روسيا تغازل الاستثمارات اليابانية بـ«دروب خضراء» تتجاوز الخلافات

قمة مرتقبة بين آبي وبوتين تركز على «الاقتصاد أولا»

بوتين وآبي في لقاء العام الماضي (رويترز)
بوتين وآبي في لقاء العام الماضي (رويترز)
TT

روسيا تغازل الاستثمارات اليابانية بـ«دروب خضراء» تتجاوز الخلافات

بوتين وآبي في لقاء العام الماضي (رويترز)
بوتين وآبي في لقاء العام الماضي (رويترز)

دعت روسيا رجال الأعمال اليابانيين إلى توسيع نشاطهم الاستثماري في المشاريع الروسية، ووعدت بفتح «درب خضراء» أمام شركات إنتاج المعدات الطبية والأدوية اليابانية. جاء هذا خلال ندوة عقدها مسؤولون ورجال أعمال من البلدين، في مدينة أوساكا اليابانية، لبحث التبادل بين جامعات البلدين في مجال الخبرات الفنية والتقنية الضرورية لتحسين ورفع مستوى الإنتاج.
وجاءت الندوة في إطار الجهود الثنائية الرامية لتحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بموازاة العمل على حل الخلافات السياسية العالقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والسعي لتوقيع اتفاقية سلام بين البلدين.
وجرت محادثات على هامش الندوة، بحث خلالها وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني هيروشيجي سيكو، آفاق التعاون بين البلدين مع كل من مكسيم أوريشكين وزير التنمية الاقتصادية الروسي، وأولغا غولديتس، نائب رئيس الحكومة الروسية.
وقدم أوريشكين خلال الندوة عرضاً لواقع التعاون الاقتصادي ومجمل جوانب العلاقات بين البلدين، وقال أمام المشاركين: «لقد وجهنا دعوة للشركات اليابانية لتستثمر في روسيا»، وأشار إلى أن «قطاع الأعمال الياباني بدأ يعمل خلال الفترة الأخيرة بصورة متزايد في مجالات عدة في روسيا، مثل صناعة الأدوية، وإنتاج المعدات الطبية، وفي مجال الطاقة، وفي مشاريع الصناعات التحويلية، وغيرها من مجالات». وأكد: «نواصل سيرنا حاليا على درب تنفيذ خطة التعاون من ثمانية محاور، التي اقترحها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عام 2016»، لافتاً إلى أن علاقات التعاون الاقتصادي بين روسيا واليابان «تنتقل تدريجيا من التجارة البسيطة إلى المشاريع المتكاملة طويلة الأمد».
وتسعى روسيا جاهدة إلى رفع مستوى التعاون التجاري - الاقتصادي مع اليابان، باعتبارها قوة اقتصادية وإنتاجية عالمية، ومع كل هذه المقومات تقع اليابان بالقرب من منطقة أقصى شرق روسيا، التي تتميز بقدرات اقتصادية هائلة، إلا أنها تعاني من شح الاستثمارات. ووضعت الحكومة الروسية خطة لإنعاش تلك المنطقة اقتصاديا، حيث زادت تمويل مشاريع البنى التحتية، وأقرت نظام تأشيرات خاص يسهل دخول رجال الأعمال والأيدي العاملة، لا سيما من مناطق شرق آسيا.
ويرى خبراء أن اهتمام روسيا بتوسيع التعاون مع اليابان لا سيما في مشاريع في منطقة أقصى شرق روسيا، يعود إلى جملة أسباب من بينها الرغبة في تنويع مصادر تمويل المشاريع هناك، عبر زيادة دور رؤوس الأموال الأجنبية، مقابل الانتشار الواسع لرجال الأعمال الصينيين والكوريين الشماليين. كما تولي اليابان اهتماما أيضاً بتوسيع مشاريعها في روسيا، لا سيما في مجال الطاقة والإنتاج الزراعي وإنتاج المعدات الطبية ومجالات أخرى.
أهمية التعاون التجاري والاقتصادي لكل من طوكيو وموسكو، دفعتهما إلى فصل الاقتصاد عن السياسة، وعدم ربط التعاون التجاري - الاقتصادي بالخلافات حول جزر كوريل، التي تخضع للسيادة الروسية نتيجة الحرب العالمية الثانية، وتطالب بها اليابان. وأثمرت لقاءات عدة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عن تفاهم على ضرورة المضي نحو حال الخلافات السياسية عبر تفعيل المشاريع الاقتصادية المشتركة، بما في ذلك مشاريع على الجزر المتنازع عليها.
وفي هذا السياق طرح آبي خلال محادثاته مع بوتين ربيع عام 2016 خطة تعاون بين البلدين في ثماني مجالات، هي: الطاقة والإنتاج الصناعي، والرعاية الصحية، والإنتاج الزراعي، وبناء المدن والبنى التحتية، وتأسيس شركات مشتركة بين قطاعي الأعمال المتوسط والصغير من البلدين.... ولاقت الخطة ترحيبا روسياً.
وكانت خطة آبي حاضرة خلال الندوة في أوساكا، إذ اقترحت أولغا غولديتس، نائبة رئيس الحكومة الروسية على الشركات اليابانية العاملة في مجال تصنيع الأدوية والمعدات الطبية، القيام بخطوة نوعية جديدة للتعزيز التعاون بين البلدين في هذا المجال، وقالت: «اقترحنا على الجانب الياباني النظر في إمكانية العمل بموجب خطة «الدرب الخضراء»، وأوضحت أن «روسيا تريد تسهيل وصول الشركات اليابانية إلى السوق الروسية».
وعبر الجانب الياباني عن اهتمامه بتجسيد واقعي للمشاريع المشتركة مع روسيا، وأشار وزير التجارة الياباني هيروشيجي سيكو إلى أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، سيجري زيارة إلى روسيا في 26 مايو (أيار) القادم، حيث سيجري بداية محادثات مع الرئيس بوتين في موسكو، ومن ثم سينتقل إلى بطرسبورغ للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي هناك. وعبر الوزير سيكو عن أمله في أن «يتم تجسيد أكبر عدد ممكن من المشاريع الثنائية، عشية المحادثات المرتقبة بين آبي وبوتين».
ومن جانبها، أكدت غولديتس أن التحضيرات للقاء الأول بين آبي وبوتين خلال هذا العام تجري حالياً، وأعادت إلى الأذهان أن الزعيمين عقدا أربع جولات محادثات خلال عام 2017.
وعلى الرغم من أن اليابان انضمت إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014. إلا أن الحوار الثنائي بين البلدين حقق نتائج ملموسة، وأكد شيجيرو مورايامي، رئيس رابطة التجارة اليابانية مع روسيا أن «معطيات وزارة المالية اليابانية تشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا واليابان في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى يونيو (حزيران) 2017 حققت نموا قدره 35.7 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2016. بينما ارتفعت الصادرات اليابانية إلى روسيا بنسبة 26.1 في المائة، والصادرات الروسية إلى اليابان بنسبة 40 في المائة».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.