رئيس البرلمان الأوروبي إلى تونس في أول زيارة خارج القارة

الهجرة وتوظيف الشباب وتعزيز الشراكة أبرز نقاط أجندة المحادثات

رئيس البرلمان الأوروبي إلى تونس في أول زيارة خارج القارة
TT

رئيس البرلمان الأوروبي إلى تونس في أول زيارة خارج القارة

رئيس البرلمان الأوروبي إلى تونس في أول زيارة خارج القارة

بدأ أمس (الاثنين) أنطونيو تاياني رئيس البرلمان الأوروبي، زيارة إلى تونس تستغرق يومين، وهي الأولى له خارج أوروبا منذ توليه منصبه في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال تاياني قبل مغادرته بروكسل، إن «تونس ديمقراطية شابة، وصديق وشريك رئيسي للاتحاد الأوروبي... نواجه تحديات مشتركة تتطلب استجابة مشتركة، وأبرز تلك الأمور هي تحقيق الاستقرار في منطقة المتوسط وفي أفريقيا، ومكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة ومواجهة البطالة بين الشباب».
وأضاف تاياني في بيان أن «هذه أول زيارة لي خارج أوروبا كرئيس للبرلمان الأوروبي، وهذا في حد ذاته دليل على عزمنا تعزيز العلاقات مع تونس ودعم جهودها في توطيد المؤسسات الديمقراطية وفتح المستقبل للأجيال الجديدة. وفي سياق هذه الشراكة، يجب أن نواصل تعاوننا، بما في ذلك تعزيز الرقابة على الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرعية التي لا تزال في مقدمة اهتمامات مواطنينا».
وبدأ رئيس البرلمان الأوروبي برنامج زيارته ظهر أمس بلقاء مع رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) التونسي محمد الناصور، ثم ألقى كلمة أمام أعضاء البرلمان. كما قام بزيارة مكان الهجمات الإرهابية التي وقعت في متحف باردو، ثم بعدها عقد لقاء مع نور الدين الطبوبي أمين عام اتحاد العمال التونسي.
وغداً يلتقي تاياني مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى تونس، ثم يلتقي مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ثم يعقد لقاءات مع ممثلي منظمات المجتمع المدني والصحافة الدولية، وأخيراً يلقي كلمة أمام مؤتمر الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والحرف الذي ينعقد تحت عنوان «شراكة تونس والاتحاد الأوروبي من أجل الاستثمار والنمو والعمل»، وبعدها يلتقي برئيس الوزراء يوسف الشاهد في ختام لقاءاته.
وانعقدت في مايو (أيار) الماضي ببروكسل فعاليات الأسبوع التونسي في البرلمان الأوروبي، وشهدت نقاشات بين البرلمانيين من الجانبين حول اتفاقية للتجارة الحرة بين تونس والاتحاد الأوروبي. وقال محمد الناصور رئيس برلمان تونس على هامش هذه الفعاليات، إن بلاده ترى أن «مستوى الشراكة الحالي بين تونس والاتحاد الأوروبي لا يلبي الطموحات ولا التطورات».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش تلك الزيارة، قال محمد الراشدي، رئيس لجنة التجارة والفلاحة في برلمان تونس، إن «هذا الاتفاق فيه جانب كبير من الإيجابيات لفائدة الاقتصاد التونسي، ولكن بشروط... لأننا في تونس لدينا بعض القضايا التي يجب إنهاؤها قبل تطبيق الاتفاق، ومنها مثلاً القضية الصحية، وأعني هنا المراقبة الصحية للمنتجات الفلاحية واللحوم والبيض والدجاج وأيضاً منتجات البحر التي نحن متقدمون فيها نوعاً ما، وأيضاً مسألة كلفة الإنتاج، وهي قضية كبيرة، ورغم أن الكلفة ما زالت ضعيفة، فإن هناك دولاً أخرى تسبقنا في هذا، وعندها إمكانيات أكثر منا في السوق العالمية».
وأضاف الراشدي أنه «لا بد من الاستعداد الجيد قبل كل شيء، ويجب أن نأخذ كل الاحتياطات، لأن الاتفاق لا بد أن يكون فيه فائدة لتونس، ونحن لا نريد اتفاقاً من أجل الاتفاق. وأعتقد أن أوروبا لها كذلك مصلحة في الاتفاق مع تونس، ولكن علينا في تونس أن نستعد جيداً لهذا الأمر».
وفي مايو الماضي أيضاً، انعقد مجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي في دورته الـ13، التي انتهت إلى التوقيع على اتفاقيتين؛ واحدة تتعلق بالتنمية المحلية، والثانية بانضمام تونس إلى برنامج أوروبي لتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتقارب بين المؤسسات، إلى جانب التباحث حول سبل تطوير العلاقات في المجالات المختلفة.
وحسب مصادر في بروكسل تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فقد شهدت النقاشات التركيز على ملفات تتعلق بالتنمية الاقتصادية والاهتمام بالشباب، إلى جانب التطرق إلى المجال السياحي في تونس في الوقت الحالي، والجهود التي تبذلها الدولة التونسية في الإطار الأمني للتصدي لمخاطر الإرهاب».
ومن وجهه نظر كثير من المراقبين، يسعى الاتحاد الأوروبي وتونس لتعميق علاقات الشراكة القائمة بينهما، عبر توسيع أفق الحوار السياسي والتفكير بكيفية العمل للتوصل إلى اتفاق أكثر طموحاً مما هو موجود حالياً. ويركز المسؤولون الأوروبيون والتونسيون على أولويات العمل المستقبلي، والمتمثلة بشكل خاص بالاهتمام بفئة الشباب والتبادل المجتمعي والثقافي بين الطرفين.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك بعد اجتماع بروكسل السابق، شدد الطرفان على التصميم على المضي قدماً في العمل لدعم الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة التونسية، ومساعدتها في مجالات التحول الاقتصادي وتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.