ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية حول الأراضي» لتسوية النزاع مع روسيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)
TT

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية حول الأراضي» لتسوية النزاع مع روسيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، بأنه على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي»؛ لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك»؛ بحثاً عن تسوية للنزاع بعد الغزو الروسي لبلادهم في 2022.

وقال ماكرون، في كلمة ألقاها بمناسبة الاجتماع السنوي للسفراء الفرنسيين في باريس، إن «على الولايات المتحدة الأميركية مساعدتنا لتغيير طبيعة الوضع، وإقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات»، في حين يتحتم على الأوروبيين «إيجاد ضمانات أمنية» لأوكرانيا، وعَدَّ أن ذلك «مسؤوليتهم في المقام الأول».

ومدّ الرئيس الفرنسي غصن الزيتون للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، معلناً أن فرنسا «حليف قوي» أثناء عرضه رؤيته للدبلوماسية العالمية في عام 2025 خلال خطابه بمناسبة العام الجديد أمام السفراء الفرنسيين، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)

وعارض ماكرون تعهد حملة ترمب بالتوصل إلى تسوية سريعة في أوكرانيا، محذراً من أنه «لا يوجد حل سريع وسهل في أوكرانيا». كما سلّط الضوء على المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة، قائلاً: «يعرف الرئيس الأميركي الجديد نفسه أن الولايات المتحدة ليست لديها فرصة للفوز بأي شيء إذا خسرت أوكرانيا».

وحذّر الرئيس الفرنسي أيضاً من تسوية الحرب في أوكرانيا بسبب التعب، عادّاً أن «مصداقية الغرب سوف تتحطم إذا تنازلنا بسبب التعب»، مضيفاً أن استسلام أوكرانيا سيكون كارثياً - ليس فقط لأوروبا، بل وأيضاً لمصداقية الولايات المتحدة.

أوكرانيون يشاركون بمراسم جنازة عالم الأعصاب إيغور زيم وزوجته عالمة الأحياء أوليسيا سوكور اللذين قُتلا خلال غارة روسية في الأول من يناير 2025 بكييف (أ.ب)

حليف قوي

وقال ماكرون في قصر الإليزيه: «يعلم دونالد ترمب أن لديه حليفاً قوياً في فرنسا، وهو حليف لا يُستهان به، وهو حليف يؤمن بأوروبا، ويحمل طموحاً واضحاً للعلاقات عبر الأطلسي»، مؤكداً التزام فرنسا بتعزيز التعاون مع حث الدول الأوروبية على تعزيز وحدتها وقدرتها على الصمود.

وحذّر قائلاً: «إذا قررنا أن نكون ضعفاء ومنهزمين، فلن تكون هناك فرصة كبيرة لأن تحترمنا الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس ترمب».

وحدّد خطاب ماكرون، أولويات السياسة الخارجية الفرنسية، التي تشمل حرب أوكرانيا والدفاع الأوروبي والشرق الأوسط.

وبينما مد ماكرون غصن الزيتون لترمب، وجّه انتقادات حادة لقطب التكنولوجيا إيلون ماسك، وهو حليف معروف لترمب، لترويجه لما وصفه بحركة «دولية رجعية جديدة»، من خلال منصته للتواصل الاجتماعي «إكس».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لدى وصوله إلى اجتماع في قصر الإليزيه بباريس خلال احتفالات إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام 7 ديسمبر 2024 (رويترز)

انتقاد تدخلات إيلون ماسك

دون تسمية ماسك بشكل مباشر، أشار ماكرون إلى دعمه المزعوم لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف وتدخله الزائد في الانتخابات الأوروبية.

وقال ماكرون: «من كان يتخيل، قبل عشر سنوات، أن مالك إحدى أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم سيتدخل بشكل مباشر في الانتخابات، بما في ذلك في ألمانيا؟».

وحذّر ماكرون من المخاطر التي تشكلها السلطة غير المقيدة في أيدي مليارديرات التكنولوجيا، والتأثير المزعزع للاستقرار، الذي يمكن أن تحدثه على المؤسسات الديمقراطية.

وصف ماكرون نفوذ ماسك بأنه تحدٍ للقيم الديمقراطية في أوروبا، مما يعزز الحاجة إلى الوحدة الأوروبية والمرونة ضد الاضطرابات الخارجية.

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتي «سبيس إكس» و«تسلا» ومالك «إكس» في بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا الأميركية 6 مايو 2024 (رويترز)

التهديد الإيراني

وتناول ماكرون مجموعة من القضايا الدولية الملحة، وحدّد إيران بوصفها «التحدي الاستراتيجي والأمني ​​الرئيس» في الشرق الأوسط. وأشار إلى البرنامج النووي المتسارع لطهران بوصفه تهديداً عالمياً وشيكاً، محذراً من أن العالم «قريب بشكل خطير من نقطة الانهيار».

وفيما يتعلق بسوريا، كرّر ماكرون التزام فرنسا الطويل الأمد بدعم التحول الديمقراطي، وتعهد بالبقاء مخلصاً للمقاتلين الأكراد الذين يقاتلون الإرهاب، ووفق ماكرون «يجب أن تظل مكافحة الإرهاب في صميم أولوياتنا»، مؤكداً دعم فرنسا لحلفاء مثل الأكراد، بينما دعا إلى «سوريا ذات سيادة وتعددية».

إيرانيون يسيرون أمام لوحة إعلانية تحمل صور قادة تم اغتيالهم من «محور المقاومة» في طهران 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية

وفي انتقاد حاد لاعتماد أوروبا على تكنولوجيا الدفاع الأميركية، حثّ ماكرون الدول الأوروبية على تعزيز قدراتها الصناعية. وحذّر من أنه «إذا اعتمدنا على القاعدة الصناعية الأميركية لأمننا، فسوف نواجه معضلات استراتيجية قاسية ومذنبة».

كما تناول ماكرون اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور (وهي سوق مشتركة في أميركا الجنوبية)، مشيراً إلى نية فرنسا الدفع نحو التزامات متماسكة.

وقد تعرضت الاتفاقية المقترحة، التي تهدف إلى خفض التعريفات الجمركية، وتعزيز التجارة بين الاتحاد الأوروبي ودول أميركا الجنوبية، لانتقادات بسبب تأثيراتها البيئية والزراعية المحتملة.

وأكدت تصريحات ماكرون على التوازن الدقيق الذي تقوم به فرنسا على الساحة العالمية، وذلك بالتعاون مع الحلفاء القدامى مع الحفاظ على السيادة الأوروبية.


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً في منطقة باريس، بمستشفى نقل إليه قبل أسابيع.

وقالت عائلته في بيان تلقّته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنّ جان ماري لوبن توفي ظهر الثلاثاء، محاطاً بأفراد الأسرة».

جان ماري لوبن (رويترز)

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لليمين المتطرف» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو 70 عاماً... جزءاً من التاريخ».

وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، الذي زارته تضامناً بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجياً من الحياة السياسية، بداية من عام 2011، عندما توّلت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.

وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية. وفي يونيو (حزيران) كشف تقرير طبي «تدهوراً كبيراً» في حالته الجسدية والنفسية، صار معه عاجزاً عن «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين، التي جرت في باريس بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يفحص علبة حلوى داخل متجر «هايبركاشر» اليهودي في باريس (أ.ف.ب)

ومنتصف نوفمبر أُدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى، ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس، قرب منزله في رواي مالميزون. وأعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضراً، الثلاثاء، أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد 10 سنوات من هجمات يناير (كانون الثاني) 2015.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته خلال إحياء ذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» (أ.ب)

وكان جان ماري لوبن خطيباً مفوَّهاً ومحرضاً مثيراً للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

«الجبهة الجمهورية»

لكنه لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيساً، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل (نيسان) 2002، عندما كان عمره 73 عاماً بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات. وكان لهذا الانتصار جانب سلبي؛ فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.

لم يُعبر الرجل المتصلب مطلقاً عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء؛ بدءاً من عدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية، وعدم المساواة بين الأعراق؛ مروراً بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.

وبعد 22 عاماً، ففي حين فاز حزب «التجمع» الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيراً، لكنّه تحطّم على صخرة «الجبهة الجمهورية».

كان جان ماري لوبن متزوجاً من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجدداً من جاني لوبن. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».

وحيّاه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في «الهند الصينية» والجزائر، وعبّر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس»: «إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل، لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها».

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن جان ماري لوبن، و«بعيداً عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر... عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».