الأثر النفسي للعلاقات المضطربة بين الإخوة

TT
20

الأثر النفسي للعلاقات المضطربة بين الإخوة

لا شك أن وجود أخ أو عدة إخوة للطفل يعتبر من الأمور الطيبة التي تترك في الأغلب أثراً نفسياً جيداً على الطفل، ولا تشعره بالوحدة، وتمده بالدفء العائلي، خصوصاً إذا كان عمر الإخوة متقارباً. ولكن الحقيقة أنه على الرغم من الإيجابيات الكثيرة للعلاقة الأخوية، إلا أن هناك بعض السلبيات التي ربما تتسبب في آثار نفسية سلبية، بل ومدمرة على بعض الأطفال، خصوصاً التي تكون مصحوبة بانتهاكات نفسية، والتي من الممكن أن تكون مقصودة أو غير مقصودة، وكذلك الاعتداء الجسدي (المقصود بالاعتداء الجسدي ليست المشاجرات اليومية التي تحدث بين كل أطفال العالم بالطبع، والتي تعتبر طبيعية تماماً، ولكن المقصود هو الإيذاء المتعمد والمتكرر والمؤلم من طرف أقوى على طرف أضعف جسدياً).

- عداءات الأخوة
بالطبع يمكن أن تكون هناك خلافات بين الإخوة بشكل طبيعي، وليس بالضرورة أن يكون الإخوة أصدقاء حتى إذا كانوا في المرحلة العمرية نفسها، لاختلاف الشخصيات والميول، ولكن تبقى العلاقة في الإطار الطبيعي. ويعتبر مؤشر الخطورة لخلل هذه العلاقة هو محاولة السيطرة من طرف على آخر وإخضاعه. وفي دراسة نشرت في مجلة «العنف بين الأشخاص» (Journal of Interpersonal Violence) قال الباحثون إن نسبة تتراوح بين 50 إلى 80 في المائة من المراهقين تحت عمر 18 عاماً أشاروا إلى أنهم يتعرضون لنوع من أنواع الاعتداء من قبل الإخوة (sibling abuse)، سواء كان هذا الاعتداء لفظياً أو جسدياً أو نفسياً، وفي بعض الأحيان يحدث اعتداء جنسي أيضاً. كما أشارت الدراسة إلى أن هذه الاعتداءات تتفوق على الاعتداءات من قبل الآباء على الأبناء، وأن هناك 3 من كل 100 مراهق يتعرضون لضرر بالغ في محيط الإخوة.
وأوضحت الدراسة أن الإحصاءات الدقيقة غير متوفرة، حيث إن معظم الأفراد الذين يتعرضون للعنف بين الإخوة في الأغلب لا يبوحون بمثل هذه الوقائع، أو أن الأمور تبدو كما لو كانت أصبحت طبيعية بعد مضي فترة من الزمن، ولكنها تترك أثراً نفسياً شديد السلبية على الطفل أو المراهق الضحية، حيث يفقد ثقته في أقرب المحيطين به، ويعاني من الاكتئاب واضطرابات الأكل، سواء فقدان الشهية أو العكس بزيادة الإقبال على تناول الطعام. وكذلك تحدث اضطراب ما بعد الصدمة (post – traumatic stress disorder) في حالات الضرب المبرح.
وفى الأغلب تكون الفتيات هن الأكثر عرضة لحدوث هذه الاعتداءات (خصوصاً في المجتمعات التي يمكن أن يمارس فيها الأخ الأكبر سلطات أبوية على الفتيات الأصغر عمراً)، وأيضاً يمكن أن يقوم المراهق المعتدى عليه بتناول المواد المخدرة.

- تنافس وإيذاء
تشير الدراسة إلى أن العلاقة بين الإخوة المتقاربين في العمر يغلب عليها التنافس لجذب الاهتمام، خصوصاً من الآباء أو الأصدقاء والأقارب، حيث إن هناك دائماً مقارنة مفروضة بحكم الوجود في المحيط الاجتماعي نفسه، سواء في الأداء المدرسي أو السلوك الاجتماعي وحتى المظهر (خصوصاً الفتيات إذا كانت هناك فروق واضحة في الجمال). ويجب على الآباء معرفة أن التطرق إلى المقارنة بين الإخوة من أكثر الأشياء المدمرة لعلاقة الأشقاء، وتسبب حدوث الكراهية بينهم. وعلى الرغم من أن الآباء في الأغلب يلجأون إلى عقد هذه المقارنات لتحفيز الطرف الأقل وتشجيعه، إلا أن هذه المقارنات تأتي بنتائج شديدة السلبية، حتى ولو كانت في إطار الدعابة المستمرة، وتترك المراهق في حالة نفسية أسوأ من مقارنته بالآخرين، لأنه في حالة الإخوة يوجد المنافس أمامه باستمرار، ولا يمكنه تجنبه أو تجاهله، وهو ما يمثل ضغطاً نفسياً زائداً عليه. وقد يقوم بتعويض ذلك بالاعتداء البدني أو النفسي على الأخ أو الأخت.
هناك بعض العلامات التي يجب أن يلاحظها الآباء في تعامل الإخوة مثل الضرب المتكرر وتعمد الإيذاء، وكذلك السخرية الدائمة أو تعمد الإهانة بشكل غير طبيعي، بالطبع هناك نوع من المزاح الطبيعي في العلاقة الإخوية، ولكن التعمد والكراهية يجب الالتفات لهما (على سبيل المثال لا يمكن تقبل الوشاية بأحد الأشقاء في المدرسة أو النادي بشكل يمثل اتهاماً يترتب عليه ضرر يلحق بالأخ أو إفساد علاقته بالآخرين بحجة الدعابة أو الهزار). وكذلك الاشتباك بالأيدي أو الضرب المبرح، خصوصاً في حال تكراره، وأيضاً بالنسبة الفتيات، ويجب أيضاً على الآباء ملاحظة النفور من أحد الإخوة تجاه الآخر أو الخوف الشديد، وعدم الرغبة في الوجود في المنزل بمفرده مع أحد الأشقاء، أو العكس الرغبة في ترك المنزل لفترات طويلة، أو تغير سلوك أحد الأبناء وشعوره الدائم بالقلق، وتغير عاداته الغذائية، وكذلك تغير مواعيد النوم والشعور بالأرق والإصابة بالكوابيس.
حذرت الدراسة الآباء من أن يتسببوا في حدوث المنافسة والكراهية بين الإخوة من خلال عدة أمور مثل المقارنة، أو إعطاء سلطات زائدة لأحد الإخوة، خصوصاً إذا كان هناك فرق واضح في العمر (بالطبع يقوم الأخ الأكبر بدور توجيه للإخوة الأصغر، ولكن من دون أن يتحول هذا الإحساس إلى السيطرة وفرض القرار). وأيضاً يجب على الآباء عدم تجاهل شكاوى الإخوة الأصغر أو الأضعف، والتعامل معها بجدية حتى لا تتفاقم، ويتم التدخل بحكمة ومنع طرف من السيطرة، وإيذاء الآخر، كما يتعين على الآباء أن يكونوا موجودين باستمرار بالقرب من الأبناء، ومعرفة شخصية كل منهم وملاحظة مشكلاته، وأن تكون هناك قنوات حديث مفتوحة بين الآباء والأبناء، بحيث يشعر الجميع أن المنزل بيئة آمنة ومريحة.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

مضاعفات نقص الحديد... 5 علامات غير متوقعة تكشف معاناة جسدك

صحتك نقص الحديد في الجسم يشعرك بالإرهاق الشديد حتى مع أقل مجهود (رويترز)

مضاعفات نقص الحديد... 5 علامات غير متوقعة تكشف معاناة جسدك

يمكن للاكتشاف المبكر لنقص الحديد أن يساعد في منع أو عكس المضاعفات الناجمة عن نقصه بجسمك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)

عانت منه ميغان ماركل... ما تسمم الحمل بعد الولادة؟

كشفت ميغان ماركل زوجة الأمير البريطاني هاري عن معاناتها من تسمم الحمل بعد الولادة واصفة التجربة بأنها «حالة طبية ضخمة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك قد يُزيد تناول جرعة زائدة من المغنيسيوم من خطر الإصابة بآثار جانبية مثل الإسهال والغثيان والقيء وآلام المعدة (رويترز)

إن كنت تتناول أقراص المغنيسيوم فانتبه لهذه الآثار الجانبية

المغنيسيوم معدن أساسي في وظائف العضلات والأعصاب، وصحة العظام، والتحكم في ضغط الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الاختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم (رويترز)

نجاح «مذهل» لاختبارات دم في الكشف المبكر عن ألزهايمر

أكدت دراسة جديدة فاعلية اختبارات تتبع مؤشرات حيوية رئيسية في الدم، في التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تناول الطعام المحلَّى في الصباح يُسبب ارتفاعاً سريعاً في سكر الدم يليه هبوط حاد بالغلوكوز يؤدي إلى الجوع والرغبة الشديدة في تناول مزيد من السكر (أ.ب)

6 عادات صباحية شائعة تزيد دهون البطن

حدد خبراء الصحة 6 عادات صباحية شائعة تُعيق جهود التخلص من دهون البطن، وتُهدد الصحة العامة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عانت منه ميغان ماركل... ما تسمم الحمل بعد الولادة؟

الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)
الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)
TT
20

عانت منه ميغان ماركل... ما تسمم الحمل بعد الولادة؟

الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)
الأمير البريطاني هاري برفقة زوجته ميغان ماركل (د.ب.أ)

كشفت ميغان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، عن معاناتها من تسمم الحمل بعد الولادة، واصفة التجربة بأنها «حالة طبية ضخمة».

وتحدثت ميغان، البالغة من العمر 43 عاماً، عن معاناتها من هذه الحالة الصحية «النادرة والمخيفة» في الحلقة الأولى من بودكاستها الجديد. في «اعترافات مؤسسة»، وصفت الممثلة السابقة التجربة أثناء مناقشة تحديات بناء الأعمال التجارية، وتحقيق التوازن بين الأمومة مع ويتني وولف هيرد، مؤسسة تطبيق «بامبل»، وفقاً لصحيفة «الإندبندنت».

قالت ماركل: «مررنا بتجارب متشابهة جداً، على الرغم من أننا لم نكن نعرف بعضنا بعضاً في ذلك الوقت... مع تسمم الحمل بعد الولادة».

وصفت هيرد الحالة بأنها «مسألة حياة أو موت».

ما تسمم الحمل بعد الولادة؟

تسمم الحمل بعد الولادة عبارة عن حالة ارتفاع ضغط الدم، قد يحدث ذلك بعد الولادة، ويُسبب مضاعفات خطيرة إذا لم يُعالج. ومن بين المشاهير الذين عانوا من هذا المرض: ماركل، وهيرد، وكيم كارداشيان.

تُصنفه هيئة الخدمات الصحية الوطنية بأنه يُصيب بعض النساء الحوامل، عادة خلال النصف الثاني من الحمل (بدءاً من الأسبوع العشرين)، أو قد يُصيب النساء أيضاً بعد الولادة بفترة وجيزة.

أعراض تسمم الحمل

تشمل العلامات المبكرة لتسمم الحمل ارتفاع ضغط الدم، ووجود بروتين في البول، وفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا.

على الرغم من أن هذه العلامات قد لا تُكتشف في البداية، فإنه يجب التدقيق بأي مشاكل ما قبل الولادة. في بعض الحالات، قد تظهر أعراض أخرى، بما في ذلك:

- صداع شديد.

- مشاكل في الرؤية.

- ألم أسفل الأضلاع مباشرة.

- تقيؤ.

- تورم مفاجئ في الوجه أو اليدين أو القدمين.

من الأكثر عرضة للإصابة بتسمم الحمل؟

أسباب تسمم الحمل غير معروفة، ولكن بعض النساء أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة من غيرهن، وهن اللواتي يعانين من:

- داء السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الكلى قبل الحمل.

- حالة مناعة ذاتية، مثل الذئبة أو متلازمة أضداد الفوسفوليبيد.

- ارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل في حمل سابق

وفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية. ومن العوامل الأخرى التي قد تزيد بشكل طفيف من احتمالية إصابة المرأة بهذه الحالة ما يلي:

- تاريخ عائلي للإصابة بتسمم الحمل.

- بلوغ سن الأربعين أو أكثر.

- مرور أكثر من 10 سنوات على آخر حمل لكِ.

- الحمل بتوأم.

- مؤشر كتلة الجسم (BMI) 35 أو أكثر.