الحريري يطلق مبادرة حكومية تعالج توزيع الحقائب و«الثلث المعطّل»

مصادر في «التيار» تحدثت عن محاولة جديدة لتزخيم الملف الحكومي

لقاء جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع وزير الخارجية جبران باسيل أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع وزير الخارجية جبران باسيل أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يطلق مبادرة حكومية تعالج توزيع الحقائب و«الثلث المعطّل»

لقاء جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع وزير الخارجية جبران باسيل أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع وزير الخارجية جبران باسيل أمس (دالاتي ونهرا)

عاود الرئيس المكلّف سعد الحريري تشغيل محركات تشكيل الحكومة الجديدة، بعد توقف استمرّ أكثر من أسبوع، بسبب انشغاله بتحضيرات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية. ومع دخول التكليف شهره التاسع، أطلق الحريري مبادرة جديدة للخروج من الأزمة، لم تعرف تفاصيلها بعد، لكنها وبحسب مصادر سياسية مواكبة لحركة المشاورات، تتمحور حول إعادة توزيع الحقائب الوزارية، ومعالجة معضلة الثلث المعطّل»، مشيرة إلى أن الحريري وضع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في أجوائها، وقد رحّبا بـ«هذه الاندفاعة الجديدة، وينتظران الاطلاع على فحواها لاتخاذ موقف بشأنها».
واستهلّت مشاورات الحريري بلقاء جمعه، بعد ظهر أمس، في دارته في «بيت الوسط»، برئيس التيّار الوطني الحر، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، أعلن بعده الأخير أن «هناك أفكاراً يتمّ البحث بها، وجميعها قابلة للنقاش»، مؤكداً أن «هناك إمكانية حقيقية للعمل على تشكيل الحكومة في حال توفرت نوايا لذلك». وقال: «سيجري الرئيس الحريري الاتصالات اللازمة في اليومين المقبلين لمتابعة الموضوع».
وفيما تتجنّب الأطراف المعنية بالملف الحكومي، ضخّ أجواء تفاؤلية قبل أن تتبلور صيغة الحلّ أو المبادرة الجديدة، أوضحت مصادر في التيار الوطني الحرّ لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة محاولة جديدة لتزخيم الملف الحكومي، عبر اتصالات ومشاورات يتولاها الرئيس الحريري والوزير باسيل، للدفع بعملية التأليف قدماً، ووضع حدّ للفراغ الحكومي المستمرّ منذ ثمانية أشهر»، مشيرة إلى أن «الأفكار الجديدة قيد التداول بين القيادات». وحول التسريبات التي تتحدث عن إعادة تسويق حكومة الـ32 وزيراً، أي زيادة وزير علوي وآخر سرياني، أكدت المصادر أنها «واحدة من مجموعة أفكار وليست الوحيدة، ولا يعني أن حظوظها متقدمة».
ويبدو أن الخلاف الذي نشأ بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، حول دعوة ليبيا إلى القمّة العربية، والتحركات الشعبية لمناصري حركة «أمل» في الشارع ونزع العلم الليبي من الباحة الخارجية لمقرّ القمّة، لم ينسحب على مساعي تشكيل الحكومة، إذ كشفت المصادر المواكبة لحركة المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللقاءات التي حصلت على هامش القمّة، ومشاركة ممثلين عن برّي و(حزب الله) في أعمالها، بددت الأجواء السلبية وأوجدت مساحة مشتركة وإرادة لدى كلّ الأطراف للخروج من الأزمة، والسعي الجدي لتأليف حكومة سياسية منسجمة وقادرة على مواكبة نتائج قمّة بيروت والاستحقاقات الاقتصادية والسياسية، والتطورات التي تشهدها المنطقة».
وعمّا إذا كانت مبادرة الحريري منطلقة من الأفكار التي قدمها الرئيس ميشال عون الشهر الماضي، ذكّرت المصادر نفسها، بأن «مبادرة رئيس الجمهورية تشعّبت وجرى عرقلتها عند تحديد موقع وتموضع الوزير الذي سيمثّل «اللقاء التشاروي السنّي». وتوقعت أن «تأخذ مبادرة الحريري الجديدة في الاعتبار النقاط التوافقية في المبادرة السابقة وتبني عليها، وأن تكون منطلقة من معطيات ترضي جميع الأطراف».
وكانت مساعي تشكيل الحكومة توقفت قبل أسبوع، حيث تفرّغ المسؤولون لترتيبات القمّة العربية الاقتصادية، واستقبال القادة والوفود العرب الذين شاركوا في أعمال القمّة، وهي لا تزال تدور في دوّامة الثلث المعطّل الذي يتمسّك به رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، والذي يلقى معارضة واسعة لدى كلّ الأطراف. ويرى خبراء في علم القانون والدستور، أن هذا الثلث «يمنح باسيل ورقة إقالة الحكومة عند أي خلاف مع المكونات السياسية الأخرى، ويجعل منه (باسيل) رئيس حكومة ثاني، قادر على التحكّم بقرارات الحكومة».
ولم يبد عضو المكتب السياسي في تيّار «المستقبل» الدكتور مصطفى علوش، تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى حلّ قريب لأزمة الحكومة، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الخيارات التي طرحت في السابق، كان يفترض أن تؤدي إلى تأليف الحكومة، فإذا غيّرت بعض الأطراف من شروطها، يمكن لأي فكرة أن تخلق انفراجاً وتقود إلى حلّ الأزمة»، معتبراً أن «المشكلة عند جبران باسيل، وقد يكون الحلّ عنده، فإذا تخلّى عن شرط الثلث المعطّل قد نشهد ولادة حكومة، وإلّا سنبقى في دائرة المراوحة»، مشيراً إلى أن «(حزب الله) حليف الرئيس ميشال عون يرفض بالمطلق إعطاء الأخير ورقة الثلث المعطل، ولو كانت لديه رغبة في ذلك، لما كان اعترض على انضمام الوزير الممثل لسنة الثامن من آذار إلى فريق الرئيس عون الوزاري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».