«روزيتا» و«بولبيتن» باللاتيني، و«رخيت» الفرعوني، كلها مسميات أطلقها الرحالة والمؤرخون على مدينة «رشيد» التي تنفرد بموقع ساحر يجمع بين البحر المتوسط ومصب نهر النيل. هذه المدينة التي تتبع محافظة البحيرة (شمال مصر) تحمل آثارها العتيقة تاريخ الحضارة المصرية، وكل الأحداث والحضارات التي مرت على مصر، بل وكانت المفتاح لفك طلاسم اللغة الهيروغليفية بأحجارها. تسعى وزارة الآثار المصرية حالياً لوضعها على خريطة السياحة العالمية خلال السنوات الثلاث القادمة.
تعد رشيد ثاني أكبر مجمع للآثار الإسلامية في مصر بعد مدينة القاهرة، وحالياً هناك مشروع ضخم لتطوير المدينة وتحويلها إلى متحف مفتوح للآثار الإسلامية. تضم المدينة 22 منزلاً من العصر العثماني، وحماماً أثرياً وطاحونة و12 مسجداً وزاوية، فضلاً عن عدد من المنازل ذات الطراز المعماري المميز، تتجلى فيه براعة المعماريين في العصور الإسلامية في استخدام الشرفات الخشبية والمشربيات والطوب المنجور والزخارف البارزة في واجهات المباني، فضلاً عن وجود متحف يخلّد ذكرى انتصار المدينة الباسلة على حملة فريزر الإنجليزية عام 1807.
شُكلت لجنة تحت إشراف وزارة الآثار المصرية تعكف على مهمة تطوير مدينة رشيد، تضم العميد هشام سمير مساعد الوزير للشؤون الهندسية، والمهندس وعد الله أبو العلا رئيس قطاع المشروعات، والمهندس محمد أبو سعده رئيس جهاز التنسيق الحضاري، ومحمد التهامي مدير عام آثار رشيد، والدكتورة دليلة الكرداني، الاستشاري الهندسي للمشروع.
كانت مصر قد رصدت 140 مليون جنيه عام 2008 لمعالجة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية التي كانت تهدد الآثار الإسلامية والقبطية في المدينة، وأعيد ترميم عدد من المنازل الأثرية. ومع حالة الركود التي تعاني منها السياحة المصرية خفت الاهتمام بالمدينة التاريخية.
من جانبه، يقول مدير عام آثار رشيد، محمد التهامي، إن «لجنة تطوير مدينة رشيد استعرضت خلال اجتماعها مؤخراً، المحاور الأساسية للمناطق الأثرية بالمدينة والتي تم تقسيمها بشكل مبدئي إلى 12 محوراً، لتشمل مجموعة آثار شارع دهليز الملك، وآثار شارع الشيخ قنديل، ومجموعة منزل المصيلي، وبوابة أبو الريش وقلعة قايتباي بالإضافة إلى متحف رشيد والحديقة المتحفية».
ويعتبر متحف رشيد المقام بمنزل «عرب كلي» تحفة معمارية فريدة يعود تاريخه إلى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري، الثامن عشر الميلادي، ويضم نسخة مطابقة لحجر رشيد مهداة من المتحف البريطاني. ويؤرخ من خلال المعروضات لحركة التجارة بالمدينة وازدهارها في العصر المملوكي وتحديداً في عهد الناصر محمد بن قلاوون.
ويضم المتحف عدداً من العملات والأواني والأزياء والسجاد بالإضافة إلى بعض الأسلحة النارية والبيضاء التي استخدمها أهل رشيد في مقاومة حملة فريزر وتعود للقرن الثامن عشر الميلادي، فضلاً عن مجموعة سيوف تعود للعصر العثماني. كما يضم وثيقة لجلاء القوات الإنجليزية من رشيد، ووثيقة زواج الجنرال مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر، من زبيدة البواب، وزياً عسكرياً ومعطفاً من الجوخ يعود للقرن الثالث عشر الهجري، ومصحفاً شريفاً يعود لعام 1294 هجرية.
تبعد رشيد عن القاهرة نحو 236 كيلومتراً، ويعد التجول بين شوارعها وأزقتها بمثابة جولة في حنايا التاريخ، فهي التي كان يقطنها سكان الدلتا القدامى «رخيت» قبل توحيد قطري مصر على يد الملك مينا، وأقام الفراعنة عليها تحصينات ضد هجمات القراصنة، وفي عهد الإسكندر الأكبر كانت مركزاً لصناعة العجلات الحربية، وأقيم بها معبد كبير «بلوبتنيوم» في العصر البطلمي.
شكل المدينة الحالي وتخطيطها يعود إلى عصر الخليفة العباسي المتوكل. وفي العصر الفاطمي ازدهرت المدينة وباتت مركزاً تجارياً مهماً. وبعد رحيل حملة لويس التاسع، وفي العصر المملوكي شيد بها الظاهر بيبرس منارة. وفي العصر العثماني كانت مركزاً تجارياً يصل بين تركيا ومصر، لكنها في عهد محمد علي اضمحلت تجارياً وصار الرواج بمدينة الإسكندرية بعد حفر ترعة المحمودية.
وفي أغسطس (آب) 1799 بينما كان القائد الفرنسي بوشارد مكلفاً بالعمل في ترميم قلعة قايتباي عثر على حجر مبنى في جدار قديم كان لا بد من هدمه لوضع أساس لقلعة قايتباي التي سيطلق عليها «سان جوليان»، وسرعان ما علم القائد مينو بأمر الحجر فأمر بإحضاره إلى منزله بالإسكندرية وبعد أن تم تنظيفه نُقل إلى القاهرة ليفحصه نابليون الذي أمر بإحضار جان فرنسوا شامبليون لفك رموزه التي كُتبت باللغات: الهيروغليفية، والديموطيقية واليونانية القديمة.
8:2 دقيقة
مشروع لتحويل مدينة رشيد المصرية إلى متحف آثار إسلامية
https://aawsat.com/home/article/1044511/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%81-%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
مشروع لتحويل مدينة رشيد المصرية إلى متحف آثار إسلامية
تضم 22 منزلاً من العصر العثماني وحماماً أثرياً وطاحونة و12 مسجداً وزاوية
- القاهرة: داليا عاصم
- القاهرة: داليا عاصم
مشروع لتحويل مدينة رشيد المصرية إلى متحف آثار إسلامية
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة