الجروح المتعمّدة لدى المراهقين

ممارسة الإيذاء البدني للتخلص من الضغوط النفسية

الجروح المتعمّدة لدى المراهقين
TT

الجروح المتعمّدة لدى المراهقين

الجروح المتعمّدة لدى المراهقين

تنتشر أحيانا بين المراهقين والأطفال الأكبر عمرا ظاهرة خطيرة وهي إحداث الجروح المتعمدة القطعية Cutting من دون النية للانتحار أو حتى مجرد محاولته. وربما يبدو الأمر غريبا بعض الشيء ولكن هو مجرد تعبير عن مشاعر التوتر والقلق أو الضيق والإحساس بالذنب في بعض الأحيان. وهذا شعور يتملك الجميع مراهقين وبالغين أيضا، ولكن البالغين يستطيعون السيطرة على مشاعرهم وعدم ترجمتها إلى الإيذاء البدني، وتوجد في كل الثقافات دائما عبارات تتردد على سبيل الدعابة تعبر عن رغبة الأشخاص في إحداث جروح أو كسور في الجسد نتيجة لارتكابهم خطأ ما. إلا أن هذه الدعابة تتحول لدى بعض المراهقين والأطفال إلى أمر واقع بالفعل ويقومون بتنفيذ تلك الأفكار.
- تصرفات خطيرة
تكمن خطورة هذه التصرفات في شيوعها بين المراهقين في الآونة الأخيرة حيث تشير الدراسات إلى أن هناك نسبة تبلغ ما بين 15 و20 في المائة من المراهقين قاموا بتجربة الإيذاء الذاتي Self - harm behavior على الأقل مرة واحدة وأكثر الفئات المهددة بالإقدام على مثل هذه المحاولات هي الفئة العمرية ابتداء من عمر 13 وحتى 15 عاما. وفي الغالب يتم الإيذاء عن طريق استخدام آلات حادة مثل الشفرات أو المقصات أو سكاكين الطعام في بعض الأحيان. وتكون الأماكن الأكثر عرضة للإصابة مناطق الذراع وأعلى الفخذ والبطن. ولا توجد جروح في الرسغ لعدم وجود النية للانتحار ومعرفة المراهق المسبقة أن القطع في الشريان الموجود على الجانب الأيسر من الرسغ ربما يؤدي إلى الوفاة.
وعلى الرغم من أن هذه الجروح هي مجرد تعبير وقتي عن التوتر والقلق إلا أنها ربما تكون من الخطورة أكثر مما يظن المراهق. وعلى سبيل المثال يترك بعض هذه الجروح آثارا دائمة على الجلد (ندبات) كما أن بعض الجروح ربما تكون عميقة بحيث تتطلب التدخل الجراحي. أوضحت الدراسات التي تم إجراؤها على المراهقين الذين قاموا بالإيذاء الذاتي أن هناك سببين رئيسيين لإقدامهم على مثل هذه التصرفات. أول هذه الأسباب هو أن تفاعل الجسم مع الإيذاء البدني والمواد الكيميائية التي يقوم الجسم بإفرازها عبر المخ في الاستجابة للألم الحسي يؤدي إلى نقص الإحساس بالألم العاطفي والنفسي. وفي هذه الحالة يكون الجرح بمثابة العلاج الذي على الرغم من قسوته إلا أنه يؤدي إلى شفاء العلة. والسبب الثاني هو لفت الأنظار إلى مدى المعاناة والألم الذي يشعر به المراهق، حيث إن الألم الحسي الناتج من الجروح واضح وظاهر بخلاف الألم النفسي الذي ربما لا يستطيع التعبير عنه وبالتالي لا يتم الالتفات له والعمل على تخفيف حدته وفي الكثير من الأحيان يكون السببان مجتمعين.
- مؤشرات للآباء
يجب على الآباء أن يقوموا بملاحظة أي تغيرات تطرأ على المراهق مثل العزلة في غرفته باستمرار والتي تكون مؤشرا للتوتر والقلق أو على النقيض الخروج الدائم مع الأصدقاء وتجنب لقاء الآباء.
ويجب أيضا أن يلاحظ الآباء أي تغيير يطرأ في ملابس المراهق بمعنى أن يتجنب تماما ارتداء الملابس التي تظهر الساقين مثل الشورتات أو ارتداء التنورات للفتيات والإصرار الدائم على ارتداء البنطلونات والقمصان الطويلة حتى يتمكن من إخفاء الجروح التي تكون موجودة على الجسم خاصة في الجو الحار أو داخل المنزل والذي يجب أن يثير التساؤل عند الأم.
ينصح الخبراء والأطباء النفسيون الآباء عند اكتشافهم أن الابن يقوم بمثل هذا السلوك بضرورة مناقشة الأمر معه من دون التوعد بالعقاب أو التسفيه من الفعل، والاتهام بأن مثل هذه التصرفات صبيانية أو خرقاء مع ضرورة توضيح خطورتها وذكر الحقائق العلمية عنها وأنها يمكن أن تترك آثارا دائمة، ويجب أيضا إظهار التفهم وعدم الإدانة والتأكيد على أن الأسباب أيا كانت فهي محل تقدير وأن المراهق سوف يلقى الدعم النفسي الكامل من دون الحاجة إلى إظهاره عن طريق الإيذاء الجسدي، وأن الجميع قد مروا بمثل هذه الظروف من التوتر والقلق ولكن استطاعوا التغلب عليها من دون الإيذاء البدني، وأن الحديث دائما مرحب به.
وفي حالة حديث المراهق ومصارحة أبويه يمكن أن يقوم الآباء بطلب رؤية الجروح لمعرفة لأي مدى يمكن أن تكون خطيرة تبعا لحجمها وعمقها وتلوثها من عدمه وتكرارها ويقرر الآباء تبعا لحالة الجرح هل يستحق العرض على الطبيب من عدمه.
يجب على الآباء إخبار المراهق أنهم على الرغم من تفهم أن هذه الطريقة لتفريغ شحنات التوتر والقلق والمخاوف المختلفة فإن هذه الطريقة ليست الأنسب لحل المشكلات النفسية أو الضغوط المختلفة، وأنه يمكن التحدث إلى الطبيب النفسي.
وقد يرفض بعض المراهقين زيارة الطبيب النفسي حتى لا يشعر أنه مريض ويجب أن يتم علاجه وهو الأمر الذي ربما يزيد من الضغوط عليه، وفي مثل هذه الحالة يمكن أن يتعامل المراهق مع معالج نفسي والذي يمكن أن يقرر تبعا لحالته إذا كان يجب أن يعالج لدى طبيب نفسي من عدمه.
ويوضح الأطباء النفسيون أن الآباء يجب ألا يقلقوا من تلك المحاولات لأنها تختلف عن الانتحار شكلا ومضمونا، والمراهق في حالة الجرح الذاتي يحاول فقط أن يتحسن ويتخلص من المشاعر السلبية وليس الحياة.
وبالتالي لن يتطور الأمر إلى الإقدام على الانتحار. ولكن يجب الوضع في الحسبان أن تراكم الضغوط على المراهق بما يؤدي إلى إصابته بأمراض نفسية أخرى وأن الدعم الأسري من أهم العوامل في اتزان الصحة النفسية.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».