الفيدرالي يلمح إلى زيادة وشيكة للفائدة... ونزاعات التجارة أبرز مخاوفه

جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (رويترز)
جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (رويترز)
TT

الفيدرالي يلمح إلى زيادة وشيكة للفائدة... ونزاعات التجارة أبرز مخاوفه

جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (رويترز)
جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (رويترز)

أظهرت وقائع أحدث اجتماع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أن صناع السياسات ناقشوا رفع أسعار الفائدة قريبا للتصدي للقوة الزائدة في الاقتصاد، لكنهم نظروا أيضا في الأثر المحتمل للنزاعات التجارية العالمية على الشركات والمستهلكين.
ويعكف مجلس الاحتياطي على رفع أسعار الفائدة تدريجيا منذ 2015. ويبدي صناع السياسات قلقا في الوقت الحالي من أن يكون الاقتصاد «أقوى مما ينبغي»، وأن يرتفع التضخم بلا هوادة فوق هدف البنك المركزي البالغ اثنين في المائة.
وأبقى مسؤولو مجلس الاحتياطي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعهم في 31 يوليو (تموز) وأول أغسطس (آب)، لكن نقاشاتهم أوضحت بجلاء أنهم يدرسون رفع سعر الفائدة قريبا... وزاد مجلس الاحتياطي تكاليف الاقتراض مرتين هذا العام.
وبحسب محضر الاجتماع الصادر مساء الأربعاء، فقد «اقترح مشاركون كثيرون إذا واصلت البيانات القادمة دعم توقعاتهم الاقتصادية القائمة، فمن المرجح أن يصبح مناسبا عما قريب أخذ خطوة أخرى لإزالة التيسير النقدي».
وأقر صناع السياسات بوجه عام بأن إنفاق المستهلكين والشركات الأميركية ينطوي على «زخم كبير».
وتوقع مسؤولو مجلس الاحتياطي أن ينمو الاقتصاد بسرعة كافية لدفع التضخم للصعود بعد أن اقترب في الفترة الأخيرة من هدف البنك المركزي. وفي ظل رفع أسعار الفائدة، فإن صناع سياسات كثيرين يقولون إنه سيتعين على مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يتوقف عما قريب عن وصف السياسة النقدية بأنها «تعطي دفعة للاقتصاد».
وناقش صناع السياسات باستفاضة أيضا مخاطر التوترات التجارية على الاقتصاد. ورفعت إدارة ترمب الرسوم الجمركية على واردات من دول مثل الصين وأعضاء الاتحاد الأوروبي، مما أوقد شرارة فرض رسوم انتقامية على الصادرات الأميركية.
وسلط النقاش الضوء على الوضع الصعب الذي قد يجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه فيه في حالة تفاقم النزاعات التجارية، حيث قد تضطر الشركات الأميركية إلى تقليص التوظيف؛ بينما يواجه المستهلكون أسعارا أعلى على السلع المستوردة.
ومهمة مجلس الاحتياطي وفقا للقانون الأميركي هي رعاية التوظيف الكامل واستقرار الأسعار.
وتتماشى وقائع محضر الفيدرالي مع تصريحات روبرت كابلان، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، الذي قال قبل يومين إنه يرغب أن يتخذ المجلس قرارا برفع أسعار الفائدة ثلاث أو أربع زيادات أخرى تدريجية، تليها فترة توقف لإعطاء البنك المركزي الوقت الكافي لتقييم التوقعات الاقتصادية.
وأضاف كابلان، في مقال نشر على موقع البنك الإقليمي، أن ثلاث أو أربع زيادات تدريجية أخرى في معدل الفائدة ستجعل مستوى سعر الفائدة يصل إلى مستوى يقترب ما بين 2.5 إلى 2.75 في المائة، وهو ما حدده كابلان بأنه السعر المحايد لمستوى الفائدة، فيما يرى أعضاء آخرون بمجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن المستوى المحايد يقترب من 3 في المائة.
وأشار كابلان إلى أن «منحنى العائد المسطح يظهر بأننا متأخرون في الدورة الاقتصادية، لذا على المجلس أن يرفع سعر الفائدة تدريجيا حتى يصل إلى المستوى المحايد، وهو المستوى الذي لا يحفز أو يقيد عملية النمو».
وأكد أنه «عند بلوغ سعر الفائدة لذلك المستوى، سأميل إلى التراجع وتقييم التوقعات الاقتصادية، والنظر إلى العوامل الأخرى قبل اتخاذ قرار بشأن الإجراءات الإضافية - إن وجدت - والتي قد تناسب تلك المرحلة».


مقالات ذات صلة

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».