يعد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، شهراً عالمياً للتوعية بسرطان البروستاتا والاهتمام بصحة الرجل بشكل عام، ويتم فيه رفع الشريط الأزرق. ووفقاً للجمعية الأميركية للسرطان، فإن رجلاً واحداً من كل 9 سيتم تشخيصه بسرطان البروستاتا خلال حياته (أما نسبة سرطان الثدي فهي 8:1). ومن أهم أهداف هذه المناسبة العالمية زيادة الوعي حول سرطان البروستاتا وسرطان الخصية والصحة العقلية والضعف الجنسي المرتبط ببعض الأمراض الاستقلابية المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكولسترول والدهون في الدم وممارسة عادة التدخين. كما يتم تشجيع الرجال على الإقبال لإجراء الفحوص الطبية اللازمة وإرشاد الآخرين بأهمية القيام بالمثل.
ومن المتوقع أن تتضاعف معدلات الإصابة بسرطان البروستاتا خلال الـ15 عاماً المقبلة مثلما تضاعفت بالفعل معدلات الإصابة بسرطان الخصية. وسوف نتناول اثنين من أكثر الأمراض، شيوعاً، التي يتعرض لها الرجل وأهمها وأخطرها على حياته، وهما سرطان البروستاتا والضعف الجنسي عند الرجال.
-- سرطان البروستاتا
البروستاتا غدة تقع أسفل المثانة وتجلس أمام المستقيم، ولها وظيفتان؛ الأولى كونها عضلة يمر من خلالها الإحليل الذي ينقل البول والحيوانات المنوية، والثانية غدة جنسية تعد جزءاً من الجهاز التناسلي عند الرجل، فهي تغذي السائل المنوي الذي يحافظ على صحة الحيوانات المنوية للإخصاب، إضافة إلى الوظيفة المناعية المدمجة. تكون البروستاتا عادة بحجم حبة الجوز عند الرجل الشاب، ومع تقدمه في العمر تبدأ في التضخم، لتصل إلى حجم البيضة كجزء طبيعي من الشيخوخة.
وبغض النظر عن العمر، فإن الحفاظ على صحة البروستاتا هو مفتاح دعم التدفق الأمثل للبول والحصول على حياة جنسية سليمة.
إن صحة البروستاتا مهمة جداً لكل رجل، خصوصاً من هم في سن الـ50 وما بعد، ولقد أوضح كثير من الدراسات الأخيرة أن أهمية صحة البروستاتا يجب أن تبدأ مع الرجل في عمر الـ30 حتى الـ40. وهناك مجموعة من العوامل تؤثر في صحة البروستاتا، مثل النظام الغذائي والعادات وأنماط الحياة، والعوامل البيئية.
وعند سن الـ60 وُجد أن 90 في المائة من الرجال الأميركيين يكونون قد بدأوا الشكوى من اضطراب في هذه الغدة. ومن الواضح أن غدة البروستاتا تحتاج من الرجل عناية مستمرة تدوم مدى الحياة من أجل الوقاية من أخطر أنواع السرطان لدى الرجل، وهو سرطان البروستاتا، ومن أكثر الاضطرابات الجنسية شيوعاً عند الرجل، وهو عدم القدرة على الانتصاب أو الضعف الجنسي.
وبخلاف سرطان الجلد، فإن سرطان البروستاتا هو السرطان الأكثر شيوعاً بين الرجال الأميركيين. وحسب تقديرات جمعية السرطان الأميركية لعام 2018، فهناك نحو 164.690 حالة جديدة من سرطان البروستاتا ونحو 29.430 وفاة من سرطان البروستاتا سنوياً في الولايات المتحدة وحدها.
> الأعراض. تكون الأعراض، عادة، غير ظاهرة، أو تتشابه مع اضطرابات أخرى مثل التضخم الحميد للبروستاتا أو الالتهابات البكتيرية (صعوبة التبول، وتقطع خروج البول، وظهور دم في البول...).
> التشخيص. بإجراء الفحوصات التالية:
- الكشف المبكر، بالفحص الإكلينيكي عن طريق الشرج، وباستخدام اختبار دم مستضد البروستاتا (PSA)، وقد تم تطوير اختبارات جديدة أخرى أكثر دقة مثل «phi»، واختبار «4Kscore».
- الفحص بالموجات الصوتية عن طريق الشرج (Trans - rectal ultrasound).
- الفحص بالموجات الصوتية الملونة (color Doppler ultrasound)، أو مع حقن صبغة تحتوي على فقاعات دقيقة (contrast agent containing microbubbles).
- استخدام أشعة الرنين المغناطيسي (MRI).
> العلاج. يؤكد أ. د. صالح بن صالح، أستاذ الجراحة واستشاري جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لصحة الرجل، أن علاج سرطان البروستاتا يعتمد على مرحلة اكتشاف المرض. ففي المراحل الأولى، يمكن العلاج بأسلوبين مختلفين وفقاً للفئة العمرية للمصاب، فالمريض بين 50 و60 عاماً، ينصح باستئصال البروستاتا، أما بين 70 و80 عاماً ولم يتأثر من خلايا البروستاتا سوى 5 في المائة، فيفضل عدم التدخل الجراحي. أما في المراحل المتأخرة (الانتشار إلى العظم أو الرئة) فيعطى العلاج الهرموني والكيميائي.
-- صحة البروستاتا
تتطلب الوقاية من سرطان البروستاتا اتباع بعض الخطوات الصحية:
- النشاط الجنسي المنتظم: فالحياة الجنسية الصحية الجيدة تدعم صحة البروستاتا، كما أن رعاية العلاقة الأسرية الشخصية بين الزوجين تساعد في الحد من التوتر. ولقد أظهرت الأبحاث أن النشاط الجنسي وكثرة.
- تحسين مستوى فيتامين «دي»، والطريقة المثالية لذلك تتم من خلال التعرض لأشعة الشمس الآمنة، حيث يمكن الحصول على مستويات فوق 50 نانوغرام/ مل.
- تناول أطعمة صحية مفيدة، باتباع نظام غذائي صحي كامل من الأطعمة غير المصنعة، ويفضل العضوية منها لتحسين الصحة بشكل عام.
- الحرص على أو الحد من السكريات والحبوب، واستهلاك كميات معتدلة من البروتين وكثير من الدهون عالية الجودة.
- لقد وجد أن تناول الخضراوات والفواكه الغنية بالفيتامينات والكاروتينات والليكوبين (lycopene) يمكن أن يساعد في دعم صحة البروستاتا.
- تقليل الإجهاد، وبالتالي تقليل تأثيره السلبي في الصحة. ولقد ثبتت العلاقة بين التوتر وانخفاض مستوى صحة البروستاتا عن المعدل الطبيعي.
- ممارسة الرياضة بانتظام للمساعدة في تقليل توتر العضلات وتشنجها وتعزيز صحة البروستاتا.
- دعم الجهاز الليمفاوي بشرب كميات كافية من الماء النقي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتخليص الجسم من الفضلات والسموم وزيادة حيوية البروستاتا.
- الممارسة والقذف المتكرر يرتبطان بتحسين صحة غدة البروستاتا في الأيام المقبلة من العمر.
- وأخيراً، جدولة برنامج تقييم غدة البروستاتا، فالتقييم المبكر لصحة البروستاتا هو الخطوة الأولى والحاسمة في العلاج، إن حصل تشخيص المرض.
-- الضعف الجنسي
ويعرف أيضاً بأنه «عدم القدرة على الانتصاب جزئياً أو كلياً»، وهو مرض يصاب به واحد من كل 10 رجال. قد يحدث الضعف الجنسي في أي عمر، ولكنه أكثر شيوعاً بين الرجال المتقدمين في السن، حيث يعاني من الضعف الجنسي 5 في المائة من الرجال الذين يبلغون من العمر 40 عاماً وترتفع النسبة لتصل إلى 15 في المائة بين الرجال الذين يبلغون من العمر 70 عاماً فأكثر.
> الأسباب. إلى جانب التقدم في العمر، فهناك أسباب مختلفة تكمن وراء الإصابة بالضعف الجنسي، من أهمها:
- داء السكري، حيث يظهر الضعف الجنسي مبكراً بنحو من 10 إلى 15 سنة عند مريض السكري من النوع الأول. وتصل نسبة الإصابة بالضعف الجنسي إلى 55 في المائة للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 عاماً.
- ارتفاع ضغط الدم، فقد وُجد أن المرضى الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع يكون إفراز أكسيد النيتريك لديهم بواسطة الشرايين، بما فيها شرايين القضيب، بمعدلات أقل متسبباً في عدم الانتصاب.
- أمراض الأوعية الدموية، بسبب تصلب الشرايين وتضيقها، ومنها الشرايين المغذية للقضيب والحوض التي لا يصل إليها الدم الكافي لعملية الانتصاب.
- ضمور الأعصاب والتهابها يؤدي إلى ضعف الانتصاب.
- التدخين يزيد من حالات تصلب الشرايين، وبالتالي الإصابة بالضعف الجنسي.
- تعاطي المخدرات أو إساءة استعمال العقاقير مثل الهيروين والكوكايين والكحوليات التي تؤثر في الأعصاب وتسبب ضمور الخصيتين وانخفاض إفراز هرمون الذكورة (التستوستيرون).
- مضاعفات بعض العمليات الجراحية بمنطقة الحوض.
> العلاج. أكد أ. د. صالح بن صالح أن طرق علاج الضعف الجنسي تقدمت تقدماً ملحوظاً خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تم التوصل إلى مستحضرات جديدة واستحداث أساليب علاج حديثة. وهي كالآتي:
- تحسين نمط الحياة: بالامتناع عن التدخين، والابتعاد عن الكحوليات، وممارسة الرياضة المنتظمة، والتخلص من أي زيادة في الوزن.
- علاج الأمراض المسببة: مثل داء السكري، وضغط الدم وما سواهما.
- استخدام العقاقير الحديثة: وهي كابتات الإنزيم فوسفو داي استريز («Phosphodiesterase - 5 «PDE - 5)، وأهمها عقار سيلدينافيل (ildenafil))، وعقار فاردينافيل (vardenafil)، وعقار تادالافيل (tadalafi)، وهي كلها أقراص تؤخذ بمعدل قرص واحد عند الرغبة، تعمل على ارتخاء العضلات الناعمة لشرايين القضيب فتمتلئ بالدم ويحصل الانتصاب. ويستمر مفعولها 24 ساعة.
- الاستخدام اليومي: إن الاستخدام اليومي للعقار، في الحالات العضوية الشديدة، يكون أفضل من استعماله فقط عند الحاجة، إذ إن الاستخدام عند الحاجة يفيد فقط في حالات الضعف الجنسي الناتج عن سبب نفسي أو عضوي بسيط. ولتطبيق هذا الأسلوب العلاجي، يتم حديثاً استخدام عقار هيروكس (HEROX)، وهو عبارة عن جرعة مخفضة 5 ملليغرامات من عقار تادالافيل تؤخذ يومياً، ما يعطي المريض القدرة على الممارسة في أي وقت يشاء ودون الحاجة للتخطيط المسبق، كما كان يحدث في السابق عند أخذ الدواء ساعة قبل الممارسة، ما يجعل المحافظة على عفوية العلاقة الجنسية صعبة عند الرغبة لها.
- استشاري طب المجتمع