العسل... تأثيرات متعددة مضادة للميكروبات

خصائص صحية متنوعة في التغذية ومعالجة الأمراض

العسل... تأثيرات متعددة مضادة للميكروبات
TT

العسل... تأثيرات متعددة مضادة للميكروبات

العسل... تأثيرات متعددة مضادة للميكروبات

أظهرت نتائج التجارب والدراسات العلمية والطبية التي أجريت على العسل خلال العقود الماضية، أنه يمتلك خصائص تصنفه كمادة قد تكون ذات تأثير مُطهّر ومضاد للميكروبات، وخافض للحرارة، ومضاد للالتهابات، ومضاد للسموم، ومُهدئ ومُسكن، ومضاد للأكسدة.

- تأثيرات العسل
كما دلت تلك النتائج على أن العسل يُمكن أن يُسهم في التئام وتطهير أنواع من الجروح والقروح الخارجية. كما أنه قد يعزز معالجة جفاف الجسم حال تناوله، مع تعويض الجسم بالسوائل، ويُسهّل الهضم، ويحفز المناعة.
ثمة اليوم أكثر من 300 نوع من العسل الطبيعي في العالم. ويأتي هذا التنوع في العسل من أنواع رحيق الأزهار المختلفة في شتى المناطق، التي يجمعها النحل ويُنتج العسل منها في نهاية المطاف.
وأحد الجوانب المثيرة للاهتمام العلمي، هو تأثيرات العسل المقاومة للميكروبات، وتأثيراته على تفاعلات جهار مناعة الجسم. والتي من تطبيقاتها الإكلينيكية موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام أنواع من العسل في إعداد «غطاء جروح طبي» (Wound Dressing)، وفق مواصفات علمية وإنتاجية محددة، لمعالجة القروح الجلدية الملتهبة بالميكروبات وتسهيل شفائها، وذلك تحت الإشراف الطبي.

- خصائص صحية
ثمة عدة آليات لنشاط العسل المضاد للميكروبات، وهي وإن كانت آليات شديدة التعقيد ولا تزال غير معروفة بشكل كامل للباحثين العلميين، فإنه تم إثبات أن كثيراً من مكونات هذا المنتج يلعب دوراً حاسماً في خواصه المضادة للميكروبات. وتشمل:
- تدنى كمية الماء فيه؛ حيث يُعد اللون والرائحة والنكهة من الخصائص الحسية الرئيسية للعسل، والتي يتم تحديدها بشكل أساسي من خلال الأصل النباتي للعسل، وكذلك بواسطة ظروف المعالجة والتخزين. وأجود أنواع العسل الطبيعي هو الذي تتدنى فيه كمية الماء بالأصل، أي إلى أقل من 17 في المائة من نسبة وزنه.
وزيادة محتوى الرطوبة بمقدار يفوق الحد الأقصى المسموح به، يمكن أن يؤدي إلى تلف العسل، مما يؤثر على خصائصه. وكلما زاد محتوى الماء في العسل، زاد احتمال تلفه وتغير نكهته ولونه وفقده لخصائصه الصحية الإيجابية. وبالتالي، فإن محتوى رطوبة العسل هو عامل مهم لجودته؛ لأنه يؤثر على ثبات العسل ومقاومته للتلف الميكروبي أثناء التخزين.
ويلعب التحليل الفيزيائي الكيميائي لمحتوى الرطوبة وحموضة العسل دوراً مهماً في تحديد الخاصية المميزة للعسل، والتقييم النهائي لجودته.
- التركيز العالي للسكريات؛ حيث تشكل السكريات نحو 80 في المائة من وزن هذا المنتج. ويعمل هذا التركيز العالي من السكريات على صناعة بيئة ذات ضغط أسموزي عالٍ (High Osmotic Pressure)، الأمر الذي يُزيل ويقضي على الكائنات الحية الدقيقة، ويمنع تكاثرها، وخصوصاً البكتيريا التي هي بالأصل حساسة للضغط الأسموزي العالي، نظراً لقابلية وسهولة نفاذ الماء من خلال الغشاء المغلف لها. وللتوضيح، فإن الضغط الأسموزي هو شيء يتعلق بنسبة وجود مواد معينة في مزيج ما، وإذا كان الضغط الأسموزي مرتفعاً في هذا المزيج، فإنه يجذب الماء كي يدخل إليه. أي أن المزيج ذا الضغط الأسموزي العالي، ترتفع قدرته على سحب الماء من الأشياء المحيطة به التي تحتوي على الماء.
وعند إحاطة البكتيريا بالعسل (وهو ذو ضغط أسموزي عالٍ) سيخرج الماء من داخل البكتيريا لا محالة إلى مزيج العسل المحيط بها، وبالتالي يعتري البكتيريا جفاف شديد يؤدي إلى موتها وعدم إعطاء الفرصة للتكاثر. وهذه الوسيلة للقضاء على البكتيريا، هي وسيلة طبيعية بسيطة يُوفرها العسل، ولا تعتمد هذه الوسيلة بالذات على وجود أي مركبات كيميائية معقدة أو ذات قدرات متقدمة في القضاء على البكتيريا؛ بل إنه مجرد التركيز العالي للسكريات في العسل وتدني كمية الماء فيه.

- درجة حموضة العسل
تعتمد حموضة العسل على وجود التركيز العالي لعدد من الأحماض العضوية فيه، وخصوصاً حمض الغلوكونيك، وعدداً من الأحماض الأمينية التي يتجاوز عدد أنواعها 18 نوعاً، إضافة إلى الأحماض العطرية التي تُساهم في تكوين نكهة العسل.
كما أن حموضة أي عسل ترتبط بشكل مباشرة بمصادر الأزهار التي تم إنتاجه منها. ويتم قياس الحموضة على مقياس من 1 إلى 14 درجة، ويُسمى مقياس درجة الحموضة «pH Scale». ولدى رقم 7 تكون درجة الحموضة في المادة محايدة. وكل زيادة في الرقم لها قيمة في درجة الحموضة. والمادة التي درجة حموضتها 2، أشد حموضة من المادة التي درجة حموضتها 3 بمقدار 10 مرات، وأشد حموضة من المادة التي درجة حموضتها 4 بمقدار 100 مرة. ولذا فإن درجة حموضة الليمون 2.4، والبرتقال والكرز 4. أما العسل فتتراوح الدرجة ما بين 3.9 و6.1، والجزر 5، والذرة 6، والبيض 8.
ونظراً لوجود عدد من المركبات الكيميائية الأخرى في العسل، كالتركيز العالي للسكريات فيه والمركبات العطرية، لا يشعر أحدنا بدرجة الحموضة تلك للعسل الطبيعي. وحموضة العسل الشديدة هي أحد العوامل المهمة في قدرات العسل على مقاومة وجود ونمو الميكروبات.

- مواد مضادة
- مادة ديفنسين – 1؛ حيث يفرز النحل من غدده البلعومية ببتيد مادة ديفنسين - 1 البروتينية، وهي من مكونات غذاء الملكة، والتي تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على صحة يرقات النحل. وتمتلك هذه المادة قدرات نشطة ضد البكتيريا، وتعتبر من المضادات الحيوية الطبيعية. وتعمل هذه المادة على استهداف «نفاذية الأغشية» (Permeabilization) في البكتيريا، ما يعيق نشاط إنتاج الحمض النووي (دي إن إيه) في الخلية البكتيرية، وبالتالي منع تكاثرها أو استمرار حياتها. كما يُنتج النحل ما لا يقل عن ثلاثة ببتيدات أخرى مضادة للجراثيم، كمكونات مهمة لجهاز المناعة الفطري له.
- مادة أوكسيديز الغلوكوز (Glucose Oxidase)، وهي عبارة عن إنزيم مؤكسد، أي يعمل على تحفيز أكسدة الغلوكوز، كي ينتج لنا حمض الغلوكونيك. وينتج لنا أيضاً مادة بيروكسيد الهيدروجين (H2O2). وتقدم ذكر دور حمض الغلوكونيك في تكوين حموضة العسل، التي تسهم في خصائص العسل المقاومة للميكروبات. أما مادة بيروكسيد الهيدروجين فهي عامل ذو قوة عالية في الفتك بالبكتيريا.
ويتم إنتاج إنزيم أوكسيديز الغلوكوز في الغدد اللعابية لنحل العسل، وإدخاله إلى الرحيق الذي تم جمعه.
ومن المثير للاهتمام، أن هذا الإنزيم موجود، ولكنه غير نشط في العسل الناضج، ولكن عندما يتم تخفيف العسل بالماء، وخصوصاً الماء الدافئ، يستعيد هذا الإنزيم نشاطه، ويبدأ في إنتاج مادة بيروكسيد الهيدروجين التي هي عامل الحماية الرئيسي ضد الميكروبات.
ولذا فإن إنتاج مادة بيروكسيد الهيدروجين من العسل يعد أمراً حاسماً بالنسبة لإمكانية استخدام العسل كمضاد للميكروبات، في علاج التهابات الجلد والأنسجة الرخوة أو الجروح المصابة، أو القضاء على البكتيريا المسببة للأمراض الموجودة في الحلق أو اللوزتين أو داخل الجهاز التنفسي العلوي، أو البكتيريا الحلزونية (Helicobacter pylori) الموجودة في المعدة البشرية. ولكي يتم إنتاجه بكمية كافية، يجدر مزج العسل بالماء، وإعطاؤه فرصة نحو 10 دقائق قبل شربه، لتخفيف التهابات الحلق مثلاً.

- العسل... طريقة فريدة في الإنتاج ومزيج المكونات
> يبقى العسل ذا قوة حلاوة عالية في الطعم، وتحديداً بثلاثة أضعاف حلاوة طعم السكر الأبيض. وأسباب ذلك لها علاقة بطريقة إنتاج النحل للعسل ومكونات مزيج سائل العسل.
- إنتاج العسل: ينتج النحلُ العسلَ من خلال جمع رحيق الزهور الغني بالسكر. والرحيق سائل صافٍ يتكون بنسبة نحو 80 في المائة من الماء، و20 في المائة من السكريات. وفي خلية النحل، يستخدم النحل «معدة العسل» لاستيعاب الرحيق واجتراره عدة مرات، حتى يتم هضمه جزئياً. ويستمر النحل في تكرار إجراء هذه العملية حتى يصل منتج العسل إلى الجودة الطبيعية العالية، أي يقلب النسبة لتصبح نسبة السكريات 80 في المائة ونسبة الماء أقل من 17 في المائة.
وبعد الاجترار النهائي، ووضع العسل في مكانه داخل قرص العسل، يتم ترك هذا العسل الخام المعالج جزئياً دون ختم وتغليف؛ لأنه لا يزال مرتفع المحتوى بالماء والخمائر الطبيعية، وهما الأمران اللذان قد يتسببان في تخمر العسل وفساد تركيبه الطبيعي.
ولذا يُراقب النحل هذا العسل الخام، ويعمل على تحقيق تبخر 80 في المائة من الماء فيه، عبر آليات متعددة، منها استخدام أجنحة النحل كمراوح. وتجدر الإشارة إلى أن النحل يستهلك 7 كيلوغرامات من العسل كي ينتج كيلوغراماً واحداً من شمع قرص العسل. وبمجرد تحقيق جفاف العسل، يتم ختم خلايا قرص العسل بالشمع، للحفاظ على العسل نقياً وطبيعياً وذا جودة عالية وقليل الماء. وتجدر الإشارة إلى أن العسل الناضج، الذي تمت إزالته من خلية النحل، له مدة صلاحية طويلة، ولن يتخمر أو يفسد إذا كان مختوماً بشكل صحيح.
- التركيب الكيميائي للعسل: عسل النحل عبارة عن مزيج من الكربوهيدرات السكرية، والبروتينات، والأحماض الأمينية، والفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة، وغيرها من المركبات العطرية. ويشكل سكر الفركتوز وسكر الغلوكوز نسبة 75 في المائة من سكريات العسل.
كما يحتوي العسل على عدد من الإنزيمات، وعلى 18 نوعاً من الأحماض الأمينية الحرة، وأكثرها وفرة هو البرولين. ومن ناحية المعادن والفيتامينات، يحتوي العسل على كميات ضئيلة من الفيتامينات: بي – 2، وبي – 4، وبي – 5، وبي – 6، وبي – 11، وفيتامين سي، وعلى عدد من المعادن، كالكالسيوم، والحديد، والزنك، والبوتاسيوم، والفوسفور، والمغنيسيوم، والسيلينيوم، والكروم، والمنغنيز. هذا بالإضافة إلى 30 نوعاً من المواد المضادة للأكسدة، والمجموعة الرئيسية منها في العسل هي الفلافونويدات، التي منها نوع «بينوسيمبرين» الفريد في العسل. والعسل الطبيعي كلما كان أغمق لوناً ارتفعت فيه الخصائص المضادة للأكسدة. ويُعتبر العسل مزيجاً حمضياً، وتأتي الحموضة فيه من أحماض الخليك، والبوتانويك، والفورميك، والستريك، واللاكتيك، والماليك، والبيروغلوتاميك، والغلوكونيك، وعدد من الأحماض العطرية الأخرى.
وإضافة إلى ما تقدم، فثمة نحو 600 نوع من المركبات العطرية المتطايرة، التي تم التعرف على وجودها ضمن مكونات أنواع العسل الطبيعي. ومن مجموع المركبات الكيميائية المختلفة والمتنوعة، تأتي مجموعة من الخصائص ذات التأثيرات الصحية الإيجابية لتناول العسل الطبيعي.


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال