فورة تصنيع بريطانية «مؤقتة» في ديسمبر... وترقب الأسوأ في 2019

التشاؤم يسود قطاعات واسعة قبل «بريكست»

تشير غالبية توقعات مختلف القطاعات في بريطانيا إلى نظرة تشاؤمية حيال الوضع في 2019 حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق (رويترز)
تشير غالبية توقعات مختلف القطاعات في بريطانيا إلى نظرة تشاؤمية حيال الوضع في 2019 حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق (رويترز)
TT

فورة تصنيع بريطانية «مؤقتة» في ديسمبر... وترقب الأسوأ في 2019

تشير غالبية توقعات مختلف القطاعات في بريطانيا إلى نظرة تشاؤمية حيال الوضع في 2019 حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق (رويترز)
تشير غالبية توقعات مختلف القطاعات في بريطانيا إلى نظرة تشاؤمية حيال الوضع في 2019 حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق (رويترز)

رغم النظرة العامة غير المتفائلة للأوضاع الاقتصادية في بريطانيا من قبل قطاع الأعمال، أفاد تقرير الأربعاء بأن النمو في قطاع التصنيع في المملكة المتحدة تحسن بصورة غير متوقعة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر، وذلك مع قيام الشركات بتجميع مخزونات وإصدار أوامر جديدة استعداداً لاحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق... إلا أن كثيراً من المراقبين يرون أن هذا النمو سيكون قصير الأجل على الأرجح.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ»، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع الصادر عن مؤسسة «آي.إتش.إس. ماركيت» إلى 54.2 نقطة الشهر الماضي، بينما كان خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تصل القراءة إلى 52.5 نقطة.
ولفتت المؤسسة إلى أنه رغم ذلك فإن متوسط القراءة للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018 هو الأدنى منذ الربع الثالث من عام 2016. ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بنهاية مارس (آذار) المقبل. ولا تزال قدرة البلاد على إقرار اتفاق للخروج قبل الموعد المحدد لذلك غير مؤكدة.
وكثفت الحكومة البريطانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي استعداداتها لخروج دون اتفاق، ومن بين الإجراءات التي بدأتها مطالبة شركات الأدوية والمتاجر بتخزين الأدوية والمواد الغذائية، فضلا عن وضع 3500 من القوات على أهبة الاستعداد.
وحذر روب دوبسون، المسؤول في «آي.إتش.إس. ماركيت»، من أن هذا التأثير الإيجابي على مؤشر مديري المشتريات «سيكون على الأرجح قصير الأجل»، وأنه سيسير في الاتجاه المعاكس في وقت لاحق من عام 2019 مع تناقص المخزونات أو انتهاء صلاحية استعمالها.
وفي غضون ذلك، كشف استطلاع للرأي أمس أن نحو 74 في المائة من رؤساء الشركات البريطانية الكبرى أبدوا نظرة غير متفائلة تجاه الأوضاع بعد خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وجاء ذلك في مقابل نسبة بلغت 66 في المائة خلال العام الماضي، بحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز».
وكشف الاستطلاع السنوي الذي أجرته مؤسسة «إبسوس موري» وشمل 100 من رؤساء الشركات، أن 67 في المائة قالوا إن أوضاع شركاتهم ستسوء بعد بريكست، مقابل 56 في المائة ذكروا ذلك خلال العام الماضي. كما أبدى 68 في المائة شكوكهم في قدرة الحكومة على التفاوض بشأن اتفاق جيد للشركات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حثت نواب البرلمان، يوم الثلاثاء الماضي، على دعم الاتفاق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه مع التكتل، وذلك في رسالتها بمناسبة العام الجديد. وقالت ماي في رسالة عبر الفيديو إن «إقرار الاتفاق ليصبح قانونا سيجعل بريطانيا تتجاوز مرحلة حرجة، ويلقي وراء ظهورنا فترة هدامة من الاضطراب السياسي».
وفي الأسواق، تراجع الجنيه الإسترليني الأربعاء متخليا عن بعض المكاسب التي حققها في الأسبوع الحالي، حيث لم تبدد المسوح القوية بخصوص نشاط المصانع المخاوف المتنامية بشأن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي السوق الفورية، نزل الإسترليني 0.5 في المائة إلى 1.2689 دولار. وزادت العملة البريطانية أكثر من واحد في المائة خلال معاملات يوم الاثنين. وانخفض الإسترليني مقابل العملة الأوروبية الموحدة 0.1 في المائة إلى 90 بنسا لليورو.
وتأتي النظرة غير المتفائلة للاقتصاد البريطاني على أكثر من وجه، إذ قال اقتصاديون في «يو بي إس» إن نظرتهم إلى الاقتصاد البريطاني «ثنائية»، وحذروا من أن اضطراب التجارة بسبب الخروج غير المنظم من الاتحاد الأوروبي «سيغرق المملكة المتحدة في حالة من الركود»، بينما من شأن الوصول إلى صفقة أن يؤجل القرارات الصعبة وبث اليقين في مجتمع الأعمال.
من المتوقع أن يتسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي فجأة دون التوصل إلى اتفاق في وقوع كارثة بالنسبة للشركات في المملكة المتحدة، التي ستواجه تجارية جديدة وبيئة قانونية يشوبها عدم اليقين، وهو ما حذرت منه مجموعات الأعمال التجارية الكبرى، وأكدت أن الكثير من الشركات غير مستعدة للتعامل مع فوضى مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وقال أندرو جودوين، المدير المساعد في جامعة أكسفورد، إن «المملكة المتحدة لن يكون لديها سوى الوقت لإعادة تأسيس مئات من معاهدات التجارة الدولية والتنظيمية التي تعد طرفاً فيها بسبب عضويتها في الاتحاد الأوروبي»، بحسب «سي إن إن».
وتتنبأ الدراسات الحكومية بأن اقتصاد المملكة المتحدة سينكمش بنسبة 7.7 في المائة بعد 15 عاماً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل غير منظم، مقارنة بما لو تمسكت بترتيبات التجارة الحالية. وسيكون الضرر أكبر إذا هبطت الهجرة من الاتحاد الأوروبي. وتوقع «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث أن يؤدي الخروج البريطاني غير المنظم إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2 في المائة في العام الجاري، ورجحت أن ينخفض الجنيه الإسترليني إلى 1.12 دولار مقابل الدولار، مقارنة بـ1.26 دولار حاليا.
ووفقاً لاكسفورد ايكونوميكس، سينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 2.1 في المائة بحلول نهاية عام 2020 في حالة الاتفاق على صفقة بين الطرفين.
وساهم ارتفاع مستويات عدم اليقين في حدوث تباطؤ كبير في الاقتصاد البريطاني في النصف الثاني من 2018. كما شهد الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري تراجعاً كبيراً منذ الاستفتاء.
وقال كالوم بيكرينغ كبير الاقتصاديين في «بيرنبرغ»: «رغم أن المخاطر طويلة الأجل على النمو المحتمل في المملكة المتحدة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق، إلا أن احتمال التوصل إلى صفقة يمثل إمكانات صعودية كبيرة لاقتصاد المملكة المتحدة على المدى المتوسط».
وستشهد الشركات، التي كانت الأكثر عرضة للخطر، مثل شركات صناعة السيارات، أكبر الفوائد من الصفقة، وفقا لبيكرينغ، كما ستزيد الأجور أيضاً بوتيرة أسرع. فالخروج وفقاً صفقة مايو (أيار) أو الانسحاب من دونها ليس هو الخيار الوحيد، وهناك سيناريوهان آخران من شأنهما أن يتركا اقتصاد المملكة المتحدة أفضل حالاً من الخروج البريطاني غير المنظم، وهما تأجيل الخروج، أو التنازل عنه نهائيا.
ومن جانبها، فإن شركة «بي دبليو سي» للمحاسبات، قالت الشهر الماضي إن بريطانيا قد تتراجع من خامس أكبر اقتصاد في العالم إلى المركز السابع في العام الجاري عندما تنفصل عن الاتحاد الأوروبي بينما تتجه فرنسا والهند لتخطيها.
وتوقعت الشركة، أن يسجل معدل النمو الاقتصادي البريطاني 1.6 في المائة في 2019، بفرض نجاحها في تجنب صدمة الخروج من الاتحاد دون اتفاق في مارس، مقابل 1.7 في المائة لفرنسا و7.6 في المائة للهند.
وقال مايك جاكمان، الاقتصادي في «بي دبليو سي»، إنه «من المعتاد أن تتناوب بريطانيا وفرنسا على منزلة الاقتصاد الأكبر، لكن من المرجح أن يؤدي النمو الفاتر في بريطانيا في 2018 ومجددا في 2019 إلى ترجيح كفة فرنسا»، وهذا التصنيف قائم على حجم الاقتصاد الوطني بالدولار الأميركي. وتباطأ اقتصاد بريطانيا وتراجعت قيمة الجنيه الإسترليني منذ التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.