يصادف اليوم حدثاً صحياً عالمياً هو «اليوم العالمي للنوم» (worldsleepday)، يتم الاحتفال به سنوياً، بهدف التوعية بالمشكلات المزمنة المرتبطة باضطرابات النوم، والتأثيرات على الجوانب الاجتماعية في الحياة كقيادة السيارة والعلاقات الزوجية وجودة العمل والدراسة... إلخ. وتم تنظيم هذا اليوم من قبل لجنة اليوم العالمي للنوم بجمعية النوم العالمية منذ عام 2007، لمحاولة تخفيف عبء مشكلات النوم على المجتمع من خلال تحسين الوقاية والتوعية باضطرابات النوم. ويرأس اليوم العالمي للنوم 2018 الدكتور ليبوريو بارينو (Liborio Parrino)، الأستاذ المشارك في علوم الأعصاب في جامعة بارما (Parma University)، إيطاليا، بدعم من موظفي جمعية النوم العالمية، ولجنة تضم 19 متخصصاً في النوم من 17 بلداً. وفي العام الماضي 2017، تم تنظيم 155 نشاطاً للتوعية بأهمية النوم واستقطاب اهتمام وسائل الإعلام والمشاهير بمشاركة أكثر من 70 بلداً في جميع أنحاء العالم.
- ضبط إيقاع النوم
وبالمناسبة أصدرت «جمعية النوم العالمية» دعوة عالمية للعمل حول أهمية النوم الصحي للنهوض بجهود الأطباء والمتخصصين والممارسين الصحيين والمرضى، لنشر مزيد من المعلومات والنصائح وإجراء عدد أكبر من البحوث حول النوم واضطراباته. وقد تم اعتماد شعار: «شاركنا عالم النوم، حافظ على إيقاع نومك للاستمتاع بالحياة» (Join the Sleep World، Preserve Your Rhythms to Enjoy Life)، وذلك بهدف التأكيد على أهمية الإيقاعات البيولوجية للجسم للاستمتاع بالنوم الصحي، وهو مستوحى من جائزة نوبل الأخيرة في علم وظائف الأعضاء المخصصة لثلاثة باحثين كرّسوا دراستهم لنمط الساعة البيولوجية، حيث الاهتمام بالأحداث الوظيفية الدورية داخل الجسم، مثل نمط إفراز الهرمونات ودرجة حرارة الجسم ومستويات اليقظة وتأثرها بعوامل بيئية كضوء الشمس، الأمر الذي يؤكد أن الحفاظ على إيقاعات الساعة البيولوجية الطبيعية ضروري للحد من الآثار السلبية لاضطرابات النوم واضطرابات الصحة النفسية والأمراض العضوية المزمنة، مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم.
وتشير الدكتورة ديبرا سكين من المملكة المتحدة، أستاذة علم الساعة الحيوية ورئيسة الجمعية الأوروبية للإيقاع البيولوجي، إلى أن بريطانيا لديها أكثر من 25 عاماً من الخبرة البحثية في دراسة إيقاعات الساعة البيولوجية في الصحة والمرض، وتقول: «حين يحدث اختلال بين نظام توقيت الساعة والسلوك الإيقاعي للنوم، كما يحدث نتيجة العمل ليلاً أو بعد السفر عبر مناطق زمنية متعددة، فهذا له عواقب وخيمة (النعاس أثناء النهار، وانخفاض الأداء وزيادة مخاطر الحوادث)، فضلاً عن العواقب على المدى الطويل (زيادة خطر الاضطرابات الأيضية «التمثيل الغذائي»، وارتفاع نسبة الإصابة بأنواع من السرطان)».
- احتفالية محلية
وبهذه المناسبة الصحية العالمية، أقيمت احتفالية للتوعية للجمهور والممارسين الصحيين في يوم الاثنين الماضي، نظمها مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة ونادي جدة لطب النوم، بإشراف مدير المركز الأستاذ الدكتور سراج عمر ولي، ورئيس نادي جدة لطب النوم الدكتور أيمن بدر كريّم، اللذين يفخران بكونهما جزءاً من فريق التعاون الدولي في مجال طب النوم منذ عدة سنوات. تخللت هذه الاحتفالية محاضرات باللغة العربية والإنجليزية، ومحطات توعوية للإجابة عن استفسارات الجمهور وتوجيههم لطرق تشخيص وعلاج اضطرابات النوم، ومن أهمها الشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم، الذي يعاني منه نحو 12 في المائة من الرجال متوسطي الأعمار، و5 في المائة من النساء متوسطات الأعمار في السعودية، بحسب دراسة موثّقة.
- اضطرابات النوم أثناء السفر
تنتج اضطرابات الساعة الحيوية أثناء السفر (Jet Lag) بسبب اختلاف التوقيت أثناء السفر الطويل من منطقة زمنية إلى أخرى، وهو ما يعرف علمياً بـ«اختلاف التوقيت» (Jet Lag)، فكثير من الناس يتعرضون إلى درجات مختلفة من أعراض هذا الاضطراب، الذي يستدعي العلاج في بعض الأحيان. وأوضح الأستاذ الدكتور سراج عمر ولي مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن هذا النوع من الاضطراب يحدث نتيجة خروج نسق الساعة الحيوية للإنسان - تبعاً لدورة الليل والنهار - عن سياق التوقيت المحلي لبلد المنشأ، بشكل سريع ومفاجئ، كما يحصل في السفر الطويل بالطائرة، وقطع مناطق زمنية متعددة في زمن قصير. والمسافر من جدة أو الرياض إلى الولايات المتحدة مثلاً، يقطع مناطق زمنية متعددة في وقت لا يتجاوز 12 ساعة تقريباً، ويصل إلى مكان يكون اختلاف التوقيت فيه 8 ساعات أو أكثر، ما يسبب تغييراً حاداً في إيقاع ساعته الحيوية، قد يحتاج إلى عدة أيام للتأقلم على التوقيت الجديد، فبعض البحوث أشارت إلى أن الساعة الحيوية للإنسان، تحتاج قريباً من يوم كامل مقابل كل ساعة واحدة نتجت عن تغير التوقيت، حتى يمكن لبدنه أن يتأقلم تماماً مع المنطقة الزمنية الجديدة، على فرض اتباعه طرقاً سلوكية رشيدة.
ومن ضمن الأعراض المصاحبة للاختلاف السريع في التوقيت: الأرق أثناء الليل والنعاس أثناء النهار بسبب استمرار عمل الساعة الحيوية، كما لو كانت في بلد الإقامة، والشكوى من رداءة طبيعة النوم، وأثر التنبّه والتململ أثناءه، إضافة إلى سوء المزاج والصداع والخمول، وسوء الهضم، ونقص الشهية، وارتجاع حموضة المعدة، ما يحد من الاستمتاع بالإجازة أو رحلة العمل.
وأوضح البروفسور ولي أنه لا يمكن في كثير من الأحيان التخلص تماماً من تأثيرات السفر الطويل على الساعة الحيوية للجسم، إلا أن هناك خطوات يمكن اتباعها للتخفيف من أثر تغير المنطقة الزمنية، مثل:
> محاولة اختيار الرحلة التي تصل خلال ساعات المساء الأولى، وعدم النوم في الطائرة لوقت يتجاوز الساعتين كحد أقصى.
> محاولة التأقلم على الوقت الجديد في بلد الوصول بالنوم مبكراً قبل ساعات النوم المعتادة، بعدة أيام قبل يوم السفر باتجاه الشرق، والتدرّب على النوم متأخراً عن المعتاد قبل السفر باتجاه الغرب.
> ضبط ساعة اليد على توقيت بلد الوصول عند الصعود للطائرة يساعد في التأقلم النفسي على الوقت الجديد.
> وضع سدادات الأذن وغطاء العين للتخفيف من الضجيج وشدة الضوء أثناء النوم في الطائرة.
> الامتناع عن تناول القهوة والشاي قبل 3 أو 4 ساعات من الوصول، وتجنب المشروبات الكُحولية والأطعمة الدسمة والشوكولاته.
> عدم ممارسة التمارين المُجهِدة قريباً من وقت النوم، كما يُنصح بعمل تمارين عضلية خفيفة، بالمشي في الهواء الطلق أثناء ساعات النهار، حيث يعتبر ضوء الشمس أقوى منظّم للساعة الحيوية.
- «عقاقير السفر»
يتوجه البعض من الناس قبل سفرهم إلى تناول أحد العقاقير المنومة بهدف ضبط إيقاع النوم لديهم وتجنب أعراض اضطراب الساعة الحيوية، فما مدى سلامة هذا التصرف؟ أوضح الدكتور أيمن بدر كريّم رئيس نادي جدة لطب النوم، أن العقاقير المنوِّمة ذات المفعول قصير الأمد مثل أدوية «البنزوديازيبين» وما يشبهها، يمكن تناولها بجرعات صغيرة قبل الخلود للنوم بالليل لفترة لا تزيد على يومين أو 3 بعد الوصول إلى بلد المقصد، على أن يتم ذلك بمشورة الطبيب المختص، للحد من أثر اختلاف التوقيت على طبيعة النوم، إلا أنه لا ينصح باستخدام أدوية الحساسية (مضادات الهستامين) ومضادات الاحتقان، حيث قد تتسبب في زيادة الخمول أثناء النهار، والتأرق أثناء النوم كأثر جانبي عكسي. أما بالنسبة لعقار «الميلاتونين» بوصفه هرموناً طبيعياً تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ، فإن الدراسات العلمية التي أُجريت عليه قد اختلفت حول أثره الإيجابي في الوقاية من أعراض فرق التوقيت واضطرابات الساعة الحيوية، حيث يمكن لهذا الدواء بجرعات مختلفة، أن يساعد في ضبط إيقاع النوم عند بعض الناس، إلا أن اختلاف التركيز وطريقة التصنيع، وعدم التيقن من استخدامه بأمان على المدى الطويل، تجعل من الصعب طبياً وصف الميلاتونين بصورة روتينية، كطريقة فعالة للحد من تأثير اختلاف النطاق الزمني على النوم.
- النوم السليم... ركيزة صحية
> إن النوم السليم واحد من الركائز الثلاث للصحة الجيدة جنباً إلى جنب مع اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
> هناك ما يقرب من 100 نوع من اضطرابات في النوم، معظمها قابل للتعديل ويمكن التحكم فيها بمساعدة أخصائيي النوم.
> آثار عدم كفاية النوم الجيد كثيرة منها: زيادة الشهية والوزن، وارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالسكري، ونقص مناعة الجسم واضطرابات المزاج.
> الحرمان المزمن من النوم مرتبط بارتفاع حوادث السيارات وله آثار سلبية على الذاكرة ومهارات التعلّم.
> تشير الدراسات إلى أن جودة النوم (طبيعة نوعية النوم) لها تأثير كبير على نوعية الحياة والأداء الذهني خلال النهار.
> من الضروري على المسؤولين الصحيين وصنّاع القرار الاهتمام بطب النوم وتقنية مختبرات النوم في المجتمع الطبي، لمواجهة العدد المتزايد من المرضى الذين يعانون من مشكلات صحية ونفسية وسلوكية ترتبط ارتباطاً مباشراً باضطرابات النوم المختلفة.
اضبط إيقاع نومك لتستمتع بحياتك
في {اليوم العالمي للنوم}
اضبط إيقاع نومك لتستمتع بحياتك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة