مسرحية «ما فينا ندفع ما رح ندفع»... الغضب في كوميديا سوداء

تتناول الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان بشكل ساخر

«ما فينا ندفع ما رح ندفع» مسرحية ساخرة تتناول الوضع الاقتصادي اللبناني المتردي
«ما فينا ندفع ما رح ندفع» مسرحية ساخرة تتناول الوضع الاقتصادي اللبناني المتردي
TT

مسرحية «ما فينا ندفع ما رح ندفع»... الغضب في كوميديا سوداء

«ما فينا ندفع ما رح ندفع» مسرحية ساخرة تتناول الوضع الاقتصادي اللبناني المتردي
«ما فينا ندفع ما رح ندفع» مسرحية ساخرة تتناول الوضع الاقتصادي اللبناني المتردي

«أنا في حالة غضب كبيرة كغيري من المواطنين اللبنانيين ولذلك قرت أن أطلق صرخة جدية عن الأوضاع الاقتصادية الرديئة التي نعيشها». بهذه الكلمات تصف المخرجة المسرحية لينا أبيض عملها المسرحي. «ما فينا ندفع ما رح ندفع». هذا العمل الذي ينطلق اليوم على خشبة مسرح «دوار الشمس» في بدارو يعد من نوع الكوميديا السوداء الذي يرتكز مضمونه بشكل أولي على السخرية. «لقد تناولت هذا الموضوع المهم في حياتنا اليوم بجدية كبيرة على الرغم من الأسلوب المضحك الذي يغلفه». توضح لينا أبيض في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط» وتتابع: «من منا لا يعاني اليوم من وضع اقتصادي متردٍ؟ حتى أننا نرى شبابنا يهاجر إلى الخارج هرباً منه. ولعل أحد الممثلين الذي سبق وشاركنا في هذه المسرحية (باسل ماضي)، أصبح اليوم في عداد المهاجرين هو مثال حي على ذلك».
تطلق لينا أبيض صرختها المسرحية هذه، للمرة الثانية على التوالي في ظرف عامين تقريباً. إذ سبق وقدمتها في عام 2017 من خلال نص للإيطالي داريو فو الذي يعد أحد أهم كتاب المسرح في القرن العشرين. «في الحقيقة فكرة العودة إلى تقديم هذا العمل تعود إلى المنتجة جوزيان بولس، إذ برأيها أنها تحاكي بشكل مباشر الأوضاع التي يعيشها اللبناني اليوم. وكما كان يردد داريو فو، فإن هذا النص الشعبي يجب أن تجري مقاربته من قبل عدة مخرجين في العالم، فيطبقونه على الأوضاع في بلاد كل منهم لأنه يمكن أن يتوافق مع حالات مماثلة نعيشها في مختلف دول العالم».
وتدور أحداث المسرحية في بيت متواضع تصل إليه صديقتان تحملان أكياساً من السوبر ماركت مملوءة بأغذية للكلاب والقطط والعصافير، أخذتاها مجاناً في غمرة الاحتجاجات الشعبية، واضطر زوجاهما الجائعان جداً إلى تناول معلبات الكلاب ووجداها لذيذة الطعم، وهي محاولة لإيصال الرسالة الأقوى عن أحوال الناس الذين تضطرهم ظروف معيشتهم السيئة لأن يجدوا أطعمة الحيوانات صالحة للأكل. وتدخل السلطة على الخط متواطئة مع الناس، تتغاضى عن سرقاتهم وتتعامل معهم بشفافية، أما الجوع الكافر الذي لا يرحم فهو المبرر الكافي لكل التحركات السلبية التي تحصل تحت راية الوضع الاجتماعي غير المتوازن، والصعب. «هي في رأيي مشكلة سياسية بامتياز إذ يتفشى فيها فساد المسؤولين الذين يهتمون فقط بتقاسم الكعكة بين بعضهم بدل إيجاد حلول جذرية لمشكلات شعب يعاني». تشرح لينا أبيض التي تؤكد أن روح الفكاهة هي من شيمة اللبناني الذي لا يتوانى عن السخرية من أوضاعه ليستطيع تجاوزها بأقل ضرر ممكن. «هذا الشعب يدفع كثيراً بسبب أشخاص غير مسؤولين يتكفلون إدارة البلاد. وبالفعل أنا كغيري من الناس (ما بقا فينا ندفع) فواتير مضاعفة وهذه الصرخة تمثلني أيضاً كأي مواطن لبناني».
وتقدم لينا أبيض المسرحية هذه المرة بعد أن لونتها بمواضيع جديدة تمت بصلة مباشرة بالوضع الاقتصادي الذي يعيشه كل منا. فهو يشهد تحديثاً من خلال التطرق إلى كم الفواتير التي يسددها اللبناني شهريا ولا يحتملها جيبه. وكما مشكلة انقطاع الكهرباء والماء اللتان تُحلان موقتاً مع الاشتراكات بمولدات الكهرباء وشراء المياه من شركات خاصة، كذلك تطل لينا أبيض على مشكلات ارتفاع أقساط المدارس وأسعار الأدوية وما إلى ذلك، من أمور حياتية يومية يعاني منها اللبناني.
وهذه التغييرات لامست الممثلين في المسرحية حيث يحل هشام خداج مكان باسل ماضي كما يلعب فيها رافي فغالي دوراً أساسياً (طانيوس زوج هبة سليمان). فيما أبقت المخرجة الشخصيات النسائية على حالها لتتقاسم فيها البطولة كل من دارين شمس الدين وهبة سليمان. ومن الممثلين الذي يشاركون في هذا العمل أيضاً سني عبد الباقي وعلاء عيتاني وياسين عبود.
«يمكن القول بأنني أعدت العمل من أوله إلى آخره ودققت في النص مرة جديدة فأجريت بعض التغييرات عليه، من لوحات راقصة وألاعيب جديدة تخدم قالبه الكوميدي. فهناك مشاهد تخرج عن المألوف بطبيعتها كونها من نوع المقالبfarce) ) كما نسميها بالفرنسية، تتطلب تداخل الكوميديا مع الحركة المسرحية والخرافيات». توضح أبيض في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط». وهي ترى أن كل ممثل في المسرحية يحمل معه عالمه الأدائي الخاص به مما يضفي التجدد أيضاً على العمل.
معروفة لينا أبيض بأعمالها المسرحية الملتزمة والجدية، ولذلك تجد في هذا العمل تكملة لمشوارها المسرحي مع فارق صغير. «أنها بالفعل المرة الأولى التي أستخدم فيها هذا الكم من السخرية والضحك في واحدة من مسرحياتي لأنني أرى فيها واقعاً وحقيقة.
فالمسرح الساخر يتطلب كمية أكبر من الجدية في تناول المواضيع على عكس ما يعتقده البعض. كما أنها نسائية بامتياز لأنها تبدأ مع مشهد يضم امرأتين (ريتا وأنطوانيت)، اللتين تأخذان أغراضاً من السوبر ماركت من دون أن تدفعا ثمنها للإعلان عن نوع من الثورة تجاه التجار. فعناصر المسرحية بأكملها من بشرية وخرافية ترمز إلى أشخاص من الواقع نقارب من خلالهم الوضع الاقتصادي المتردي». تعلق لينا أبيض أستاذة المسرح في الجامعتين اللبنانية والأميركية في بيروت. أما عروض المسرحية فستسمر لغاية ثلاثة أسابيع متتالية أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.