الأثر النفسي للعلاقات المضطربة بين الإخوة

TT

الأثر النفسي للعلاقات المضطربة بين الإخوة

لا شك أن وجود أخ أو عدة إخوة للطفل يعتبر من الأمور الطيبة التي تترك في الأغلب أثراً نفسياً جيداً على الطفل، ولا تشعره بالوحدة، وتمده بالدفء العائلي، خصوصاً إذا كان عمر الإخوة متقارباً. ولكن الحقيقة أنه على الرغم من الإيجابيات الكثيرة للعلاقة الأخوية، إلا أن هناك بعض السلبيات التي ربما تتسبب في آثار نفسية سلبية، بل ومدمرة على بعض الأطفال، خصوصاً التي تكون مصحوبة بانتهاكات نفسية، والتي من الممكن أن تكون مقصودة أو غير مقصودة، وكذلك الاعتداء الجسدي (المقصود بالاعتداء الجسدي ليست المشاجرات اليومية التي تحدث بين كل أطفال العالم بالطبع، والتي تعتبر طبيعية تماماً، ولكن المقصود هو الإيذاء المتعمد والمتكرر والمؤلم من طرف أقوى على طرف أضعف جسدياً).

- عداءات الأخوة
بالطبع يمكن أن تكون هناك خلافات بين الإخوة بشكل طبيعي، وليس بالضرورة أن يكون الإخوة أصدقاء حتى إذا كانوا في المرحلة العمرية نفسها، لاختلاف الشخصيات والميول، ولكن تبقى العلاقة في الإطار الطبيعي. ويعتبر مؤشر الخطورة لخلل هذه العلاقة هو محاولة السيطرة من طرف على آخر وإخضاعه. وفي دراسة نشرت في مجلة «العنف بين الأشخاص» (Journal of Interpersonal Violence) قال الباحثون إن نسبة تتراوح بين 50 إلى 80 في المائة من المراهقين تحت عمر 18 عاماً أشاروا إلى أنهم يتعرضون لنوع من أنواع الاعتداء من قبل الإخوة (sibling abuse)، سواء كان هذا الاعتداء لفظياً أو جسدياً أو نفسياً، وفي بعض الأحيان يحدث اعتداء جنسي أيضاً. كما أشارت الدراسة إلى أن هذه الاعتداءات تتفوق على الاعتداءات من قبل الآباء على الأبناء، وأن هناك 3 من كل 100 مراهق يتعرضون لضرر بالغ في محيط الإخوة.
وأوضحت الدراسة أن الإحصاءات الدقيقة غير متوفرة، حيث إن معظم الأفراد الذين يتعرضون للعنف بين الإخوة في الأغلب لا يبوحون بمثل هذه الوقائع، أو أن الأمور تبدو كما لو كانت أصبحت طبيعية بعد مضي فترة من الزمن، ولكنها تترك أثراً نفسياً شديد السلبية على الطفل أو المراهق الضحية، حيث يفقد ثقته في أقرب المحيطين به، ويعاني من الاكتئاب واضطرابات الأكل، سواء فقدان الشهية أو العكس بزيادة الإقبال على تناول الطعام. وكذلك تحدث اضطراب ما بعد الصدمة (post – traumatic stress disorder) في حالات الضرب المبرح.
وفى الأغلب تكون الفتيات هن الأكثر عرضة لحدوث هذه الاعتداءات (خصوصاً في المجتمعات التي يمكن أن يمارس فيها الأخ الأكبر سلطات أبوية على الفتيات الأصغر عمراً)، وأيضاً يمكن أن يقوم المراهق المعتدى عليه بتناول المواد المخدرة.

- تنافس وإيذاء
تشير الدراسة إلى أن العلاقة بين الإخوة المتقاربين في العمر يغلب عليها التنافس لجذب الاهتمام، خصوصاً من الآباء أو الأصدقاء والأقارب، حيث إن هناك دائماً مقارنة مفروضة بحكم الوجود في المحيط الاجتماعي نفسه، سواء في الأداء المدرسي أو السلوك الاجتماعي وحتى المظهر (خصوصاً الفتيات إذا كانت هناك فروق واضحة في الجمال). ويجب على الآباء معرفة أن التطرق إلى المقارنة بين الإخوة من أكثر الأشياء المدمرة لعلاقة الأشقاء، وتسبب حدوث الكراهية بينهم. وعلى الرغم من أن الآباء في الأغلب يلجأون إلى عقد هذه المقارنات لتحفيز الطرف الأقل وتشجيعه، إلا أن هذه المقارنات تأتي بنتائج شديدة السلبية، حتى ولو كانت في إطار الدعابة المستمرة، وتترك المراهق في حالة نفسية أسوأ من مقارنته بالآخرين، لأنه في حالة الإخوة يوجد المنافس أمامه باستمرار، ولا يمكنه تجنبه أو تجاهله، وهو ما يمثل ضغطاً نفسياً زائداً عليه. وقد يقوم بتعويض ذلك بالاعتداء البدني أو النفسي على الأخ أو الأخت.
هناك بعض العلامات التي يجب أن يلاحظها الآباء في تعامل الإخوة مثل الضرب المتكرر وتعمد الإيذاء، وكذلك السخرية الدائمة أو تعمد الإهانة بشكل غير طبيعي، بالطبع هناك نوع من المزاح الطبيعي في العلاقة الإخوية، ولكن التعمد والكراهية يجب الالتفات لهما (على سبيل المثال لا يمكن تقبل الوشاية بأحد الأشقاء في المدرسة أو النادي بشكل يمثل اتهاماً يترتب عليه ضرر يلحق بالأخ أو إفساد علاقته بالآخرين بحجة الدعابة أو الهزار). وكذلك الاشتباك بالأيدي أو الضرب المبرح، خصوصاً في حال تكراره، وأيضاً بالنسبة الفتيات، ويجب أيضاً على الآباء ملاحظة النفور من أحد الإخوة تجاه الآخر أو الخوف الشديد، وعدم الرغبة في الوجود في المنزل بمفرده مع أحد الأشقاء، أو العكس الرغبة في ترك المنزل لفترات طويلة، أو تغير سلوك أحد الأبناء وشعوره الدائم بالقلق، وتغير عاداته الغذائية، وكذلك تغير مواعيد النوم والشعور بالأرق والإصابة بالكوابيس.
حذرت الدراسة الآباء من أن يتسببوا في حدوث المنافسة والكراهية بين الإخوة من خلال عدة أمور مثل المقارنة، أو إعطاء سلطات زائدة لأحد الإخوة، خصوصاً إذا كان هناك فرق واضح في العمر (بالطبع يقوم الأخ الأكبر بدور توجيه للإخوة الأصغر، ولكن من دون أن يتحول هذا الإحساس إلى السيطرة وفرض القرار). وأيضاً يجب على الآباء عدم تجاهل شكاوى الإخوة الأصغر أو الأضعف، والتعامل معها بجدية حتى لا تتفاقم، ويتم التدخل بحكمة ومنع طرف من السيطرة، وإيذاء الآخر، كما يتعين على الآباء أن يكونوا موجودين باستمرار بالقرب من الأبناء، ومعرفة شخصية كل منهم وملاحظة مشكلاته، وأن تكون هناك قنوات حديث مفتوحة بين الآباء والأبناء، بحيث يشعر الجميع أن المنزل بيئة آمنة ومريحة.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الموافقة على أول دواء لعلاج ملاريا لدى الرضع والأطفال

صحتك نسبة الإصابة بالملاريا في غرب أفريقيا تصل إلى 18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر (أ.ف.ب)

