التحركات الشعبية تتصاعد في وجه الحكومة اللبنانية وانعكاساتها تتجلى في قطاعات عدة

مواجهة بين العسكريين المتقاعدين وقوى الأمن... وتحذيرات من أزمة محروقات

عسكريون متقاعدون يواجهون خراطيم المياه من قوى الأمن في وسط بيروت أمس (أ.ب)
عسكريون متقاعدون يواجهون خراطيم المياه من قوى الأمن في وسط بيروت أمس (أ.ب)
TT

التحركات الشعبية تتصاعد في وجه الحكومة اللبنانية وانعكاساتها تتجلى في قطاعات عدة

عسكريون متقاعدون يواجهون خراطيم المياه من قوى الأمن في وسط بيروت أمس (أ.ب)
عسكريون متقاعدون يواجهون خراطيم المياه من قوى الأمن في وسط بيروت أمس (أ.ب)

وصلت الاعتصامات والتحركات الشعبية في لبنان إلى مرحلة غير مسبوقة أمس، رفضاً للإجراءات التي تتجه الحكومة لاتخاذها في موازنة عام 2019، والتي ستؤدي إلى خفض الرواتب ورفع الضرائب، فيما كان مجلس الوزراء يضع اللمسات الأخيرة على مشروعها في جلسته الـ16 في السراي الحكومي.
وأعلن عن انتحار عسكري متقاعد رجحت المعلومات أن يكون السبب تراكم ديونه، بينما حاول آخر إضرام النار في نفسه خلال مشاركته بالاعتصام، رفضاً للمساس بمخصصاته ورفاقه، في وقت انعكس إضراب موظفي الجمارك سلباً على أكثر من قطاع، وسادت حالة من الإرباك في صفوف اللبنانيين، نتيجة تحذيرات من نفاد المحروقات في السوق، إذا طال الإضراب المستمر منذ يوم الجمعة، ما أدى إلى زحام أمام محطات المحروقات. كما التزم موظفو الإدارة العامة الإضراب العام في مختلف المناطق اللبنانية، وأقفلت معظم المدارس أبوابها.
وأعلن أمس تجمع الشركات المستوردة للنفط، أن بعض المحطات لن تتمكن من تسلم المحروقات غداً (اليوم) بسبب اعتكاف موظفي الجمارك. ورغم تأكيد رئيس مجلس «مجموعة براكس بتروليوم» جورج براكس، أن «الكميات الموجودة في محطات المحروقات تكفي أياماً في حال استمرت عناصر الجمارك في الاعتكاف، وعدم تسليم شركات مستوردي المحروقات» فإنه أكد في تصريح لـ«وكالة الأنباء المركزية» على أهمية معالجة التقنين المصرفي في إمداد القطاع النفطي بالدولار؛ لأن شركات مستوردي النفط ترفض قبض ثمن البضاعة التي يشتريها أصحاب المحطات بالليرة اللبنانية، وتصر على القبض بالدولار، في حين يبيع أصحاب المحطات البنزين بالليرة، الأمر الذي يوقعهم في خسائر كبيرة، وبالتالي لا يمكنهم الاستمرار في ذلك؛ خصوصاً أنه يتم توزيع 5 ملايين لتر يومياً.
وبعد أسابيع من الاعتصام رفضاً لتخفيض رواتبهم، صعّد العسكريون المتقاعدون أمس من تحركاتهم، وسجلت مواجهات بينهم وبين زملائهم في الخدمة من العسكريين الذي كانوا يقومون بعملهم لحماية السراي الحكومي، ومنعهم من دخوله، وهم رغم ذلك نجحوا في الوصول إلى نقطة متقدمة على مقربة من باب السراي، إلى أن أدت المفاوضات لدخول عدد منهم ولقاء الوزراء بمواكبة العناصر الأمنية.
وبعد لقائه معهم، أكد وزير الدفاع إلياس بو صعب، أن لدى العسكريين مخاوف غير مطروحة أساساً على طاولة البحث، لافتاً إلى أن هناك زيادة 35 ملياراً كمساعدات اجتماعية وطبابة تعود بالمنفعة إلى العسكريين.
وخلال الاعتصام، أفيد عن سقوط جريح من العسكريين الذين حاولوا اقتحام السراي بعد الاحتكاك مع القوى الأمنية. وحاول أحد المعتصمين وهو مصاب بعينه، إحراق نفسه بمادة البنزين، قبل أن يتدخل بعض المعتصمين ويمنعوه من ذلك.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن عدداً كبيراً من العسكريين المتقاعدين (وهم عسكريون وضباط)، توجهوا إلى أمام السياج الفاصل بين ساحة رياض الصلح والسراي الحكومي، وخاطبوا العسكريين في الخدمة العسكرية، شارحين لهم أن «القرارات التي ستصدر في الموازنة ستطالهم قبل زملائهم المتقاعدين».
في موازاة ذلك، وفي اليوم الرابع لإضراب الجمارك، بدأت الآثار السلبية لهذا التحرك تنعكس على أكثر من قطاع، إذ وإضافة إلى المحروقات، استنكر رئيس تجمع المزارعين في البقاع إبراهيم الترشيشي الإضراب الذي تنفذه مديرية الجمارك، معتبراً أنه «عمل تخريبي للقطاعات الإنتاجية كلها، وخصوصاً القطاع الزراعي».
وقال: «هناك بضائع وصلت إلى نقطة المصنع الحدودية منذ يوم الخميس الماضي، وبقيت حتى اليوم الاثنين معطلة ومركونة، ما أدى وسيؤدي إلى تلفها في حال توزيعها في السوق اللبنانية، أو في حال عبورها من لبنان إلى أي بلد آخر، وهناك أكثر من 150 شاحنة متوقفة، وهذا الأمر كله يؤدي إلى تعطيل قطاع النقل وعمليات التصدير كافة، ويؤدي إلى أضرار في العلاقات بين التجار اللبنانيين والتجار في الخارج، نتيجة عدم الالتزام بالمواعيد المحددة للبضائع، إضافة إلى تلف البضائع وتعرضها للاهتراء».
وأضاف: «أما بالنسبة للعمل على المرفأ فحدث ولا حرج، فهناك أكثر من ألفي حاوية بحاجة إلى العبور من وإلى الأسواق الداخلية والخارجية، ولا يستطيع المصدر أو المستورد تحمل مصاريف الأرضية وكهرباء وتعطيل الشاحنة، وتأخير مسار البواخر وغيرها».
وقال: «هناك أكثر من 40 شاحنة تحتوي على خضراوات وفواكه وأدوية زراعية وأسمدة، ونحن بأمس الحاجة إليها، وكلها محجوزة، ومعرضة أيضاً للتلف في حال الاستمرار في الإضراب، بالإضافة إلى الفوضى وإعادة جدولة المواعيد للاستيراد والتصدير».
وأكد الترشيشي أن «إضراب الجمارك يؤدي إلى ضرر فادح وكارثي على القطاع الزراعي»، وقال: «إن شركات النفط لم توزع اليوم المازوت، ونحن بحاجة إلى هذه المادة في عملية ري حقولنا».
من جهتها، ناشدت نقابة الصرافين في لبنان، في بيان: «مجلس الوزراء ووزير المالية علي حسن خليل، التدخل لاستثنائنا من قرار اعتكاف إدارة الجمارك، التي ينفذ العاملون فيها منذ الجمعة الماضي اعتكافاً، رفضاً للمس بمخصصاتهم وتعويضاتهم، ضمن مشروع موازنة عام 2019، شأنها في ذلك شأن الدواء والمواد الأساسية الأخرى التي لا يمكن حظرها».
وأشارت إلى «مزيد من المضاعفات السلبية التي قد تشهدها الأسواق المالية بفعل هذا القرار، الذي يوقف عمل الصرافين، ويؤدي إلى عدم توفر السيولة من دولار وغيره من العملات الأجنبية، وإلى التهافت على المصارف طلباً للنقد الأجنبي والسيولة من جهة أخرى».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.