مومياء نفرتيتي... رحلة بحث وتنقيب مصرية لا تتوقف

تحليل الحمض النووي قد يكشف أخيراً لغز الملكة الجميلة

نفرتيتي
نفرتيتي
TT

مومياء نفرتيتي... رحلة بحث وتنقيب مصرية لا تتوقف

نفرتيتي
نفرتيتي

ما زالت الملكة الفرعونية الجميلة «نفرتيتي» لغزاً يحير علماء المصريات، يحاولون فك طلاسمه بحثا عن مقبرتها السرية، أو حتى موميائها، وكل فترة يخرج أحد علماء الآثار بنظرية جديدة حول مكان مقبرة أو مومياء الملكة الجميلة، لكن أحداً منهم لم يستطع إثبات نظريته حتى الآن، لتظل «نفرتيتي» لغزاً محيرا يعجز العلماء عن حله، وتسعى مصر الآن لفك هذا اللغز عبر استخدام تحليل الحمض النووي الـDNA، على أمل أن تكون مومياء نفرتيتي هي واحدة من المومياوات المجهولة من المقبرة K21.
وتمتلك مصر معملين لفحص المومياوات الأثرية باستخدام تحليل الحمض النووي «DNA» يقع الأول داخل المتحف المصري بالتحرير، والثاني بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، ويعمل بهما فريق من العلماء يضم كلا من الدكتور يحيى جاد، والدكتورة ثمية إسماعيل، والدكتور أشرف سليم، والدكتورة سحر سليم والدكتورة هنا عبد الرحمن، تحت رئاسة عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي بدأ الفريق أبحاثه على المومياوات الملكية الموجودة بالمتحف المصري بالتحرير قبل نقلها إلى متحف الحضارة، والتي توقفت خلال شهر رمضان، ومن المقرر أن تستكمل قريبا، أملا في العثور على مومياء نفرتيتي.
وقال حواس لـ«الشرق الأوسط» إن «فريق أبحاث الحمض النووي أجرى أبحاثه على المومياوتين اللتين عثر عليهما بالمقبرة رقم KV21. وهما لسيدتين إحداهما مقطوعة الرأس، وفي حالة سيئة من الحفظ جراء تأثيرات الفيضان، وتم نقلهما إلى المتحف المصري لترميمهما».
وأضاف حواس أنه «تم إجراء تحليل الحمض النووي لجنيني توت عنخ آمون، اللتين عثر عليهما بحجرة الكنز بمقبرة الملك الشاب، وهما لابنتي الملك إحداهما عمرها سبعة أشهر، والأخرى عمرها تسعة أشهر، وتبين أن هناك صلة بين المومياء مقطوعة الرأس والجنينين، مما يرجح أن هذه المومياء هي لزوجة توت عنخ آمون التي تدعى عنخ إس آمون، وهي ابنة نفرتيتي».
وتابع حواس: «أنا أعتقد أن المومياء الثانية هي للملكة نفرتيتي لأن المصري القديم اعتاد أن يدفن الأم بجوار ابنتها، وهذه كانت الحال في مقبرة رقم 35 التي عثر بها على مومياء الملكة تي جدة توت عنخ آمون، بجوار مومياء واحدة من بناتها كشفت تحاليل الحمض النووي أنها والدة توت عنخ آمون».
الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الملكة نفرتيتي وفترة حكم العمارنة هي واحدة من الفترات المليئة بالألغاز في التاريخ المصري»، مشيرا إلى أن «نفرتيتي تعد من أشهر ملكات الفراعنة، واسمها يعني «الجميلة أتت»، أو «جمال آتون الجميلة أتت»، وهي الزوجة الكبرى للملك أمنحوتب الرابع، (أخناتون)، والتي ناصرت زوجها عندما دعا لعبادة آتون إله الشمس بدلا من آمون، وانتقلت معه إلى مدينة أخت آتون (تل العمارنة بمحافظة المنيا في صعيد مصر)».
وأضاف عبد البصير أن «أبحاث الحمض النووي والأشعة تسعى إلى تكوين شجرة عائلة أخناتون»، مشيرا إلى أن «العثور على مومياء نفرتيتي يتطلب إما العثور على رفات مومياء أختها موت نجمت، أو واحدة من بناتها الست».
من جانبه قال حواس إنه «بدأ البحث عن مومياء أخت نفرتيتي واسمها موت نجمت، زوجة حور محب، والتي دفنت بمقبرته في سقارة، وعثر عليها عالم الآثار جيفري مارتن لكن رفاتها تعرض للسرقة، ولو تم العثور عليها وتحليلها ستكشف الكثير عن عائلة توت عنخ آمون»، مشيرا إلى أن «البحث لن يقتصر على إيجاد مومياء نفرتيتي، بل سيمتد للبحث عن مومياوات بناتها الخمس المفقودة، ومومياء أختها موت نجمت لمقارنتها بالمومياء الموجودة في المقبرة 21 والتأكد من هويتها».
وهناك الكثير من النظريات حول الملكة الجميلة، فالبعض يقول إنها شاركت زوجها أخناتون الحكم، والبعض الآخر يقول إنها حكمت منفردة، بعد وفاته، وقبل توت عنخ آمون، وقيل إنها اختفت في العام الـ12 من حكمه، لكن أحداً لم يؤكد نظريته، ويعد تمثالها الرأسي الجميل بمتحف برلين في ألمانيا أحد وأجمل التماثيل والأعمال الفنية التي تؤرخ لفترة العمارنة.
وهذه ليست المحاولة الأولى للبحث عن مومياء الملكة الجميلة، وقال عبد البصير إنه «كان هناك عدة نظريات حول مومياء نفرتيتي من بينها النظرية التي تبنتها عالمة المصريات جوان فليتشر التي قالت عام 2003 إن مومياء السيدة الصغيرة الموجودة بالمقبرة رقم 35 تخص الملكة الجميلة، ليأتي عالم الآثار الأميركي أتو شادن عام 2006 ويعلن العثور على سبعة توابيت في المقبرة 63. بينها تابوت لطفل صغير، وآخر لرضيع، يعتقد أنها لبنات نفرتيتي وأخناتون».
وأضاف عبد البصير أنه «بعد عدة أبحاث على مومياء السيدة الشابة في المقبرة رقم 35 تم رفض النظرية القائلة بأنها تخص نفرتيتي، ليتم الكشف في عام 2007 أن هذه المومياء هي لابنة الملك أمنحتب الثالث والملكة تي، وكذلك حلل الأثري الأميركي دونالد ريان المومياوين وتبين أنهما ليستا لنفرتيتي»، مشيرا إلى أن «الفريق المصري برئاسة حواس أجرى دراسات على المومياوين الموجودتين بالمقبرة 35 والمعروفتين بالسيدة الكبيرة والسيدة الصغيرة، وتبين أن مومياء السيدة الصغيرة لأم الملك توت عنخ آمون، وأنها واحدة من بنات الملك أمنحتب الثالث والملكة تي، الأربع، دون تحديد اسمها».
ولا تقتصر محاولات حل لغز نفرتيتي على إيجاد المومياء الخاصة بها، بل تمتد إلى العثور على مقبرتها، وظهرت نظريات تقول بأنها دفنت في مقبرة توت عنخ آمون، بوادي الملوك بالأقصر، وحاول عالم الآثار نيكولاس ريفز إثبات هذه النظرية، لكنه لم يفلح حتى الآن، وما زالت محاولات فك اللغز مستمرة.
ويسعى فريق أبحاث الحمض النووي لتأكيد هوية المومياوات الملكية، وقال حواس إن «المتحف المصري بها 28 مومياء لم يتم فحصها بعد، ومن المهم إجراء تحليلات وراثية لها لمعرفة سبب وفاتها، والتأكد من هويتها، فالأسماء الممنوحة لهذه المومياوات حتى الآن مبنية على النقوش التي كانت على التوابيت التي وجدت بها، ومن المحتمل خلال عصر الأسرة الـ21 أني يكون المصري القديم قد وضع مومياوات داخل توابيت لا تخصها، خلال نقلها لما يعرف بخبيئة المومياوات».
وأضاف أن «هذه الأبحاث ستؤكد ما إذا كان سقنن رع قد توفي خلال أول حرب بين مصر والهسكوس جراء إصابة في الرأس كما تقول الدراسات أم لا، كما أنها ستحل الجدل الدائر حول مومياء الملك رمسيس الأول التي استردتها مصر من أطلنطا، وتؤكد هويته من عدمه»، مشيرا إلى أنه «باستخدام أجهزة الأشعة وتحليل الحمض النووي عثرنا على الكثير من التمائم الذهبية المخبأة تحت لفائف المومياوات، واكتشفنا أن جميع المومياوات خضعت لعمليات تجميل لحشو الوجه بعد الوفاة حتى يبقى مشدودا».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.