«حساسية الحقن»... بين التهوين والتهويل

غالبية المضادات الحيوية آمنة

TT

«حساسية الحقن»... بين التهوين والتهويل

في الشهور القليلة الماضية سادت حالة من الذعر بين أوساط الأمهات في المجتمع المصري نتيجة لحدوث حالات وفاة لأطفال بعد أن تناولوا حقن السيفترياكسون ceftriaxone الشهيرة.
وبدأت الاتهامات لحقنة المضاد الحيوي هذه، بأنها السبب كنتيجة لحدوث نوع شديد من الحساسية Anaphylaxis يمكن أن ينتهي بالوفاة، وأنه يجب عمل اختبار حساسية في الجلد على غرار الاختبار الشهير الذي يتم إجراؤه قبل تناول حقن البنسلين طويل المفعول التي يتم تناولها لسنوات طويلة كنوع من الوقاية من إمكانية حدوث مضاعفات في القلب جراء الإصابة بميكروب الحمى الروماتيزمية.
وربما تكون هذه الحوادث بمثابة جرس إنذار بحتمية أن يتم إعادة النظر في الاستخدام المفرط لحقن المضادات الحيوية في الأطفال على اعتبار أنها الطريقة الأكيدة لتناول الطفل للدواء بخلاف أدوية الشراب أو اللبوس، وأيضا لفاعليتها السريعة.
حدوث الحساسية
ونظرا لحدوث الحساسية فإن أصواتا كثيرة بدأت تطالب بضرورة إجراء اختبار للحساسية قبل تناول حقنة السيفترياكسون (الروسيفين) وهو مشتق من مادة السيفالوسبورين المكون الأساسي للحقنة ويعتبر من الجيل الثالث منها third generation cephalosporin. ويتميز بأنه واسع المجال تجاه الكثير من أنواع البكتريا المقاومة للمضادات العادية.
والحقيقة أن اختبار الحساسية ربما لا يكون عظيم الفائدة مثلما يتصور الآباء، خاصة أن هذه المادة المذكورة يتم استخدامها كبديل للبنسلين في الأطفال الذين يعانون من الحساسية له. وهي من المواد غير المعروفة بحدوث حساسية بعد تعاطيها. وحتى في حالة حدوث حساسية، فإن الأمر لا يتعدى مجرد أعراض بسيطة مثل احمرار الجلد.
ولكن بطبيعة الحال ومثله مثل الكثير من المضادات الحيوية الآمنة فإن هذا الدواء يمكن أن يسبب حدوث الحساسية الشديدة والقاتلة بشكل نادر جدا، وهو الأمر الذي حدث بالفعل للأطفال وتسبب في الخوف الشديد من الحقنة التي كانت تعتبر العلاج الأمثل في حالة الاحتياج للعلاج بالمضادات الحيوية عن طريق الحقن نظرا لفاعليتها بجانب أنه يتم تناولها مرة واحدة فقط يوميا. وهو أمر مهم في التعامل مع الأطفال لتفادي الأم الوخز المتكرر.
وحسب تقارير الأكاديمية الأميركية للحساسية american academy of allergy فإن اختبارات الحساسية عن طريق الحقن في الجلد ليست ذات نفع كبير إلا في حالات البنسيلين، حتى أن بعض الأفراد الذين قاموا بإجراء اختبار حساسية بالفعل لمادة السيفالوسبورين وكانت النتيجة سلبية حدث لهم حساسية وفي بعض الأحيان كانت شديدة إلا أنه تم علاجها سريعا.
ويتم اختبار الحساسية بحقن كمية قليلة من المادة المراد حقنها في الطبقة الخارجية من الجلد والانتظار لمعرفة حدوث تفاعل في شكل احمرار من عدمه.
وهذه النتيجة تؤكد أن عمل اختبار حساسية ليس هو الضمان لعدم حدوثها في السيفترياكسون وذلك لأن المادة نفسها لا تسبب الحساسية بشكل سريع واختبار الجلد يتم إجراؤه ومراقبته لبضع دقائق فقط ربما تمتد لتصل إلى ساعة كامل وليس أكثر.
- ومن الجدير بالذكر أن الحساسية يمكن أن تحدث لأي دواء حتى الفيتامين ولكن بطبيعة الحال تختلف نسبة الحدوث تبعا لطبيعة المادة وهناك مادة مواد معروفة جيدا بتسببها في أحداث الحساسية مثل النوفالجين على سبيل المثال والتي تم منع تداولها في معظم دول العالم. ولكن مع الأسف ما زال النوفالجين يستخدم بشكل نادر في بعض الدول العربية. وكانت تسبب حساسية شديدة فضلا عن إمكانية حدوث فشل في النخاع العظمي على المدى الطويل مما أدى إلى حدوث عدة وفيات في الماضي خاصة أنها في بعض الأحيان كانت تستخدم كعلاج لنزلة البرد مع فيتامين سي. وفي المجمل فإن معظم المواد التي يتم تناولها الآن عن طريق الحقن آمنة إلى حد كبير.
حساسية البنسلين
بالنسبة لعقار البنسلين فهو يسبب الحساسية بكل تأكيد، وبشكل خاص النوع الممتد المفعول والذي يتم تخزينه في الجسم. ويجب أن يتم اختبار حساسية الجلد قبل إعطاء الحق للأطفال والتي يمكن أن تستمر مع الطفل لمدة 25 عاما على سبيل الوقاية. ولكن حتى اختبار البنسلين في بعض الأحيان ربما لا يكون مؤشرا كبيرا لحدوث الحساسية القاتلة.
وحسب دراسة أميركية فإن هناك نسبة بلغت 30 في المائة من المصابين بحساسية البنسلين بالفعل كانت نتيجة الاختبار لديهم سلبية، وحسب توصيات الأكاديمية يجب ألا يكون اختبار الحساسية بالبنسلين طويل المفعول بنفس المادة وإنما مادة مماثلة فضلا عن أن الاختبار يجب أن تتم مراقبته لمدة ساعة كاملة حتى لا تؤدي إلى نتيجة سلبية خاطئة.
يجب أن يتم تناول الحقن في المستشفيات المجهزة طبيا للتعامل مع الحساسية القاتلة التي يمكن أن تحدث بشكل مفاجئ لسبب أو لآخر وكذلك يجب أن يتم منع إعطاء الحقن تماما في الصيدليات أو العيادات الخاصة مهما كانت الحقن آمنة ولا تسبب حساسية معروفة. ويكون التعامل مع الحساسية في حالة حدوثها من قبل الطبيب وليس أي شخص غير مؤهل طبيا، حيث إن هناك الكثير من الأشخاص ربما يكون لديهم مهارة إعطاء الحقن ولكن ليست لديهم دراية طبية بمعرفة المادة المكونة للحقنة أو كيفية التعامل مع الحساسية.
ويجب أن يكون استخدام هذه المهارة في حالات الطوارئ وفي الأماكن التي تخلو من وجود فريق طبي. وفي النهاية يجب أن نوضح أن مادة السيفترياكسون في حد ذاتها لا تمثل خطورة وليس هناك داع للخوف من تناولها طالما تم وصفها طبيا مع الوضع في الاعتبار الاحتياطات السابق ذكرها.
* استشاري طب الأطفال



مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
TT

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

وحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، يقول العلماء إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يتطوران بوتيرة سريعة، لدرجة أن تطوير «أقراص مكافحة الشيخوخة» قد يكون مسألة سنوات قليلة فقط.

ويعد جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون»، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لشركة «باي بال»، وسام ألتمان مؤسس «تشات جي بي تي»، من بين أحدث الشخصيات في سلسلة طويلة من أباطرة المال الأميركيين الذين وضعوا جزءاً من ثرواتهم في مجال الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية.

ويُقال إن بيزوس استثمر 3 مليارات دولار، في شركة التكنولوجيا الحيوية «ألتوس لابز» (Altos Labs) التي شارك في تأسيسها مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في عام 2021.

ووظفت الشركة الناشئة علماء بارزين للبحث في كيفية عكس عملية الشيخوخة، ومتابعة ما تسمى تقنية إعادة البرمجة البيولوجية، والتي من شأنها أن تسمح للعلماء بتجديد الخلايا في المختبر.

وتتشابه أهداف «ألتوس لابز» مع أهداف شركة «كاليكو لابز» (Calico Labs)، التي أطلقها المؤسس المشارك لشركة «غوغل» لاري بيغ في عام 2013، للتركيز على طول العمر وإعادة برمجة وتجديد الخلايا.

إنهم ليسوا المليارديرات الوحيدين الذين يسعون إلى مكافحة الشيخوخة: فقد استثمر بيتر ثيل، المؤسس المشارك لـ«باي بال»، في مؤسسة «ميثوسيلاه» التي تصف نفسها بأنها «مؤسسة خيرية طبية غير ربحية تركز على إطالة عمر الإنسان الصحي، من خلال جعل عمر التسعين هو عمر الخمسين الجديد».

ومن بين أهداف «ميثوسيلاه» ابتكار تقنيات قادرة على تطوير أعضاء وأوعية دموية وعظام جديدة، وإزالة «الهياكل البيولوجية المدمرة» من الجسم، وإجراء مزيد من الدراسات حول علم الوراثة فوق الجينية، وإعادة الإدراك والقدرات البدنية لكبار السن.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم الكشف عن أن مؤسس «تشات جي بي تي»، سام ألتمان، قام بتمويل شركة «Retro BioScience» الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بمبلغ 180 مليون دولار.

وحسب موقعها على الإنترنت، تركز شركة «Retro BioScience» على «إعادة برمجة الخلايا»، وتتعهد بإطالة عمر الإنسان لمدة 10 سنوات.

ويقول تقرير «نيويورك بوست» إن المليارديرات ورجال الأعمال يسعون إلى تطوير حبوب لزيادة متوسط ​​العمر المتوقع، من خلال جعل خلايا الجسم أصغر سناً، وخالية من الأمراض لفترة أطول.

وقال فيل كلياري، مؤسس مجموعة «SmartWater Group»: «بمعدل تطور التكنولوجيا الحالي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تصبح عقاقير إطالة العمر متاحة بحُرية، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفتها».

لكن كلياري قال إن أباطرة وادي السيليكون يجب أن «يتوقفوا عن لعب دور الإله» في سباقهم للتغلب على الموت، واصفاً السعي وراء هذا الأمر بأنه «مدفوع بالأنا» وبأنه يخاطر بخلق كوكب من «الزومبي الأنيقين الأغنياء».

وأضاف كلياري، مؤلف كتاب «إكسير»، وهي رواية تستكشف العواقب المدمرة لأدوية إطالة العمر على المجتمع: «إن حبة الدواء التي تبقي الناس على قيد الحياة، حتى لبضعة عقود، من شأنها أن تخلق عالماً غير عادل وغير منصف، مليئاً بالزومبي الأنيقين الأثرياء، أغلبهم من البيض من الطبقة المتوسطة، والذين يستطيعون تحمل تكاليف شراء هذه الأدوية في المقام الأول».

وتابع: «بدلاً من إطالة عمر النخبة الغنية، سيكون من الأفضل للمليارديرات إنفاق أموالهم على 5 ملايين طفل في العالم يموتون من الجوع، ومن أسباب أخرى يمكن الوقاية منها وعلاجها كل عام».

ويموت نحو 100 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض مرتبطة بالسن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي حين أن الشيخوخة نفسها لا تقتل الناس بشكل مباشر، فإن كبار السن معرضون لخطر الإصابة بكثير من الأمراض القاتلة، مثل الألزهايمر وأمراض القلب والسرطان.