الفزع والغضب يسيطران على سكان نيودلهي مع ارتفاع معدلات التلوث

حالة طوارئ صحية وتحذير المواطنين من الخروج

عمارات سكنية تكاد تختفي وسط الضباب الدخاني الناجم عن التلوث في ضواحي العاصمة الهندية (أ.ب)
عمارات سكنية تكاد تختفي وسط الضباب الدخاني الناجم عن التلوث في ضواحي العاصمة الهندية (أ.ب)
TT

الفزع والغضب يسيطران على سكان نيودلهي مع ارتفاع معدلات التلوث

عمارات سكنية تكاد تختفي وسط الضباب الدخاني الناجم عن التلوث في ضواحي العاصمة الهندية (أ.ب)
عمارات سكنية تكاد تختفي وسط الضباب الدخاني الناجم عن التلوث في ضواحي العاصمة الهندية (أ.ب)

في ظل تخطي مستويات التلوث المعدلات الآمنة، يفيض الكيل بسكان نيودلهي عندما يتعلق الأمر بكيفية التعامل مع الهواء الخطر، حتى في الوقت الذي ينتظرون فيه أن تتخذ الحكومة إجراء ما.
وليست لدى رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كيجريوال، الذي وصف العاصمة بـ«غرفة الغاز» إجابات فورية. ولم يتم اتخاذ أي إجراءات ملموسة مع استمرار أزمة تلوث الهواء سوى إغلاق المدارس.
وأحاطت بالمدينة ذات الـ19 مليون نسمة هالة من اليأس خلال الأيام الأخيرة، حيث يرتدي السكان أقنعة الوجه في الوقت الذي تحلق فيه غمامة من الدخان على الطرق والممرات.
وتقول سونام شاوداري المدرسة التي لديها طفلان، وتعيش في جنوب دلهي: «الموقف خطير، الدخان كثيف للغاية بحيث تراه يدخل الغرفة. أطفالي في المنزل بعد إغلاق المدرسة وإلغاء تدريبات التنس. هم يبكون لأنني منعتهم من أداء أي نشاط في الخارج».
وأضافت: «هم محبوسون في المنزل، مضطرون لمشاهدة التلفزيون، إنه حظر بأمر من التلوث».
وقد أعلنت الرابطة الطبية الهندية حالة الطوارئ الصحية، محذرة المواطنين من الخروج. وسجل الأطباء زيادة في أعداد المرضى، خصوصاً الأطفال وكبار السن، الذين يعانون من مشكلات في التنفس.
ويقول الطالب جورجوت سينغ: «كل صباح أستيقظ وأنا أشعر بالاختناق. أشعر بحرقان في الأعين إذا بقيت في الخارج لفترة طويلة».
ويقوم الكثيرون بشراء منقيات هواء في المنازل، ولكن بسعر لا يقل عن 10 آلاف روبيه (153 دولاراً)، لا يستطيع السكان الأكثر فقراً في المدينة تحمل تكلفة شرائها.
ويقول شامبهافي شوكلا من مركز العلوم والبيئة ومقره دلهي، إنه بالإضافة إلى حرق مخلفات المحاصيل في الولايات المجاورة، فإن الرطوبة وغياب الرياح القوية فوق دلهي أسفرا عن «حبس الملوثات» فوق المدينة، وسوف تستغرق عملية تطهير الهواء الخطر على الصحة عدة أيام.
ووجه سكان دلهي انتقادات للمسؤولين والسياسيين الذين يبدو أنهم يغضون الطرف عما يطلقون عليه موقفاً طارئاً.
وبحسب ما يقوله الأطباء، فإن مستويات التلوث في المناطق الأكثر تضرراً في دلهي تعادل تأثير استنشاق دخان 50 سيجارة يومياً.
وربطت دراسة حديثة لصحيفة «لانست» الطبية بين التلوث و2.5 مليون حالة وفاة في الهند عام 2015، من بينها عشرات الآلاف في دلهي، المدينة الأكثر تلوثاً في الهند.
وقالت شاوداري: «نحن نستنشق السم، بهذه المستويات نحن سوف نقتل أطفالنا. السلطات كانت على علم بأن الأزمة مقبلة، في ظل احتراق مخلفات المحاصيل خلال الأسابيع الماضية، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء. متى سوف يفيقون؟».
ولم تعقد حكومة دلهي حتى الآن أي اجتماعات مع الولايات المجاورة، التي شهدت تحدي المزارعين لقرار أصدرته إحدى المحاكم بحظر حرق مخلفات المحاصيل، حيث يقولون إن معالجة وتخزين مخلفات المحاصيل سوف يمثل استنزافاً كبيراً للأموال والموارد.
واتهمت رادهيكا كابور، مؤسسة حملة «ماي رايت تو بريز» (حقي في التنفس) حكومة كيجريوال، بانتهاك تعهدها بالعمل على تطهير دلهي من التلوث، الذي تعهدت به لوفد من الأطفال خلال سحابة الدخان التي طوقت المدينة لمدة أسبوع العام الماضي.
وكانت الخطة تنص على تحسين وسائل النقل في المدينة، مع الحد من الازدحام المروري والانبعاثات الصناعية، بالإضافة إلى الحد من حرق القمامة والوقود، ما يسبب التلوث.
وقالت كابور: «إنها بداية فصل الشتاء، حيث سوف نشهد كثيراً من مثل هذه الأيام التي يغطيها الدخان في ظل تصاعد وتيرة التلوث. إغلاق المدارس مجرد إجراء اعتيادي، هناك حاجة لاتخاذ خطوات سريعة وحاسمة لمنع حدوث مثل هذا الوضع».
وأضافت: «جرت مناقشات كثيرة حول هذا الأمر، الآن حان الوقت لاتخاذ إجراء».
وتعتقد كابور أنه يجب تطبيق الإجراءات العاجلة مثل منع كل أنشطة البناء ووقف تنظيف الطرق للحد من التلوث الناجم عن الغبار والتنفيذ الفوري للحد من عدد السيارات على الطرق، خلال أزمة التلوث الحالية.
وتقول كابور إن خطة العمل التدريجية التي أطلقت أخيراً، والتي تصف الإجراءات بناء على حدة التلوث، لم تكن ذات أهمية كبيرة بعدما أصبحت المدينة غير صالحة لمعيشة الإنسان.
وقال مركز العلوم والبيئة إن الإجراءات المؤقتة لن تفيد في الأيام التي تشهد مثل هذا السوء في نوعية الهواء، كما أن هناك حاجة لكي تتخذ القيادة السياسية «خطوات حاسمة فورية وطويلة المدى».
وقالت المدير العام للمركز سونيتا ناراين، إنه يجب إجراء توسع شامل لوسائل النقل العام، من خلال تعزيز خدمات الحافلات وحظر أنواع الوقود التي تسبب التلوث وتغليظ العقوبات بحق من يقومون بحرق النفايات.
ويقول ارفيند كوما، مدير معهد الصدر في مستشفى جانجارام بالإضافة لكونه من الناشطين في مجال المطالبة بهواء نظيف، إنه حان الوقت لكي يبدأ الهنود في المطالبة بهواء نظيف كحق أساسي.
وأضاف: «للأسف في الهند، يستيقظ السياسيون عندما تصبح القضية انتخابية. على المواطنين أن يجعلوا التلوث والحق في الهواء النظيف قضايا انتخابية الآن». وأوضح: «كل الحديث حول تقدم الهند لتصبح قوة رائدة سوف يكون عديم الفائدة إذا كان نصف مواطني الهند يحملون أسطوانة أكسجين على ظهورهم».


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».