وصل إغلاق الدوائر الحكومية إلى يومه الـ21، وبدأت وزارة الدفاع تعد العدة لحالة الطوارئ التي لوّح بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أجل بناء الجدار المثير للجدل على الحدود الجنوبية الأميركية مع المكسيك على نفقة البنتاغون التي خصصتها له الحكومة. حالة التراشق السياسي، بين الرئيس ترمب وحزبه الجمهوري من جهة، والحزب الديمقراطي الذي يشكل أغلبية برلمانية في مجلس النواب من جهة أخرى، دفعت الكثير من موظفي الحكومة إلى التظاهر. وقد احتشد هؤلاء في مظاهرة أمام البيت الأبيض مطالبين بإعادة فتح الحكومة الفيدرالية والعودة إلى وظائفهم وتسلم رواتبهم المتأخرة، وسار المئات منهم حاملين لافتات تقول: «أريد العودة لعملي» و«دعوني أعمل من أجل الشعب الأميركي» و«ترمب ضع حداً لوقف الإغلاق».
في الوقت نفسه، أفادت تقارير صحافية بأن دوائر البنتاغون بدأت فعلياً في إعداد خيارات لتوفير ميزانية بناء الجدار الحدودي تأهباً لإعلان الرئيس دونالد ترمب حالة الطوارئ التي وعد بها، وهو أحدث مؤشر على أن مثل هذه الخطوة تكتسب قوة دفع داخل الإدارة، ومن المقرر إعلانها قريباً.
وقال الناطق باسم البنتاغون، بيل سبيكس: إن وزارة الدفاع تعمل على مراجعة السلطات المتاحة وآليات التمويل، وذلك لتحديد الخيارات التي تمكّنهم من بناء الحاجز الحدودي، ملمحاً إلى إصدار الإعلان قريباً، وأنه من غير المناسب التصريح أكثر من ذلك في هذا الوقت. وقد ينتهي المطاف بالرئيس ترمب إلى استقطاع جزء من ميزانية برامج الإغاثة لدى وزارة الدفاع التي تبلغ 13.7 مليار دولار، أو من ميزانيات البناء العسكري.
وينظر الرئيس ترمب في إعلان لحالة طوارئ وسيلة لتحرير الأموال المتاحة في وزارة الدفاع لبناء الجدار الحدودي، بعد أن فشلت الأطراف السياسية في الكونغرس من الوصول إلى اتفاق من أجل إقرار الميزانية للدولة، والسماح للرئيس ترمب ببناء الجدار الحدودي، الذي يعارضه الديمقراطيون بشدة. وتبلغ قيمة بناء جدار على طول 234 ميلاً 5.7 مليار دولار.
إعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية ستسمح لفريق المهندسين العسكريين بتصميم الحواجز والسماح بتوقيع عقود البناء. وكان قد رافق الضابط تود سمونيت، الذي يقود الفرق على الحدود الجنوبية، الرئيس ترمب خلال رحلته يوم الخميس الماضي إلى الحدود الجنوبية مع المكسيك في ولاية تكساس. وكان الرئيس ترمب قد هدد يوم الخميس بأن الإعلان يمكن أن يحدث في أي وقت، بعد أن باءت المحادثات بين الرئيس والديمقراطيين الرامية إلى إنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية بالفشل، قائلاً: «لدينا الكثير من الأموال يمكن استغلالها في حالة طوارئ وطنية».
بدوره، قال مايك بنس، نائب الرئيس، في الكونغرس الخميس: إن ترمب مصمم على بناء جدار على الحدود، وهو يعتقد أنه يتمتع بحق مطلق في إعلان حالة الطوارئ، وسيقوم الرئيس بإنجاز ذلك بطريقة أو بأخرى، مؤكداً أن تلك الأموال ستأتي من ميزانية البنتاغون لتنفيذ مشروعات البناء التي وافق عليها الكونغرس، لكنها لم تنفق بعد.
وانقسم الفريق الجمهوري السياسي في الكونغرس ما بين معارض ومؤيد لبناء الجدار من ميزانية البنتاغون، على عكس الفريق الديمقراطي المعارض بشكل كامل. وأكد النائب ثورنبيري ماك ثورنبيري، الجمهوري من تكساس، وهو عضو بارز في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إنه يعارض تحويل الأموال من ميزانية البنتاغون، أو أي إدارة أخرى لدفع ثمن الجدار، معتقداً أن تحويل الأموال من الجيش سيمنعها، على سبيل المثال، من بناء ثكنات لإيواء القوات.
لكن من غير الواضح ما إذا كان يملك الرئيس ترمب الأعذار القانونية الكافية لاستخدام سلطات الطوارئ الرئاسية للحصول على تمويل فيدرالي من دون موافقة الكونغرس؛ إذ يقول الخبراء القانونيون: إن القانون يمكن تفسيره بطرق مختلفة اعتماداً على الخطوات التي يتخذها ترمب. لكنهم يوافقون على أن أي خطوة يقوم بها من المرجح أن تمهد الطريق لمعركة أخرى بارزة في قاعة المحكمة، وهي معركة قد تكون أمام المحكمة العليا.
ولا يحدد قانون الطوارئ الوطني لعام 1976 بوضوح ما يشكل الحالة، إذ يرى بوبي شيسني، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تكساس، أن النظام الأساسي واسع للغاية، فهو لا يتمتع بالمعايير المخصصة لمنع تنفيذها. وأكد شيسني لصحيفة «ذا هيل» الأميركية، أنه من الممكن أن يعطي ترمب اليد العليا على الأقل في البداية بتنفيذ القانون، إلا أن المحاكم غالباً ما تؤجل قرار الرئيس عندما يتعلق الأمر بمسائل الأمن القومي، مضيفاً: «على سبيل المثال، عندما حكمت المحكمة العليا في العام الماضي بحظر قانون السفر الذي أقره ترمب، قالت أغلبية القضاة إن الرئيس قدّم حجة معقولة بأن هذه السياسة كانت ضرورية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، على الرغم من أنه وصفها بأنها (حظر إسلامي)؛ لذا لكي يكون المدعي واقفاً في المحكمة، وأن يثبت أنه قد يتضرر في إعلان الطوارئ الذي سيقرّه ترمب، وأن ضرره يمكن تصحيحه بقرار مواتٍ من المحكمة».
وأشار شيسني إلى أن الديمقراطيين في مجلس النواب قد يحاولون رفع قضية بالمحكمة لإنهاء حالة الطوارئ التي قد يرفعها ترمب، لكنه بيّن أنه يصعب في كثير من الأحيان تحديد مكانة التشريع؛ إذ قد يتضمّن المتقاضون الآخرون ذوو الكفاءات مالك الأرض الذي يواجه مجالاً بارزاً نتيجة لهذا. وأضاف: «هذا يمكن أن يوسع نطاق مجموعة المدعين المحتملين بالنظر إلى أن المساحة الشاسعة من الأراضي الممتدة على طول الحدود مملوكة ملكية خاصة، وإن كياناً آخر يمكن أن يقاضي مثل الشركات التي تفقد عقداً حكومياً بسبب إعادة تخصيص التمويل للجدار الحدودي».
وبالنظر تاريخياً إلى استخدام الرؤساء الأميركيين إعلان حالات الطوارئ، في عام 1952 أعلن الرئيس ترومان بشكل واضح حالة الطوارئ الوطنية وأمر وزير التجارة بالاستيلاء على معظم مصانع الصلب في البلاد، وتشغيلها بعد أن ذهب عمالها إلى إضراب على مستوى البلاد. وذلك لأن الصلب في تلك الفترة كان ضرورياً للأسلحة والمواد الحربية الأخرى المستخدمة في الحرب الكورية، وفي نهاية المطاف رفضت المحكمة العليا هذا الإعلان بعد مرور عام كامل، وصدر حكم في 6 يونيو (حزيران) من عام 1953 بإبطال تلك الحالة، وأوضحت المحكمة، أن الرئيس لا يستطيع الاستحواذ على الممتلكات الخاصة لإبقاء نزاعات العمل من أجل وقف إنتاج الصلب، وأن هذه وظيفة للمشرعين في البلاد، وليس لسلطاتها العسكرية. وفي عهد الرئيس رونالد ريغان، أعلنت حالة الطوارئ الوطنية لمواصلة السيطرة على بعض الصادرات بعد فشل الكونغرس في تجديد القانون ذي الصلة. كما أعلن الرئيس جورج دبليو بوش بشكل خاص حالة طوارئ بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية؛ مما منحه سيطرة واسعة على الجيش، وتم تجديد هذه الصلاحيات في السنوات اللاحقة خلال إدارة الرئيس باراك أوباما.
وأعلن الرئيس أوباما حالة طوارئ وطنية أثناء تفشي إنفلونزا الخنازير في عام 2009 للسماح للمستشفيات والحكومات المحلية بإعداد مواقع لمعالجة بديلة بسرعة، وقد وجد تقرير «مركز برينان للعدالة» الأخير، أن هناك أكثر من 100 سلطة طوارئ يمكن للرئيس أن يستشهد بها عند إعلان حالة الطوارئ الوطنية.
ترمب قد يلجأ لميزانية «البنتاغون» وإعلان «حالة طوارئ» لبناء الجدار
مظاهرات أمام البيت الأبيض لإعادة العمل في الدوائر الحكومية
ترمب قد يلجأ لميزانية «البنتاغون» وإعلان «حالة طوارئ» لبناء الجدار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة