تقرير أوروبي: الصينيون «وحدهم» ينافسون الأميركيين في التقنيات الحديثة

في مجالات خدمات الإنترنت وخاصة التجارة الإلكترونية

بهو شركة {علي بابا} العملاقة ويبدو بعض العاملين (أ.ف.ب)
بهو شركة {علي بابا} العملاقة ويبدو بعض العاملين (أ.ف.ب)
TT

تقرير أوروبي: الصينيون «وحدهم» ينافسون الأميركيين في التقنيات الحديثة

بهو شركة {علي بابا} العملاقة ويبدو بعض العاملين (أ.ف.ب)
بهو شركة {علي بابا} العملاقة ويبدو بعض العاملين (أ.ف.ب)

«الصينيون وحدهم ينافسون الأميركيين في التقنيات الحديثة، خصوصاً في مجالات خدمات وتطبيقات الإنترنت، وتحديداً التجارة الإلكترونية والتواصل الاجتماعي»، هذه هي خلاصة تقرير أوروبي رصد الصعود الصاروخي لشركات التقنية الصينية.
وورد في التقرير، الذي وضع في بروكسل، بتصرف جهات معنية بالسباق الرقمي العالمي، «أن شركتي (علي بابا) للتسوق أونلاين و(تيسنت) للتواصل وألعاب الفيديو، دخلتا في النادي المغلق الذي يضم شركات تكنولوجية، تقارب القيمة السوقية للواحدة منها، 400 مليار دولار، أو تزيد على ذلك، بعدما كان ذلك النادي حكراً على الشركات الأميركية، وهي آبل وغوغل وفيسبوك ومايكروسوفت وأمازون».
وفي مقارنة رقمية، فإن القيمة السوقية لشركة «علي بابا» بلغت، الأسبوع الماضي، 432 مليار دولار، مقابل 464 ملياراً لمنافستها الأميركية «أمازون»، وترتفع قيمة الشركة الصينية بسرعة، لأن نسب نمو أعمالها تزيد على نظيرتها الأميركية، إذ بلغت تلك النسبة نحو 33 في المائة العام الماضي، لتصل الإيرادات إلى 15.2 مليار دولار. أما شركة «تيسنت» فبلغت قيمتها السوقية 386 مليار دولار، مقابل 496 ملياراً لشركة «فيسبوك».
لكن في مجال البحث والخدمات، تبقى «غوغل» متفوقة جداً بقيمة 648 ملياراً مقابل 78 مليار دولار فقط لشركة «بايدو» الصينية.
وتعليقاً على هذه الأرقام، أشار التقرير إلى «أن احتمالات نمو أعمال الشركات الصينية أكبر من الأميركية، لأن عدد مستخدمي الإنترنت في الصين لم يصل إلى ذروته بعد. فإذا كانت نسبة هؤلاء في الولايات المتحدة 88 في المائة من السكان، و84 في المائة في أوروبا، فإن النسبة في بلاد التنين لا تتجاوز 53 في المائة، أي إن مجالات الزيادة رحبة وسريعة. فبعدما كان العدد 111 مليوناً في 2005 هو الآن نحو 731 مليوناً، وسيتضاعف في غضون 10 سنوات إضافية».
وتشير الأرقام أيضاً إلى أن لدى «أمازون» 300 مليون مستخدم، بينما الرقم يصل إلى 529 مليوناً لدى «علي بابا»، و258 مليوناً في فرع تابع لشركة «تيسنت» المتخصص في التجارة الإلكترونية.
وإذا كان لدى «يوتيوب» 1.5 مليار مستخدم، فإن 3 شركات صينية تقدم خدمات الفيديو هي «بايدو» و«تيسنت» و«علي بابا»، لديها مجتمعة نحو 1.1 مليار مستخدم. وفي مجال التراسل الإلكتروني تحظى «واتساب» بـ1.2 مليار مستخدم مقابل 877 مليونا لخدمة مماثلة تقدمها «تيسنت». أما في مجال التواصل الاجتماعي فتبقى «فيسبوك» عملاقاً عالمياً بملياري مستخدم، بينما النظير الصيني «سينوويبو» لا يتجاوز عدد مستخدميه 340 مليوناً.
إلى ذلك، تتجاوز الصين، الولايات المتحدة، في خدمات الدفع الإلكتروني بمبلغ بلغ 5.5 تريليون دولار في 2016. أي 50 مرة المبلغ الذي سجلته الولايات المتحدة في هذا المجال. فتقريباً كل شيء يمكن سداد ثمنه عبر تطبيقات أجهزة الهواتف الذكية في الصين، من حجز مقعد في السينما إلى دفع مشتريات مهما قل ثمنها، مروراً باستئجار دراجة هوائية وغيرها من الخدمات والمشتريات التي تدفع بتطبيقات الهاتف الجوال. وهذا يعطي دفعة لنشوء خدمات جديدة من هذا النوع تقدم لـ900 مليون شخص حامل للهاتف الجوال، منهم 70 في المائة يحمل هواتف ذكية، بينما النسبة 40 في المائة فقط أميركياً.
ويشير التقرير إلى أن الصينيين قفزوا فوق مرحلة استخدام الكومبيوتر المكتبي والمحمول مباشرة إلى اعتناق الهاتف الجوال، وأقبلوا على استخدام الإنترنت بلا أي تحفظ. وبالتالي لا مشكلة لديهم في ترك بياناتهم الشخصية على الشبكة، وليس لديهم الخوف الذي ينتاب الغرب، عندما يطلب منه بيانات شخصية على المواقع، لأن الصيني يعتبر، تاريخياً، أن كل شيء معروف عنه لدى السلطات الحاكمة. كما أن الشركات استفادت من غياب أو ضعف التشريعات الحامية للخصوصية في الصين، ولم يبدأ تطبيق شيء من هذا القبيل رسمياً إلا في يونيو (حزيران) الماضي. وعلى صعيد المنافسة، يوضح التقرير أن الشركات الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، لا تستطيع المنافسة جيداً في الصين، لأن السلطات هناك تطلب تخزين البيانات في حوسبة سحابية تستخدم خوادم على الأرض المحلية. لكن لم تفهم أو تقبل الشركات الأميركية هذا الأمر، ولم تحاول التعامل معه بأريحية نسبية إلا مؤخراً، بعدما كانت الشركات الصينية قطعت شوطاً بعيداً في الاستحواذ على المستخدمين.
وللمثال، ليس لدى شركة «غوغل» في قطاعها إلا حصة 1.7 في المائة في الصين، مقابل 77 في المائة لشركة «بايدو»، وليس لدى «فيسبوك» إلا 54 مليون مستخدم صيني، مقابل 900 مليون مستخدم لخدمات «ويتشات»، وتسيطر شركة «علي بابا» على 57 في المائة من التجارة الإلكترونية في الصين، مقبل 0.8 في المائة فقط لشركة «أمازون».
في المقابل، تعلم السلطات الأميركية أن السوق الصينية شبه مغلقة في هذا القطاع، وأن حكومة بكين غير متحمسة لفتح عالمها الرقمي لشركات أجنبية، لذا بدأت الإدارة الأميركية الجديدة تتشدد في قضية الاستحواذات التي تنوي القيام بها الشركات الصينية في الولايات المتحدة. وخير دليل ما حدث قبل 10 أيام عندما منع صندوق صيني من شراء شركة رقائق إلكترونية أميركية. ويرجح متابعون أن يرفض طلب شركة «علي بابا» الاستحواذ على شركة تحويل الأموال «موني غرام»، حتى لو كان العرض سخياً، ويزيد على 1.2 مليار دولار.
لكن الشركات الصينية لا تعدم وسيلة، وهي تعرف أن فرص النمو ليست بعيدة عن متناول يدها في جنوب شرقي آسيا والهند وأفريقيا والشرق الأوسط. وينافس الصينيون في هذه الأسواق باستحواذات، أبرزها شراء «علي بابا» لشركة «مازادا» الناشطة في سنغافورة وماليزيا، وشراء حصة في أول شركة دفع في الهند لتخلق عبرها منصة بيع أون لاين.
وتحظى بعض شركات التقنية الصينية باستثمار أجنبي فيها، بزيادة المراهنة على نموها السريع. ففي شركة «علي بابا» استثمار لـ«غولدمان ساكس» و«سوفت بنك» الياباني العالمي، وفي شركة «تيسنت» استثمار لشركة «نيسبرس» جنوب الأفريقية، التي وظفت في الشركة عند نشأتها 35 مليون دولار، بينما تبلغ قيمة الحصة الآن 135 مليار دولار، وتمثل 33 في المائة من الإجمالي! ويذكر أن «تيسنت» هي الأولى عالمياً في ألعاب الفيديو، بعدما استحوذت العام الماضي على شركة «سوبرسل» بـ8.6 مليار دولار. وهذا يعني أن الأرقام القياسية والمراتب الأولى باتت بمتناول الصينيين دون غيرهم في العالم، جنباً إلى جنب مع الشركات الأميركية العملاقة ماضياً وحاضراً.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.