منذ الثانية بعد ظهر أمس الذي تميز بطقس معتدل، توافد مئات السعوديين كباراً وصغاراً على شمال العاصمة الرياض لحضور فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية في دورته الثالثة والثلاثين، الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أول من أمس.
وفور دخول الزائر منطقة المهرجان، الذي افتتح تحت شعار «وفاء وولاء»، تستقبله لوحة فنية وتراثية وتاريخية تمثل موروث مختلف مناطق المملكة العربية السعودية من فنون شعبية، حرف يدوية، أكلات شعبية، طرز معمارية، وغيرها من الخريطة التاريخية الغنية والمتنوعة للجزيرة العربية وسكانها.
التعرف على الماضي وعبقه، لم يمنع السعوديين من التطلع للمستقبل وآفاقه، حيث تتنافس المناطق والجهات الحكومية على السواء في عرض أفضل ما لديها من صناعات وخدمات وأجهزة لخدمة المواطنين، وأفكار إبداعية نسجها أبناء وبنات الوطن.
يؤكد الدكتور نواف الخالدي، رئيس وفد إمارة الجوف في المهرجات الوطني للتراث والثقافة، أن الجوف شاركت بعرض الطراز المعماري للبيت الجوفي، وعرض مآذن مسجد عمر بن الخطاب، وهي أقدم المآذن القائمة في الجزيرة العربية، إلى جانب المنتجات الجوفية، مثل التمور، وزيت الزيتون، وشمل الجناح كذلك مشاركات ثقافية، ومشاركة 17 حرفياً وحرفية من أبناء المنطقة.
الخالدي تحدث عن أبرز ما لفت انتباه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أثناء افتتاحه جناح الجوف، قائلاً: «خادم الحرمين الشريفين دخل علينا مبتسماً، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وسأل عنها أثناء جولته، بدءاً بالطراز المعماري، مروراً بالصقور، والزيتون، وسأل كذلك عن السدو والنسيج، كما استوقفته إحدى الحرفِيات تريد إهداءه سجادة، فطلب تقديمها وأخذ منها السجادة».
وأضاف: «غمرتنا البهجة نحن وجميع أفراد الوفد المكون من 400 شخص إلى جانب أهالي الجوف لتشريف الملك وتدشينه الجناح الذي فتح أبوابه للجميع، حيث ستكون هنا فعاليات يومية لمدة 12 ساعة لمختلف أنواع الفنون الشعبية الجوفية ستعرض، السامري، العرضة، الهجيني، الدحة، الربابة».
ويعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة، مناسبة تاريخية وطنية في مجال الثقافة والتراث والفنون الإبداعية، ومؤشراً عميقاً على اهتمام قيادة المملكة العربية السعودية بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة.
ويمتزج في الجنادرية عبق التاريخ التليد، للهوية العربية الإسلامية، وتأصيل ونتاج الحاضر الزاهر، تأكيداً للموروث الشعبي الوطني بشتى جوانبه والعمل الدائم للحفاظ عليه ليبقى ماثلاً للأجيال القادمة.
من جانبه، أوضح محمد سداد، رئيس وفد إمارة تبوك في الجنادرية، أن الملك سلمان أشاد بالتنوع الحرفي والصحراوي الذي تتميز به منطقة تبوك. وقال سداد وهو يقف على مدخل جناح تبوك: «تشرفنا بافتتاح خادم الحرمين الشريفين جناح منطقة تبوك التراثية في الجنادرية، وأخذ فكرة عن تراث وموروث تبوك والتكوين الساحلي والصحراوي، هناك الكثير من البيوت الساحلية، والبيت الصحراوي تمثل تراث المنطقة، والمتاحف الموجودة، ومشاركة الحرفيين من أبناء المنطقة، لفت انتباه الملك الحرفين المشاركون من كانوا يعملون السدو والأكلات الشعبية والسفن الشراعية، وأشاد بحرفة السدو (صناعة بيوت الشعر) من قِبل الحرفيات، كما توقف أمام الفرق الشعبية».
وأشار سداد إلى أن جناح تبوك يشارك كذلك بأبرز الأكلات الشعبية في المنطقة، ومنها أكلة المبسوس، وهي أكلة أهل الساحل في الأعياد والمناسبات، والغريبة، والمعمول، وخبز تبوك القديم.
وتضم قرية الجنادرية بين جنباتها، مجمعاً لكل منطقة من مناطق المملكة، يشتمل على بيت وسوق تجارية، ومعدات وصناعات ومقتنيات وبضائع قديمة، وما تشتهر به كل منطقة من المناطق من موروثها الثقافي والحضاري والعروض الشعبية، حيث تميز جناح مكة المكرمة بعرض بيت البلد وبيت جدة القديمين، إلى جانب قائمة عريضة من الأكلات الحجازية القديمة التي تشتهر بها المنطقة.
كما تشارك معظم الجهات الحكومية الرسمية، وتوفر للزوار معلومات وافية عن أنشطتها وخدماتها، وتميز جناح رئاسة الأمن الوطني هذا العام بمساحة واسعة ومشاركة فاعلة خصصت ردهاته لعرض أبرز إنجازات رجال الأمن، خصوصاً في مكافحة الإرهاب والإرهابيين، حيث عرضت نماذج لأحزمة ناسفة ومتفجرات تم ضبطها أثناء ملاحقة الفئة الضالة، كما خصصت لوحة على مدخل الجناح لشهداء الوطن وصورهم في بادرة تكريم يستحقونها.
وتحاكي الجنادرية حياة المواطن السعودي، قديماً وتقدم نماذج لهذه الحياة البدائية من خلال نماذج مصغرة لها، مثل المزرعة، وجلب المياه عن طريق السواني، وحرث الأرض بوسائل زراعية بدائية. وتجسد القرية الشعبية نماذج استوحيت من البيئة القديمة للمجتمع السعودي، مثل: السوق الشعبية، ومجموعة من المعارض التراثية ومعارض المقتنيات التي شاركت بها الهيئات الحكومية والقطاع الخاص.
كما تقدم فرق الفنون الشعبية بمناطق المملكة المختلفة للجمهور في قاعة العروض طيلة أيام المهرجان، جميع العروض الشعبية المعروفة في المملكة.
ويستضيف المهرجان الوطني للتراث والثقافة سنوياً دولة شقيقة أو صديقة لتكون ضيف شرف المهرجان، تقدم ثقافتها وإنتاجها المادي والحضاري لزوار الجنادرية حيث تشارك إندونيسيا هذا العام ضيف شرف، كما استضافت الجنادرية خلال دوراتها الماضية، كلاً من، تركيا، روسيا، فرنسا، اليابان، كوريا الجنوبية، الصين، دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ألمانيا الاتحادية، وجمهورية مصر العربية، جمهورية الهند الديمقراطية.
الجنادرية... السعوديون يستحضرون التاريخ وعيونهم على المستقبل
تشارك فيه كل المناطق بموروثها وصناعاتها اليدوية وفنونها الشعبية
الجنادرية... السعوديون يستحضرون التاريخ وعيونهم على المستقبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة