المصريون يواجهون «غرق» التجمع بـ«سيل» من النكات

بثوا فيديوهات أظهرت «قوارب» في الشوارع المغمورة بمياه الأمطار

أصبح حي التجمع الخامس وكأنه {منتجع ساحلي}
أصبح حي التجمع الخامس وكأنه {منتجع ساحلي}
TT

المصريون يواجهون «غرق» التجمع بـ«سيل» من النكات

أصبح حي التجمع الخامس وكأنه {منتجع ساحلي}
أصبح حي التجمع الخامس وكأنه {منتجع ساحلي}

بروح من السخرية والمرح والنكتة عاش المصريون الطقس السيئ الذي ضرب البلاد خلال الأيام الماضية، وبخاصة أن المطر لم يفرق بين الأحياء الشعبية والراقية، فالكل أصبح سواء تحت ضرباته المفاجئة.
«التجمع» أبرز الأحياء الراقية بالقاهرة الجديدة، كان في صدارة المشهد، ولم ينقذه موقعه المحصن بالظهير الصحراوي شرق العاصمة المصرية، فتحول على مدار اليومين الماضيين إلى «منتجع ساحلي يطل على نهر النيل»، بحسب مصريين سخروا من غمره بمياه الأمطار، وفشل السلطات المحلية في التعامل معها، رغم الاستغاثات المتكررة.
ومنذ الثلاثاء الماضي تسود مصر موجة الطقس السيئ، تخللها أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول في أطراف البلاد وسواحلها، وامتدت الأمطار إلى العاصمة القاهرة. وواجه المصريون بطء السلطات المحلية، في نزح مياه الأمطار، بسيل من السخرية والنكات على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث انتشرت صور تظهر سيارات غارقة في المياه في الشوارع ومرائب السيارات الموجودة أسفل المباني السكنية، كما تظهر مراكز تجارية وقد اجتاحت المياه أدوارها السفلى. وأظهرت صور تجمعاً كبيراً للمياه في مطالع ومنازل الجسور والأنفاق التي تعد حديثة الإنشاء.
وتداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من التعليقات والرسوم الساخرة، من بينها «التجمع الخامس طلع أكبر اشتغاله في مصر»، وأيضاً: «سمي التجمع تجمعاً لأن مياه الأمطار تتجمع فيه»، فضلاً عن التعليقات المرحبة بتحويل شارع التسعين، الرئيسي في المنطقة، إلى مزارع سمكية أو بحيرة لتربية البط أو زراعة الأرز، كثيف الاستهلاك للمياه.
ويصل سعر المتر في منطقة التجمع الخامس، التي يوجد بها مبنى الجامعة الأميركية الجديد والكثير من المقار الرئيسية للبنوك والمجمعات السكنية الفاخرة لنحو 600 دولار في المتوسط.
وتوغلت المياه داخل الفيلات والقصور والمراكز التجارية التي تملأ «شارع التسعين» الذي يعد أكبر شوارع التجمع الخامس بما يضمه من مراكز تجارية وترفيهية ومقار للشركات والجامعات المصرية والأجنبية. وشكا كثيرون من سكان الحي الراقي من انقطاع الخدمات من كهرباء وماء واتصالات.
وتحت هاشتاغ «#التجمع_الخامس»، سجل المصريون غضبهم من تخاذل المسؤولين من سرعة نجدتهم وذهولهم من البنية التحتية الضعيفة لهذا الحي الراقي، الذي لم يمضِ على إنشائه أكثر من 15 سنة. حيث حاول المصريون الخروج من مأزق الأمطار، بالضحك و«الكوميكس» الكوميدية، وصولاً إلى الخروج للسباحة في مياه الأمطار، وقام أحد مستخدمي «فيسبوك» بنشر مقطع مصور لشاب يرتدي زي السباحة ويجلس داخل «عوامة أطفال» مربوطة في خلفية سيارة تمشي متمهلة وسط مياه الأمطار الراكدة.
ورداً على تلك الانتقادات، قام عدد من المسؤوليين الحكوميين بزيارة مواقع الأحداث، من بينهم رئيس هيئة الرقابة الإدارية، الذي قام أول من مساء بجولة تفقدية في منطقة التجمع الخامس، وترددت أنباء عن أن جهات التحقيق المختصة بدأت تحقيقاً في المخالفات التي ظهرت نتيجة الإهمال الشديد في منطقة القاهرة الجديدة.
من جهته، أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، عن تفهمه «تماماً حالة المعاناة التي ألمّت ببعض المصريين نتيجة الآثار الناجمة عن تساقط الأمطار بشكل مفاجئ، وغير معتاد عليه خلال اليومين الماضيين».
وأكد السيسي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، أن «الدولة بكافة أجهزتها ستكثّف من جهودها لتلافي حدوث مثل هذه الآثار مرة أخرى». في حين أصدرت وزارة الري المصرية بياناً، أمس، قالت فيه «شهدت البلاد حالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية على أغلب أنحاء الجمهورية، مصحوبة بموجة من الأمطار الخفيفة إلى المتوسطة، والمتوسطة إلى الشديدة، والتي وصلت إلى حد السيول في بعض محافظات الجمهورية».
وأكدت الوزارة على «المتابعة الفورية المستمرة لرفع تراكمات المياه مع استمرار حالة المتابعة، ورفع درجة الاستعداد القصوى والتنسيق الكامل مع الإدارات المركزية للموارد المائية والري، وكافة الجهات المعنية بالمحافظات».


مقالات ذات صلة

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا أعلنت «غوغل» الأميركية ابتكار أداة ذكاء اصطناعي «جين كاست» قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة (متداولة)

«غوغل» تبتكر وسيلة ذكاء اصطناعي توفر توقعات جوية بدقة غير مسبوقة

أعلنت شركة غوغل الأميركية، اليوم الأربعاء، ابتكار أداة ذكاء اصطناعي قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
بيئة رجل يركب دراجة هوائية في شارع غمرته المياه جنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

أقرت الحكومة الإسبانية اليوم (الخميس) «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» لأربعة أيام لتجنب تنقل الموظفين في حال وجود تحذير بسبب سوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها.

بدر الخريف (الرياض)
الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».