مئوية الحرب العالمية الأولى تحوّل باريس إلى «عاصمة العالم»

حضور دولي كثيف وعربي ضعيف وطموحات لتحويل «منتدى السلام» إلى حدث سنوي

الرئيس ماكرون مع المستشارة ميركل أمس يوقّعان كتاب الزوار في العربة التاريخية التي تم فيها توقيع اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر 1918 (إ.ب.أ)
الرئيس ماكرون مع المستشارة ميركل أمس يوقّعان كتاب الزوار في العربة التاريخية التي تم فيها توقيع اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر 1918 (إ.ب.أ)
TT

مئوية الحرب العالمية الأولى تحوّل باريس إلى «عاصمة العالم»

الرئيس ماكرون مع المستشارة ميركل أمس يوقّعان كتاب الزوار في العربة التاريخية التي تم فيها توقيع اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر 1918 (إ.ب.أ)
الرئيس ماكرون مع المستشارة ميركل أمس يوقّعان كتاب الزوار في العربة التاريخية التي تم فيها توقيع اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر 1918 (إ.ب.أ)

قبل مائة عام وفي الساعة الخامسة من صباح الحادي عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وقعت الهدنة التي وضعت حداً لفظاعات الحرب العالمية الأولى في عربة قطار تابعة لرئاسة الأركان الفرنسية، في غابة كومبياني (شمال باريس)، في المحلة المعروفة باسم «ريتوند». وسُميت هذه الحرب «عالمية» بسبب اتساع المناطق التي شهدت المعارك والموزعة على العديد من الجبهات والقارات، وبسبب العدد الكبير من الدول التي شاركت فيها. فما بين 1914 تاريخ انطلاق هذه الحرب، و1918 تاريخ انتهائها، شاركت فيها جيوش من نحو عشرين بلداً، وعُبئ من أجلها ما لا يقل عن 66 مليون رجل موزعين بين تحالف إمبراطوريات وسط أوروبا (الألمانية والنمساوية والمجرية والتركية والبلغارية، إضافة إلى دول أخرى)، والتحالف الثلاثي (فرنسا وبريطانيا وروسيا) الذي انضمت إليه الولايات المتحدة في العام 1917 وقبلها إيطاليا والبرتغال وصربيا... أما عدد الضحايا من العسكريين والمدنيين فكان الأكبر في التاريخ، إذ بلغ 38 مليون شخص موزعين بين قتلى وجرحى ومفقودين. كما أنها كانت المرة الأولى التي ظهر فيها السلاح الكيماوي واستُخدمت الطائرات الحربية والدبابات بحيث إنها كانت أولى «الحروب الحديثة».
كان من نتائج تلك الحرب التي انتهت ذاك الصباح البارد بتوقيع الهدنة بين وفدين عسكريين فرنسي وألماني، انهيار ثلاث إمبراطوريات، وإعادة رسم الحدود في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وتفتيت الخلافة العثمانية/ وظهور «عصبة الأمم»، وانفلاش الحضور الأميركي عبر العالم، وقيام أول نظام شيوعي في روسيا، وولادة دول وضمور أخرى، وزرع البذور التي مهّدت الطريق للحرب العالمية الثانية.
من هنا، أرادت باريس أن تكون الاحتفالية بالذكرى المئوية الأولى لتوقيع الهدنة حدثاً عالمياً ضخماً يَظهر من خلال الحضور الدولي الكثيف الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية طيلة ثلاثة أيام (الأحد والاثنين والثلاثاء)، والمتمثل في وجود 98 وفداً من أنحاء العالم كافة و72 رئيس دولة وحكومة (الولايات المتحدة، وروسيا، والدول الأوروبية، وعدد واسع من الرؤساء الأفارقة وبعض البلدان العربية)، إضافة إلى كبار المسؤولين من المنظمات الدولية والإقليمية. كذلك حرص المنظمون على توفير حضور واسع للمجتمع المدني ممثَّلاً في الجمعيات والشخصيات السياسية والعلمية والثقافية. ولم تكتفِ باريس باحتفالية تجمع القادة وكبار المسؤولين تحت قوس النصر، اليوم (الأحد)، في أعلى جادّة الشانزليزيه في باريس، بل أضافت إليها «منتدى السلام» الذي سيدوم ثلاثة أيام، ويتمحور حول خمسة موضوعات رئيسية عنوانها الجامع «السلام وكيفية المحافظة عليه». ويترجَم ذلك في إطار ورش عمل يشارك فيها كبار القادة، ويُنتظر منها أن تقدم رؤية وحلولاً من أجل إدارة عالم استخلص العبر من مآسي الماضي متعدد الأقطاب.
خلال الأيام الثلاثة، ستتحول باريس إلى «عاصمة العالم»، ولكن أيضاً إلى قلعة حصينة، بسبب الإجراءات التي أقرّتها وزارة الداخلية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية. وعبّر وزير الداخلية الجديد كريستوف كاستانير، عن «ثقته» بأن الأمور ستجري على ما يرام، لكنه في المقابل دعا إلى «الحذر الشديد» بسبب «التهديد الإرهابي» أكان التقليدي (أي المقصود به الإسلاموي) أو المتمثل في مجموعات يمينية متطرفة أُلقي القبض على ستة أفراد من بينها يوم الثلاثاء الماضي، وكانت تخطط لارتكاب اعتداء ضد الرئيس ماكرون يوم الأربعاء بطعنه خلال وجوده في مدينة شارلفيل ميزيير، في إطار «طريق الذاكرة» الذي شمل العديد من المدن والموقف في شرق وشمال فرنسا، حيث دارت كبريات المعارك الطاحنة. ولضمان الأمن، فإن مديرية الشرطة في العاصمة عبّأت ما لا يقل عن 10 آلاف رجل شرطة وأمن لحماية المراكز الحساسة مثل: قصر الإليزيه، ومحيط قوس النصر، وجادّة الشانزليزيه، ومقرات المنتدى في مجمع «لا فيليت» الواقع في الأحياء الشمالية من باريس، والطرقات الموصّلة من المطارات إلى وسط العاصمة. وفي باريس ستُغلق اليوم محطات المترو والطرقات القريبة من القصر الرئاسي وتلك المفضية إلى قوس النصر ومجمع «لا فيليت». ونُشرت على طول جادّة الشانزليزيه التي سيسلكها موكب الرؤساء انطلاقاً من القصر الرئاسي الحواجز المعدنية، وسيُمنع السير فيها، في ما وُضع أفراد من الأمن على سطوح المنازل المطلة على الجادة المذكورة، وهو تدبير تلجأ إليه السلطات الأمنية في المناسبات الكبرى. وما يدفع السلطات الأمنية إلى توخي أقصى درجات الحذر وجود قادة كبار الدول في وقت واحد ومكان واحد وفي مقدمتهم الرئيسان الأميركي والروسي والمستشارة الألمانية والأمين العام للأمم المتحدة وغالبية رؤساء الدول والحكومات الأوروبية وكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والرئيس التركي.
كذلك حرصت باريس على دعوة عدد كبير من القادة الأفارقة الذين كانت بلادهم تحت الاستعمار الفرنسي أو البريطاني وجُنِّد مواطنوهم وأُرسلوا إلى الجبهات الأمامية وسقط منهم عشرات الآلاف قتلى. وتمثل الحضور العربي في ملك المغرب، والرئيسين التونسي والموريتاني، ورئيسَي الوزراء الجزائري والفلسطيني، بينما غاب اسم رئيس الوزراء اللبناني عن اللائحة الرسمية التي وزّعها قصر الإليزيه أمس. وحضر أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي. في المقابل، فإن الرئيس الصيني ورئيس الوزراء الهندي سيغيبان عن احتفالات الأحد في محيط قوس النصر. وفضلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي كان لجيوش بلادها دور كبير في الانتصار النهائي على ألمانيا ودول المحور الاحتفال بالمئوية في بريطانيا نفسها. إلا أنها كانت إلى جانب الرئيس ماكرون بعد ظهر الجمعة لزيارة موقع معركة «لا سوم» التي شاركت فيها القوات البريطانية وخسرت فيها عدة آلاف من عناصرها.
ولن تكتفي فرنسا بالمراسم التقليدية بل تريد أيضاً مواكبتها بدعوات تبرز معالم الضيافة الفرنسية. ومساء أمس، تحولت القاعة الرئيسية في متحف «أورسيه» المطل على نهر السين إلى قاعة طعام استضافت رؤساء الدول والحكومات والبعثات. وظهر اليوم، تنتقل الشخصيات إلى قصر الإليزيه من أجل غداء رسمي، فيما زوجات وأزواج القادة مدعوون إلى غداء في قصر فرساي التاريخي الشهير الذي سيغلق أمام الجمهور وبعدها ستقدم لهم الفرقة السيمفونية للعاصمة النمساوية حفلاً موسيقياً، بينما وزراء الخارجية سيُدعون، من جانبهم، إلى قصر الوزارة.
أرادت باريس أن يكون الاحتفال تحت قوس النصر «قمة» المئوية، إلا أنها في الوقت عينه تمسكت بأن يكتمل بـ«منتدى السلام» الذي ترى فيه «مناسبة للبحث في كيفية إعادة تنظيم شؤون العالم، وتأكيد مسؤوليتنا الجماعية (في المحافظة على السلام). نحن الذي عرفنا أكثر من أسلافنا إلى أين انساقت الإنسانية في الماضي من مآسٍ وما يمكن أن يدفع بها إلى خسارتها في المستقبل». وحسب باريس، فإن «منتدى السلام» الذي هو بمعنىً ما «ردٌّ على تصاعد التوترات والحروب في العام»، هدفه الأول «الدفع باتجاه تعاون أفضل من أجل مواجهة التحديات الكبرى في عالم اليوم والوصول إلى عولمة أكثر عدلاً، وإلى نظام متعدد الأطراف أكثر فعالية في إدارة شؤون العالم». وبجملة واحدة، فإن منظمي المنتدى الأول الذي سيتحول إلى سنوي يريدون أن يكون لبنة على درب العمل من أجل السلام العالمي عبر توفير حوكمة عالمية رشيدة وتفعيل دور المنظمات الدولية والمجتمعات المدنية ومشاركة جميع اللاعبين الذين يتمتعون بقدرة على التأثير. ولا تقتصر اهتمامات المنتدى على الأزمات السياسية الكامنة أو المشتعلة بل تتناول أيضاً الإدارة الجماعية لما يشكل ثروات الإنسانية، كالبيئة، أو إصلاح قواعد التبادل والتجارة، والوصول إلى عالم أكثر عدلاً، ووضع قواعد مقبولة للعالم الافتراضي والرقمي. من هنا، فإن الهيئة الناظمة للمنتدى عمدت إلى توجيه دعوات إلى الجمعيات والشركات ومراكز البحث وممثلي الديانات والنقابات والإعلام. والأهم من ذلك، فإنها طلبت من الجميع التقدم بمقترحات مشاريع من شأنها المساهمة في تحقيق أهداف المنتدى. وفي نهاية المطاف، فإن أيام المنتدى الثلاثة ستشهد تقديم 119 مشروعاً تم اختيارها من بين 900 مشروع، وسيتم عرضها ومناقشتها من أجل إيجاد الرابط بين من يطرحها وبين الجهات التي تمتلك القرار.
في الأيام الثلاثة للمنتدى، ستدور المناقشات حول خمسة محاور رئيسية: الأمن والسلم، والبيئة، والتنمية، والتكنولوجيات الجديدة والرقمية، والاقتصاد الشامل. وبصدد المحور الأول، يرى المنظمون أن هناك حاجة إلى ردة فعل ملحّة إزاء الأزمة التي يعيشها النظام الدولي، ومن علاماتها: تراجع التعاون الدولي، وتزايد المخاطر الجيوسياسية، وصعود الاتجاهات الشعبوية، وتراجع الفضاءات الديمقراطية، واستفحال غياب المساواة، وانتهاك حقوق الإنسان، وارتفاع الميزانيات الدفاعية، وتراجع المنظمات متعددة الأطراف، وغياب القواعد الناظمة للتكنولوجيات الجديدة، وفوق ذلك كله تراجع التعبئة العالمية لمحاربة التصحر والحفاظ على البيئة... لذا، فإن «منتدى باريس وُجد من أجل رص صفوف الدول والمجتمعات التي ما زالت تؤمن بالعمل الجماعي، والتعددية القطبية، وإيجاد القواعد العادلة لإدارة ثروات البشرية والخير العام، لأن في ذلك حظنا الوحيد لمواجهة التحديدات والحفاظ على السلم العالمي».
أشهر الغائبين عن المنتدى سيكون الرئيس ترمب، ربما لأن السياسة التي يتبعها منذ أن وصل إلى البيت الأبيض تتعارض تماماً مع هذه الطروحات والأهداف النبيلة. لكن المعضلة تكمن في أنها لا تحمل جديداً لأنها مبادئ المنظمات الدولية كافة وعلى رأسها الأمم المتحدة. والسؤال هو: هل سيكون للقادة والمسؤولين الذين سيجتمعون في باريس القدرة والرغبة على ترجمتها إلى أفعال أم أن أدبيات المنتدى ستبقى أدبيات صالحة فقط للوقت الذي سيستغرقه المنتدى وبعدها تعود الأمور إلى ما كانت عليه؟


مقالات ذات صلة

جعجع يطالب «حزب الله» بوقف الحرب

المشرق العربي  جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع يطالب «حزب الله» بوقف الحرب

طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، «حزب الله»، بـ«وقف الحرب العبثية التي لا طائل منها». وقال جعجع في «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص طائرة أميركية تحلق فوق سفينة سوفياتية خلال أزمة الصواريخ الكوبية (أرشيفية - بي بي سي)

خاص علّمته الرماية فَلَمّا اشتدّ ساعده...

عندما تكبر المساحة تضعُف القوّة. من هنا نبتكر الاستراتيجيات لمزج الأهداف بالوسائل المتوفرة. لكن ابتكار الاستراتيجيات يخلق بحدّ ذاته مشكلات جديدة لم نكن نتوقّعها

المحلل العسكري
أوروبا صورة للحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا في 15 مايو (أ.ف.ب)

محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا تحيي أهوال الحرب العالمية الأولى

تدفع الأحداث التي تشهدها أوروبا منذ فترة إلى التساؤل حول ما إذا كانت القارة تعيش فترة شبيهة بتلك التي شهدتها عشيّة اندلاع الحرب العالمية الأولى.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا مئات الآلاف يتجمعون عندما تم رفع العلم الفيدرالي الأسود والأحمر والذهبي أمام مبنى البرلمان الألماني في 3 أكتوبر 1990 مع إعادة توحيد ألمانيا... شكّل سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر خطوة كبيرة نحو إعادة توحيد البلاد (الصورة من الأرشيف الفيدرالي الألماني)

«9 نوفمبر»... كيف أصبح يوماً فاصلاً في تاريخ ألمانيا الحديث؟

9 نوفمبر... يوم مصيري في تاريخ ألمانيا حمل معه أحداثاً كبرى رسمت معالم حقبات سياسية جديدة ومستقبل شعوب. من قيام جمهورية، إلى مذبحة ضد اليهود، فسقوط جدار برلين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
العالم أستراليا تعثر على حطام سفينة غرقت إبان الحرب العالمية الثانية

أستراليا تعثر على حطام سفينة غرقت إبان الحرب العالمية الثانية

قال وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز، اليوم السبت، إنه تم العثور في بحر الصين الجنوبي على حطام سفينة تجارية يابانية كانت قد غرقت إبان الحرب العالمية الثانية وعلى متنها 864 جندياً أسترالياً، مما يغلق فصلاً مأساوياً من تاريخ البلاد. وأضاف الوزير الأسترالي أنه تم اكتشاف حطام السفينة «مونتيفيديو مارو» شمال غربي جزيرة لوزون الفلبينية. وكانت السفينة التي لا تحمل أي علامات تنقل أسرى حرب وفُقدت منذ إغراقها قبالة سواحل الفلبين في يوليو (تموز) 1942. وكان قد تم إغراقها بواسطة غواصة أميركية دون أن تعلم أنها تنقل أسرى حرب.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)

أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم (الجمعة)، أن وزراء خارجية مجموعة السبع سيناقشون خلال اجتماعهم يومي الاثنين والثلاثاء قرب روما، مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، والتي شملت خصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت ميلوني في بيان، إن «الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع تعتزم إدراج هذا الموضوع على جدول أعمال الاجتماع الوزاري المقبل الذي سيعقد في فيوجي بين 25 و26 نوفمبر (تشرين الثاني). وتستهدف مذكرات التوقيف الصادرة يوم الخميس، نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وقائد الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، محمد الضيف.

وأضافت ميلوني: «هناك نقطة واحدة ثابتة: لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين مسؤوليات دولة إسرائيل وحركة (حماس) الإرهابية».

رفض أميركي

وندَّد الرئيس الأميركي جو بايدن بشدة، أمس (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالات، وعدّ هذا الإجراء «أمراً شائناً».

وقال بايدن في بيان: «دعوني أكُن واضحاً مرة أخرى: أياً كان ما قد تعنيه ضمناً المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل و(حماس)». وأضاف: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

المجر

بدوره، أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي إلى المجر في تحدٍ لمذكرة التوقيف الصادرة في حقه.

وقال في مقابلة مع الإذاعة الرسمية: «لا خيار أمامنا سوى تحدي هذا القرار. سأدعو في وقت لاحق اليوم نتنياهو للمجيء إلى المجر، حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير».

وبحسب أوربان، فإن «القرار وقح ومقنّع بأغراض قضائية لكن له في الحقيقة أغراض سياسية»، ويؤدي إلى «الحط من صدقية القانون الدولي».

الأرجنتين

وعدّت الرئاسة الأرجنتينية أن مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، تتجاهلان «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها».

وذكر بيان نشره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي بحسابه على منصة «إكس»، أن «الأرجنتين تعرب عن معارضتها الشديدة لقرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير»، الذي يتجاهل «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية مثل (حماس) و(حزب الله)».

وأضاف: «إسرائيل تواجه عدواناً وحشياً، واحتجاز رهائن غير إنساني، وشن هجمات عشوائية على سكانها. إن تجريم دفاع مشروع تمارسه دولة ما مع تجاهل هذه الفظائع هو عمل يشوه روح العدالة الدولية».

الصين

ودعت الصين، الجمعة، المحكمة الجنائية الدولية، إلى «موقف موضوعي وعادل» غداة إصدارها مذكرات التوقيف. وقال لين جيان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري: «تأمل الصين في أن تحافظ المحكمة الجنائية الدولية على موقف موضوعي وعادل وتمارس صلاحياتها وفقاً للقانون».

بريطانيا

ولمحت الحكومة البريطانية، الجمعة، إلى أن نتنياهو يمكن أن يتعرض للاعتقال إذا سافر إلى المملكة المتحدة.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر للصحافيين: «هناك آلية قانونية واضحة ينبغي اتباعها. الحكومة كانت دائمة واضحة لجهة أنها ستفي بالتزاماتها القانونية». وأضاف: «ستفي المملكة المتحدة دائماً بالتزاماتها القانونية كما هو منصوص عليه في القوانين المحلية والقانون الدولي»، لكنه رفض الإدلاء برأي محدد في شأن رئيس الوزراء الإسرائيلي.

هولندا

بدورها، نقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي)، الخميس، عن وزير الخارجية، كاسبار فيلدكامب، قوله إن هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحقّ نتنياهو، إذا لزم الأمر.

الاتحاد الأوروبي

وقال مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، كلها ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة. وأضاف بوريل: «هذا ليس قراراً سياسياً، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ».

وكتب بوريل، في وقت لاحق على منصة «إكس»: «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».

آيرلندا

كذلك قال رئيس الوزراء الآيرلندي، سيمون هاريس، في بيان: «القرار... خطوة بالغة الأهمية. هذه الاتهامات على أقصى درجة من الخطورة». وأضاف: «آيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها الحيوي أن يفعل ذلك الآن على وجه السرعة»، مؤكداً أنه سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى آيرلندا.

إيطاليا

وقال أنطونيو تاياني، وزير الخارجية الإيطالي، إن روما ستدرس مع حلفاء كيفية تفسير القرار واتخاذ إجراء مشترك. وأضاف: «ندعم المحكمة الجنائية الدولية... لا بد أن تؤدي المحكمة دوراً قانونياً، وليس دوراً سياسياً». بينما أكد وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو، أن روما سيتعين عليها اعتقال نتنياهو إذا زار البلاد.

النرويج

أما وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيدي، فقال إنه «من المهم أن تنفذ المحكمة الجنائية الدولية تفويضها بطريقة حكيمة. لديّ ثقة في أن المحكمة ستمضي قدماً في القضية على أساس أعلى معايير المحاكمة العادلة».

السويد

وقالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن استوكهولم تدعم «عمل المحكمة» وتحمي «استقلالها ونزاهتها». وأضافت أن سلطات إنفاذ القانون السويدية هي التي تبتّ في أمر اعتقال الأشخاص الذين أصدرت المحكمة بحقّهم مذكرات اعتقال على أراضٍ سويدية.

كندا

بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن بلاده ستلتزم بكل أحكام المحاكم الدولية، وذلك رداً على سؤال عن أمري الاعتقال بحقّ نتنياهو وغالانت. وأضاف، في مؤتمر صحافي، بثّه التلفزيون: «من المهم حقاً أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي... نحن ندافع عن القانون الدولي، وسنلتزم بكل لوائح وأحكام المحاكم الدولية».

تركيا

ووصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف، بأنه «مرحلة بالغة الأهمية».

وكتب فيدان على منصة «إكس»: «هذا القرار مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء».

ألمانيا

قال شتيفن هيبشترايت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، الجمعة، إن الحكومة ستدرس بعناية مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، لكنها لن تخطو خطوات أخرى حتى تكون هناك بالفعل زيارة لألمانيا.

وأضاف هيبشترايت: «أجد صعوبة في تخيل أننا سنجري اعتقالات على هذا الأساس»، مشيراً إلى أنه كان من الضروري توضيح المسائل القانونية المتعلقة بمذكرتي الاعتقال. ولم يحدد ما هي هذه المسائل. ولم يرد على سؤال عما إذا كان نتنياهو محل ترحيب في ألمانيا.

وقال المتحدث إن موقف الحكومة الألمانية بشأن تسليم أسلحة إلى إسرائيل لم يتغير بعد إصدار مذكرتي الاعتقال، ولا يزال خاضعاً لتقييم كل حالة على حدة.

فرنسا

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، إن ردّ فعل باريس على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو، سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة، لكنه رفض الإدلاء بتعليق حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إليها.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو، قال كريستوف لوموان إن السؤال معقد من الناحية القانونية، مضيفاً: «إنها نقطة معقّدة من الناحية القانونية، لذا لن أعلّق بشأنها اليوم».

أمل فلسطيني

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً ترحب فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة. ووصفت القرار بأنه «يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس (الخميس)، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بخصوص «جرائم حرب في غزة»، وكذلك القيادي في حركة «حماس» محمد الضيف.

وقالت المحكمة، في بيان، إن هناك «أسباباً منطقية» لاعتقاد أن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم، موضحة أن «الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصبّ في مصلحة الضحايا».

وأضاف بيان المحكمة الجنائية الدولية أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري». وأشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أن «جرائم الحرب ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب... وكذلك تشمل القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية».