القيادات اللبنانية تتحرّى موعد صدور الحكم في قضية اغتيال الحريري

المحكمة الدولية أوفدت بعثة أمنية إلى بيروت لرصد ردود الفعل

وزير العدل ألبرت سرحان خلال اجتماعه مع رئيس قلم المحكمة الدولية والوفد المرافق أمس (الوكالة الوطنية)
وزير العدل ألبرت سرحان خلال اجتماعه مع رئيس قلم المحكمة الدولية والوفد المرافق أمس (الوكالة الوطنية)
TT

القيادات اللبنانية تتحرّى موعد صدور الحكم في قضية اغتيال الحريري

وزير العدل ألبرت سرحان خلال اجتماعه مع رئيس قلم المحكمة الدولية والوفد المرافق أمس (الوكالة الوطنية)
وزير العدل ألبرت سرحان خلال اجتماعه مع رئيس قلم المحكمة الدولية والوفد المرافق أمس (الوكالة الوطنية)

لم تكد رئيسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضية إيفانا هردليشكوفا، تنهي زيارتها إلى لبنان، حتى حلّ في بيروت رئيس قلم المحكمة داريل مانديس، وأجرى لقاءات شملت مرجعيات سياسية وقانونية ودبلوماسية، اختتمها بزيارة وزير العدل ألبيرت سرحان، أمس، الذي بحث معه في مسار المحكمة والتعاون القائم بينها وبين السلطات اللبنانية، فيما يتحرّى المسؤولون اللبنانيون من وفود المحكمة موعد الحكم في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وصدور قرارات اتهامية جديدة في جرائم الاغتيال المتلازمة مع قضية الحريري.
وقالت المحكمة في بيان نشرته على موقعها الرسمي، إن «رئيس قلم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، السيد داريل مانديس، أنهى زيارة عمل إلى بيروت هذا الأسبوع في إطار الزيارات المنتظمة التي يجريها للتواصل مع مختلف الأطراف المعنيين، وإطلاعهم على عمل المحكمة، واجتمع مع وزير العدل اللبناني السيد ألبير سرحان، ووزيرة الداخلية والبلديات السيدة ريا الحسن، والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، والتقى أيضاً أعضاء من السلك الدبلوماسي في لبنان». وأفاد بيان المحكمة بأن رئيس القلم «مسؤول عن جميع جوانب إدارة المحكمة، بما في ذلك الميزانية والتمويل والموارد البشرية وتوفير الأمن، ‏كما تشمل مسؤولياته أيضاً النواحي التنظيمية لعمل المحكمة، والإشراف على وحدة المتضررين المشاركين في الإجراءات وحماية الشهود والخدمات اللغوية».
وفي حين لم يدل مانديس بأي تصريح بعد لقاءاته، أوضحت الناطقة الرسمية باسم المحكمة وجد رمضان، أن «الزيارات التي يقوم بها المسؤولون في المحكمة إلى لبنان روتينية، وتأتي في إطار التعاون والتنسيق الدائم». ولفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المحكمة الخاصة بلبنان لديها 4 أجهزة هي: الغرف (التي تتولى المحاكمات)، والقلم، والمدعي العام، ومكتب الدفاع، وكلّ من هذه الأجهزة الأربعة مستقل، ويزور لبنان دورياً كبار المسؤولين، ويلتقون المسؤولين اللبنانيين للبحث في أمور تخصّ المحكمة وعملها»، مشيرة إلى أن «الزيارات مسألة ضرورية ليبقى المسؤولون اللبنانيون على اطلاع على مجريات عمل المحكمة وعلى تواصل مع المهنيين القانونيين».
وعمّا إذا كانت زيارة القاضية هردليشكوفا ونائبها القاضي رالف رياشي، التي حدثت مطلع شهر أبريل (نيسان) الحالي، ومن ثم زيارة رئيس قلم المحكمة، مرتبطتين بقرب صدور الأحكام بقضية اغتيال الحريري، المتهم فيها 4 من كوادر أمن «حزب الله»، أو تهدفان إلى الطلب من لبنان تمويل المحكمة للسنة المقبلة، ذكّرت وجد رمضان بأنه «من الصعب تحديد موعد الحكم في هذه المرحلة، لأن هذا التوقيت يعود فقط إلى غرفة الدرجة الأولى وحدها، وعندما تحدد الغرفة موعداً لذلك، نعلن نحن تاريخ الجلسة وموعد النطق بالحكم». وكشفت عن أن «هذه الزيارات لا علاقة لها بالتمويل، لأن المحكمة تلقت مساهمة لبنان لهذه السنة».
وكانت مصادر سياسية لبنانية مواكبة لعمل المحكمة الدولية، كشفت عن أن «هيئة المحكمة في لاهاي أوفدت بعثة أمنية إلى بيروت، كُلفت برصد ردود الفعل فور صدور الحكم المتوقع قريباً». وأشارت إلى أن «الفريق الأمني التابع للمحكمة التقى أقارب الضحايا الذين سقطوا جراء الانفجار، إضافة إلى تواصله مع عدد من أنسبائهم والشهود الذين تعذّر على البعثة الاجتماع بهم مباشرة». وفي هذا الإطار، أعلنت وجد رمضان أن المحكمة «ليست بصدد التعليق على (التكهنات) بأنها ترصد حالياً ردود الفعل المتوقّعة عند صدور الحكم لدى الرأي العام». وقالت: «الحكم له علاقة بالأدلة التي قدمت إلى غرفة الدرجة الأولى. وبشكل عام، أي اجتماعات تعقد مع الضحايا أو المتضررين أو الشهود الذين مثلوا أمام المحكمة، تندرج في سياق تواصل المحكمة معهم، قبل وأثناء وبعد مثولهم أمامها، وتبقى هذه الاجتماعات سرّية».
في هذا الوقت، أعلن مرجع قانوني التقى رئيسة المحكمة القاضية إيفانا هردليشكوفا في بيروت، أن «زيارات وفود المحكمة إلى لبنان تهدف إلى نشر ثقافة هذه المحكمة، وتعريف الناس بها أكثر»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن هردليشكوفا «لم تعط أي إشارة عن موعد إصدار الأحكام في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه». وكشف المصدر عن أن «أكثر من مسؤول لبناني فاتح رئيسة المحكمة حيال موعد صدور قرارات اتهامية في جرائم متلازمة»، وذلك غداة معلومات تفيد بأن المدعي العام الدولي نورمان فاريل سلّم قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرنسين قرارات اتهامية تتعلق بجريمة اغتيال القيادي الشيوعي جورج حاوي، ومحاولتي اغتيال الوزيرين السابقين مروان حمادة وإلياس المر.
من جهة ثانية، وافق قضاة المحكمة الخاصة بلبنان، خلال اجتماع الهيئة العامة للقضاة الذي عُقد الأسبوع الماضي، على إدخال 6 تعديلات على قواعد الإجراءات والإثبات، وذلك بهدف تعزيز إجراءات المحكمة وترشيدها. وأعلنت المحكمة في بيان أن القضاة أضافوا «ضمانة أخرى ترتبط بحقوق الاستئناف التي يتمتع بها الشخص المدان، وباتت المادة تنص على أنه لا يجوز لغرفة الاستئناف تشديد العقوبة في الحالات التي يُقدَّم فيها استئناف من جانب الشخص المدان وحده».
كما أدخلت تعديلات على المواد التي تتعلق بالحكم، وإجراءات تحديد العقوبة، والقرار الاستئنافي. والغرض من هذه التعديلات هو ضمان توافق المواد المذكورة مع أحكام المادة «23» من النظام الأساسي للمحكمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».