»... دليل الجمهور إلى أفضل أفلام السنة

مواضيع دسِمة وممثلون من العيار الثقيل، على هذا الأساس اختارت «البافتا» الأفلام المستحقة جوائزها السينمائية.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ديمي مور ومارغريت كوالي بطلتا فيلم The Substance المرشح إلى 5 جوائز أوسكار (إنستغرام)

كيف استرجعت ديمي مور شبابها السينمائي في الـ62 من العمر

تنافس الممثلة الأميركية ديمي مور للمرة الأولى على أوسكار أفضل ممثلة عن فيلم The Substance بعد عقودٍ أمضتها في الخيارات السينمائية الخاطئة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

افتتاح مهرجان برلين السينمائي بفيلم عن لاجئة سورية

يفتتح المخرج الألماني توم تيكوير مهرجان برلين السينمائي الخميس بفيلم درامي عن لاجئة سورية تصبح مدبرة منزل لعائلة ألمانية، في ظل حملة انتخابية تتمحور حول الهجرة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
ثقافة وفنون مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

افتتاح مهرجان برلين السينمائي بفيلم عن لاجئة سورية

يفتتح المخرج الألماني توم تيكوير مهرجان برلين السينمائي الخميس بفيلم درامي عن لاجئة سورية تصبح مدبرة منزل لعائلة ألمانية، في ظل حملة انتخابية تتمحور حول الهجرة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الفنان اللبناني جورج خباز والممثلة الألمانية هانا شيغولا في فيلم «يونان» المرشّح لجائزة الدب الذهبي (إنستغرام)

جورج خبَّاز و«يونان» ينافسان على «الدب الذهبي»

يسافر الفنان اللبناني جورج خباز بعد أيام إلى برلين للمشاركة في مهرجانها السينمائي، حيث ينافس فيلم «يونان» الذي أدَّى بطولته على جائزة «الدب الذهبي» العريقة.

كريستين حبيب (بيروت)

الأرض «ستختنق»... كيف سيقضي نقص الأكسجين على الحياة على كوكبنا؟

الانخفاض الشديد في مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي قد يخنق معظم أشكال الحياة على الأرض (رويترز)
الانخفاض الشديد في مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي قد يخنق معظم أشكال الحياة على الأرض (رويترز)
TT

الأرض «ستختنق»... كيف سيقضي نقص الأكسجين على الحياة على كوكبنا؟

الانخفاض الشديد في مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي قد يخنق معظم أشكال الحياة على الأرض (رويترز)
الانخفاض الشديد في مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي قد يخنق معظم أشكال الحياة على الأرض (رويترز)

كشفت دراسة جديدة عن أن الانخفاض الشديد في مستويات الأكسجين قد يخنق معظم أشكال الحياة على الأرض.

ومن المحتمل ألا يحدث هذا قبل مليار سنة أخرى، ولكن حين يحدث، فسيكون ذلك بسرعة كبيرة، حسب ما نقله موقع «ساينس آليرت» العلمي.

وسوف يعيد هذا التحول الكوكب إلى ما يُشبه الحالة التي كان عليها قبل ما يُعرف بـ«حدث الأكسدة العظيم» (GOE) منذ نحو 2.4 مليار سنة، وهي الفترة الزمنية التي شهد فيها الغلاف الجوي للأرض ارتفاعاً في الأكسجين للمرة الأولى.

ووضع فريق الدراسة، التابع لجامعة توهو في اليابان، نموذجاً لكيفية تغير الغلاف الجوي للأرض بشكل مطرد.

وقال الفريق إن زيادة تدفق الطاقة من الشمس في أثناء سطوعها، والاحتباس الحراري والزيادة المستمرة في درجات الحرارة على الأرض، والانخفاض في مستويات ثاني أكسيد الكربون (الذي يعني انخفاض عدد الكائنات الحية التي تقوم بالتمثيل الضوئي)؛ هي كلها عوامل ستؤدي في النهاية إلى نقص شديد في مستويات الأكسجين على الكوكب، وستقضي في النهاية على أشكال وعلامات الحياة في الكون.

وأوضحوا قائلين، في دراستهم التي نُشرت في مجلة «نيتشر»: «عند هذه النقطة، سيكون هذا هو نهاية الطريق بالنسبة إلى البشر ومعظم أشكال الحياة الأخرى التي تعتمد على الأكسجين بشكل أساسي».

وأكد الفريق أنه يأمل أن يتوصل العلماء في مرحلة ما خلال المليار سنة المقبلة إلى كيفية الخروج من الكوكب والذهاب إلى كوكب آخر بديل صالح للعيش.