محاكمة ألمانية من أنصار «داعش» بتهمة قتل طفلة عراقية «عطشاً»

الأولى من نوعها لمحاسبة عناصر التنظيم الإرهابي المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإيزيديين

المتهمة «جنيفر. و» تخبئ وجهها بملف كبير يرافقها محاميها من أصول تركية علي أيدين في قاعة محكمة ميونيخ أمس (أ.ف.ب)
المتهمة «جنيفر. و» تخبئ وجهها بملف كبير يرافقها محاميها من أصول تركية علي أيدين في قاعة محكمة ميونيخ أمس (أ.ف.ب)
TT

محاكمة ألمانية من أنصار «داعش» بتهمة قتل طفلة عراقية «عطشاً»

المتهمة «جنيفر. و» تخبئ وجهها بملف كبير يرافقها محاميها من أصول تركية علي أيدين في قاعة محكمة ميونيخ أمس (أ.ف.ب)
المتهمة «جنيفر. و» تخبئ وجهها بملف كبير يرافقها محاميها من أصول تركية علي أيدين في قاعة محكمة ميونيخ أمس (أ.ف.ب)

في محاكمة هي الأولى من نوعها لمحاسبة عناصر «داعش» في جرائم ضد الأقلية الإيزيدية، انطلقت في مدينة ميونيخ، أمس، أولى الجلسات ضد ألمانية كانت منتمية إلى التنظيم الإرهابي في العراق، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، من بينها السماح لزوجها بقتل فتاة إيزيدية كان عمرها 5 سنوات.
ودخلت المتهمة «جنيفر. و» قاعة المحكمة، وهي تخبئ وجهها من الصحافيين بملف كبير، يرافقها محاميا دفاع ألمانيان من أصول تركية، هما سدار باسار يلدز وعلي أيدين. وتمثل المحامية أمل كلوني إلى جانب محاميين ألمان، والدة الطفلة التي قتلت، علماً بأنها لم تكن حاضرة في جلسة المحاكمة الافتتاحية أمس.
ووجه المدعي العام الألماني بيتر فرانك تهماً إليها، تتراوح بين الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والقتل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ومن بين التهم، أن جنيفر البالغة من العمر 27 عاماً، سمحت لزوجها بتكبيل الفتاة الصغيرة خارج المنزل في درجة حرارة تزيد على الـ45 درجة مئوية، وتركتها تموت عطشاً من دون التدخل.
وبحسب ممثل الادعاء، «اشترت» جنيفر وزوجها الفتاة الإيزيدية مع والدتها من مقاتل في التنظيم في الموصل عام 2015، وكانا يعرضّانهما للضرب المبرح. وبحسب شهادة الوالدة الموجودة في ألمانيا حالياً، والتي يستند إليها الادعاء في أدلته، فإن جنيفر نفسها وضعت مسدساً في رأسها في إحدى المرات؛ لأنها لم تكن راضية عن العمل. وعندما مرضت الفتاة الصغيرة وبللت فراشها، قرر الزوج معاقبتها بربطها خارج المنزل، لساعات طويلة؛ ما أدى إلى وفاتها. ووصف الادعاء وفاة الطفلة بأنها كانت «مؤلمة»، مضيفاً أنها توفيت «عطشاً وفي حرارة قاتلة». وقال: إن المتهمة، «سمحت لزوجها بالقيام بذلك من دون فعل أي شيء لإنقاذ الفتاة».
وكانت جنيفر غادرت ألمانيا للانضمام إلى التنظيم الإرهابي في منتصف عام 2014 بعد أن كانت قد اعتنقت الإسلام، العام الذي سبقه. وسافرت حينها إلى تركيا وعبرت منها إلى سوريا ثم العراق. وفي عام 2015 تحولت إلى عنصر في الشرطة التأديبية لدى «داعش»، وكانت تجوب الطرقات حاملة بندقية كلاشينكوف من نوع أكا 47.
وفي يناير (كانون الثاني) 2016 بعد وفاة الطفلة ببضعة أشهر، انتقلت جنيفر إلى السفارة الألمانية في تركيا وقدمت طلباً للحصول على جواز سفر جديد. ولدى خروجها اعتقلتها الشرطة التركية وسلمتها إلى ألمانيا. إلا أن غياب الأدلة في ذلك الحين لمحاكمتها، جعل جنيفر تعود إلى منزلها في ساكسونيا السفلى، حيث عاشت هناك حياة طبيعية أنجبت خلالها طفلة من زوجها المقاتل الإرهابي.
ولم تتمكن السلطات الألمانية من جمع أدلة ضدها، إلا بعد أن حاولت مغادرة ألمانيا مرة جديدة عائدة إلى العراق في عام 2018. وأوقع بها محقق أميركي بالتنسيق مع السلطات الألمانية، وقدم نفسه لها على أنه سيساعدها على العودة إلى العراق. وقد كشفت مجلة «دير شبيغل» التفاصيل قبل أيام، وقالت: إن جنيفر اعترفت بمقتل الفتاة، خلال الرحلة مع المحقق في سيارة لم تكن تعرف بأنها مراقبة وفيها أجهزة تنصت. وبعد ساعات من تتبع السيارة، ألقت الشرطة الألمانية القبض على المتهمة عندما توقفت السيارة لاستراحة وأودعتها السجن.
وبحسب «دير شبيغل»، روت جنيفر وهي تتحدث للسائق، أن قتل الفتاة كان: «كثيراً حتى بالنسبة للتنظيم»، الذي عاقب زوجها بسبب ذلك. وكانت صحف ألمانية قالت: إن زوج جنيفر يدعى طاه صباح نوري، وكان هرب إلى تركيا ولا يعرف مكانه اليوم. كما اعترفت جنيفر في أحاديثها مع المحقق في السيارة، بأنها كانت من ضمن الشرطة التأديبية تجوب الشوارع مسلحة وبحزام ناسف.
ويستمر الاستماع للشهود في المحاكمة لغاية نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل. وتواجه المتهمة عقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد.
ووصفت ناديا مراد، الناشطة الإيزيدية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، التي هي نفسها كانت سجينة لدى «داعش» ونجت، بأن محاكمة ميونيخ: «هي لحظة كبيرة بالنسبة لي ولمجمل المجتمع الإيزيدي». كما أصدرت محاميتها أمل كوني بياناً عبرت فيه عن أملها: «أن تكون هذه المحاكمة واحدة، من محاكمات كثيرة ستتبع لمعاقبة المنتمين إلى (داعش) وفقاً للقانون الدولي».
وتعد هذه المحاكمة من المحاكمات النادرة ضد نساء انتمين إلى «داعش» في ألمانيا؛ ذلك أن المدعي العام لم ينجح في جمع أدلة إلا ضد 7 نسوة من «داعش» صدرت بحقهن مذكرات توقيف، من أصل 48 امرأة ألمانية معتقلات لدى الأكراد في سوريا. ولا يعتبر الزواج من مقاتل منتمٍ إلى «داعش» جريمة في ألمانيا، بل يجب إثبات تورط النساء في أعمال إجرامية داخل التنظيم. وكانت محامية المتهمة سيدا باشاي يلدز، قد تلقت رسائل تهديد ترجح الشرطة أنها من يمينيين متطرفين؛ لأنها تحمل توقيع جماعة نازية، بسبب دفاعها عن «أصوليين متطرفين».
وكانت صحيفة «فرانكفورتر تزايتونغ» نشرت في فبراير (شباط) الماضي، أن رسائل التهديد التي تلقتها ذكرت اسم ابنتها البالغة من العمر عامين ووالدها وعنوان منزلها. ويتلقى منذ أشهر مجموعة من العاملين في المجال العام تهديدات من مجهولين ينتمون إلى اليمين المتطرف، كان آخرها تهديد تلقته المدعية العامة في برلين. ويبدو أن الرسائل مستمرة رغم اعتقال شخص يعتقد أنه خلف الرسائل.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي وزير الدفاع التركي يشار غولر متحدثاً خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية الأحد (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.