السعودية: توفر «حسن النوايا» يجعل الاتفاق النووي الإيراني خطوة تجاه الحل الشامل

خلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في الرياض برئاسة ولي العهد الأمير سلمان

الأمير سلمان بن عبد العزيز يرأس جلسة مجلس الوزراء السعودي التي انعقدت اليوم في الرياض
الأمير سلمان بن عبد العزيز يرأس جلسة مجلس الوزراء السعودي التي انعقدت اليوم في الرياض
TT

السعودية: توفر «حسن النوايا» يجعل الاتفاق النووي الإيراني خطوة تجاه الحل الشامل

الأمير سلمان بن عبد العزيز يرأس جلسة مجلس الوزراء السعودي التي انعقدت اليوم في الرياض
الأمير سلمان بن عبد العزيز يرأس جلسة مجلس الوزراء السعودي التي انعقدت اليوم في الرياض

أكدت السعودية أن توفر حسن النوايا سيجعل الاتفاق النووي الإيراني الأخير خطوة تجاه الحل الشامل للبرنامج الإيراني، داعية إلى ضرورة استتباع خطوة الاتفاق بخطوات أخرى تضمن حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
جاء ذلك خلال جلسة مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والتي عقدت بعد ظهر اليوم الاثنين في قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض.
وأوضح الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام، في بيان لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء اطلع على مختلف مجريات الأحداث وتطوراتها على صعيدي المنطقة والعالم، مشيرا حول بيان اتفاق إيران ومجموعة ( 5 + 1)، الى أن الحكومة اطلعت بعناية على اتفاق جنيف المبرم بين مجموعة ( 5 + 1 ) وإيران حول برنامجها النووي في 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وبحسب خوجة، ترى حكومة المملكة أنه إذا توفر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني، فيما إذا أفضى إلى إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، على أمل أن تستتبع ذلك المزيد من الخطوات المهمة المؤدية إلى ضمان حق كافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وبين خوجة أن المجلس اطلع وبتوجيه من رئيس الجلسة على فحوى اللقاءات التي أجراها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مع أخويه الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت والشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر خلال استقباله لهما، والتي تصب في صالح دول مجلس التعاون وشعوبها والأمتين الإسلامية والعربية، وكذا لقاء ولي العهد الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين الذي أكد من خلاله الموقف الثابت للسعودية في دعم القضية الفلسطينية، وعبر عن إدانته للمخططات الإسرائيلية في بناء المستوطنات واعتداءاتها السافرة على الحقوق الشرعية الثابتة للشعب الفلسطيني.
وتناول المجلس جملة مما شهده العالم من حراك تجاه العديد من القضايا من قمم ومؤتمرات واجتماعات من بينها القمة العربية الأفريقية الثالثة التي عقدت في العاصمة الكويتية الكويت، حيث أكدت المملكة من خلالها ضرورة تعزيز سبل التعاون وإزالة المعوقات بين الدول العربية والأفريقية، وبذل جهد أكبر لتطوير العلاقات بينهما خاصة في مجالي تنمية التجارة المتبادلة وزيادة تدفق الاستثمارات.
وأعرب المجلس عن ارتياحه لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة بالأغلبية على مشروع القرار الذي تقدمت به السعودية نيابة عن ست وستين دولة من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان للشعب السوري، الذي تستهدفه حكومة دمشق بكل أنواع القتل والإبادة الجماعية، ووصفه بأنه تأكيد على المبادئ السامية لحقوق الإنسان التي هي من أركان الأمم المتحدة.
وجدد المجلس على صعيد آخر، دعوة المملكة خلال أعمال مؤتمر "صورة الآخر.. تحت شعار: نحو تعلم أكثر إثراء للحوار بين أتباع الأديان والثقافات" الذي نظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا بمشاركة 500 من القيادات الدينية والتربية والتعليم من 90 بلداً، جدد دعوتها الدائمة والراسخة لإرساء مبادئ المساواة والتكافؤ بين الإرادات الإنسانية بوصفها قواسم مشتركة بين أتباع الأديان والثقافات، وضرورة الحوار للوصول لتلك القواسم وتقاسم الوعي المعرفي من أجل حضور ثقافي وعلمي يفيد المجتمعات كافة.
وشددت السعودية في سياق الحراك ذاته ومن خلال الاجتماع التاسع عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي الذي عقد في العاصمة البولندية وارسو، على وجوب أن تكون تلك الاتفاقيات الجديدة لعام 2015 شاملة ومتوازنة وتشتمل على المحاور المتفق عليها في مؤتمر الأطراف الثامن عشر بما في ذلك إجراءات تخفيض الانبعاثات والتكيف لظاهرة التغير المناخي والتمويل ونقل التقنية للدول النامية.
وأشار وزير الثقافة والإعلام إلى أن المجلس عبر عن استنكاره وإدانته للتفجيرات الإرهابية التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت، وعن خالص عزائه ومواساته لأسر الضحايا والحكومة والشعب اللبناني، وتجديد موقفه بإدانة الإرهاب بكل أشكاله وصوره.
وعلى المستوى المحلي، تقدم المجلس بشكره لخادم الحرمين الشريفين إثر صدور المراسيم الملكية اللازمة بالموافقة على أنظمة (المرافعات الشرعية ، والإجراءات الجزائية، والمرافعات أمام ديوان المظالم)، الذي جاء تتويجاً لما قضى به نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وآلية العمل التنفيذية لهما، وإنجازاً لمرحلة بالغة الأهمية من مراحل مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء.
وتعد الأنظمة أهم أدوات الدعم لتعزيز انطلاقة مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، بعد أن استوفت هذه الأنظمة المدة اللازمة لمتطلبات الدراسة والمراجعة لتستأنف القطاعات العدلية على إثر نفاذها أهم مراحل التحديث والتطوير مع تثمين المجلس للدور المهم الذي قام به مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، بدعم ومتابعة مباشرة من لدن خادم الحرمين الشريفين والذي شمل النواحي التقنية ومركز معلوماتها المتقدم مع الشروع في تنفيذ خطة هندسة إجراءات المحاكم ومضاعفة أعداد القضاة وكتاب العدل وتكثيف دوراتهم التدريبية مع مواصلة ملتقيات العدالة وحواراتها المحلية والدولية والتي كان لها الأثر في إبراز الصورة الحقيقية لعدالة الشريعة الإسلامية، إضافة إلى تعزيز قيم النزاهة والشفافية من خلال تطوير أداء الرقابة الإلكترونية على الإجراءات القضائية والتوثيقية والعمل على تفعيل مبدأ علانية الجلسات وتمكين كافة المؤسسات والهيئات العامة والخاصة والأفراد من مراقبة حسن سير العدالة، إضافة إلى تثمين المجلس لترسية مشاريع المحاكم وكتابات العدل التي توافرت أراضيها.
وناقش المجلس العديد من الفعاليات والنشاطات والمؤتمرات التي أقيمت تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، منها منافسات الدورة الخامسة والثلاثين لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وأعمال الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي استضافته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض ، وأعمال المؤتمر السعودي الدولي الثاني لتقنية المعلومات الذي نظمته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الرياض.
وفي السياق المحلي ذاته، استمع المجلس من وزير الداخلية عن سير تنفيذ الحملة الأمنية الميدانية لتطبيق نظام الإقامة واجتماعات الجهات الأمنية المشاركة في تنفيذه، وما حققته من نتائج، وتمنى المجلس كل النجاح لسير الحملة الأمنية التي حظيت بالشكر والتقدير لتلك الجهود من خادم الحرمين الشريفين.
وأفاد خوجة بأن المجلس واصل إثر ذلك مناقشة جدول أعماله، وكان مما أصدره من قرارات الموافقة على تفويض ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب البولندي في شأن مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة وحكومة جمهورية بولندا للتعاون في مجال الدفاع، والتوقيع عليه، في ضوء الصيغة المرفقة بالقرار، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة لاستكمال الإجراءات النظامية.
وقرر مجلس الوزراء كذلك الموافقة على إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وجمهورية ترينيداد وتوباغو على مستوى (سفير غير مقيم) ، وتفويض وزير الخارجية - أو من ينيبه - بالتوقيع على (بروتوكول) بذلك في ضوء الصيغة المرفقة بالقرار، كما وافق المجلس على تفويض وزير المالية - أو من ينيبه - بالتوقيع على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لتجنب الازدواج الضريبي ولمنع التهرب الضريبي في شأن الضرائب على الدخل وعلى رأس المال في ضوء الصيغة المرفقة بالقرار، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة، لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة.
إضافة إلى ذلك، وافق مجلس الوزراء على تفويض وزير المالية - او من ينيبه - بالتوقيع على مشروع اتفاقية بين حكومة السعودية وحكومة الجمهورية القيرغيزية لتجنب الازدواج الضريبي ولمنع التهرب الضريبي في شأن الضرائب على الدخل، في ضوء الصيغة المرفقة بالقرار، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن


سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)

وسط غابة خضراء في مكان مجهول، وقف رجل سبعيني ليخاطب الإيرانيين بالفيديو باقتباسات من كبار الشعراء الفارسيين، معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي، ملك الملوك وإمبراطور إيران، آخر المتبقين من سلالة السلاجقة، ومن الأتراك الإيرانيين».
قد تبدو مزاعم الرجل في حكم إيران مثار تندر، نظراً إلى أن إمبراطورية السلالة السلجوقية التي يدعي التحدر منها أفلت قبل أكثر من ثمانية قرون. لكنه مجرد متسابق بين كثيرين يحاولون طرح أنفسهم بديلاً للنظام الحالي، في ظل تزايد السخط الشعبي على أدائه.

وتداولت فيديوهات لأشخاص يزعمون انتسابهم إلى السلاسات التي حكمت إيران بعد سقوط الصفوية في القرن الثامن عشر، وبعضهم يرشح نفسه لاستعادة عرش أجداده.
وأصبح الشغل الشاغل للإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي تتبع أخبار من يتحدرون من السلالات التاريخية التي حكمت بلادهم قبل قرون، عبر فيديوهات مزاعم حق العرش التي تثير دهشتهم أو منشورات ساخرة.

صراع على تركة القاجار

ونشر شخص يدعي بابك ميرزا قاجار يقول إنه يتحدر من السلالة القاجارية التي حكمت البلاد من 1794 حتى 1925، قبل إطاحة آخر ملوكها أحمد شاه قاجار، على يد رئيس وزرائه رضا خان بهلوي الذي جلس على العرش وأسس الحكم البهلوي.
وقبل أيام، أعادت قناة «تي آرتي» التركية في خدمتها الفارسية التذكير بتقرير نشر في عام 2016 يزعم وجود أحد أحفاد السلسلة القاجارية في إسطنبول. ونقلت عمن وصفته بأنه «بابك ميرزا أحد الباقين من سلالة القاجار الإيرانية»: «في هذا التوقيت المضطرب، أرى تقارباً في العلاقة بين تركيا وإيران... أنا قادم من إيران وأتحدث التركية، وأكثر من نصف الإيرانيين قادرون على فهم اللغة التركية».

وتداول مغردون بياناً لـ«رابطة قاجار»، ومقرها جنيف وتقول إنها تمثل أبناء السلالة القاجارية، نفى أي صلة بين بابك ميرزا والقاجار. وقالت الرابطة: «اطلعنا على مزاعم شخص يدعى بابك بيتر بادار ويدعي وراثة العرش والتاج الملكي للقاجاريين، وينوي بهذه الأوهام القيام بأنشطة سياسية. هذا الشخص غير معروف للرابطة وأطلعت على وجوده عبر وسائل الإعلام».
وأضاف بيان الرابطة: «نحن كأسرة القاجار نقف إلى جانب الشعب الإيراني، ونطرد أي شخص يحاول انتحال هوية مزيفة للوصول إلى مصالح شخصية واستغلال الأوضاع الصعبة».

«دار المجانين»

وبينما انشغل الإيرانيون بمتابعة صور وفيديوهات بابك ميرزا، ظهر فيديو الرجل السبعيني الذي وقف في الغابة معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي ملك الملوك وإمبراطور إيران».
وكتب مغرد يدعى فريد خان: «بعد بابك ميرزا قاجار، ظهر أمير سلجوقي هو الأمير عباس سلجوقي كبير أسرة السلاجقة ومن دعاة إعادة تأسيس النظام الشاهي في إيران... البلاد تحولت إلى دار المجانين».
وقال مغرد آخر: «الأمير عباس سلجوقي مستعد للتنافس مع أربعة مرشحين من السلالة الصفوية والأفشارية والقاجارية والبلهوية الذين أعلنوا استعدادهم مسبقاً لإعادة تأسيس النظام الشاهي».
وكتبت مغردة تدعى شرارة: «في سباق العودة التاريخي، ظهر أمير سلجوقي... على أمراء السلاسات الأخرى الإسراع لأن الغفلة تؤدي إلى الندم، على رضا بهلوي الانتحار لأن منافسيه يزدادون».
ورضا بهلوي هو نجل شاه إيران السابق الذي يلتف حوله أنصار والده وبعض المشاهير، لطرح بديل لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران. لكن نجل الشاه يواجه معارضة من شريحة واسعة بين أبناء الشعوب غير الفارسية، مثل الأكراد والعرب والأتراك والبلوش.
وتأتي الظاهرة الجديدة بينما تحاول السلطات الإيرانية إخماد الاحتجاجات بأساليب من بينها التوسع في عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة متظاهرين.
وكان لافتاً خلال الأيام الأخيرة نشر فيديوهات من قنوات «الحرس الثوري» تشبه النظام الحالي بالحكم الصفوي الذي حاول منافسة العثمانيين على حكم العالم الإسلامي.


السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)

بدأ سباق إعلامي على خلفية التسريبات من الغرف المغلقة حول أسماء المرشحين لتولي منصب رئيس وزراء الحكومة المدنية المرتقبة في السودان، فيما أكدت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأمر سابق لأوانه، وأن البعض ربما يحاول تسويق بعض الأسماء، لكن الجهات المعنية بأمر العملية السياسية تتمسك بأن اختيار رئيس الوزراء يحتاج إلى توافق كبير بين الأطراف المختلفة التي تشكل الحاضنة الجديدة للسلطة الانتقالية التي لم تتشكل بعد.
وأفادت المصادر ذاتها بأن موضوع الأسماء غير مطروح في الوقت الحالي لأن العملية السياسية لا تزال في بداياتها ويمكن الحديث عن الترشيحات عقب التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بين المدنيين والعسكريين. وأكدت أن «تحالف الحرية والتغيير، والمجموعات الأخرى، لم تبدأ في أي نقاش حول هذا الأمر، لكن هذا لا يمنع أي جهة كانت أن تتقدم بالمرشح الذي تراه مناسباً». وأوضحت أن المرشح لمنصب رئيس الوزراء سيخضع للتشاور بين أطراف كثيرة، وأن الوصول إلى التوافق على شخص لقيادة الحكومة المدنية في هذا الوقت لن يكون سهلاً، لكن ليس أمام قوى الانتقال مفر من التوافق على مرشح يجد قبولاً واسعاً وسط القوى السياسية وحراك الشارع.
ومن بين الأسماء التي ترددت لتولي منصب رئيس الوزراء، طه عثمان، وهو من قيادات تحالف «الحرية والتغيير» التي قادت المفاوضات مع قادة الجيش خلال الفترة الماضية حتى تم التوصل إلى «تفاهمات حول مسودة الوثيقة الدستورية، التي أعدتها نقابة المحامين»، والتي تحدد هياكل وصلاحيات مؤسسات وأجهزة السلطة الانتقالية المتفق عليها.
كما برز اسم وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، الذي عمل في حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك. وتردد أيضاً اسم وزير العدل الأسبق، نصر الدين عبد الباري، الذي عمل أيضاً في حكومة حمدوك، وتتردد إشاعات بأنه يحظى بدعم مقدر من قوى دولية. وتقول المصادر إنه بصرف النظر عن الأسماء، فلا شك أن هناك مجموعات ضغط (لوبيات) تدفع باتجاه تقديم المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة الانتقالية المدنية، التي لا بد أن تتخذ قرارات صعبة، وربما مواجهات سياسية مع أنصار النظام المعزول من الإسلاميين المنتمين إلى حزب المؤتمر الوطني الذي كان يرأسه الرئيس السابق عمر البشير.
لكن غالبية المصادر أشارت إلى أن هذه الترشيحات لا تخرج عن كونها ترويجاً وسباقاً لبعض القوى السياسية والمدنية لرسم المشهد السياسي في البلاد قبل اكتمال العملية السياسية، التي تحتاج إلى خطوات كبيرة للوصول إلى الاتفاق النهائي. وقالت المصادر: «في الوقت الراهن لا يمكن الحديث عن أي حظوظ للأسماء المطروحة للتنافس على المنصب»، لكنها توقعت أن ترتفع وتيرة الحملات الإعلامية في الفترة المقبلة في محاولة للتسويق السياسي لهذه الأسماء.
ونصّت التفاهمات التي توصل إليها تحالف «الحرية والتغيير» مع القيادة العسكرية في البلاد، وفق مسودة الدستور المقترح، على أن يكون رئيس الوزراء ومجلسه من الكفاءات الوطنية المستقلة، بعيداً عن المحاصصات الحزبية، وأن تختارهم القوى السياسية التي ستوقع على «الإعلان السياسي الجديد، مع مراعاة التمثيل العادل للنساء والتنوع العرقي والجهوي دون الإخلال بمبدأ الكفاءة».
وأكد القيادي في تحالف «الحرية والتغيير» ياسر عرمان، في حديث أول من أمس، أن اختيار رئيس الوزراء «يجب أن يتم بالتشاور بين قوى الثورة، بما في ذلك أطراف عملية السلام (الفصائل المسلحة)، بالإضافة إلى قوى الانتقال الديموقراطي». وتنقسم العملية السياسية إلى مرحلتين، الأولى التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بما تم التوصل إليه من توافق حول مسودة الدستور، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية بالتوقيع على «الاتفاق النهائي»، الذي يعقبه تشكيل الحكومة التنفيذية.