ملتقى للأديان في أبوظبي يطلق «حلف الفضول» لتعزيز السلم العالمي

العيسى: الإسلام رفض كل أشكال الإرهاب والكراهية وأقرّ حق الأديان

الدكتور العيسى في الجلسة الافتتاحية (الشرق الأوسط)
الدكتور العيسى في الجلسة الافتتاحية (الشرق الأوسط)
TT

ملتقى للأديان في أبوظبي يطلق «حلف الفضول» لتعزيز السلم العالمي

الدكتور العيسى في الجلسة الافتتاحية (الشرق الأوسط)
الدكتور العيسى في الجلسة الافتتاحية (الشرق الأوسط)

في مسعى من حكماء الأديان إلى استعادة روح «حلف الفضول» التاريخي، وإحياء قيمه الإنسانية العظيمة، دعا ممثلو الأديان خلال اجتماعهم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، أمس، إلى تعزيز السلم في العالم، ونشر ثقافة التعايش، ونبذ العنف والكراهية، فضلاً عن الدعوة إلى إطلاق «حلف فضول عالمي» يجمع الأديان؛ سعياً من أجل مصلحة الإنسان في كل مكان أو زمان، وتعزيزاً لروح السلام المستدام في العالم.
وتحت رعاية وبحضور الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، انطلقت أمس، فعاليات الملتقى السنوي الخامس لـ«منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» تحت عنوان «حلف الفضول... فرصة للسلم العالمي»، ويستمر لمدة 3 أيام بمشاركة 800 شخصية من ممثلي الأديان والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، ونخبة واسعة من العلماء والمفكرين والباحثين والإعلاميين من أكثر من 100 دولة على مستوى العالم.
ويشهد الملتقى مناقشة نحو 70 ورقة بحثية، تستلهم تجربة «حلف الفضول» الذي عقدته 5 قبائل من قريش قبل الإسلام، لنصرة المظلوم وردع الظالم.
وقال الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات، الأمين العام للمنتدى: إن «الملتقى يشكل تجربة فريدة من نوعها في التاريخ الإنساني، ولا سيما أن (منتدى السلم) يهدف منذ البداية إلى تشكيل حلف فضول عالمي، يجمع الأديان الكبرى على قيم التسامح والتعاضد والتكافل الرامية إلى تعزيز السلم العالمي».
وبدأت فعاليات الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي يترأسه الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي. وفي كلمته خلال افتتاح المنتدى، قال الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: «إننا يسعدنا أن نكون في (منتدى تعزيز السلم)، حيث يحمل كل عام الموضوعات الأكثر أهمية، والعالم في أشد حاجة لتعزيز السلام والوئام؛ فالقيم الإنسانية التي حفظت الحقوق والواجبات لم تكن من البشر، إنما منحها الله عز وجل، وهي لا تقبل التفرقة ولا التجزئة».
وأضاف الدكتور العيسى: إن «الإسلام منح حقوق الآخرين وأتباع الأديان السماوية كركن أساسي من أركان الدين الإسلامي، والذي أعطى لأهل الكتاب حقهم وامتيازات استثنائية كأهل كتاب؛ فالإسلام رعى حق الآخر، وحفظ العهود، وهي ثوابت في الإسلام لم يقبل المساس بها تحت أي زريعة، فالإسلام يرحب بالعدل والقيم أياً كان مصدرها».
وأوضح الدكتور العيسى، أن «الإسلام أقرّ حق الأديان، وهو ما أكدته (وثيقة المدينة المنورة)، التي حفظت الحقوق والواجبات وأقرت قيم العيش المشترك». وقال العيسى: إن «الإسلام رفض كل أشكال الإرهاب والكراهية، فتلك الأعمال المذمومة محسوبة على من يقوم بها وليس على الإسلام».
كما انتقد العيسى ما يردده البعض بإنكار الإسلام حقوق أتباع الأديان السماوية أو تعاليم تلك الأديان، مؤكداً حفظ الإسلام الحقوق للجميع في حرية ممارسة الشعائر لهم بلا تفرقة.
وأشار إلى أن «قيم العدل وحفظ كرامة الإنسان والوفاء بالعهود، هي قيم الإسلام التي تحقق العدل وتتصدى للكراهية والظلم»، موضحاً أن «تحقيق السلام مع النفس والأفراد والمجتمعات أساسي لنشر السلام العالمي».
وقال بن بيه: إن «التسامح هو قبول الآخر ونعيشه هنا جميعنا في دولة الإمارات العربية المتحدة دولة الشيخ زايد - رحمه الله -، ونؤكد أنه لولا ضيق الصدور لعاش الناس في نعيم، ونحن نشفق على الإنسانية، والذين يتصارعون هم صبيان وصغار، فيجنون على العائلة الإبراهيمية».
وقال سام براون باك، سفير الولايات المتحدة للحريات الدينية: إن «الإسلام واليهودية والمسيحية بينهم قواسم مشتركة»، ومضيفاً: «لا نملك رفاهية السكوت، وعلينا اليوم أن نقفز للميدان ونحاول التغيير، وعلينا أن نعمل معاً من أجل الكرامة الإنسانية».
وأشار الدكتور الكعبي في هذا الصدد إلى أن الملتقى يستهدف استلهام قيم الحلف لتشكيل حلف فضول جديد يجمع العقلاء والحكماء من مختلف المشارب الفكرية والعقدية، ليمثل للبشرية فرصة أكيدة؛ بل ووحيدة للدفاع عن القيم الإنسانية والسلم في العالم في مواجهة الإرهاب العابر للقارات.
وقال الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، في كلمته خلال افتتاح الملتقى: إن السلام هو المقصد الأسمى في الإسلام، وهو الغاية المأمولة لتحقيق الاستقرار في المجتمعات بين بني البشر، وهو أمر من أخص خصائص هذا الدين ومقاصده الكلية.
وأكد المحرصاوي، أن «الإسلام سعى من خلال ترسيخ مبدأ السلام إلى تحقيق التعايش بين مختلف شعوب العالم، واعتبر الإسلام مصطلح الحرب نقيض السلام.
وخلال الجلسة العامة الأولى للمؤتمر بعنوان «نحو حلف فضول جديد»، قال الحاخام روفين فايرستون، المتخصص في اليهودية بالعصور الوسطى والإسلامي بأميركا: إن حلف الفضول ليس حلفاً إسلامياً أو غير إسلامي، إنما يتخطى العصبيات القبلية، وهدفه حماية الحقوق الإنسانية ليبقى الجميع في عدل.
من جانبها، ذكرت دبورة فايكس، مديرة المعهد الدولي للأديان والدبلوماسية في أميركا، أن «حلف الفضول يعدو كونه إرثاً تاريخياً إلى الحاضر الزاهي الذي جسده مؤتمر مجلس تعزيز السلم الذي عقد في فبراير (شباط) الماضي بأميركا بدعمه لطائفة الإنجليكيين في واشنطن التي تعاني التمييز».
في غضون ذلك، قال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر: إن «الإسلام يدعو دائماً إلى التعايش السلمي والحوار مع الآخر». وأكد علام في كلمته أمس بالجلسة الأولى، أن «هناك محاولات منذ بداية القرن العشرين لجعل الدين مطية ووسيلة للوصول إلى أمور تزعزع استقرار الدول والمجتمعات»، ومضيفاً: «ما زالت تلك المحاولات مستمرة، وما زالت تأتي مجموعات تقول إننا نريد السلمية وهم في الحقيقة يريدون الحرب على الدين ويريدون نشر العنف، ورغم ذلك ما زال هناك أمل أن يتم ترسيخ استقرار المجتمعات».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية السعودي من المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء.

وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسواتينية عقب التوقيع على اتفاقية التعاون في الرياض الأربعاء (واس)

ولاحقاً، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وفوليلي شاكانتو وزيرة خارجية إسواتيني على اتفاقية عامة للتعاون بين حكومتي البلدين، عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة الرياض، تناولت سبل تنمية التعاون المشترك في مختلف المجالات.

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في وقت لاحق شاكانتو، يرافقها الأمير لينداني ابن ملك إسواتيني عضو البرلمان، في ديوان وزارة الخارجية السعودي، حيث جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين.