فيروس كورونا المُستجد... مصدره وأعراضه

خطوات وقائية ضد «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية»

فيروس كورونا المُستجد... مصدره وأعراضه
TT

فيروس كورونا المُستجد... مصدره وأعراضه

فيروس كورونا المُستجد... مصدره وأعراضه

تشكل فيروسات «كورونا» فصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب الاعتلال لدى البشر والحيوانات. ويمكن أن تتسبب فيروسات كورونا في إصابة البشر باعتلالات تتراوح حدتها بين نزلات البرد الشائعة والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس). وفيروس كورونا المستجد، الذي اكتُشف لأول مرة في أبريل (نيسان) 2012، هو فيروس جديد لم يُرصد في البشر من قبل. وفي معظم الحالات يتسبب هذا الفيروس في المرض الوخيم، حيث حدثت الوفاة في نصف الحالات تقريباً. ويُعرف الآن فيروس كورونا الجديد هذا باسم فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS - CoV). وقد أطلقت عليه هذه التسمية مجموعة الدراسة المعنية بفيروس كورونا والتابعة للجنة الدولية لتصنيف الفيروسات في مايو (أيار) 2013.

مصدر فيروس كورونا
تحدث إلى «صحتك» الدكتور مجدي حسن الطوخي: استشاري الصحة العامة والأمراض المعدية عضو مجلس الإدارة بالجمعية السعودية للعلوم البيئية والمشرف العام على إدارة الصحة والبيئة بهيئة الأرصاد وحماية البيئة وهو مؤلف أول كتاب باللغة العربية عن سارس وكورونا - موضحا أنه تبين مؤخراً وجود صلة جينية بين فيروس كورونا وفيروس تم التعرف عليه لدى الخفافيش في جنوب أفريقيا. ولكن لا يوجد دليل قاطع على أن الخفافيش هي مصدر الفيروس، ومن المرجح أنه انتقل من الخفافيش إلى الجِمال في فترة زمنية بعيدة، ثم أصبحت الجمال المستودع الرئيسي الذي يستضيف الفيروس، ومصدرا حيوانيا لعدوى البشر، ولا يعرف بالضبط دور الجِمال في انتقال الفيروس ولا طريقة أو طرق انتقاله.
ورغم أن معظم الحالات البشرية المصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية نتجت عن انتقال العدوى بين البشر، إلا أن الفيروس لا ينتقل بسهولة من شخص لآخر، ما لم تحدث مخالطة قريبة، مثل توفير الرعاية للمريض دون حماية أو التهاون في اتخاذ التدابير الاحتياطية للحماية الشخصية للعاملين الصحيين، أو عدم غسل الأيدي بطريقة صحيحة عند التعامل مع المرضى.

«كورونا» في السعودية وجوارها
أضاف د. الطوخي أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التي يتسبب فيها فيروس كورونا، اكتُشفت لأول مرة في المملكة العربية السعودية في عام 2012 ثم أبلغت بلدان أخرى عن حالات مماثلة في الشرق الأوسط وهي الأردن، الكويت، عُمان، قطر، الإمارات العربية المتحدة، اليمن؛ ومن أوروبا: فرنسا، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، المملكة المتحدة؛ ومن أفريقيا: تونس، مصر؛ وفي آسيا: الصين، ماليزيا، جمهورية كوريا، الفلبين؛ ومن الولايات المتحدة الأميركية والأميركتين.
وكاستجابة فورية من المملكة عند تفشي الوباء في أحد المرافق الصحية في مدينة جدة، قامت وزارة الصحة بتفعيل اللجنة الوطنية للأمراض المعدية، وإرسال فريق للطوارئ بدأ بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في اللوائح الصحية الدولية لعام 2012، ونَفّذ العديد من التدخلات، بما في ذلك تطبيق إجراءات صارمة لمكافحة العدوى، وفرض قيود على إدخال المرضى إلى المستشفى المعني، وتوفير المعلومات والتثقيف للعاملين في ميدان الرعاية الصحية، واعتماد تدابير نشطة للتطهير والتنظيف.
وحسب الإحصائيات الرسمية من وزارة الصحة السعودية، بلغ العدد الإجمالي للحالات المسجلة منذ بدء الوباء في 2012 وحتى سبتمبر (أيلول) 2017 (1622) حالة بالإضافة إلى 64 حالة بدون أعراض، و6 حالات تحت العلاج، و1020 حالة تماثلت للشفاء، وبلغ عدد الوفيات 695 حالة.
وبلغ عدد الإصابات المسجلة عالميا في 27 دولة لنفس تلك الفترة (2040) حالة مؤكدة مختبريا، منها 82 في المائة مسجلة إصابات في المملكة وكذلك 710 حالات وفاة مرتبطة بالإصابة بالفيروس. (حسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية)
ونجح أسلوب تطبيق الإجراءات المكثفة لمكافحة العدوى في التقليل من انتقال فيروس كورونا إلى العاملين في ميدان الرعاية الصحية. أما استمرار وقوع الحالات فيشير إلى أن هناك قصورا في اتخاذ التدابير اللازمة الفعالة للترصد واكتشاف الحالات الجديدة.
وحدد الفريق المشترك السمات الوبائية للعدوى، بما في ذلك النطاق الجغرافي، وطرق الإصابة، واحتمال انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، وأساليب الوقاية والحماية، وإجراءات العزل، وتعليمات التعامل مع المرضى المبلغة للعاملين الصحيين خصوصا من هم في خط المواجهة الرئيسي وهي غرف الطوارئ في المستشفيات والمراكز الطبية.

الفيروس وخصائصه
أوضح د. الطوخي أن اسم عائلة هذا الفيروس اُشتق من الكلمة اللاتينية Corona بمعنى تاج، وهي تصيب الإنسان والحيوانات والطيور، وتتميز بأنها من النوع المغلف Enveloped وحيدة الجديلة Single stranded ويبلغ قطر الفيروس 80 - 130 نانومترا وينقسم ويتكاثر داخل سيتوبلازم الخلايا المصابة وتكون دورة التكاثر نحو 10 - 12 ساعة.
ومن هذه الفيروسات التاجية البشرية ما يسبب أمراضا تنفسية تشبه البرد العادي والتي اكتشفت أولا، ثم اكتشفت بعد ذلك الفيروسات التاجية البشرية المعوية Human enteric corona viruses. كما تصيب فيروسات تاجية أخرى الدجاج مسببة التهاب القصبات الهوائية المعدي Infectious bronchitis virus (IBV)، وفيروس الالتهاب الكبدي في الفئران، وفيروس التهاب الأمعاء في الخنازير، وفيروسات أخرى تصيب الكلاب والدجاج الرومي، والماشية والخيول، والقطط والجرذان. ويعتبر مصدر الفيروس حيوانيا متحورا غير معروف وله القدرة على الانتقال بين البشر.
لقد كان التشابه كبيرا في أعراض المرض في بدايات ظهوره وأوائل انتشاره مع عدة أنواع من الإنفلونزا الخبيثة Virulent strains of influenza رغم الاختلاف في أسلوب الانتشار والانتقال. وكان أمل العلماء والمهتمين بهذا الشأن أن لا تكون وسيلة انتقال السارس هي من شخص لآخر وأن يتم احتواء المرض داخليا ويضعف وتنتهي دورة حياته بتعاقب انتقاله من شخص لآخر. ولكن هذا لم يكن هو الواقع الفعلي في سلوك هذا الفيروس الجديد وظل هذا الحال حتى منتصف شهر أبريل (نيسان) من عام 2017 عندما تم الإعلان عن اكتشاف المسبب الحقيقي لمرض السارس وهو أحد أنواع الفيروسات التاجيةAssociated coronavirus SARS - HCoV.

آلية انتقال العدوى
> أولا: الانتقال من غير البشر (الحيوانات) إلى البشر. الطريقة غير مفهومة على نحو تام. ولكن من المرجح أن الجِمال هي المستودع الرئيسي الذي يستضيف الفيروس، وهي المصدر الحيواني لإصابة البشر بعدواه. وقد تم عزل سلالات الفيروس المطابقة للسلالات البشرية، من الجِمال في عدة بلدان، ومنها مصر وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية.
> ثانيا: انتقال العدوى بين البشر. ويحتاج ذلك لحدوث مخالطة قريبة، مثل توفير الرعاية للمريض دون حماية، أو التهاون في أخذ احتياطات الحماية الشخصية. وظهر العديد من الحالات في مرافق الرعاية الصحية، حيث يبدو أن انتقال العدوى من إنسان لآخر يكون ممكناً أكثر، وخصوصاً عندما تكون التدابير المتخذة للوقاية من العدوى ومكافحتها غير كافية. ويبدو أن الفيروس يدور في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية، ويُعتقد أن معظم حالات العدوى تلك حدثت في الشرق الأوسط ثم صُدرت إلى خارج الإقليم.
> آلية حدوث الإصابة. تحدث الإصابة عندما يهاجم الفيروس الخلايا الطلائية الهدبية Ciliated epithelial cells في منطقة الأنف والبلعوم، فتحدث انقسامات داخلية Replication في هذه الخلايا، ويؤدي ذلك إلى تلف الخلايا الطلائية، يعقبه ظهور أعراض المرض التي تتشابه مع أعراض الإنفلونزا. ويمكن الكشف عن الفيروس في الدم، والبول ويبقى في البراز لمدة شهرين، ويظل الفيروس في حالة نشطة لمدة تتراوح بين 2 - 3 أسابيع في الجهاز التنفسي.

وبائيات المرض
يقول د. الطوخي: عند الحديث بشكل عام عن المرض، يمكن اعتبار احتمال الإصابة لدى عموم الناس أمرا وارد الحدوث وفي أي مكان في العالم. وقد وجد أن 80 في المائة من البالغين لديهم دلالات وجود أجسام مضادة للفيروس عند استعمال تقنية التحاليل المناعية المرتبطة (إليزا ELISA).
يوجد الفيروس في بلغم ولعاب المصاب أو إفرازات الأنف، لذا فالطريقة الأكثر شيوعا لانتشاره هي عن طريق الرذاذ سواء الذي ينتشر في الهواء من الذرات الكبيرة منه أو الصغيرة، عندما يقوم الشخص المصاب بالسعال أو العطس أو أثناء التحدث. كما يمكنه الانتشار عن طريق استخدام الأجسام الملوثة مثل مقابض الأبواب والهواتف وأزرار المصعد أو عند مصافحة الشخص المصاب الذي لا يقوم بغسل يديه وعن طريق انتقال الفيروس من الأيدي الملوثة بفضلات البراز. ويزداد انتشار المرض في أواخر فصلي الخريف والشتاء، وكذلك أوائل فصل الربيع.
- الأعراض. تبلغ فترة الحضانة من 2 - 7 أيام وقد تمتد إلى 14 يوما، ثم يبدأ المرض في الظهور. تتراوح الأعراض بين عدم الظهور (غياب الأعراض) وبين الأعراض التنفسية المعتدلة إلى المرض التنفسي الحاد الوخيم والوفاة. وتتخذ الأعراض النمطية للإصابة شكل الحمى، والسعال، وضيق التنفس. أما الالتهاب الرئوي فهو شائع ولكنه لا يحدث دائماً. كما تم الإبلاغ عن أعراض مَعدية معوية، تشمل الإسهال الذي يصيب نحو 25 في المائة من الحالات. ويمكن أن تتسبب حدة الحالات في فشل التنفس، الذي يتطلب التنفس الاصطناعي والدعم في وحدة العناية المركزية. ويبدو أن الفيروس يتسبب في مرض أوخم لدى المسنين، والأشخاص ذوي الجهاز المناعي الضعيف، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، مثل السرطان وأمراض الرئة المزمنة وداء السكري والنساء الحوامل، والملاحظ أن أعراض المرض تظهر بشكل معتدل في الأطفال المصابين.
وقد تظهر الصور الإشعاعية للجهاز التنفسي في بعض الحالات ترسبات Infiltrates تشمل مناطق مدمجة غير مكتملة Patchy areas of consolidation وتتركز في الأجزاء الطرفية والسفلي من الرئة. وقد يؤدي في بعض الحالات الحادة في الأسبوع الثاني من الإصابة إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحاد للكبار Frank adult respiratory distress syndrome (ARDS) وتظهر أعراض نقص الأكسجين في الجسم وقد يؤدي إلى فشل في العديد من أجهزة الجسم وقد يؤدي إلى الوفاة.
> التشخيص. يتم باتخاذ الخطوات التالية:
- الفحص المخبري لعينة من البصاق أو البلغم، أو لمسحة من الفم والأنف.
- عينات من الدم لفحص الأمصال وتكرر بعد 3 أسابيع.
- عينات من الدم والبول والبراز لرصد وجود الفيروس فيها.
- اختبارات تفاعل سلسلة البوليميراز PCR ويعتبر الأكثر استعمالا والأكثر دقة في التشخيص.
- الفحص بواسطة مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم ELISA للكشف عن الأجسام المضادة.
- عينات الفحص بواسطة اختبار الأضداد بالتألق المناعي غير المباشر Immunofluorescence.

الوقاية
يؤكد د. مجدي الطوخي أنه لا يوجد حالياً أي لقاح ولا علاج محدد، والعلاج المتاح هو علاج داعم يعتمد على حالة المريض السريرية. وتظل الوقاية هي الأساس، وتتم من خلال:
- اتباع تدابير النظافة الصحية العامة عند زيارة حظائر الجِمال والحيوانات الأخرى، بما في ذلك غسل اليدين بانتظام قبل لمس الحيوانات وبعد لمسها، وتجنب ملامسة الحيوانات المريضة.
- استهلاك لحوم الجِمال وألبانها بعد طهيها أو بسترتها أو غير ذلك من المعالجات الحرارية.
- الالتزام بتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها من قبل العاملين في المجال الصحي لمنع الانتشار المحتمل للفيروس. وقد حدث انتقال الفيروس في مرافق الرعاية الصحية في عدة بلدان، بما في ذلك انتقاله من المرضى إلى مقدمي خدمات الرعاية الصحية، وانتقاله بين المرضى في أماكن الرعاية الصحية قبل تشخيص الإصابة بفيروس كورونا فلا يمكن على الدوام تحديد المرضى المصابين بالفيروس في وقت مبكر أو دون فحص لأن أعراض هذه العدوى وسماتها السريرية الأخرى لا تقتصر عليها تحديداً.

• استشاري طب المجتمع

إجراءات وقائية للحالات المرضية المحتملة

تشمل الإجراءات الوقائية ضد الإصابات:
- التعرف على الحالات المشتبهة والمحتملة، واستخدام العاملين الصحيين لقناع الوجه مع حماية العينين، وغسل الأيدي قبل وبعد ملامسة أي مريض، وبعد الأنشطة التي من المحتمل أن تسبب تلوثا، وبعد خلع القفازات ومعالجتها وغيرها من المعدات الملوثة بعناية لأنها تحمل إمكانية نشر العدوى، ويجب أن تكون المحاليل المطهرة متوفرة على نطاق واسع بتركيزات مناسبة.
- عزل الحالات المحتملة في غرف ذات مواصفات خاصة، وتدريب العاملين فيها على قواعد مكافحة العدوى واستخدام معدات الوقاية الشخصية.
- المكافحة على مستوى المريض ومخالطيه وبيئته المباشرة.
- الإجراءات الوبائية، والسريرية، وتثقيف الجمهور بشأن خطر العدوى.
- الإجراءات الدولية والسفر، والترصد العالمي للحالات المؤكدة سريريا، والمحتملة، والمشتبهة للحد من الانتشار الدولي للعدوى عن طريق مراجعة اللوائح الصحية الدولية.



دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
TT

دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)

أشارت دراسة حديثة إلى أن هرمونات التوتر - وليس ضعف إشارات الإنسولين الخلوية - قد تكون المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة.

وأفادت الورقة البحثية التي أجرتها مؤسسة «روتغيرز هيلث» الأميركية ومؤسسات أخرى في تغيير فهمنا لكيفية تطور مقاومة الإنسولين الناجمة عن السمنة وكيفية علاجها.

وقال كريستوف بويتنر، رئيس قسم الغدد الصماء والأيض والتغذية في كلية روبرت وود جونسون الطبية بجامعة روتغيرز والمؤلف الرئيسي للدراسة: «لقد كنا مهتمين بالآليات الأساسية لكيفية تحفيز السمنة لمرض السكري. ونظراً لأن تكلفة وباء السكري في الولايات المتحدة وحدها تتجاوز 300 مليار دولار سنوياً، فإن هذا سؤال بالغ الأهمية».

وقد تساعد النتائج الجديدة في تفسير سبب إصابة بعض الأفراد البدناء بمرض السكري بينما لا يصاب به آخرون ولماذا يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى تفاقم مرض السكري حتى مع زيادة الوزن قليلاً.

ولطالما اعتقد العلماء أن السمنة تسبب مرض السكري من خلال إضعاف طريقة إشارات الإنسولين داخل خلايا الكبد والدهون. ويظهر البحث الجديد أن الإفراط في تناول الطعام والسمنة يزيدان من توتر الجهاز العصبي في الجسم، وأن المستوى المتزايد من هرمونات التوتر النورادرينالين والأدرينالين يعاكس تأثيرات الإنسولين على الرغم من أن إشارات الإنسولين الخلوية لا تزال تعمل.

ولاحظ المؤلفون أن الإفراط في تناول الطعام لدى الفئران الطبيعية يزيد من هرمون التوتر النورادرينالين في غضون أيام، ما يشير إلى مدى سرعة تحفيز الطعام الزائد للجهاز العصبي.

ولرؤية تأثير هذا الإنتاج الزائد للهرمون في تحفيز تطور المرض، استخدم الباحثون بعد ذلك نوعاً جديداً من الفئران المعدلة وراثياً والتي تكون طبيعية في كل شيء باستثناء شيء واحد: فهي لا تستطيع إنتاج هرمونات التوتر وتٌدعى الكاتيكولامينات خارج أدمغتها وأجهزتها العصبية المركزية.

وأطعم الباحثون هذه الفئران نظاماً غذائياً عالي الدهون والسكريات المسبب للسمنة، ولكن على الرغم من أنها تناولت نفس عدد السعرات الحرارية وأصبحت بدينة مثل الفئران العادية، فإنها لم تصب بأمراض التمثيل الغذائي.

ويقول بويتنر: «لقد سررنا برؤية أن فئراننا تناولت نفس الكمية، لأن هذا يشير إلى أن الاختلافات في حساسية الإنسولين وافتقارها إلى أمراض التمثيل الغذائي لا ترجع إلى انخفاض تناول الطعام أو انخفاض السمنة ولكن بسبب انخفاض هرمونات التوتر بشكل كبير». وتابع الباحث: «لا تستطيع هذه الفئران زيادة هرمونات التوتر التي تعاكس الإنسولين؛ وبالتالي، لا تتطور مقاومة الإنسولين أثناء تطور السمنة».

وقال بويتنر: «إن كثيرا من أنواع الضغوط - الضغوط المالية، والضغوط الزوجية، والضغوط المرتبطة بالعيش في مناطق خطرة أو المعاناة من التمييز أو حتى الضغوط البدنية كلها تزيد من الإصابة بمرض السكري وتتآزر مع الضغوط الأيضية الناجمة عن السمنة». وأردف: «إن اكتشافنا أن السمنة نفسها تسبب في المقام الأول أمراض التمثيل الغذائي من خلال زيادة هرمونات التوتر يوفر نظرة ثاقبة جديدة للأساس المشترك لكل هذه العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري. إن الضغوط والسمنة، في الأساس، تعملان من خلال نفس الآلية الأساسية في التسبب في مرض السكري، من خلال عمل هرمونات التوتر».

والنتيجة غير المتوقعة للدراسة الجديدة هي أن إشارات الإنسولين يمكن أن تظل غير مصابة بأي أذى حتى في حالات مقاومة الإنسولين مثل السمنة. الأمر فقط أن النشاط المتزايد لهرمونات التوتر «يدفع دواسة الوقود بقوة أكبر»، ما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم والدهون. على الرغم من أن مستوى تأثير «الكبح» للإنسولين يظل كما هو، فإن تأثير دواسة الوقود المتسارع للكاتيكولامينات يطغى على تأثير الكبح للإنسولين ويؤدي إلى انخفاض عمل الإنسولين نسبياً.

ويخطط بويتنر والمؤلف الأول للدراسة، كينيتشي ساكاموتو، أستاذ مساعد في الغدد الصماء في كلية روبرت وود جونسون الطبية، لإجراء دراسات بشرية لتأكيد نتائجهم. كما يفحصون دور الجهاز العصبي وأشكالا أخرى من مرض السكري، بما في ذلك مرض السكري من النوع الأول.

وتابع المؤلف الرئيسي في الدراسة: «نرغب في دراسة ما إذا كان الإفراط في التغذية على المدى القصير، كما يعاني بعضنا خلال العطلات من زيادة الوزن من خمسة إلى عشرة أرطال، يزيد من مقاومة الإنسولين مع زيادة تنشيط الجهاز العصبي الودي». وقال بويتنر: «قد تؤدي النتائج في نهاية المطاف إلى مناهج علاجية جديدة لمعالجة مقاومة الإنسولين والسكري والأمراض الأيضية، مع التركيز على تقليل هرمونات التوتر بدلاً من استهداف إشارات الإنسولين. نأمل أن تقدم هذه الورقة وجهة نظر مختلفة حول مقاومة الإنسولين، قد تفسر أيضاً سبب عدم زيادة أي من الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج مقاومة الإنسولين، باستثناء الإنسولين نفسه، لإشارات الإنسولين الخلوية بشكل مباشر».

جدير بالذكر أن دراسة جديدة منشورة في دورية «ذا لانسيت» أول من أمس (الخميس) أشارت إلى أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري، وهو ما يعادل ضعف ما توقعته تقييمات سابقة. كما أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم على 30 عاما لا يتلقون العلاج. وأضافت الدراسة أنه في عام 2022 كان 828 مليون شخص تبلغ أعمارهم 18 عاما فأكثر مصابين بمرض السكري من النوعين الأول والثاني.