غي مانوكيان وأبو يفتتحان «مهرجانات بيت مسك» وسط جمهور كثيف

أمسية تمازجت فيها الموسيقى الغربية والشرقية

 جمهور كثيف زحف بالآلاف لحضور الافتتاح
جمهور كثيف زحف بالآلاف لحضور الافتتاح
TT

غي مانوكيان وأبو يفتتحان «مهرجانات بيت مسك» وسط جمهور كثيف

 جمهور كثيف زحف بالآلاف لحضور الافتتاح
جمهور كثيف زحف بالآلاف لحضور الافتتاح

بشغف وحماس كبيرين، أمضى اللبنانيون من متذوقي الموسيقى الأصيلة والحديثة معاً حفل انطلاق «مهرجانات بيت مسك» الفنية مع الثنائي غي مانوكيان وأبو. ونجح كل من الموسيقي اللبناني المعروف والفنان المصري الظاهرة في تقديم حفل وصف بـ«ليلة من العمر»، لما تضمنه من فنون غنائية وموسيقية ملونة من بلدان شمال أفريقيا ولبنان وأرمينيا. فزودا الحضور بطاقة إيجابية، ترجمت هتافاً ورقصاً وغناءً من قبله على مدى ساعتين من الوقت. ومنذ الإطلالة الأولى لمانوكيان، صاحب الأنامل الذهبية في عزفه على البيانو والحائز على جوائز عالمية، في معزوفة «ليلة حب» لأم كلثوم، ومروراً بمقطوعات موسيقية لسيد درويش وزكي ناصيف وفيروز، وصولاً إلى ظهور أبو على المسرح مؤدياً أغاني عالبال من مكتبة الغناء الشرقي العريق، حافظ الجمهور على تفاعله مع الفنانين، بحيث كان بأعداده التي فاقت 2500 شخص يرسم أمواجاً بشرية تتمايل مع أنغام العرض حتى منتصف الليل. وكانت بطاقات الحفل قد نفدت قبيل موعدها بأسابيع طويلة، كما ذكر لنا المكتب الإعلامي لمانوكيان، وترجم الأمر مباشرة على الأرض مع تهافت اللبنانيين لحضور الحفل بأعدادهم الكبيرة، بحيث احتلوا كامل مقاعده.
وتفوّق الثنائي الفني على نفسه عندما تناغما في أدائهما على مسرح تتوسطه شاشة عملاقة رافقت في عروضها الغرافيكية تارة، والمصورة خصيصاً لهذه المناسبة تارة أخرى، اللوحات الموسيقية التي يتألف منها برنامج الحفل. وهلل الجمهور وهتف وصرخ فرحاً مبدياً استعداده لوصل الليل بالنهار ليغرف ما استطاع من كميات السعادة والبهجة المتوفرة في هذا اللقاء.
«سعيد أنا بوجودي في لبنان، فأنتم جمهور يمدني بالفرح، وأشكر حضوركم»، قال ضيف المهرجان أبو إثر افتتاحه الحفلة بأغنية «أهواك» للعندليب الأسمر معبراً عن فرحته بلقاء اللبنانيين. ومع معزوفة «نوال» لغي مانوكيان، التي كما ذكر حصدت شهرة واسعة في إحدى حفلاته في لندن، بدأت أجواء الحفل الحماسية تتصاعد مع أداء الثنائي أغنية «حلوة يا بلدي»، ومع معزوفة «ليلة حب» لأم كلثوم، التي لامس فيها مانوكيان أحاسيس الحضور بعزفه الدافئ والصارخ معاً، آخذاً أجواء الحفل إلى عالم الفنون الشرقية الأصيلة، لا سيما بعدما ألحقها بموسيقى أغنية «طلعت يا محلى نورها» للسيد درويش. فاتسمت بدايتها بالرومانسية الحالمة، وليحول نوتاتها الموسيقية الإيقاعية فيما بعد إلى بركان موسيقي فجّر معه حناجر الحضور، التي راحت تردد كلمات الأغنية على إيقاع سريع وراقص. وبعد سلسلة أغاني ومعزوفات اختارها الثنائي من فنون شمال أفريقيا، كـ«زينة» و«سيدي منصور»، قدم مانوكيان معزوفات أخرى لعمالقة من لبنان، أمثال زكي ناصيف وفيروز (نقيلي أحلى زهرة، ويا عاشقة الورد). ومن بعدها، «عايشة وحدا بلاك» و«كان عنا طاحون»، اللتين شكلتا الوصلة اللبنانية للمغني المصري، بعد أن سبقتها إطلالة للفنان الأرميني هاغوب مؤدياً فيها أغنيات من فولكلور جذوره الأرمينية التي ينتمي إليها في الوقت نفسه غي مانوكيان.
وعرف مانوكيان بطلعاته ونزلاته الموسيقية أن يهدئ أجواء الحفل مرة ويشعلها مرة أخرى، مقدماً في وصلات متقطعة معزوفات لأغاني أم كلثوم الحماسية، وأخرى رومانسية من تأليفه. فكان الجمهور يأخذ استراحة قصيرة قبل أن ينتصب من جديد مهللاً لعزف موسيقى أغنية يعرفها عن ظهر قلب، فيتمايل معها طرباً. ولعل لحظات الذروة في هذه الحفلة، التي سادها عزف لامس شعور وعواطف الحضور أكثر من مرة، تجلّت مع أغنية أبو لهذا العام «تلات دقات». فما إن استهل مقدمتها بصفارته المشهورة حتى ارتفعت وتيرة الحماس لدى جمهور أخذ على عاتقه أكثر من مرة تقديم الأغنية بصوته إثر طلب مانوكيان من أعضاء فرقته الموسيقية إيقاف العزف ليتسنى له سماعه. وعلى وقع هتافات «بيس» من قبل جمهور عشق هذه الأغنية، وشكلت محطة ينتظرها في سهراته اللبنانية، أعاد أبو أداء الأغنية أكثر من مرة، مختتماً بها وصلاته الفنية على المسرح، بعد أن سبقها تقديمه لأغنيته الجديدة «حا تيجي حا تيجي» لأول مرة.
وفي القسم الأخير من هذا العرض الموسيقي والغنائي الذي ذكر خلاله غي مانوكيان مواعيد حفلاته المقبلة مع أبو في لبنان (في مهرجانات زحلة وطرابلس وصيدا)، مشيراً أيضاً إلى نجاح حفلتهما في السعودية (قدمها في مناسبة عيد الفطر)، أهدى العازف اللبناني مقطوعة من أغنية «نسم علينا الهوى» لابنه لوكاس، فتفاعل معها الجمهور بشكل لافت. وشكلت إطلالة أبو للمرة الأخيرة على المسرح مسك ختام الحفل، مكرراً خلالها تقديم أغنيته «تلات دقات» تلبية لرغبة الحضور الذي غادر مقاعده متوجهاً إلى محيط المسرح، متفاعلاً معه. ودأب عدد لا يستهان به من الحضور على تمضية باقي السهرة في ساحة موقع المهرجان، التي جمعت عدداً من المطاعم اللبنانية المعروفة، فتناولوا أطباقاً لبنانية من «شاورما» ومناقيش على الصاج، وكذلك أخرى أرمينية عريقة، كـ«المانتيه» مع صلصة اللبن الزبادي والبندورة والسماق.
يذكر أن «مهرجانات بيت مسك» تختتم برنامجها الفني لهذا الصيف مع حفلة للفرقة الغنائية البريطانية العالمية «Clean bandit»، الحائزة على «جائزة غرامي»، وذلك في 28 يونيو (حزيران) الحالي.


مقالات ذات صلة

«مهرجان الإبل»: تأهب لانطلاق ماراثون هجن السيدات

رياضة سعودية السباق سيقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات (واس)

«مهرجان الإبل»: تأهب لانطلاق ماراثون هجن السيدات

تشهد سباقات الهجن على «ميدان الملك عبد العزيز» بالصياهد في الرياض، الجمعة المقبل، ماراثوناً نسائياً يُقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».