معرض «تونا الجبل» بالمتحف المصري يحتفي باكتشافات البعثة الألمانية

يضم توابيت ومومياوات وتماثيل ومجوهرات فريدة

تمثال خشبي فريد تم اكتشافه في «تونا الجبل» (إ.ب.أ)
تمثال خشبي فريد تم اكتشافه في «تونا الجبل» (إ.ب.أ)
TT

معرض «تونا الجبل» بالمتحف المصري يحتفي باكتشافات البعثة الألمانية

تمثال خشبي فريد تم اكتشافه في «تونا الجبل» (إ.ب.أ)
تمثال خشبي فريد تم اكتشافه في «تونا الجبل» (إ.ب.أ)

يحتفي المتحف المصري في ميدان التحرير وسط القاهرة، باكتشافات البعثة الأثرية الألمانية بمنطقة «تونا الجبل» بمحافظة المنيا (جنوبي القاهرة)، عبر إقامة معرض مؤقت بالقاعة 44 بالمتحف، يستمر حتى نهاية مايو (أيار) المقبل، بعنوان «تونا الجبل بين أساطير الخلق وتقديس الحيوانات - مائة عام من الاكتشافات للبعثة الأثرية الألمانية»، لعرض عدد من المقتنيات النادرة المكتشفَة خلال العقود الماضية في المنطقة أمام جمهور المتحف المصري.
وقالت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف في تصريحات صحافية مساء أول من أمس على هامش افتتاح المعرض، بحضور وزير الآثار المصري الدكتور خالد عناني، وعدد من كبار المسؤولين وعلماء الآثار المصريين والألمان: «إن المعرض يلقي الضوء على تاريخ الحفائر الأثرية للبعثة المصرية الألمانية المشتركة لجامعتي القاهرة وميونيخ في منطقة تونا الجبل بالمنيا».
وأوضحت أن «المعرض يهدف إلى تعريف الجمهور بأهم الاكتشافات الأثرية الموجودة في هذا الموقع الأثري المتفرد الذي لعب دوراً مهماً ورئيسياً خلال العصرين اليوناني والروماني في مصر، وذلك من خلال عرض موجز لنتاج الحفائر التي تمت به، بدايةً من نتاج أعمال الحفائر التي قام بها الدكتور سامي جبرة، منذ عام 1931 حتى 1954، وانتهاءً بالاكتشافات المهمة التي قامت بها البعثة المشتركة لجامعتي القاهرة وميونيخ في السنوات الأخيرة برئاسة الدكتور صلاح الخولي وأعضاء البعثة من المصريين والألمان».
وتضم منطقة تونا الجبل «جبانة الحيوانات المقدسة»، وهي عبارة عن مجموعة ضخمة من السراديب والممرات السفلية التي تمتد لمسافة أكثر من 10 كيلومترات، وعُثر فيها على آلاف المومياوات المحنطة لطيور أبي منجل (الأيبس) وقرد البابون، كما يضم الموقع أطلال «معبد جحوتي الكبير» والمنازل التي كان يسكنها الكهنة المسؤولون عن الخدمة الجنائزية والشعائرية في هذا المعبد؛ فضلاً عن وجود معبد آخر لأوزير بابون أُقيم بالقرب من مدخل جبانة الحيوانات المقدسة.
ويوجد في منطقة تونا الجبل أيضاً مقبرة كاهن المعبود جحوتي بادي أوزير (بيتوزيرس) وعائلته، وأيضاً مقبرة إيزادورا الشهيرة؛ اللتان تقعان في جبانة ضخمة ممتدة تؤرخ للعصرين اليوناني والروماني، بالإضافة إلى مستوطنة أخرى تضم العديد من المنازل المصرية القديمة المعروفة بالمنازل البرجية، كان يسكنها الكهنة والعمال الذين كانوا يعملون في جبانة الحيوانات المقدسة.
وأعلنت مصر في شهر فبراير (شباط) الماضي عن اكتشاف خبيئة المومياوات بمنطقة تونا الجبل لتكون أول اكتشاف أثري لعام 2019.
من جهتها، قالت صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري لـ«الشرق الأوسط»: «يضم معرض تونا الجبل العديد من القطع المميزة والفريدة، التي تم اكتشافها في المنطقة على مدار السنوات الماضية». وأوضحت أن «قطع المعرض المؤقت كانت موجودة في مخازن المتحف المصري، بجانب قطع أخرى كانت معروضة بقاعات العرض الرئيسية بالمتحف».
وأضافت: «أهمية معارض المتحف المصري المؤقتة تكمن في تسليط الضوء على القطع المعروضة به بشكل دائم، بجانب عرض قطع جديدة من المخازن وإتاحة رؤيتها للجمهور المحب للآثار المصرية». ولفتت إلى أن «المتحف المصري يقيم ما بين 6 و8 معارض مؤقتة في العام الواحد».
وتابعت: «قطع المعرض تجسّد الحياة اليومية والموت لدى قدماء المصريين، مثل نماذج المنازل، وتوابيت الدفن، وتماثيل المعبودات، وتماثيل آدمية، وأوانٍ فخارية وحجرية وزجاجية، وحليٍّ ومجوهرات، ومومياوات، وبرديات، ومسارج، وأدوات جراحة، وساعة مائية وغيرها من القطع الأثرية التي تُظهر ثراء وتنوع الموقع، علاوة على التاريخ الطويل للحفر والبحث لإبراز الأهمية الأثرية والسياحية للموقع باعتباره أحد أهم المواقع الأثرية في مصر.
يشار إلى أن الحفائر العلمية والفحص العلمي الدقيق لموقع تونا الجبل بمحافظة المنيا، بدأ منذ ما يقرب من مائة عام على يد الأثري الألماني رودر، والأثري المصري الكبير سامي جبرة، أول من أسهم في الكشف عن آثار تونا الجبل، وبدعم قوي من جامعة القاهرة وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، واستكمل العمل فيما بعد بواسطة البعثة المشتركة لجامعتي القاهرة وميونيخ، وأسفرت الحفائر عن اكتشاف أكبر جبانة آدمية بالموقع؛ كشف عنها الفريق المصري لجامعة القاهرة في مايو 2017، كما قام الجانب الألماني بالمسح والتنقيب في بقايا معبد قديم أعلى قمة الجبل الغربي وبقايا مستوطنة تضم مجموعة من المنازل البرجية، ولا تزال أعمال الحفائر المشتركة بين الجانبين مستمرة في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

يوميات الشرق جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق قناع من القطع المُستَردة من ألمانيا (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تستردُّ قطعاً أثرية مسروقة من سقارة بعد تهريبها إلى ألمانيا

عملية الاسترداد ليست مجرّد استرجاع لقطع أثرية، وإنما استعادة لجزء من روح التاريخ المصري ورموزه.

محمد الكفراوي (القاهرة )

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.