10 أعوام من الرحلات التجارية إلى الفضاء

شركات كبرى تتنافس لاستغلاله في السياحة والتنقيب في الكويكبات

مركبة الإطلاق المدارية «فالكون هيفي» متعددة الاستعمال
مركبة الإطلاق المدارية «فالكون هيفي» متعددة الاستعمال
TT

10 أعوام من الرحلات التجارية إلى الفضاء

مركبة الإطلاق المدارية «فالكون هيفي» متعددة الاستعمال
مركبة الإطلاق المدارية «فالكون هيفي» متعددة الاستعمال

يعتبر عقد من السنين في قطاعات صناعية كثيرة، مدّة زمنية كافية لتحقيق تغيير جذري، إلا إذا حدثت عوائق معيّنة على صعيد التقنية، أو نماذج الأعمال، أو تصميم الخدمات. وقد ظلت هذه العوائق الثلاثة المذكورة تلقي بثقلها على صناعة الفضاء في الفترة الماضية.

- إنجاز تاريخي
قبل 10 سنوات، لم يكن واحد من الابتكارات الموجودة حاليا مضموناً. وفي الواقع، لم تضمن شركة «سبيس إكس» توقيع عقد مع وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» إلا بعد وصول صاروخ «فالكون روكيت 1» بنجاح إلى مدار الأرض في 28 سبتمبر (أيلول) 2008.
إطلاق هذا الإنجاز الجديد، الذي تمثّل بوصول صاروخ يعمل بوقود سائل مطوّر من قبل القطاع الخاص إلى مدار الأرض، صناعة فضائية جديدة تساهم اليوم في تغيير العالم.
وفي الوقت الذي يسعى به بعض العلماء إلى تطوير تقنيات جديدة تعالج المشكلات التقنية التي لا تعدّ ولا تحصى في مجال الفضاء، يعمل علماء آخرون، منهم جول ووتن الأستاذ المساعد في الإدارة العلمية بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، على دراسة الجوانب التجارية فيه.
وفي ورقة بحثية حديثة، بحث ووتن مع كريستوفر تانغ في المسائل التي يجب على الشركات أن توفر الإجابات عليها بهدف بناء صناعة فضائية مستدامة والسماح للبشر بتأسيس قواعد خارج الأرض، والتنقيب في الكويكبات، والتوسع في السفر إلى الفضاء، في عصر يتزامن مع تراجع دور الحكومات في تمويل المؤسسات الخاصة العاملة في مجال الفضاء. وقد تحمل حلول تلك المسائل أبسط المفاتيح لفتح الفضاء أمام الجميع.

- صناعة فضاء جديدة
الصناعات الفضائية تتطلب استثمارات كبرى. وكمثال، فقد تطلّبت المهمة الفضائية التاريخية «أبولو 11» التي هبطت بالرائدين نيل أرمستورنغ وباز ألدرين على سطح القمر استثمارا عاما ضخما بلغ آنذاك 25.4 مليار دولار أميركي، ما يعادل اليوم 200 مليار دولار حسب سعر الصرف الحالي.
ويطغى اليوم الطابع التجاري أكثر فأكثر على إطلاقات المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، والسبب يعود بجزء منه إلى تقليص الحكومات ميزانياتها المخصصة لهذا المجال. ويشير تقرير أعدته شركة «سبيس إينغلز» الاستثمارية إلى أنّ ما يقارب 120 شركة استثمرت نحو 3.9 مليار دولار في الشركات الفضائية الخاصة العام الماضي.
وشهد العام الحالي حتى يومنا هذا 72 إطلاقا مداريا، بمعدّل إطلاقين في الأسبوع، من منصات في الصين وروسيا والهند واليابان وغويانا الفرنسية ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأميركية.
وتشهد هذه الإطلاقات اليوم أكثر من أي زمن مضى مشاركة مزيد من الحكومات والشركات حتى الهواة.
وقد باتت الرحلات الفضائية الخاصة والتجارية، والتوجهات لاكتشافات قمرية، وإجراء التنقيب، وبناء المستعمرات، مطروحة كلها على طاولة واحدة.
في بداية هذا العام، شاهد الناس حول العالم بذهول صاروخ «فالكون هيفي» التابع لشركة «سبايس إكس» ينطلق بنجاح ويعيد معززاته لتهبط على منصة إقلاع بانسجام تامّ دون أي خطأ.

- فرص وتحديات
هناك فرص واعدة بلا استغلال في الفضاء، وهناك تحديات يومية تواجه الرواد والمركبات.
• طباعة تجسيمية فضائية... يتطلّب تطوير العمليات المستدامة في الفضاء تجاوز كثيرا من المصاعب القائمة كالمسافة والجاذبية والبيئات غير الآهلة للضيافة وشح المعلومات.
ويتمثّل أحد أكبر التحديات في النجاح، حمل الأشياء التي يحتاجها الناس في الفضاء إلى الفضاء. لكنّ تصنيع هذه الأشياء على الأرض، ومن ثمّ نقلها إلى الفضاء عبر صاروخ عملية مكلفة، تنطوي على بعض القيود. وتعتمد شركة تعرف باسم «ميد إن سبيس» منطلقات مختلفة في هذا الشأن من خلال تثبيت منشأة للتصنيع في المحطة الفضائية الدولية للطباعة التجسيمية (الثلاثية الأبعاد) مباشرة في الفضاء.
ويمكن تصنيع أدوات وقطع غيار وأجهزة طبية للطواقم الفضائية عند الطلب. وتقدّم هذه المنطلقات الجديدة فوائد كثيرة، أهمّها المرونة الإضافية وإدارة ابتكارية أفضل على المحطة الفضائية. هذا بالإضافة إلى أنّ بعض المنتجات يمكن تصنيعها بشكل أفضل في الفضاء منه على الأرض، كالألياف البصرية الصافية.
• موارد في الفضاء... قد تتساءلون من أين قد يحصل الإنسان على المواد المطلوبة للصناعة في الفضاء، ولكنّ هذا الفضاء يحتوي في الحقيقة على كثافة هائلة من الموارد، حيث يمكن العثور على المعادن للصناعة في الكويكبات، وعلى المياه لوقود الصواريخ على شكل جليد على الكواكب والأقمار، وعلى عناصر نادرة مثل الهيليوم 3 للطاقة في قشرة القمر. وفي حال نقلنا هذه النظائر الفيزيائية المميزة إلى الأرض، قد ننجح أخيرا في التخلّص من حاجتنا إلى وقود أحفوري.
كما أظهرت نتائج أبحاث عند الهبوط على كويكب «مينيرفا 2» الأخير، أن الناس بدأوا باكتساب معرفة تقنية لتحديد مواقع هذه المواد والوصول إليها، ولكنّ التنقيب عن هذه المواد ونقلها لا يزال يطرح أسئلة لا إجابات لها.
• تهديدات المخلّفات الفضائية... إنّ ما يعرف بـ«تأثير كيسلر»، أي الخطر الناجم عن 500000 قطعة وأكثر من المخلفات الفضائية، يظل يحوز بالفعل على اهتمام مختلف دوائر السياسة العامّة في الآونة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»