قادة الديانات التقليدية معاً في مؤتمر آستانة «من أجل عالم آمن»

لتعزيز الأمن ونشر التسامح والبحث عن حلول سلمية للنزاعات

قصر السلام شُيد في آستانة خصيصاً لاستصافة المؤتمر
قصر السلام شُيد في آستانة خصيصاً لاستصافة المؤتمر
TT

قادة الديانات التقليدية معاً في مؤتمر آستانة «من أجل عالم آمن»

قصر السلام شُيد في آستانة خصيصاً لاستصافة المؤتمر
قصر السلام شُيد في آستانة خصيصاً لاستصافة المؤتمر

تحت شعار «قادة الديانات من أجل عالم آمن» تنطلق في العاصمة الكازاخية آستانة أعمال الدورة السادسة لمؤتمر الحوار بين ممثلي الديانات العالمية التقليدية. وتأتي هذه الفعالية في وقت يتساءل فيه كثيرون حول مدى فاعلية الدبلوماسية الدينية، وقدرة رجال الدين في التأثير على مسار العمليات السياسية والثقافية والاجتماعية عالمياً، وغيرها من الأسئلة التي تفرضها نزاعات في أكثر من منطقة في العالم، يحاول البعض منحها طابع صراع بين الأديان. وإذ تتباين التقديرات بشأن مدى تأثير الزعماء الدينين على التطورات المحلية والعالمية، تبقى حقيقة واحدة غير قابلة للجدل، وهي أن الحوار بين هؤلاء الزعماء وممثلي الأديان بشكل عام، أمر ضروري وغاية في الأهمية في هذه المرحلة من تاريخ البشرية، ذلك أن الحوار يعني أن الأطراف مستعدة لسماع بعضها، وهذا أمر بحد ذاته يساهم في تطوير العلاقات بين مختلف الأديان.
ويقول المنظمون إن المؤتمر سيركز على بحث عدة قضايا حساسة، في مقدمتها تعزيز الأمن عبر الحوار ونشر التسامح، والبحث عن حلول سلمية للنزاعات والحيلولة دون نشوبها، وعدم السماح بانهيار القانون الدولي، وقيم الصداقة والتعايش السلمي، والعمل على تعزيز الحوار والتعاون بين الأديان رداً على التهديد بالعنف. ويُعول على الزعماء الدينيين بلعب دور مؤثر في تنفيذ تلك المهام، نظراً لدورهم الفعال في المجتمعات. وبغية تفعيل هذا الدور ووضع رؤية مشتركة للعمل في هذا الاتجاه، انطلق مؤتمر حوار الأديان العالمية في العاصمة الكازاخية آستانة في دورته الأولى منذ 15 عاماً، ومنذ ذلك الحين يُعقد المؤتمر مرة كل ثلاث سنوات، بمشاركة قيادات يمثلون مختلف الديانات، ومعهم رؤساء دول وحكومات ورجال سياسة وعلماء، ومنظمات دولية. ولاستضافة هذه الفعالية الاجتماعية شيدت السلطات الكازاخية مجمعاً خاصاً أطلقت عليه اسم «قصر السلام والوئام».
ولم يأت اختيار آستانة مقرا للحوار بين الزعماء الدينيين عن عبث، ذلك أن هذه المدينة ترمز للدولة الكازاخية متعددة الأديان والأعراق. ويتكون الطيف الديني في البلاد من 18 دينا وطائفة، وفيها نحو 3800 جمعية دينية. ويشكل المسلمون غالبية عظمى من السكان (ما يقارب 70 في المائة)، ويأتي المسيحيون في المرتبة الثانية بنسبة 26 في المائة، و4 في المائة من المجموعات الدينية الأخرى. ورغم هذا التنوع فإن الوضع الديني في البلاد مستقر ويمكن التنبؤ به. ويعود هذا التعايش السلمي إلى جملة عوامل تاريخية وثقافية - اجتماعية، فضلا عن الدور الإيجابي في هذا المجال لدستور البلاد الذي يكرس الطبيعة العلمانية للدولة، ويكفل للمواطنين حرية الاعتقاد والدين.
وسيتيح مؤتمر حوار الزعماء الدينيين في آستانة للمشاركين فرصة ليعرض كل منهم وجهة نظره، ويستمع لوجهة نظر الآخر، بغية وضع توصيات مشتركة للعمل معا على مواجهة التحديات الخطيرة، وفي مقدمتها الجرائم التي ترتكب بشكل متزايد باسم الدين، علما بأن جميع الديانات تدعو للسلام وتنبذ العنف. وسيكون للمؤتمر تأثير إيجابي على المستوى الاجتماعي، وسيساهم في غرس مفاهيم ومبادئ احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافي. وبشكل عام يشكل المؤتمر السادس لقادة الأديان العالمية والتقليدية خطوة أخرى نحو التفاعل النوعي للثقافات وتعزيز التفاهم المتبادل في المجتمع. ومع أن الحوار لا يعني بالضرورة التوصل دوما لاتفاق، فإنه يعكس الرغبة في السعي لإيجاد صيغة توافقية، ولذلك يبقى الحوار ضرورة موضوعية، لا سيما في الوقت الراهن.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.