الموت يغيب أكبر مُعمر أزهري عن عمر ناهز 106 سنوات

المشيخة نعته... والمئات شيعوا جنازته من الجامع الأزهر

الشيخ معوض عوض أكبر معمر أزهري
الشيخ معوض عوض أكبر معمر أزهري
TT

الموت يغيب أكبر مُعمر أزهري عن عمر ناهز 106 سنوات

الشيخ معوض عوض أكبر معمر أزهري
الشيخ معوض عوض أكبر معمر أزهري

غيب الموت الشيخ معوض عوض أكبر مُعمر أزهري، عن عمر ناهز 106 سنوات، بعد صراع طويل مع المرض. وشيع المئات من علماء الأزهر ومحبوه جنازته أمس، من جامع الأزهر في وسط القاهرة.
ونعت مشيخة الأزهر الشيخ الراحل وقالت في بيان لها، إنه منذ تخرجه في كلية أصول الدين قبل نحو 79 سنة، وهو لا يتوقف عن العطاء، وكان خلال هذه السنوات مثالاً للعالم والفقيه الأزهري، بعلمه وفكره الوسطي المعتدل.
صادف الراحل مشاهير كثيرين وسافر إلى عشرات الدول، وبسبب عمله في الدعوة لدين الله تكلم وناقش ونصح وجادل الآلاف من كل التيارات والمستويات، فهو من ضمن قليلين جاوزوا المائة عام محتفظين بذاكرة قوية راصدة للأحداث؛ بل إنه كان متابعاً جيداً لكل ما يجري على أرض الواقع في الداخل والخارج خلال السنوات الأخيرة من عمره.
ولد عوض عام 1912 في قرية كفر الترعة الجديد مركز شربين في محافظة الدقهلية بدلتا مصر. حفظ القرآن الكريم مبكراً، والتحق بمعهد دمياط الابتدائي. واصل دراسته حتى تخرج في كلية أصول الدين عام 1939، وحصل على دراسات عليا في الدعوة عام 1941، وعمل واعظاً للأزهر في أسوان جنوب مصر.
يُذكر أن عباس محمود العقاد كان أول من أعجب بالراحل، وتنبه لموهبته الأدبية، فنشر له قصيدة في مجلة «السياسة» الأسبوعية، وتتلمذ على يديه كوكبة من العلماء منهم، الشيخ محمد الأودن، والشيخ محمد سلامة صاحب كتاب «مباحث في علوم القرآن»، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني صاحب كتاب «مناهل العرفان»، والشيخ علي سرور الزنكلوني.
من مؤلفات الشيخ، «الإسلام والأسرة السعيدة»، و«قبس من الإسلام»، و«إنسانية العبادات في الإسلام»، و«ملامح من هذا الدين»، و«مع الإمام البخاري في كتاب العلم من صحيحة»، و«عنصر الهداية في القرآن الكريم»، و«نفحات القرآن»، و«فلسطين وكيف نستردها عربية مسلمة».
من جانبه، قال الدكتور شوقي علام مفتى مصر، إن الشيخ عوض كان له الأثر الواضح طوال حياته على كل من حوله، وقد أثرى المكتبة الإسلامية بمصنفات ومؤلفات في مختلف الفنون الشرعية، وكذلك في مجال الأدب والشعر، فضلاً عن كتاباته ومقالاته التي كتبها في مختلف الصحف والمجلات على مدار 80 سنة.
بدأ الشيخ عوض الكتابة منذ عام 1939، في مجلات «نور الإسلام»، و«هدى الإسلام»، و«منبر الشرق»، و«مجلة الأزهر»، و«منبر الإسلام»، و«الوعي الإسلامي» في الكويت، و«العرفان» اللبنانية، و«الهداية» البحرينية، و«البلاغ»، و«النهضة واليقظة» في الكويت، و«حضارة الإسلام» في سوريا، و«البحوث الإسلامية» في باكستان، و«البحوث الإسلامية» في الرياض، و«الجامعة الإسلامية» في المدينة المنورة، و«العرفان» في صيدا وبيروت، و«اليقين» في الهند.
من جانبه، نعى محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر الراحل أمس، قائلاً: «الشيخ عوض مضرب المثل في إحسان الأخذ طالباً قبل أن يصبح شيخاً، فكان قدوة حسنة لأبناء الأزهر، وكان صاحب منهج أزهري أصيل... يعشق الأزهر فحظي باحترام الجميع وتقديرهم، كرمه شيخ الأزهر باعتباره نموذجاً أزهرياً في العلم والزهد والتقي».
سافر الشيخ معوض عوض إلى اليمن بتكليف من الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الراحل لمرافقة القوات المسلحة خلال الحرب هناك، وزار عشرات المدن للوعظ والدعوة... وظل طيلة حياته يتذكر العلامة السعودي الشيخ عبد العزيز بن باز الذي عمل معه وكان يحترمه كثيراً لعلمه وتواضعه، وبلغ حبه له أن قال فيه شعراً نشره في مجلة «الوعي الإسلامي»، وعندما نشر فوجئ بالشيخ بن باز يغضب منه، فتعلم منه التواضع.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».