الموافقة على أول دواء لعلاج ملاريا لدى الرضع والأطفال

أعلنت شركة «نوفارتس»، اليوم (الثلاثاء)، أنها حصلت على موافقة في سويسرا على دواء «كوارتم بيبي» الذي قالت إنه أول دواء لعلاج الملاريا لدى الرضع والأطفال الصغار.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )
صحتك الجوز هو المكسرات الشجرية الوحيدة التي تُعدّ مصدراً ممتازاً لأحماض «أوميغا 3» (أرشيفية - رويترز)

ما أفضل الأطعمة لصحة الدماغ بعد سن الأربعين؟

يؤثر نظامنا الغذائي في كل جزء من أجسامنا تقريباً، بما في ذلك أدمغتنا، فما الأطعمة المعروفة بفوائدها المُعززة للدماغ؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأشخاص الذين يمارسون أنشطة صباحية منتظمة أقل عرضة للإصابة بالسمنة (رويترز)

التمارين الصباحية الأفضل لفقدان الوزن... بشرط واحد

في حين أن ممارسة الرياضة في الصباح الباكر مفيدة للصحة العقلية والجسدية، أشار بحث أيضاً إلى أنها قد تكون الأفضل لفقدان الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك التشخيص المبكر للسرطان أمر بالغ الأهمية لتحسين فرص النجاة (غيتي)

هذه العلامات قد تعني أن حرقة معدتك تخفي مرضاً خطيراً

تحث حملة صحية الناس على عدم تجاهل حرقة المعدة، لأنها قد تكون علامة على سرطان المعدة أو المريء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك علماء توصلوا إلى صلة بين القهوة سريعة التحضير والتنكس البقعي المرتبط بالتقدم في العمر (إ.ب.أ)

احذر فنجان القهوة الصباحي قد يسبب العمى

إذا كنت تجد صعوبة في اجتياز يومك دون جرعة من الكافيين، لكنك تخشى الآثار الصحية الضارة للقهوة، فقد يكون «الماتشا» هو الحل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الموافقة على أول دواء لعلاج ملاريا لدى الرضع والأطفال

نسبة الإصابة بالملاريا في غرب أفريقيا تصل إلى 18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر (أ.ف.ب)
نسبة الإصابة بالملاريا في غرب أفريقيا تصل إلى 18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر (أ.ف.ب)
TT

الموافقة على أول دواء لعلاج ملاريا لدى الرضع والأطفال

نسبة الإصابة بالملاريا في غرب أفريقيا تصل إلى 18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر (أ.ف.ب)
نسبة الإصابة بالملاريا في غرب أفريقيا تصل إلى 18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر (أ.ف.ب)

أعلنت شركة «نوفارتس»، اليوم (الثلاثاء)، أنها حصلت على موافقة في سويسرا على دواء «كوارتم بيبي» الذي قالت إنه أول دواء لعلاج الملاريا لدى الرضع والأطفال الصغار، وفق ما نشرت «رويترز».

ومن المتوقع الآن أن تُصدر ثماني دول أفريقية شاركت في التقييم موافقات سريعة على الدواء الذي يُعرف أيضاً باسم «ريامت بيبي» في بعض البلدان.

كانت «نوفارتس» قد أطلقت «كوارتم» لعلاج الملاريا في 1999، وتعمل حالياً على هذه النسخة التي تختلف قوة جرعتها لتناسب الأطفال الصغار.

والبلدان الثمانية التي شاركت في التقييم هي: بوركينا فاسو، وكوت ديفوار، وكينيا، ومالاوي، وموزمبيق، ونيجيريا، وتنزانيا، وأوغندا.

وقالت «نوفارتس» إن نحو 30 مليون طفل يولدون في المناطق المعرَّضة لخطر الإصابة بالملاريا في أفريقيا كل عام، وخلصت إحدى الدراسات في غرب أفريقيا إلى أن نسبة الإصابة تتراوح بين 3.4 في المائة و18.4 في المائة بين الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر.