قلوب النجوم تدق... وموعد الأوسكار الليلة

تحليلات واحتمالات وتوقعات بالفوز

TT

قلوب النجوم تدق... وموعد الأوسكار الليلة

تطوّرات الساعات الأخيرة قبل إعلان الجوائز في اثنتي عشرة مسابقة تشكل الكيان الأهم على أكثر من صعيد في حفل توزيع جوائز الاوسكار الليلة.

أفضل فيلم
هناك خمسة أفلام فقط من التي فازت بالأوسكار من سنة 2000 إلى السنة الماضية تنتمي إلى هوليوود التقليدية (الإنتاج الكبير مدعوم بالحكاية ذات الأزمنة والشخصيات الشاسعة والكثير من العناصر الفنية والتقنية) وهذا في مقابل عشرة أفلام شبه مستقلة وأجنبية أساساً ناطقة بالإنجليزية (الفيلمان الباقيان كانا متداخلين). وهذا مقلق إلى حد كبير فالجودة ليست محددة بإذا ما كان الفيلم كلاسيكياً أو مستقلاً، بل في إذا ما كانت العناصر المساهمة في صنعه كاملة وجيدة في مصادرها ونتائجها.
نتذكر، مثلاً، كيف فاز الفيلم الصغير «خزنة الألم» لكاثرين بيغلو على «أفاتار» المُنتج بالقدرات الهائلة والسياق الكلاسيكي لهوليوود سنة 2009 أو كيف تقدم «صدام» لبول هاجيز على «ميونيخ» لستيفن سبيلبرغ (2005) وعندما خطف «آرغو» لبن أفلك الأوسكار، وترك فيلم ستيفن سبيلبرغ «لينكولن» يأكل الغبار (2012). ثم «سبوتلايت» لتوم مكارثي وهو يفوز على «المريخي» لريدلي سكوت و«المنبعث» لأليخاندرو غونزاليز إيناريتو و«جسر الجواسيس» لسبيلبرغ (2015) وكيف فاز «مونلايت» لباري جنكينز على «لا لا لاند» لدميان شازيل و«هاكسو بريدج» لميل غيبسون في العام الماضي.
ليس أن الفيلم الفائز كان بالضرورة أفضل فعلاً لكنه يعكس أن الدم الجديد في هوليوود (من السينمائيين المنتمين إلى الجيل الحالي والسابق مباشرة) باتوا يؤثرون على من يفوز ومن لا يفوز أكثر من السينمائيين المنتمين إلى الجيل الأسبق. ذلك الجيل المحافظ المؤمن بسينما صناعية - إنتاجية - ترفيهية والتي أنجزت أوسكاراتها حسب هذه المواصفات في غالبية سنوات القرن العشرين يتبع مرحلة تختفي من حياة هوليوود لتحل مكانها الأعمال الأكثر عرضة الآن للفوز أو - على الأقل - لها نفس الحجم من الاحتمالات.
في الوضع الماثل اليوم فإن الخليط المؤلف من تسعة أفلام يعكس هذا الوضع غير المستقر. فمن بين هذه الأفلام نجد خمسة من النوع شبه المستقل (أي يتمتع بإنتاج وتوزيع تقليديين لكنه يعبّر عن نفس جديد في السينما كموضوع ومضامين كما في الأسلوب إلى حد). نجد كذلك أن بعضها، كما سيتضح في السياق التالي، ينتمي بحدة إلى تصنيف نوعي (Genre) واحد، بينما يمزج البعض الآخر بين نوعين، في دلالة أخرى على أن المعادلات والموازين الهوليوودية تتغير تحت سطح التظاهرة الكبرى. الأفلام الواردة حسب أبجديتها.

Call Me By Your Name
هو فيلم للإيطالي لوكا غوادانينو أثار لهفة الكثير من النقاد بسبب موضوعه وجاليات التعبير عنه. فيلم مثلي التوجه يحكي قصّة علاقة بين أميركي يهودي يزور عائلة يهودية إيطالية ويرتبط عاطفياً مع ابنها الشاب والأبوين الطيبين يشرعّان هذه العلاقة في النهاية بكل ما في «السوب أوبرا» من سذاجة. نقاد الغرب، في معظمهم، عبّر عن إعجابه بالآهات لكن الحقيقة المحضة هي أنه إذا ما نزعت عن الفيلم أوراقه الخارجية تبدّى لك كوز ذرة صغير القيمة. حتى قصّة الحب كان يمكن لها أن تقع بين الزائر وفتاة أنثى وغوادانينو عالج ذلك في فيلم سابق له بعنوان «ماليسا. ب» أخرجه سنة 2005.

Darkest Hour
البريطاني جو رايت («كفّارة»، «آنا كارنينا») أصاب حين ميّز فيلمه عن أفلام الحرب العالمية الثانية وخصوصاً فيلم «دنكيرك» الذي يعرض حيزاً عن إحدى أهم مراحل صنع القرار بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل وهي كيفية التعامل مع أكثر من 350 ألف جندي بريطاني حوصروا براً وجوّاً على سواحل الغرب الفرنسي. فيلم رايت سيرة ذاتية يتولّى فيها غاري أولدمان تأدية تشرشل بإمعان. فيلم جيد لكن مع حالة من الإصرار على المفادات الشخصية والوطنية.

Dunkirk
فيلم بريطاني آخر من مخرج بريطاني آخر: «دنكيرك» لكريستوفر نولان واحد من أفضل فيلمين متنافسين (الآخر «شكل الماء»): رحلة بانورامية في واقعة دنكيرك الشهيرة. هو فيلم حربي برؤية خاصة كما كان حال فيلم ستانلي كوبريك «ممر الخلود» وفيلم جان رنوار «الوهم الكبير» وفيلم أندريه تاركوفسكي «طفولة إيفان». الاختلاف بأنه أكبر حجماً من أي منها.

Get Out
فيلم جوناثان بيل شبه المستقل «أخرج» فيلم مركّب: هو رعب مع بعض الكوميديا والكثير من المضامين الاجتماعية. حالة متخيلة لشاب أسود يزور والدي صديقته البيضاء اللذين يتظاهران بالترحاب والقبول لكنهما ينتميان إلى منظمة عنصرية تهيمن عليه بغية تحويله إلى شخص هلامي أقرب إلى عبد حديث. لا بأس به منفصلاً، لكنه ليس النموذج الفني الكامل لدخول هذا الصراع.

Lady Bird
إذا كان «غت أوت» فيلماً مركب التصنيف، فإن «لايدي بيرد» فيلم يُقاس بحجمه الصغير وأسلوبه الأكثر استقلالاً من كل فيلم منافس آخر. أخرجته غريتا غارويغ مبتعدة به عن هوليوود صوب أسلوب سينما المؤلف بالمفهوم الأوروبي قدر المستطاع. لكنه في نهاية المطاف فيلم آخر يتسلل بقدر محدود من الجودة

Phantom Thread
فيلم جميل المعالجة مدروس بدقة ومصمم بعناية. دراما حول مصمم أزياء في لندن الخمسينات دقيق في اختياراته وتفاصيل عمله. ينزعج من أي صوت دخيل حتى ولو أتى من زوجته (أو على الأخص إذا ما أتى من زوجته). الفيلم عن التملك: المصمم الحر يخطئ، حسب قوله، ويتزوّج ممن أحبته وبعد ذلك هي حكاية من يسيطر على من. المخرج الفذ بول توماس أندرسن حقق فيلمه بنفس دقة مهنة بطله دانيال داي - لويس.

The Post
آخر مرّة استحوذ فيها فيلم لستيفن سبيلبرغ على أوسكار كانت سنة 1998 عن «إنقاذ المجند رايان». بعد ذلك تنافس أربع مرّات ولم يفز: عن «جسر الجواسيس» (2015) و«لينكولن» (2012) و«حصان حرب» (2011) و«ميونيخ» (2005) لجانب أنه خسر أوسكار أفضل فيلم أنيميشن طويل سنة 2011 عن «مغامرات تن تن». «ذا بوست» معالجة جيدة لكنها لا تتحدى كفاية ولا تذهب بموضوعها إلى كنف الأعمال التي لا تنسى.

The Shape of Water
كتبت عنه كثيراً ولنا جولة أخرى معه إذا ما فاز. فيلم رائع في توليفته الخاصة وإيحاءاته وانسياباته السردية أهلته لاثني عشر ترشيحاً آخر. دراما عاطفية على غرار أفلام الجميلات والوحوش لكن للراشدين رغم أنه في نهاية المطاف فانتازيا بدوره.‬

Three Billboards Outside Ebbing‪,‬ Missouri
نقد اجتماعي في حكاية داكنة حول امرأة تعبث بالقانون الذي لم يكتشف بعد قاتل ابنتها. الموضوع جيد لكن النقد ليس في مكانه دوماً بل يسوقه المخرج وكاتب السيناريو مارتن ماكدوناف في اتجاهات غير حقيقية.

أفضل إخراج
> المرشّحون: غويلرمو دل تورو («شكل الماء»)، كريستوفر نولان («دنكيرك»)، بول توماس أندرسن («فانتوم ثْرَد»)، جوناثان بيل («أخرج»)، غريتا غارويغ («لايدي بيرد»).‬
تسعة أفلام وخمسة مخرجون مرشحون لأوسكار أفضل إخراج، إذن وبطبيعة هذا الحال، هناك احتمال في أن يفوز فيلم ولا يفوز مخرجه عنه. لكن بما أن مخرجي أقوى الأفلام حظاً (غويلرمو دل تورو، كريستوفر نولان) متوفران في هذه المسابقة فإن هذا الاحتمال ضعيف جداً. اللافت أن لا أحد من المرشحين الخمسة سبق له وأن فاز بالأوسكار.
«شكل الماء» ظاهرة سينمائية ابتدعها المخرج دل تورو بينما «دنكيرك» رؤية ضخمة لواقعة لا تقل ضخامة وكلا المخرجين أجادا عملهما. كذلك فعل بول توماس أندرسن في تلك الدراما المطرزة باختياراته من اللقطات ولو أن الفيلم ليس أفضل من «سيكون هناك دم» الذي رشح عنه ولم يفز به.
أفضل تمثيل نسائي أول

> المرشّحات: سالي هوكينز («شكل الماء»)، ميريل ستريب («ذا بوست»)، فرنسيس عن «ثلاثة ألواح خارج إيبينغ، ميسوري»، مارغوت روبي عن «أنا، تونيا»، سواريس رونان عن «لايدي بيرد»
المنافسة الأكبر هنا بين ممثلتين هما سالي هوكينز عن «شكل الماء» وفرنسيس مكدورمند بينما تتقدّم ميريل ستريب حسابياً فقط كونه الترشيح الحادي والعشرين في مهنتها ونالت ما يكفي من أوسكارات.‬
سالي هوكينزهي الأفضل من دون منازع، أداؤها في «شكل الماء» متموّج ومتماسك معاً. امرأة وحيدة وخرساء (ونحن نعلم عاطفة أعضاء الأكاديمية لذوي القدرات المحدودة). في المقابل نجد فرنسيس مكدورمند، المعززة بجوائز من مناسبات أخرى هذا العام، في دور لا تتطوّر فيه. مارغوت روبي تترشح للأوسكار لأول مرّة وهي ضخّت فيه جهداً طيباً. سواريس رونان للمرة الثالثة لكنها ما زالت ألطف ظهوراً وليست أعمق أداء وستنتظر فرصة أخرى. أما ميريل ستريب، وبخسران توم هانكس بجانبها كونه شريكها في بطولة هذا الفيلم، فإن ظهورها سيكون معتاداً تكتفي فيه بالحضور والتصفيق.

أفضل تمثيل رجالي أول
> المرشّحون: غاري أولدمان («الساعة الأدكن»)، دانيال - داي لويس‫(«فانتوم ثْرَد»)، دنزل واشنطن («رومان ج. إزرائيل»)، دانيال كاليوي («أخرج»)، تيموثي شالامت («نادني باسمك».
المنافسة صعبة هنا خصوصاً بين غاري أولدمان ودانيال - داي لويس. الأول في دور بيوغرافي والثاني في دور متخيّل لكن كليهما غارق جيداً في تفاصيل شخصيته.‬
دنزل واشنطن ودانيال كاليويا هما الأفريقيان - الأميركيان الوحيدان في سباق التمثيل هذه السنة (أدوار أولى أو مساندة)، هذا قد يرفع قليلاً من احتمالات فوزهما لكنه لن يكون أمراً حاسماً. تيموثي شالامات، مثل دانيال كاليويا، جديد لكنه محبب والناخبات قد يتوجهن إليه. على ذلك يبقى أولدمان وداي - لويس في المقدّمة.

أفضل تمثيل نسائي مساند
> المرشّحات: لسلي مانفيل («فانتوم ثرد»)، أوكتافيا سبنسر («شكل الماء»)، أليسون جاني («أنا، تونيا»)، لوري متكالف («لايدي بيرد») وماري ج. بيلج («مدباوند»).
ثلاثة من الممثلات المرشّحات في هذه المسابقة يلعبن أدواراً يعكسن فيه قوة في الشخصيات المسندة إليهن وهن أليسون جاني في دور أم مارغوت روبي في «أنا، تونيا» ولوري متكالف في دور الأم أيضاً في «لايدي بيرد» وماري ج. بليج في دور الزوجة «مدباوند» (الفيلم الممتاز الذي لم يجد طريقه لا لمسابقة أفضل فيلم ولا لمسابقة أفضل مخرج). أوكتافيا سبنسر هي تساعد سالي هوكينز على تهريب المخلوق من المختبر وتتحمّل معها رد فعل رجل الحكومة المكلّف بالإشراف عليه. هناك صدق وتلقائية لا نجدها بين الأخريات باستثناء أن الأفرو - أميركية الأخرى ماري ج. بيلج هي الأقوى بينهن حضوراً وأداء وليس ذلك لإعجاب هذا الناقد بفيلمها «مدباوند»، بل لحسن أدائها فيه دور الزوجة التي تعايش الأوضاع الصعبة معه.

أفضل تمثيل رجالي مساند
> المرشّحون: ويليام دافو («ذا فلوريدا بروجكت»)، وودي هارلسون («ثلاث لوحات...»)، سام روكووَل («ثلاث لوحات»...)، كريستوفر بلامر («كل المال في العالم»)، رتشارد جنكينز («شكل الماء»).
تحية أولاً لممثل استحق دخول السباق لكن الأكاديمية غضت الطرف عنه: مايكل شانون في «شكل الماء» وأراه كان يستحق الدخول عوضاً عن الاختيار العاطفي الذي تمثل بزميله رتشارد جنكينز الذي هو ثاني أكبر المرشحين عمراً (70 سنة) بعد كريستوفر بلامر (88 سنة) لكن السن لن يلعب أي دور هذا العام. وودي هارلسون لا يملك دوراً كبيراً ولو أن أداءه ممتاز. هذا ما يتركنا مع منافسة حادة بين دافو وروكووَل وكلاهما يستحق الفوز.

أفضل سيناريو مكتوب خصيصاً للسينما
> السيناريوهات المرشحة هي للأفلام التالية: «ذا بيغ سِك»، «أخرج»، «لايدي بيرد»، «شكل الماء» و«ثلاث لوحات...».‬
قرأ الناقد السيناريوهات الخمس (على الورق وعلى النت) ولا يزال يجد أن تقنية الكتابة في «ثلاث لوحات خارج إيبينغ، ميسوري» و«شكل الماء» متقدمة على سواها. «لايدي بيرد» تدفع بشخصية الفتاة للتبوأ جيداً لكن هناك حاجة لملء فراغات. «ذا بيغ سِك» أسهل قليلاً مما يجب و«أخرج» يتعرج بمهارة واضعاً العنصرية كبعد دائم وهي ميزة جيدة لكن هل هي كافية؟

أفضل سيناريو مقتبس عن مصدر آخر
> السيناريوهات المرشحة: «نادني باسمك» (عن رواية لأندريه أسيمان)، «فنان الكارثة» (عن سيرة في كتاب لتوم بيسكل)، «لعبة مولي» (عن سيرة ذاتية لمولي بلوم)، «مدباوند» (عن رواية لهيلاري جوردان) و«لوغان» (عن شخصية كوميكس ابتدعها روي توماس ورون واين).‬
«مدباوند» للمخرجة المستبعدة دي ريز هو الأفضل كتابة والوحيد ذو القضية الإنسانية التي تشغله. هذا لا يعني أن في باقي السيناريوهات ما لم يُكتب جيداً خصوصاً «لوغان» و«لعبة مولي».

أفضل تصوير
> المرشّحون رايتشل موريسون («مدباوند»)، روجر ديكنز («بلايد رانر 2049»)، برونو دل بونل («الساعة الأدكن»)، هويت فان هوييتما («دنكيرك»)، دان لاوستن («شكل الماء»).‬
رغم الجهد المبذول لتصوير «دنكيرك» (واستخدامه الفيلم بدل الدجيتال في التصوير وبمقاس 65 مم) فإنني لست واثقاً من أن حظوظه مرتفعة كثيراً. في المقدّمة روجر ديكنز الذي رشح 13 مرة حتى الآن ولم يفز وراتشل موريسون، أول امرأة مديرة تصوير ترشح لهذا الأوسكار.

أفضل موسيقى مكتوبة خصيصاً للفيلم
> المرشحون: كارتر بوروَل («ثلاث لوحات...»)، ألكسندر دسبلات («شكل الماء»)، جوني غرينوود («فانتوم ثْرَد»)، جون ويليامز («ستار وورز: آخر جيداي»)، هانز زيمر («دنكيرك»).‬
الأكثر تميزاً واندماجاً مع الصورة موسيقى ألكسندر دسبلات عن «شكل الماء» والباقي يتفاوت مع تكرار ملحوظ في مقطوعات كل من جون ويليامز وهانز زيمر.

أفضل فيلم أجنبي
> الأفلام المرشّحة: «الإهانة» لزياد دويري، «الميدان» لروبن أوستلاند، «بلا حب» لأندريه زفينغتسيف، «عن الجسد والروح» لإلديكو إنيادي، «امرأة رائعة» لسابستيان ليليو.‬
كما سبق القول في مقال سابق، «الإهانة» أقل من الأفلام الباقية كوعاء فني، لكن أسلوبه القائم على نمطية سرد أميركية أقرب من بعض سواه إلى قلوب المنتخبين. لا ننسى أنه فاز بالترشيح ضد فيلم إسرائيلي هو «فوكستروت» وكلاهما، «الإهانة» و«فوكستروت» تنافسا في مهرجان فينيسيا سابقاً.
الأفلام الثلاثة في المقدّمة هي «الإهانة» و«بلا حب» و«امرأة رائعة».

أفضل فيلم تسجيلي
> الأفلام المرشحة: «آخر رجل في حلب» لفارس فياض، «أباكوس: صغير للسجن» لستيفن جيمس، «وجوه أماكن» لأغنيس فاردا، «جزيرة قوية» ليانس فورد وبرايان فوغل «إيكاروس».
هذه المسابقة صعبة التكهن وهذا الناقد لم يشاهد إلا فيلمين منها («آخر رجل في حلب» و«وجوه أماكن») وهما يبدوان في المقدّمة وبإصرار. الأول مضمون سياسي بمعالجة إخراجية تتجاوز ما جاء في فيلم «القبعات البيض» الذي كان فاز بأوسكار أفضل فيلم تسجيلي قصير في العام الماضي، والثاني فيلم لامرأة لها كيانها من الأفلام البديعة كروحها.


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».